جذور الفكر الطائفي في العراق

312

-1

الحديث عن الجذور الطائفية في العراق تجرنا إلى الارث التاريخي الذي ورثه هذا البلد من العهود السابقة فهي لم تنشأ في العهد الوطني ولا في العهود التي تلته بقدر ما هي ارث استورثه العراق من ايام السلاجقة والصفويين. فقد كان العراق  ولأسباب جغرافية واقتصادية ان يكون مسرحا للصراع بين السلاجقة الاتراك والبويهيين الفرس.

 فحينما استولى السلاجقة الأتراك على الحكم في العراق  قاموا باضطهاد جميع الفرق الإسلامية التي تخالف معتقدهم وارتكبوا ابشع المجازر ورسخوا مقولة الفكر الاخر  كذلك كان  حكم البويهيين. استمر هذا الحال الطائفي في العراق بعد سيطرة الاتراك الدولة العثمانية على العراق. ولم يكن الحال بأحسن منه ايام الحكم الملكي الذي ورث هذه الاشكالية .

العميقة  فتأسيس  اول حكومة وطنية برئاسة عبد الرحمن النقيب لم تضم ولا وزيرًا شيعيًّا بينما ضمت وزيرًا مسيحيًّا وآخر يهوديًّا وحينما يُسأل النقيب عن ذلك ينفي ان يكون الشيعة مسلمين؟

ويستمر ارث العراق الطائفي بروزا في العهد الملكي بحيث يصبح من الصعب جدا على شاعر  عربي كبير مثل محمد مهدي الجواهري ان يحصل على تعيين في وزارة التربية كمعلم لأسباب طائفية ،وتبرز اكثر في أزمة الصولي وكتابه الذي أثار ضجة .

في العهد الملكي تلاشت الفروق بين المذاهب كما كانت عليه أيام السلاجقة والبويهيين ليصبح هنا لدينا معادلة سنة + شيعة هي الحاكمة في العراق.

حاول الملك فيصل الثاني ان يتجنب الولوج في هذه المعادلة وان يكون اكثر وطنية باعتباره لكل العراقيين لكن الظروف  وواقع العراق الجغرافي كان هو الذي يفرض سياسته.

استفاد فيصل الاول من كونه ينتسب إلى آل الرسول من جذب الاطراف الشيعية اليه، ويقال انه اصر على دخول العراق في يوم يصادف من اهم  اعياد الشيعة (عيد الغدير) ليوحي للمرجعية في النجف بأنه مازال ملتزما بتلك الروح الدينية. 

قرب اليه الشيعة لكن هذه الامور سوف تجر البلاد إلى ازمة اكبر حينما نعرف ان  ثمانية اشخاص فقط استلموا منصب رئاسة الوزراء هم من الشيعة مقابل 60 شخصًا سنيًّا تقلدوا هذا المنصب.

والتاريخ يسجل ان ثلاثة ملوك حكموا العراق وخمسة رؤوساء من السنة مقابل نسبة سكانية 60% من الشيعة و17% للسنة.

الامور سوف تكون اكثر  تعقيدا حينما حاول عبد الكريم قاسم ان يقضي على الفكر الطائفي في العراق وسوف يدفع الرجل حياته ثمنا لهذا التوجه الذي عد غريبا عن سياسة العراق، وفعلا اطاح  بالزعيم رجل.

من اقرب المقربين اليه (عبد السلام عارف)  لأنه خرج عن المنظومة الطائفية.

أول الأعمال الطائفية والاستفزازية لعبد السلام عارف هي ضرب المرجعية الدينية ومخاطبتها بروح الاستعلاء. وفي هذا الوقت صدرت اوامر جمهورية ببناء مساجد للسنة تأخذ مسميات تاريخية لشخصيات سنية، ومنع بناء او عرقلة بناء مساجد او حسينيات للشيعة.

يستمر هذا التوجه في كل مؤسسات الدولة ويصبح تدريجيًّا الشيعة مواطنين من الدرجة الثانية.

وحينما يستولي البعثيون على مقاليد السلطة يكون الفكر الطائفي قد وصل إلى مداه فيتم اقصاء كل الشيعة من الحكم، وتدريجيا يحاسب المواطن على هويته المذهبية ، حتى حينما بدأت الحملة ضد الشيوعيين كان يسأل المعتقل هل أنت الشيوعي الشيعي يعدم والشيوعي السني يفرج عنه.

ويستمر الفكر الطائفي إلى ما وصل إليه من محاولات ليس آخرها القمع الوحشي ضد الشيعة ومقدساتهم في انتفاضة آذار عام 1991 ورفع شعار لا شيعة بعد اليوم…

هذا الارث التاريخي المزدوج( القامع والمقموع) هو ارث التجربة الجديدة فما زلنا ننظر إلى السنة باعتبارهم حاملين لتك الافكار وتلك العقد ومازالوا ينظرون الينا باعتبارنا درجة ثانية؟

كيف اذن تم التعامل مع هذه الحالة في ظل تهاوي الافكار القمعية وسلطة العسكر التي تمتع بها السنة طيلة الفترة الماضية التي امتدت لعقد من الزمان.

لغة الثأر كانت هي اللغة السائدة والكامنة والمسكوت عنها بين الطرفين وصولا إلى الحدث الأكبر الذي فجر المسألة الطائفية في العراق وأبرزها إلى السطح( تفجير سامراء). شيوعي سني أم شيوعي شيعي؟

سعد البغدادي


تعليق 1
  1. الزاملي يقول

    ملاحظة: عندما انتصر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأصحابه في معركة النهراوان قالوا أصحابه رضي الله عنهم: (لقد قضينا على الخوارج) فقال أمير المؤمنين عليه السلام: (لا لم تقضوا عيهم سيبقون في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى يوم القيامة) وصدق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فهاهم اليوم السلفيون الذين يعرفون اليوم بالوهابية التكفيرية يبيحون قتل النساء والأطفال والرجال غدراً ويزعمون أنهم مسلمين (إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*