حركة الأموال المشبوهة

281

FINNACIAL CRIMEالحكمة – متابعة: على الرغم من تعدد الأسباب التي تقف وراء حالة التراجع في مشهد الاقتصاد الكلي على مدار سنوات ما بعد التغيير، الا ان انفلات آليات السيطرة على حركة الأموال المشبوهة وغير الشرعية في السوق كان السبب الأبرز في حالة التراجع هذه على الرغم من ارتفاع معدلات الانفاق في عموم موازنات السنوات الماضية، اذ ساهمت هذه الأموال في شيوع وتكريس حالات الفساد، والجري وراء الربح السريع وغير المشروع وبالتالي الاضرار بعمل القطاعات الحقيقية والقطاعات الساندة لها التي تحتاج الى جهد ومثابرة من أجل تحقيق الجدوى الاقتصادية من اقامة المشاريع، فضلا عن هدر ثروات البلاد ودورها الكبير في حالة عدم الاستقرار الأمني.

وهنا لابد من الاشارة الى ان العمليات الارهابية بمختلف وسائلها القذرة التي تضرب الأهداف الرخوة في الشوارع والاسواق والتجمعات المدنية كانت وما زالت تمول وفق آليات السوق المنفلتة التي تحركها وسائل الفساد والمافيات المتمكنة من أدوات السوق جراء غياب القوانين والرقابة الحقيقية.

وبفعل سهولة حركة هذه الأموال التي انخرطت ومن ثم سيطرت على تداولات السوق المنفلتة، تخطت ظاهرة غسيل الأموال مفهوم الظاهرة الى مفهوم الممارسة اليومية التي ساهمت في إشاعة الفوضى وتكريس حالة اليأس صودر فيه رأس المال من قبل هواة ومحترفي الفساد في عموم مشهد السوق ليكونوا عرابي حركة الأموال المشبوهة في التداولات والتعاملات، حتى اكتظت الأسواق بمسميات ما أنزل الله بها من سلطان في مختلف القطاعات غير الحقيقية ولشركات ليس لها وجود على الأرض سوى المكاتب والحسابات المصرفية التي تودع وتسحب منها الأموال، بدعوى تحقيق الأرباح من التجارة في أسواق السلع والأصول غير المنقولة أو الاستثمار في الشركات التي تبيع الخدمات على مختلف أنواعها وهي في الغالب ليس سوى مكاتب للقاءات عرابي الفساد، تتزاحم مسمياتها على واجهات العمارات وهي تجني أرباحاً خيالية مجهولة

المصدر

الغريب في الأمر ان هذه الممارسات والنشاطات غير المشروعة كانت تهيمن على فعاليات السوق وتأخذ حيزا كبيرا في تداولاته وتعاملاته على مدار ثلاثة عشر عاما ماضية دون اجراءات جادة لمحاربتها ، وليس سوى المسميات والنصوص القانونية التي نسمع بها أو نقرأها ولا نجد لها دورا على أرض الواقع.. الا ان منعطفا جديدا وقويا برزت ملامحه اليوم في الاجراءات والتطبيق من قبل المعنيين بالسياسة النقدية والمالية في البلاد وهنا نلفت نظر القائمين على هذا المتغير، ان وسائل محاربة غسيل الاموال لا يقف هدفها عند منع ممارسة هذه الظاهرة ، وانما يمتد ليلقي القبض على المجرمين الذين ترد أسماؤهم في السجلات السابقة أو الذين تثبت المعطيات ان لهم دوراً في هذه الفعاليات فضلا عن جوهر سؤال غسيل الأموال “من أين لك هذا؟” فهل سيطبق قانون غسيل الأموال رقم 93 لسنة 2004 على هؤلاء الذين جمعوا ثروات هائلة على حساب تدهور الاقتصاد الكلي وعلى حساب أمن البلاد والعباد؟ .

الصباح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*