الأكاديمية الفرنسية: اللغة الفرنسية مهددة بالموت إن ألغي التذكير والتأنيث فيها

473

الحكمة – متابعة: جمع أساتذة فرنسيون نحو 27 ألف توقيع في عريضة تطالب بإلغاء قاعدة التذكير والتأنيث في اللغة الفرنسية باعتبارها تحيزا ضد المرأة، وتعويضه بمبدأ الحياد في الاسم والصفة وفي أسماء الوظائف التي ليس لها مؤنث في اللغة الفرنسية.

فالصفة في اللغة الفرنسية، عكس الإنجليزية، تتبع الموصوف في التأنيث والتذكير، فيكفي أن يكون بين 10 نساء رجل واحد لتغلب صفة التذكير على المجموعة، مثلما هي الحال في اللغة العربية. ونقول في اللغة الفرنسية حقوق الرجل بمعنى حقوق الإنسان، لأن كلمة رجل تعني أيضا الإنسان.

وهناك العديد من أسماء الوظائف التي ليس لها مؤنث في اللغة الفرنسية، وقد أدرجت في السنوات الأخيرة تغييرات في قواعد التأنيث والتذكير تحت ضغط دعاة المساواة بين الجنسين، فتم الاتفاق على استخدام صيغ قاضية ووزيرة وأستاذة، التي كانت تستخدم لها صيغ مذكرة في اللغة الفرنسية، فنقول السيدة “القاضي”، وامرأة “وزير”، أو “أستاذ”.

ولكن هذا المنهج يقف أمامه عقبات كأداء لا تتعلق باللغة في الواقع، وإنما باستعمالات الناس لها. فبعض الأسماء في اللغة الفرنسية، مثلما هي الحال في اللغة الغربية، إذا حولتها إلى المؤنث أصبح معناها مسيئا أو نابيا. فنقول متسابق عن الرجل، أما المؤنث اللفظي لمتسابق في الفرنسية أي متسابقة فيعني المرأة التي تجري وراء الرجال.

وإذا قلت في اللغة الفرنسية عن رجل أنه “سهل”، يعني أنه ليس صعب المزاج، فلا تحاول أن تقول عن امرأة إنها “سهلة”، لأن ذلك يعني أنها “رخيصة”.

ولا يوجد مؤنث لفظي لكلمة مدرب يؤدي معنى التدريب الرياضي، لأن مدربة تعني وظيفة أخرى.

ولكن الحملة الأخيرة التي يقودها نحو 300 أستاذ تدعو إلى إلغاء التذكير والتأنيث تماما بهدف التخلص من “سيطرة الفكر الذكوري على لغة موليير”، فلا تتبع الصفة الموصوف لا تذكيرا ولا تأنيثا.

وتدعم هذا التوجه المؤرخة وأستاذة الأدب الفرنسي، إليان فيينو، التي أصدرت كتابا تقول فيه إن غلبة المذكر على المؤنث ليست أصيلة في اللغة الفرنسية، وإنما استحدثت في القرن السابع عشر.

وأوضحت إليان في حديث لقناة فرنسا 24 أن قواعد اللغة الفرنسية قبل القرن السابع عشر كانت تقضي بأن تتبع الصفة الاسم الذي قبلها سواء كان مؤنثا أم مذكرا. وأضافت أن النصوص القديمة في اللغة الفرنسية تبين أيضا وجود أسماء وظائف مؤنثة ألغيت أو أهملت بداية من القرن السابع عشر، “لأن الذكور سيطروا على هذه الوظائف وأبعدوا عنها المرأة، مثل سفيرة، فأصبح الفرنسيون بمرور الوقت يقولون السيدة السفير، بدل السفيرة”.

وترى إليان أيضا أن “تعليم التلاميذ قاعدة أن المذكر له الغلبة على المؤنث لا يساعد في تنمية المساواة في عقله”.

ولكن الأكاديمية الفرنسية، التي تعد المرجع الأعلى للغة الفرنسية في العالم، وحارسة قيمها وتراثها، تعترض على إلغاء التذكير والتأنيث، وتعتبرها “هجوما على اللغة الفرنسية وهدما لقواعدها، يؤدي في النهاية إلى تفكيكها وجعلها صعبة التحصيل وغير مفهومة”.

وحذرت في بيان على موقعها من أن “هذه الكتابة الجديدة تجعل اللغة الفرنسية مهددة بالموت والانحسار لأن هذه التعديلات تزيد من التعقيدات وصعوبة الفهم بالنسبة للأجيال القادمة وللشعوب الناطقة بالفرنسية عبر العالم”.

قضية دولة

ووصل الجدل بشأن اللغة وتغيير قواعدها إلى مؤسسات الدولة الفرنسية، فأصدر رئيس الوزراء، إدوار فيليب، مذكرة تمنع إلغاء التذكير والتأنيث في المراسلات الرسمية، حسب ما جاء في وكالة الأنباء الفرنسية.

وتقول المذكرة إن “صفة التذكير حيادية يمكن استعمالها لتشمل المرأة”.

ولأن اللغة الفرنسية تكتسي أهمية بالغة لدى الفرنسيين، فمازال الجدل قابلا للتوسع في أوساط المثقفين وخبراء اللغة والتعليم في فرنسا. كما أن دعاة المساواة بين الجنسين في اللغة لا يتوقع أنهم سيسلمون بما طلبه رئيس الوزراء.

فهم يرون أن “تغليب المذكر على المؤنث في قواعد اللغة تحيز ضد النساء، ولا مكان له في اللغة الفرنسية في 2017″، وأنه حان الوقت لتغيير هذا “الإجحاف”، وقد بدأ بعض الكتاب فعلا يخرجون عن هذه القواعد في كتاباتهم.

 بي بي سي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*