الكتابة ركيزة أساسية ارتكزت عليها لغات العالم كافة ومنها اللغة العربية وهي عبارة عن رموز يسجل بها الإنسان تجاربه ومعارفه وحضارته، وأنها أداة مهمة من أدوات الاتصال البشري،
فبها تميز الإنسان عن بقية المخلوقات والكائنات الحية، وتعد عملية ضرورية بالنسبة للفرد والمجتمع لأنه من خلالها يعبر الفرد عن أفكاره وأراءه وتطلعاته ويحفظ المجتمع حضارته وعاداته وتقاليده وطريقة تفاعله وتعامله مع الشعوب والأمم والمجتمعات الأخرى.
وإنَّ من أهم الأهداف التي تسعى المدرسة الابتدائية إلى تحقيقها هو إكساب التلاميذ المهارات اللازمة في القراءة والكتابة والاهتمام بسلامتها واكتشاف الاستعدادات والمواهب لتنميتها وتوجيهها الوجهة الصحيحة بما يكفل للمتعلمين الانتفاع بها في حياتهم الاجتماعية والثقافية والمهنية (مرسي 1974 ص 196)، وهذا الهدف لا يمكن تحقيقه إلا من خلال درس الإملاء.
والإملاء هو الرسم الصحيح للكلمات، والكتابة الصحيحة التي تكتسب بالتدريب والمراس المنظم ورؤية الكلمات والانتباه إلى صورها وملاحظة حروفها ملاحظة دقيقة، واستعمال أكثر من حاسة في تعليم الإملاء لتنطبع صور الكلمات في الذهن ويصبح عند التلميذ مهارة في كتابة الكلمات بالشكل المطلوب، ويعدّ الإملاء مقياساً دقيقاً لمعرفة المستوى الذي وصل إليه الصغار في التعلم (عاشور 2003 ص127).
ومن خلال الإملاء نستطيع أنْ نحكم بكل سهولة ويسر على المستوى العلمي للتلميذ بعد أنْ ننظر في كراسته التي يكتب فيها القطع الإملائية التي يمليها عليه المعلم.
وإنَّ درس الإملاء من الدروس المهمة جداً في المرحلة الابتدائية، لذا يجب أنْ يأخذ حقه ومستحقه من ناحية الوقت والحصص الكافية بعيداً عن تأثير فروع اللغة العربية الأخرى، وأن لا يجعله المعلم درساً تعويضياً للدروس الأخرى مثل القراءة، وقواعد اللغة العربية، والتعبير، وأنْ يكون الاهتمام به نابعاً من الضرورة الملحة التي تدعو إليه.
وتبرز مشكلة ضعف تلاميذ المرحلة الابتدائية في مادة الإملاء ووقوعهم في الأخطاء الإملائية بشكل واضح للعيان، إذ تتضح مظاهر هذا الضعف في شكوى المعلمين وأولياء أمور التلاميذ من عدم قدرة أبنائهم على الكتابة بصورة صحيحة ومفهومة إذ لا يصلون خلال دراستهم في المرحلة الابتدائية إلى ما هو مطلوب من الدراسة أنْ تحققه في تعليمهم القراءة والكتابة وهو الهدف الأساس من أهدافها، وأنَّ الواقع الملموس الذي نعيشه يشير إلى تدني المستوى العلمي للتلاميذ في مادة الإملاء.
وعليه إنَّ وقوع تلاميذ المرحلة الابتدائية في الخطأ الإملائي يجعل كتاباتهم لا تعطي معنى، وإنها تعطي تصوراً عن ضعف العملية التعليمية، وتقلل من دور المعلم وتضعف مكانته وتجعل المتعلمين يصلون إلى مرحلة دراسية أخرى متقدمة من غير قدرة على الكتابة، الأمر الذي يشكل ضعفاً في إعدادهم العلمي واللغوي.
ويعد الخطأ الإملائي مشوِّهاً للكتابة ويعيق فهم الجملة، فإذا كانت القواعد النحوية وسيلة لتقويم القلم واللسان من الاعوجاج والزلل فإن القواعد الإملائية وسيلة لتقويم القلم وصحة الكتابة من الخطأ وأن هناك علاقة وطيدة بين صحة الكتابة وفهم المقروء وإستيعاب النص، ولكي يفهم القارئ ما كتب لابد أنْ تكون الكتابة سليمة من الأخطاء النحوية والإملائية على حد سواء (عاشور 2003 ص 127).