من يحمي فقراء الشيعة؟

249

_41834600_woman416ap 

تنبه هذه المقالة القارئ الكريم إلى أن موضوعها الذي يدور حوله محورها هم فقراء الشيعة ومساكينهم ممن ليس لهم علاقة بالسياسة ولا ألاعيبها ومصالحها وخدعها، وهي فئة الشيعة الذي يجهل الكثير، بل ربما يتجاهل عن قصد وسوء نية وطائفية، عددهم الكبير في العراق، اذ لاتوجد إحصائية رسمية من جهة محايدة تشير إلى الرقم الصحيح لعددهم، على الرغم من تسليمنا باعتبارهم الاكثرية بالنسبة لبقية المكونات والاطياف العراقية الاخرى

فقراء الشيعة في العراق جزء من الشيعة في العالم الذين تعرضوا على مدار التاريخ، وخلال حقبه المختلفة، ” للملاحقة والاحتقار والقمع”، على حد تعبير المستشرق الألماني وأستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة توبنغن الالمانية الاستاذ هاينس هالم في كتابه ” الشيعة ” الصادر عام 2005 ، وفي ص15 منه.

فقد عاش الشيعة دائما تحت رحمة الملاحقة والمطاردة والظلم والاضطهاد من قبل الانظمة السياسية واجهزتها الامنية التي حكمت تلك الدول التي يقطنها الشيعة، وعانوا كذلك، بالاضافة إلى الاضطهاد السياسي، من الاحتقار الاجتماعي من قبل الفئات والمكونات الاجتماعية
الاخرى، التي كانت تتقوى بالسلطة الحاكمة. فالشيعة لديهم اذناب ، كما يتندر بعض سنة لبنان، ويبصقون في طعامهم كما يشاع عنهم عند وهابية السعودية ويوصفون من قبل المتطرفين السنة في باكستان بالحشرات كما يروي هذه الامثلة الباحث الامريكي ولي نصر في كتابه ” انبعاث الشيعة”.

ولن نذهب بعيدا في التاريخ كي نتحدث عن الشيعة والظلم الذين تعرضوا له من قبل السلطة فتكفي الشواهد الذي حصلت منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة وحتى سقوط النظام البعثي في عام 2003 لتعضيد هذا الرأي، مع التأكيد على الظلم والاضطهاد المضاعف الذي حصل لهم ابان الحكم البعثي الدكتاتوري حينما أمتلى أرض العراق بمقابرهم الجماعية واكتضت اقبية السجون بالمعارضين منهم فضلا عن التهميش والتضييق على ممارسات العشائرية والعقائدية.

وكان الأمر المفاجئ والصادم بالنسبة لاكثرية المتفائلين من الشيعة بعد سقوط نظام صدام حسين،اذ ” اصبح العراقيون احرارا …احرارا ان يكونو شيعة ..احرارا لكي يتحدوا هيمنة السنة، والفهم السني او المفهوم السني لما تعنيه عبارة مسلم حقيقي …احرارا لاستعادة العصر الالفي القديم لمعتقداتهم” على حد تعبير ولي نصر، لذا توقع عامة الشيعة وفقرائهم أنهم سيعيشون في أمان تام توفره لهم السلطة الحاكمة الشيعية ذات الاغلبية السياسية ، وانهم سوف يعوّضون عن سنوات الخوف والرعب التي عاشوها أبان الحكومات السابقة التي لم تراع فيهم ضمير انساني ولادين الهي، حتى باتت حريتهم منقعة بالدم كحال حرية العراق التي لازالت ، على حد تعبير مراسلة الــ BBC ابان حكم صدام السيدة كارولين هالوي” منقعة بالدم “.

كان هذا التوقع غير صحيح وكانت الاحلام المعقودة عليه مخيبة للآمال، فحياة فقراء الشيعة المغموسة بالدم بدت واضحة ومتجلية بشكل فاقع في التفجيرات الإرهابية التي كانت تستهدفهم في المناطق التي يعيشون فيها، أذ بعد سقوط النظام البعثي كثّفت التنظيمات الإرهابية هجماتها الدموية ضد الشيعة وفقراءهم لدرجة فاقت التصور وحتى الخيال !، فلا رجل كبير طاعن بالسن ولا أمراة او طفل صغير او رضيع يمكن ان يُستثنى من ارهاب هؤلاء الذين لم تبق اي رحمة في قلوبهم.

المحزن في الامر، واللامعقول أيضا الذي لايمكن ان نجد له تبريرا منطقيا، أن التفجيرات الإرهابية التي تنفذها جماعات العنف الإسلامي السنية المتطرفة تتجه نحو فقراء الشيعة ! فعملياتهم الهمجية والدموية لاتستهدف السياسيين الشيعة ولاحتى أغنياءهم الذين اصبح اكثرهم بمنأى عن هذه التفجيرات ومدياتها ومساحاتها التي يقع في دائرة تأثيرها فقراء الشيعة ومساكينهم ممن لايجدون قوت يومهم ويعيشون تحت خط الفقر ويجوبون شوارع العاصمة العراقية وبقية محافظاتها الشيعية بحثا عن لقمة عيش.

الأمثلة التي تُساق في هذا الصدد لاحصر لها وأعداد العمليات الإرهابية التي تم تنفيذها ضد الشيعة غير قابلة للعد، وقد طالبت في مقالة عنوانها” نحو أرشفة جرائم القاعدة والمليشيات في العراق” بتاريخ 28-7-2008 بارشفة جرائم القاعدة في العراق لاعتبارات تاريخية وانسانية ملحة، فقد قامت المجاميع الإرهابية يوم الخميس 28-2-2013 بتفجير مزدوج لملعب رياضي جميع رواده من الشباب والمراهقين ادى إلى مقتل واصابة 50 شخصاً ممن كانوا يلعبون ، حيث وقف الانتحاري بقرب المرمى واثناء تجمع اللاعبين لتأدية ضربات الجزاء فجّر نفسه عليهم بعد ذلك، واثناء تجمع الاهالي للململة جثث ابنائها المنكوبين، انفجرت سيارة مفخخة كانت مركونة بقرب الملعب.

وقبل ذلك شهد الاحد 17-2-2013 ، عملية “الثار من الشيعة”، من خلال سلسلة هجمات كانت عبارة عن ” ثلاث سيارات مفخخة في مدينة الصدر ورابعة في حي الأمين وخامسة في الحسينية وسادسة في الكمالية، إضافة إلى انفجار قنبلة موضوعة على جانب الطريق في حي الكرادة” سقط فيها 37 قتيلاً واصيب 120 شخصًا في سلسلة هذه الهجمات التي ضربت ” الأحياء الشيعية من العاصمة”.

هذه الهجمات جاءت بعد أسبوع من تفجير إرهابي بسيارتين مفخختين ادتا إلى مقتل واصابة العشرات وقعت في ” سوق لبيع الطيور في منطقة الكاظمية “، وبالطبع فإن من يأتي إلى هذا السوق هم من الفقراء الشيعة وليسوا من رجال السياسة ولا الأغنياء !.ولانعني أن هؤلاء يستحقون القتل لاسمح الله .

هذه التفجيرات وهذه البيانات الـ” القاعدية” تعني ببساطة ان معاناة ” فقراء الشيعة ” في العراق مستمرة من غير توقف ولا هدنة بسيطة، ولايوجد، كما تشير الدلائل الحالية التي بين ايدينا، اي أمل ان تكف آلة الدمار والخراب الإرهابية من متطرفي “السنة” من سحق أجسادهم وإحراقها وتفجيرها على النحو الذي يحدث كل يوم.

فالحكومة العراقية التي توصف بأنها ” شيعية ” غير قادرة على حماية فقراء الشيعة، لعدة اسباب ليس الآن مجال الخوض في تفاصيلها ، في حين ان التنظيمات السنية المتطرفة مازالت تعمل على الارض وتمتلك قوة ودعمًا ماليًّا كبيرًا من قبل دول إقليمية تعمل جاهدة على إفشال التجربة الديمقراطية الوليدة في العراق.

فماهو الحل الذي نقدمه لفقراء الشيعة قبل أن ينقرضوا على يد هذا الإرهاب الأعمى ؟

وكيف تنتهي معاناتهم وهم يتساقطون كل يوم تحت آلة العنف الإرهابي للمليشيات السنية المتطرفة ؟

هل نعود إلى عهد تشكيل الميليشيات الشيعية للدفاع عن هؤلاء الفقراء والمساكين التي لم تستطع الحكومة العراقية بكل أجهزتها الدفاع عنهم ومنع الإرهاب من الوصول لعقر بيوتهم ؟

وهل تصبح فكرة تشكيل ميليشيات شيعية لمواجهة هذا المد الإرهابي مشروعة ومقنعة بالنسبة للفقير الشيعي الذي يحترق بنار الإرهاب ؟

اخيرًا ارجو من القارئ ان يطلع على اسماء التنظيمات الإرهابية التي تقاتل فقراء الشيعة في العراق وتمارس ضدهم أشنع جرائم الإنسانية، كما ذكرها موقع ” الجوار”
) )كتائب ثورة العشرين. /(2) جيش الراشدين / 3) )جيش المسلمين في العراق. / 4) )الحركة الإسلامية لمجاهدي العراق ./ 5) )سرايا جند الرحمن. / 6) )سرايا الدعوة والرباط. / (7)كتائب التمكين. / (8) كتائب محمد الفاتح. / 9) )جيش رجال الطريقة النقشبندية / (10)جيش الصحابة / 11) )جيش المرابطين / (12) جيش الحمزة / (13)جيش الرسالة / (14)جيش ابن الوليد / (القيادة الموحدة للمجاهدين (العراق ) / (16)(15) كتائب التحرير / (17) جيش المصطفى / (18) جيش تحرير العراق / (19) سرايا الشهداء / 20) )جيش الصابرين / (21) كتائب الجهاد على ارض الرافدين / ( جيش الفارس لتحرير منطقة الحكم الذاتي / (23(22) سرايا الجهاد في البصرة/ (24) سرايا الفلوجة الجهادية / (25)الجبهة الشعبية الوطنية لتحرير العراق / 26))سرايا ثورة الطف الحسينية / (27 سرايا تحرير الجنوب / (28)جيش حنين /(29) سرايا ديالى للجهاد والتحرير / 30) )سرايا المجد لتحرير العراق .

بقلم : مهند حبيب السماوي

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*