الرئيس روحاني إلى أنقرة بعد القاهرة لحصد المزيد من المكاسب السياسية والاقتصادية
بينما تسود الانقسامات الحادة المنطقة العربية وتتصاعد حالة الاستقطاب السياسي الى ذروتها على شكل تحالفات ومحاور وحروب داخلية بالنيابة في أكثر من بلد عربي، تحقق الدبلوماسية الإيرانية نجاحات كبيرة في المجالات كافة الإقليمية والدولية على حد سواء.
صباح الخميس أعلن مصدر رسمي تركي أن الرئيس الإيراني حسن روحاني سيزور تركيا يوم الاثنين المقبل في اول زيارة الى انقرة منذ انتخابه السنة الماضية ردا على زيارة قام بها السيد رجب طيب اردوغان الى طهران في كانون الثاني (يناير) الماضي.
الطرفان التركي والايراني يختلفان كليا في نظرتهما ودورهما في الأزمة السورية، ولكن هذا الخلاف لم يمنع تعاون البلدين في مختلف المجالات الأخرى والاقتصادية منها على وجه الخصوص.
أثناء زيارته الى طهران مطلع هذا العام أعلن عن نية البلدين في مضاعفة حجم مبادلاتهما التجارية خلال العام الحالي من 13.5 مليار دولار الى ثلاثين مليار دولار في العام بمقدار الضعفين، وتنتظر تركيا رفع الحظر المفروض على ايران من اجل زيادة وارداتها من النفط والغاز من جارتها الإيرانية.
السيد روحاني سيطير يوم الأحد المقبل الى القاهرة للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس المصري المنتخب عبد الفتاح السيسي تلبية لدعوة تلقاها من الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور، وبعد انتهاء الاحتفال سيطير الى تركيا الدولة السنية الأخرى.
ماذا يعني هذا التحرك الدبلوماسي النشط والمتميز؟ يعني، وبكل بساطة، ان إيران تحقق المكسب تلو الآخر، سواء في جبهات القتال في سورية حيث يتحسن وضع حليفها السوري بشار الأسد، او في دولة الجوار العراقية حيث حقق حلفاؤها فوزا في الانتخابات البرلمانية الاخيرة، وها هو رئيسها السيد روحاني يتنقل مثل النحلة بين اكبر عاصمتين شرق أوسطيتين وتفرش له قيادتهما السجاد الأحمر اعترافا به ودور دولته التي باتت قوة إقليمية عظمى ترّكع أمريكا وترعب إسرائيل، وتستمر في الوقت نفسه في الاحتفاظ بمنشآتها النووية.
ماذا عن العرب في المقابل؟
الضياع الكامل، وغياب الرؤية الاستراتيجية جنبا إلى جنب مع غياب أي مشروع عربي نهضوي حقيقي.
كان لافتا اعتذار إيران عن عدم قبول الدعوة التي وجهها الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية الى نظيره الايراني محمد جواد ظريف لحضور اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي التي ستنعقد بعد عشرة أيام في مدينة جدة السعودية، بذريعة الارتباط بالتزامات اخرى من بينها المشاركة في مفاوضات مع الدول الغربية الكبرى حول البرنامج النووي الإيراني.
الرسالة الإيرانية واضحة للعرب والمملكة العربية السعودية بالذات، إذا أردتم الحوار معنا فتعالوا من الباب الرئيسي وليس من الخلفي او النافذة، فنحن دولة إقليمية عظمى، ولسنا دولة متسولة للمساعدات المالية، ولا بد ان هذه الرسالة وصلت، وخاصة أن الإيرانيين أرفقوها بأخرى عندما أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم أن إيران لم تطلب وساطة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد بين إيران والسعودية.
الدبلوماسية الإيرانية تحقق النجاح تلو الآخر لأنها ترتكز إلى رؤية ومؤسسات ومراكز أبحاث تضم عقولًا جبارة، وهذا ما ينقص الدبلوماسية العربية التي يمكن وصفها بالارتباك والتخبط وانعدام الرؤية والاعتماد على الغير، أي الغرب في معظم الحالات.
افتتاحية الرأي العام