«فوربس»: لماذا قد لا يصمد مجلس التعاون الخليجي أطول من ذلك؟
718
شارك
الحكمة – متابعة: على مدى 37 عامًا مضت أثبت مجلس التعاون الخليجي أنه ساحة ملائمة للزعماء الإقليميين لمناقشة القضايا السياسية والاقتصادية، وفي بعض الأحيان إطلاق مبادرات مشتركة (بعضها نجحت)، لكن التطورات الأخيرة تعني وجود أسباب وجيهة للشك فيما إذا كانت المنظمة ستنجح في عقدها الرابع أم لا، وفق تقرير نشره موقع «فوربس» الأمريكي.
تأسست منظمة التعاون الخليجي في عام 1981 من قبل ست دول هي: البحرين، والكويت، وعمان، وقطر، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة. مع طموحات كبيرة لإنشاء كتلة اقتصادية وسياسية إقليمية. وكانت هذه الدول تأمل أن المنظمة ستعزز الأعضاء الذين كانوا يشعرون بالقلق من ثورة 1979 في إيران وبداية الحرب الإيرانية – العراقية في العام التالي.
بحسب التقرير كانت هناك بعض الإنجازات على مدار تاريخ المنظمة، بما في ذلك إنشاء اتحاد جمركي دخل حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2015، وشبكة كهرباء مشتركة تم تطويرها على مرحلتين في 2009 و2011. لا يمكن إغفال هذه الإنجازات، لكن دول مجلس التعاون الخليجي ما زالت غير قادرة على الارتقاء إلى مستوى إمكاناتها، والطريقة التي يتم من خلالها إدارة الدبلوماسية في المنطقة هذه الأيام تضع مستقبل المنظمة تحت غيمة مظلمة.
رأى التقرير أن القضية الكبرى هي انهيار العلاقات بين قطر من جهة وبين البحرين والسعودية والإمارات من جهة أخرى. وقد شرع الثلاثي الأخير، بالإضافة إلى مصر – والذين يفضلون الإشارة إلى أنفسهم باسم «الرباعية العربية لمكافحة الإرهاب» – في محاولة لعزل قطر دبلوماسيًا واقتصاديًا، مدعين أنها تقدم الدعم للجماعات الإرهابية في جميع أنحاء المنطقة.
بعد أكثر من عام على إطلاقهم لمقاطعتهم الاقتصادية والدبلوماسية لقطر، من الصعب الإشارة إلى أي تقدم قدمته المجموعة السعودية والإماراتية. وقد ناشدت الولايات المتحدة وآخرون الجانبين بالتفاوض وإيجاد طريقة جديدة للتعايش، ولكن في الوقت الحالي يبدو أن هناك القليل من الرغبة في التوصل إلى حل وسط في أي من الجانبين.
يعني الانقسام – بحسب التقرير- أن الدول الست في دول مجلس التعاون الخليجي تشكل الآن ثلاث مجموعات. مجموعة تشمل قطر بمفردها، ومجموعة أخرى تشمل البحرين والسعودية والإمارات، فيما تشمل المجموعة الثالثة الكويت وعمان اللتين تحاولان الوصول إلى حلول وسط بين جيرانهما المتناحرين.
ومنذ بدء الحصار تم إطلاق سلسلة من المبادرات الثنائية الجديدة التي تهدد بمزيد من تقويض الغرض الذي أنشئ من أجله مجلس التعاون الخليجي.
صعود الثنائية
أنشئت لجنة التعاون المشترك بين السعودية والإمارات، التي أعلن عنها في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، بالتزامن حتى مع عقد قمة دول مجلس التعاون الخليجي في الكويت. وقالت الحكومتان: إن اللجنة ستغطي «جميع المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، وغيرها من المجالات، بما يخدم مصلحة البلدين».
سبق للحكومتين: السعودية والإماراتية، أن أدارا عددًا من اللجان المشتركة لمسؤوليهم، وتقاتل قواتهم أيضًا في نفس الجانب في حرب اليمن، رغم أن وكلاءهم يقاتلون بعضهم البعض في بعض الأحيان.
الملك سلمان ومحمد بن زايد
عقدت الدورة الأولى للجنة المشتركة في جدة في 6 يونيو (حزيران) من هذا العام، برئاسة مشتركة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ونظيره ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد. وقال الجانبان إنهما حددا 60 مشروعًا يريدان إنجازهما معًا خلال السنوات الخمس المقبلة.
وفي الآونة الأخيرة أقامت السعودية أيضًا مجلس تنسيق ثنائي مع الكويت، وذلك بالاتفاق الذي وقعه في 18 يوليو (تموز) وزيرا الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح، والسعودي عادل الجبير.
ووفقًا للتقرير فإن خطط هذا المجلس غامضة أكثر من الخطط الخاصة بالإمارات، وقد يتبين أنها ليست أكثر من مجرد اسم يمكن من خلاله إجراء نوع من المحادثات الثنائية بين البلدين. تقوم الحكومات بالفعل بتنسيق أنشطة إنتاج النفط في المنطقة المحايدة المشتركة – حيث تم تعليق الإنتاج في عام 2014، ولكن قد تستأنف العام المقبل وفقًا لتقارير إعلامية حديثة.
باختصار ، يشير إنشاء هاتين التكتلين إلى أن الرياض تهتم أكثر بالثنائيات الإقليمية في هذه الأيام أكثر من التعددية في دول مجلس التعاون الخليجي.
وهذا يمثل خروجًا كبيرًا عن السياسة السابقة. وقد اقترح العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في عام 2011 خططًا لإنشاء اتحاد أكثر طموحًا في مجلس التعاون الخليجي، مستندًا إلى شيء أقرب إلى الاتحاد الأوروبي، والذي كان سيشمل التعاون حول الدفاع الخارجي والسياسة الاقتصادية.
حالات الفشل السابقة
التقرير رصد أمثلة لعدد من المشروعات التي فشل مجلس التعاون الخليجي في إنجازها. اختفت فكرة العملة الموحدة في عام 2006 عندما قالت عمان إنها لن تشارك. بعد ثلاث سنوات انسحبت الإمارات من هذا المشروع، بعد الإعلان عن خطط لإنشاء بنك مركزي في الخليج (من شأنه أن يعتني بالعملة) في العاصمة السعودية الرياض.
ومن بين العوامل التي عددها التقرير، والتي ساهمت في إفشال المشاريع المشتركة بين الدول الأعضاء بالمنظمة تفضيل المصلحة الذاتية الاقتصادية والرغبة في الحفاظ على الاستقلال بطريقة أكثر عمومية.
وقد لوحظ ذلك عندما تم تجاهل اتفاقية لإدخال ضريبة القيمة المضافة (VAT) عبر المنظمة في يناير (كانون الثاني) من قبل معظم الدول. وكانت الإمارات والسعودية الدولتين الوحيدتين اللتين التزمتا بالموعد النهائي. بالنسبة للآخرين قد يكون خطر زيادة التضخم في وقت كانت فيه اقتصاداتها بالفعل تحت ضغط دافعًا لتأخير إدخال الضريبة، وقد تكون الرغبة في استكشاف إمكانات التحكيم الضريبي سببًا آخر.
مشروع السكك الحديدية في دول مجلس التعاون الخليجي هو مخطط كبير آخر لم يرَ النور. وكان الهدف هو بناء خط لنقل الركاب والشحن عالي السرعة من مدينة الكويت في شمال الخليج، وصولًا إلى ساحل عمان العربي. ومع ذلك فقد كان المشروع ضحية لعدم استعداد الحكومات لتمويل البنى التحتية المكلفة لمثل هذا المشروع بالنظر إلى المنافع غير المؤكدة التي سيجلبها. ورغم أن التعاون التجاري قد ارتفع بين دول الخليج بشكل كبير على مدى العقود القليلة الماضية، إلا أن 115 مليار دولار التي حققها في عام 2015، لا تمثل سوى 8% من الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة البالغ 1.4 تريليون دولار في ذلك العام.
التشجيع الدولي
حاول حلفاء دول مجلس التعاون الخليجي تشجيع التعاون الإقليمي على مر السنين، مع بعض علامات النجاح القليلة.
فقد حاول الاتحاد الأوروبي التفاوض على اتفاقية تجارة حرة (FTA) مع دول مجلس التعاون الخليجي لسنوات، لكنه اصطدم بمقاومة الخليج لفكرة إدراج أحكام حول حقوق الإنسان. كما فشلت معظم المحادثات مع الشركاء الآخرين خلال العقد الماضي أو أكثر، بما في ذلك أستراليا، واليابان، والصين، في التوصل إلى نتيجة، على الرغم من أن المفاوضات مع بكين أظهرت بعض الزخم منذ استئنافها في عام 2016، بعد توقف دام سبع سنوات.
بشكل عام، لا تزال ثمار المفاوضات التجارية في دول مجلس التعاون الخليجي ضئيلة إلى حد ما. دخلت اتفاقية التجارة الحرة مع سنغافورة حيز التنفيذ في سبتمبر (أيلول) 2013، واتفاقية أخرى تم التوقيع عليها في يوليو 2014 مع أعضاء الاتحاد الأوروبي للتجارة الحرة (EFTA) – أيسلندا، وليختنشتاين، والنرويج، وسويسرا.
وبالنسبة للتعاون العسكري، تم إنشاء جناح عسكري من دول مجلس التعاون الخليجي يسمى «قوة درع الجزيرة» عام 1984. ومع ذلك لم يكن قد تم تطويره بشكل كاف للمشاركة في الحملة الرامية إلى إخراج العراق من الكويت بعد غزو عام 1990. وأرسلت وحدة من قوات الأمن السياسي إلى البحرين في عام 2011 لإبطال مظاهرات مؤيدة للديمقراطية.
في عهد الرئيس باراك أوباما، قالت الولايات المتحدة إنها تريد تشجيع دول مجلس التعاون الخليجي على العمل كوحدة واحدة عندما يتعلق الأمر بالدفاع، خاصة في مجالات مثل الأمن البحري والدفاع الصاروخي. وقد أوضحت واشنطن تفضيلها لكتلة أمنية خليجية متعددة الأطراف خلال منتدى التعاون الاستراتيجي بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي في الرياض في عام 2012، ولكن في النهاية لم يكن هناك الكثير مما تظهره مثل هذه المناقشات. ولم يتم بعد ترجمة الحديث اللاحق عن قيادة عسكرية موحدة إلى عمل.
وخلال الفترة التي قضاها في منصبه ساهم دونالد ترامب في الانشقاقات بدول مجلس التعاون الخليجي؛ في البداية بدعم السعودية والآخرين في نزاعهم مع قطر، قبل أن يدعو في نهاية المطاف جميع الأطراف لحل خلافاتهم، وفق ما أورده التقرير.
يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي – كمنظمة – أن تبقى على قيد الحياة خلال الفترة الحالية من الاضطرابات الإقليمية، ولكن حتى لو نجحت المنظمة في ذلك، فقد تصبح ببساطة غير مترابطة. إذا كان الأمر كذلك، فسيكون الأمر أكثر تعقيدًا بكثير بالنسبة للولايات المتحدة والآخرين للتعامل مع المنطقة في المستقبل.
مترجم عنIs Time Running Out For The Gulf Cooperation Council?للكاتب Dominic Dudley