نـــــــــزار حيدر انّ توالي الانتصارات التي تحقّقها القوات العراقية، بكل صنوفها وعناوينها من القوّات النّظامية والحشد الشّعبي والبيشمرگة، ضِدّ الارهابيّين يعود الى ثلاثة أسباب رئيسيّة؛ السّبب الاول؛ هو انها طوّرت عملها على الصعيد الاستخباراتي، سواء على صعيد طرق الحصول على المعلومة او الوصول اليها، او طريقة توظيفها في الحرب على الارهاب. السّبب الثاني؛ اكتمال عملية اعادة النظر في هيكلة المنظومة الأمنيّة بعد قرار القائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي، تصفيتها من العناصر الفاسدة والفاشلة، واستبدالها بقيادات جديدة تتميّز بالمهنيّة والنزاهة والشجاعة، فضلاً عن تحلّيها بالروح الوطنيّة وروح المسؤوليّة. السّبب الثالث؛ اكتمال عملية اعادة النظر بالخطط الأمنيّة والعسكريّة، ورصّ الاولويّات واستبدال الفاسد منها والفاشل بخطط جديدة تأخذ بنظر الاعتبار الحاجة على الارض. لقد منحت الأشهر الأربعة الاخيرة، الحكومة الفرصة اللازمة لإنجاز هذه الأسباب بما يضمن تحقيق الانتصارات بزمن أقصر وتضحيات أقل. ولقد كان لفتوى الجهاد الكفائي التي اصدرتها المرجعية الدينية العليا، والتي تشكّل على أساسها الحشد الشعبي المبارك، الدور الأساسي والمفصلي في إنجاز هذه الأسباب بعد ان كاد العراق ان يشهدَ انهياراً خطيراً يوظّفه أيتام الطاغية الذليل صدام حسين والمتحالفين معهم من الجماعات الإرهابية، الّذين يتربصون بالعراق للانقضاضِ عليه بانتظار مثل هذه اللحظة التي ينهار بها العراق ومنظومته الأمنيّة. ولذلك نرى اليوم ان ألدّ أعداء الحشد الشعبي هم أيتام الطاغية والجماعات التكفيرية الإرهابية لانهم يَرَوْن فيه السبب المباشر الذي وقف بوجه الانهيار المفترض وبالتالي يَرَوْن فيه السبب المباشر في افشال خططهم الشيطانية التدميريّة، للعودة بعقارب الزمن العراقي الى الوراء. اننا اذ نحيّي كل القوات المسلحة التي تقاتل ضد الارهاب، وبكل مسمّياتها من القوات النظامية والحشد الشعبي وقوات البيشمركة، ونحيّي كل مواطن عراقي يقاتل اليوم ضد الارهاب او يواجهه بأي شكلٍ من الأشكال، وفي اية جبهة من الجبهات، دون تمييز او تفرقة، نرفض في الوقت نفسه رفضا باتّاً وقاطعاً الغمز والّلمز بهذه القوات والطعن بولائها وبهويتها وبانتمائها من قبل ايٍّ كان، فالعراق اليوم كلّه يقاتل ضِدّ الارهاب، فلا فرق بين مقاتل في الشمال وآخر في الجنوب وثالث في الغرب، فالكلّ يقاتلون ويضحّون ويسترخصون الغالي والنّفيس من اجل تطهير كلّ شبرٍ من ارض العراق الحبيبة من العصابات الإرهابية ومن القتلة والمجرمين، بعد ان ثَبُتَ للمغفّلين الذين حاولوا إيهام الرأي العام، والعراقي تحديداً، بأنّ الحرب ليست وطنيّة وإنما هي حربٌ شيعيّة ـ سُنّيّة، وانها حرب طائفية لا دخل للكردي مثلاً او المسيحي او الايزدي او لغيرهم فيها، ليُثبت لهم الزمن ولتُثبت لهم التجربة بأن الحرب ليست كذلك أبداً، وإنما هي حربُ العراق كلّ العراق ضد الارهاب كلّ الارهاب، انها حرب العراقيين كلّ العراقيين ضد الارهابيين التكفيريّين بكل عناوينهم وأسمائهم ومسمّياتهم، انها حرب الكردي والعربي والسني والشيعي والتركماني والمسيحي والشبكي والايزدي وكل مواطن عراقي ضد الارهاب اينما كان وعلى كل شبرٍ من ارض العراق، فالارهاب لا يستهدف فئة دون اخرى او شريحة دون اخرى او منطقة دون اخرى، أبداً، انه يستهدف كل العراق وكل العراقيين بلا استثناء، ولذلك فلا داعي للغمز والّلمز بقناة هذا المقاتل او ذاك، فليس الوقت الان وقت تصفية الحسابات مع بعضنا، كما انه ليس وقت توظيف معاناة العراقيين ودماءهم لتحقيق إنجازاتنا (المذهبية) او (القومية) او ما أشبه، فانّ مثل هذا الكلام يضرّ بصاحبه قبل ان يضرّ بالآخرين. يجب ان توحّدنا الحرب على الارهاب، ليوحّدنا الوطن وحبه والانتماء اليه والحرص عليه مرة اخرى. لقد سمِعنا بعض قادة الكرد في أوقات متفاوتة مضت يتحدثون عن حرب طائفية محتملة كانوا يقولون بانّ الكرد سوف لن يكونوا طرفاً فيها، اذا بهم يَرَوْن انفسهم اليوم وجهاً لوجه مع الارهابيين في طول حدود تزيد عن الألفين كيلومتر. كما بشّرنا قادة السّنة بانّ من كانوا يسمّونهم بالمنتفضين قد حرروا مدنهم، اذا بهم يواجهونهم اليوم كارهابيّين يغتصبون الارض والعرض، ويدمّرون الحضارة والمدنيّة والتاريخ وكل شيء، الذين كادوا ان يأتوا على آخرِ عِرْضٍ لولا الحشد الشعبي الذي لبّى نداء الوطن بعد فتوى الجهاد. انّ من المعيب حقاً والبعيد عن الخُلُق الوطني والانساني الرفيع ان يسعى بعض السياسيين، سواء في بغداد او في اقليم كردستان او في اية منطقة اخرى من مناطق العراق، للرّقص على جراحات العراقيين ومعاناتهم ومآسيهم، خاصة النازحين منهم تحديداً، من خلال إطلاق التصريحات غير المسؤولة التي تتحدث عما يسمونه بواقع ما بعد الموصل او ما بعد التحرير، وكأنهم يطلبون ثمناً عليه، أو كأنّهم يوظّفون مآسي العراقيين لتحقيق انجازاتهم (القومية) المزعومة او غير ذلك. ليس من الأخلاق في شيء أبداً هذا النوع من الكلام، وهو منطق المنافقين والوصوليّين والانتهازيين الذين لم يقرؤوا التاريخ، او قرأوه ولم يتعلّموا منه. ليعُدْ الجميع الى رشدهم، فيغلّبوا الخطاب الوطني على ايّ خطابٍ آخر، ديني او مذهبي او قومي او مناطقي او ما أشبه، فليس من حقّ أحدٍ أبداً كائناً من كان ان يستغلّ الظرف الراهن الحرج لتحقيق أيّ تغييٍر جغرافي او ديموغرافي على الواقع العراقي، فالنازحون يجب ان يعودوا الى مناطقهم فور تحريرها من الارهاب، ولا يحق لاحدٍ ان يستغلّ الظروف القاسية ومعاناة الاهالي النازحين لقضم ارض ما لصالح مشروعه السياسي، فانّ كلّ ما يُنجز بالقوة وبسياسة فرض الامر الواقع او بسياسة استغلال الأزمات لن يدوم أبداً، بل انه مشروع قلقٌ لن يستقرَّ أبداً. ٢٨ كانون الاول ٢٠١٤