قبل الرّافعة كانت الوهابية قد سقطت على رؤوس المسلمين
بقلم: منيب السائح
منذ فترة طويلة تحولت شعيرة الحج والسفر إلى الديار المقدسة ، إلى ما يشبه المغامرة ، بسبب كثرة الكوارث والحوادث التي يواجهها ضيوف الرحمن خلال مراسم الحج ، والمؤسف أن هذه المآسي ، لم تشكل أي وازع لدى السلطات السعودية ، لدفعها للعمل من أجل الحيلولة دون تكرارها.
المؤسف أن عدد الكوارث التي تنزل على ضيوف الرحمن ، في ازدياد وأصبحت اكثر فتكا ، بسبب الإهمال والفساد الإداري وغياب المحاسبة ، والتعامل مع أقدس بقعتين على وجه الارض ، بوصفهما ملكا للعائلة السعودية ، دون أدنى مراعاة لقدسية مكة والمدينة لدى جميع مسلمي العالم ، حيث وضع أمراء آل سعود أيديهم على جميع المناطق المحيطة بالحرمين الشريفين ، وشرعوا في بناء ناطحات سحب وأبراج ، دون أدنى اعتبار لقدسية المكان ولا للتراث الإسلامي.
آخر هذه الكوارث ، كان حادث سقوط رافعة ضخمة يوم الجمعة الماضية ، على الحرم المكي ، واستشهاد أكثر من 100 حاج وجرح المئات ، وعلى الفور حاولت السلطات السعودية كالعادة التملص من المسؤولية وألقتها على العواصف والأمطار!!
السؤال المنطقي الذي يطرح في مثل هذه الحالة ، كيف يمكن أن تحيط بالحرم المكي عشر رافعات ضخمة، ارتفاع بعضها يصل إلى 100 متر وتزن أكثر من 75 طنا، كما هي مواصفات الرافعة التي سقطت، وفي موسم الحج بالتحديد، حيث يبلغ عدد الحجيج أكثر من مليوني حاج ؟ أليس من المنطقي أن تعمل الجهة المسؤولة على تطوير الحرم المكي، على إبعاد هذه الرافعات عن الحرم المكي في موسم الحج، لتجنيب الحجيج أي حوادث محتملة ؟ ولماذا لم تتخذ السلطات السعودية الإجراءات اللازمة على ضوء المعلومات التي أكدتها مراكز الرصد عن سوء الأحوال الجوية وهبوب أعاصير وهطول أمطار بغزارة؟
السؤال المهم الذي يطرح على السلطات السعودية، هو ما هي الحاجة أصلا لرافعات يصل ارتفاعها إلى 100 متر من أجل تطوير الحرم المكي؟ وماهي الحاجة لبناء ناطحات سحب وأبراج ملاصقة بالكعبة الشريفة ؟ وهو وجود مثل هذه الأبراج المرتفعة حول الحرم المكي تدخل في نطاق تطوير الحرم؟ ألا تؤكد هذه الأبراج وناطحات السحب، إن السلطات السعودية تعمل على شطب صورة مكة المكرمة من وجدان الإنسان المسلم، بوصفها مهد الإسلام، وفرض صورة أخرى على وجدانه، لا تتفق مع ما يحمله عن أقدس بقاع الأرض، من قدسية وروحية ورمزية، تتناغم مع قلبه وعقله؟
ما الذي يدفع ملايين المسلمين ، من أمريكا وأوروبا وآسيا وإفريقيا وأستراليا ، كل عام للحج والطواف حول البيت العتيق؟ هل هي الأبراج المرتفعة وناطحات السحب ، التي شوهت مهد الإسلام، أم الهروب من الأبراج العالية والبذخ والإسراف والحياة المادية، واللجوء نحو الله، وتلمس الحقيقة على خطى سيد البشر محمد بن عبدالله (ص)، من ينبوعها الصافي، عبر شم ثرى مكة، التي جرفتها جرافات آل سعود وحولتها إلى أبراج ومتاجر، تحت ذريعة تطوير الحرم المكي.
السلطات السعودية التي محت أكثر من 90 بالمائة من تراث الإسلام في مكة بحجة تطوير الحرم المكي، ليستوعب الأعداد الكبيرة للحجاج، لو خيرت المسلمين بين الإبقاء على تراث الإسلام كما كان قبل 1400 عام ، عبر تطبيق نظام الحصص بين الدول الإسلامية وفقا لكثافتها السكانية، والإبقاء على عدد محدد من الحجيج ، لا تتخذه السعودية ذريعة لهدم مهد الإسلام، وبين استقبال السعودية لأعداد أكبر من الحجيج ولكن على حساب هدم التراث الإسلامي، لاختار المسلمون الخيار الأول دون أدنى تردد.
إن الكوارث التي حلت ومازالت بتراث الإسلام في مكة ، وبالمسلمين أنفسهم وهم يحجون إلى بيت الله الحرام ، تؤكد حقيقة واحدة ، إن آل سعود والوهابية هما السبب الأول والأخير في كل الكوارث التي نزلت على الإسلام خلال القرن الأخير، فقبل الرافعة كانت الوهابية قد سقطت على رؤوس المسلمين، فكارثة الرافعة رغم بشاعتها ، لا تقارن بكارثة الوهابية ، بين هي جزء بسيط من تداعيات الوهابية ، التي تتصرف بمكة والمدينة وكأنها ملك لأبناء عبد الوهاب وابن سعود.
مرورا سريعا على الكوارث التي نزلت بالحجيج خلال العقود الأخيرة، والكوارث التي نزلت بتراث الإسلام، يؤكد بما لا لبس فيه، إن مهد الإسلام، بيد جهات غير مسؤولة ، ولا تعير أدنى أهمية لأرواح المسلمين ولا لتراثهم، الأمر الذي يتطلب من المراجع الدينية والفكرية والثقافية، في المجتمعات الاسلامية، اتخاذ مواقف ترتقي إلى مستوى الخطر الذي يهدد الإسلام نفسه، على يد التحالف الوهابي السعودي، للحيلولة دون استفراده بتراث الإسلام، الذي يعود لأكثر من مليار مسلم، وليس حكرا لآل سعود وآل الشيخ.
شفقنا