نقابة الأكاديميين.. هل هي طريق جديد للارتقاء بالتعليم؟

296

الحكمة – متابعة: بعد عقود من الانتظار اقر مجلس النواب قانون اقامة نقابة للاكاديميين التي طالما مثلت مطلبا للتدريسيين، فالأكاديمي العراقي بقي لفترات طويلة بلا ممثل حقيقي يتولى مهمة المطالبة بحقوقه والدفاع عنه، والنقابات هي خير من يمثل اعضاءها امام الدولة واجهزتها، فهي المعنية بانصافهم وبالمطالبة بحقوقهم، فلم يكن لهم تمثيل نقابي حتى صدور قانون نقابة المعلمين رقم (7) لسنة 1989 التي  اجازت المادة (5) منه لمن وصفتهم ﺑـ(معلمي الجامعات) الانتماء للنقابة، ثم عدلت تسمية معلمي الجامعات لتصبح (منتسبي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي) بموجب التعديل الاول لقانون نقابة المعلمين الذي صدر في الاول من كانون الثاني 2002.

ايجابيات وسلبيات

استاذ العلوم السياسية الدكتور غسان السعد يؤكد “ان اقرار قانون نقابة الأكاديميين العراقيين خطوة نحو الطريق الصحيح، خاصة بعد ان كانت هناك ثغرة كبيرة في انتماء الاستاذ الجامعي الى نقابة المعلمين، لاختلاف الطبيعة المهنية من جهة وقلة النسبة التي تشكلها شريحة الاساتذة الجامعيين مقارنة بالمعلمين و المدرسين”.

ويضيف ان “النقابة سيكون لها دور فاعل في تنظيم الحياة الاكاديمية بجوانب عديدة منها حماية الاساتذة، وايقاف انتهاك القيم الجامعية، والعمل على ايجاد قيم جديدة تناسب التطور السياسي و الثقافي و الديمقراطي في العراق”، فضلا عن تكوين بوابة لخدمة المجتمع ومهنة التدريس الجامعي ضمن اطار نقابي مهم”.

ويتابع  السعـد “ان مهمــة تشكيل النقابـــة ستكــون جسيمة على المؤسسين الأوائل، لاسيما وهم يضعون اللبنات لبناة العقول، وقلة التجربة مقارنة مع نقابات اكثر عراقة و ذات إمكانية مالية عالية مثل نقابتي المحامين والاطباء”.

واستدرك السعد قائلا: “مما يؤخذ على القانون ترك الجانب المادي للمستقبل، بمعنى ان بعض الحقوق الاقتصادية للأساتذة تركت مبهمة وغير واضحة مثل صندوق الاسكان والضمان الصحي وغيرها وهذا ما سيضاعف مسؤولية النقيب ومجلس النقابة المنتخب، هذا ولم يوضح القانون آليات الدفاع عن الاستاذ، ولم يوضح ماهية العلاقة بين وزارة التعليم العالي والنقابة”، وان هذا الموضوع يجب ان يحظى باهتمام اوسع من قبل أعضاء النقابة لتعديل القانون، فضلا عن ما تقدم لم يتم تحدد حقوق النقيب و أعضاء النقابة و آليات تنفيذهم للتوصيات و المقررات”.

واعرب السعد عن امله في ان “يحظر المشرع العمل السياسي لمجلس النقابة و النقيب والنائب حتى لا يتخذ من النقابة سلما للمكسب السياسي، و ننأى بها عن الصراع السياسي وتبقى امينة لرسالتها السامية وهي حماية شعلة العلم و حامليها”.

شروط الانتماء

رئيسة لجنة منظمات المجتمع المدني البرلمانية تافكة احمد بينت “ان قانون نقابة الأكاديميين العراقيين الذي تم اقراره في شباط المنصرم سيسهم بتعزيز جودة التعليم في البلاد من خلال التوأمة العلمية مع الجامعات والنقابات العالمية، وان اساتذة الجامعات الاهلية والحكومية المعنونين بالمسمى الوظيفي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي حصراً، والذين يملكون شهادتي الماجستير والدكتوراه فقط هم مشمولون بالقانون المذكور، والذي سيمنحهم أحقية المشاركة بدورات التأهيل الاداري وتعزيز قدراتهم التدريسية، فضلاً عن توطيد وتوأمة خبراتهم مع الجامعات والنقابات العالمية”.

الكرامة والحرية

وتوضح أحمد ان “القانون لايشمل بعض التدريسيين في المدارس ممن لديهم شهادتا الماجستير والدكتوراه، فضلا عن اخرين موظفين بدرجة باحث علمي او نفسي او اكاديمي، بسبب ملاكهم الوظيفي الخارج عن سلك وزارة التعليم العالي والبحث العلمي”.

وترى استاذة اللغة العربية الدكتورة نادية محمد “ان زج الأكاديميين بنقابة المعلمين خلق وضعاً شاذاً في ظل استقلال شبه كامل بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن وزارة التربية ولم يكن هذا الوضع يرضي الأكاديميين والمعلمين على السواء، كما كانت الفترة التي تلت سقوط النظام السابق اصعب على الاكاديمي العراقي من سابقاتها، اذ انتشر استهداف التدريسيين وتهجيرهم، رافقه تضخم في الاجهزة الرقابية التي انشأها الحاكم المدني كمكتب المفتش العام وهيئة النزاهة الذي بات التدريسي يساق لها دون وجود ممثل له يدافع عن حقوقه امامها على الرغم من سمو مهمته ورفعة عمله، لذلك جاء القانون الجديد ليؤكد ان الغاية من تأسيس نقابة الأكاديميين هو (الدفاع عن الأكاديميين وحفظ كرامتهم وضمان حريتهم الأكاديمية)”.

وأكدت محمد “ان الامتيازات التي استطاعت نقابتا المحامين والصحفيين تحقيقها لأعضائها كاحتساب الخدمة وتوزيع قطع الأراضي لم يجد الأكاديمي من يطالب له بها سوى الوزارة نفسها التي كان تأثيرها محدوداً لكون الأكاديمي يشكل حلقة صغيرة من نطاق مسؤولياتها”، وان النقابة ستكون بارقة امل للاكاديميين في الحصول على حقوقهم المعنوية والمادية توازي مكانتهم العلمية ومايقدمونه للمجتمع والبلد”.

بيئة جاذبة

نقيب الاكاديميين الدكتور مهند الهلال الخزاعي يبين “ان فكرة استحداث نقابة للاكاديميين جاءت بعد اجتماع مجموعة من الاساتذة وطرح الموضوع بناء على عدم تثمين الجهد التدريسي في الجامعات العراقية من قبل نقابة المعلمين في دوره المناط به لبناء الاجيال لمكافحة الظواهر الدخيلة على المجتمع ومساندة الاستاذ الجامعي وتمكينه، لاسيما بعد التغيير في العام 2003، فيكاد دور الاستاذ الجامعي  يكون ملغيا على  جميع الصعد ومنها السياسية ليتبوأ الاستاذ الجامعي المكانة الخاصة التي تليق به في عملية البناء، واننا سعينا لان تكون لدينا نقابة للاكاديميين اسوة بدول العالم المتقدم”.

ويتابع الخزاعي “لسنوات طويلة تم دمج المعلمين والمدرسين واساتذة الجامعات في نقابة واحدة فلم تتمكن هذه النقابة من تلبية متطلبات الاكاديميين واعطائم حقوقهم، وان اساتذة الجامعات حتى في الاجتماع التأسيسي للنقابة لم يتجاوز عددهم 45 الف استاذ، في حين ان هناك اكثر من 600 الف معلم ومدرس، وان ادارات نقابة المعلمين منذ تأسيسها من المعلمين في وزارة التربية لم يكن منهم من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي”.

وتطرق الخزاعي الى “حقوق الاساتذة الجامعيين في الضمان الصحي والاسكان والضمان الاجتماعي التي لم يحصلوا عليها ولم تتمكن نقابة المعلمين من توفيرها للاستاذ الجامعي الى اليوم، وان جميعها حقوق مثبتة في القانون والحريات

الاكاديمية”.

وشدد الخزاعي في حديثه الى “اننا نحتاج الى تكتل نقابي لاعادة النظر بالقوانين الخاصة بالجامعات والتعليم فيها عن طريق ملاحظة القوانين الوضعية واعادة النظر في قوانين التعليم العالي وفتح صناديق التكافل والضمان الصحي والاجتماعي جميعها مخصصة للاستاذ الجامعي بدعم من الدولة، وان الهدف الاساسي الذي تمت المطالبة فيه بنقابة للاكاديميين هو ايجاد بيئة جاذبة للكفاءات، فبعد ان كانت الجامعات العراقية هي بيئة جاذبة للطلبة العرب ومحط اهتمام محلي وعربي بالشهادات العراقية اصبحت بيئة طاردة للطالب والاستاذ، فبات يذهب يلقي علمه في الجامعات العربية، وان هناك خططا للحفاظ على الاكاديميين من الاستهداف بالتنسيق مع الجهات المعنية من وزارات الدولة، اذ كنا في السابق محرومين من هذه الاجراءات لعدم وجود تمثيل مسجل”.

دعم الاكاديميين

المتحث باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور حيدر العبودي بين “ان قانون نقابة الاكاديميين بحسب تقدير الوزارة يمثل اضافة وزخما مهما باتجاه دعم شريحة الاكاديميين في العراق وتعزيز حقوقهم وانعاش رؤاهم الاكاديمية والعلمية، فضلا عن دعم اكبر لهذه الشريحة التي نعتقد ان ايجاد مساحة  لها مسماة بنقابة الاكاديميين العراقيين مدعمة بقانون سيولد مناخا ايجابيا لصناعة الافكار الاكاديمية العلمية.

ويضيف العبودي “ان هذه النقابة ستزود مؤسسات الدولة بثقافة اكاديمية وشخوص يمكن ان يؤدوا ادوارا مهمة في المرحلة القادمة والتي تتزامن مع مرحلة مابعد “داعش”، كل المعطيات تحتاج الى فكر اكاديمي ومختبرات وورش عمل، وان هذه الشريحة هي القائد”.

الصباح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*