الإمبراطورية في مواجهة إيران وسورية

211

28-6-2012-1

حرب عالمية جديدة من أجل نظام عالمي جديد

   هل يرغب الغرب في إعادة فرض قوته من خلال حرب عالمية جديدة ستكون هذه المرة بالفعل حرب عالمية في مواجهة نظام عالمي على حافة الانهيار بات من الصعب  ضبطه  ؟
   هناك سيناريو مخيف ينشأ نتيجة  التصعيد المستمر لجملة الضغوط والتهديدات على إيران و سورية، دافعة بذلك ، ولأول مرة ، منذ انتصار إمبراطورية حلف الناتو ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في الحرب الباردة منذ عقدين من الزمن، المثلث الغربي لنادي الفيتو للأمم المتحدة  ( الولايات المتحدة ،  والمملكة المتحدة ، و فرنسا ) للتحرك ضد الثنائي غير الغربي ، “روسيا و الصين”.
وقد أعاقت هاتان القوتان العظميان الأخيرتان ، اللاعبان الأساسيان في منظمة  شنغاهي للتعاون  (SCO) التي تغطي القارة الأوربية الأسيوية الكبرى ، خطط المثلث في أن تكون سورية الدولة القادمة بعد ليبيا ، وإلى سعيها في خنق إيران بفرض سلسلة من العقوبات تشمل قطع صادراتها النفطية – بينما تضع  خيار الضربة العسكرية على طاولة المفاوضات .
إنها المرة الأولى التي يضع  فيها الروس والصينيون العراقيل في طريق السعي المستمر لمنتصري  الحرب الباردة -المدمرين للإمبراطورية السوفيتية السابقة- .
لكن مسيرة إمبراطورية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وحلف الناتو أصبحت أقل تقدمًا. فروسيا والصين، وبدعم من غالبية الدول غير الغربية التابعة لحركة عدم الانحياز، ومن أعضاء مجموعة 77 ستواصلان تأكيدهما على سيادة القانون الدولي، واستخدام الأمم المتحدة الدبلوماسية في متابعة قضايا سورية وإيران ، معربين عن أملهم بعدم انحراف النوايا الغربية أكثر في قيادة كل أزمة ، سواء كانت أزمة حقيقية أم مفبركة، تحت ستار أعمال القصف والصواريخ ووجود القوات في البر، ستؤدي إلى عواقب وخيمة ليست في الحسبان من جميع النواحي.

من نشوة الغبطة إلى مستنقع الانحدار ثم الذبول

   ما تزال إمبراطورية حلف الناتو ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تختال بانتصارها في تفكيك الإمبراطورية السوفيتية السابقة، والدولة اليوغسلافية السابقة في عام  1990، وتوسُّع حلف الناتو إلى حدود روسيا الأوروبية، والتي لم تردّ موسكو عليهم عسكريًا ، بل ردت فقط عندما حاول حلف الناتو السيطرة على القوقاز عبر جورجيا وأذربيجان.
على الرغم من الحدث الفرنسي ولف لون “lone wolf”   في مدينة رواند ، إلا أن الإمبراطورية قد عززت من سيطرتها على منطقة البحيرات  الكبرى في أفريقيا – كتعويض لخسارتها في سقوط نظام الفصل العنصري  في جنوب القارة. إلا أنّه لم يسجل لروسيا والصين أية ردود أفعال ضدها ، وحتى الصين ابتلعت ببرود أفعال الاستفزاز المتكررة الصادرة من الإمبراطورية على طول حدودها – عبر مدن التيبت ، و شينجيانغ ، وبورما ، وتايوان ، وكوريا الشمالية.
لكن عندما بدأ القرن الحادي والعشرون بوضع رحاله ، أخذت الإمبراطورية تفقد توازنها ، فقد عجلت هجمات الحادي عشر من أيلول 2001 إلى البدء ببناء النظام العالمي الجديد وفقًا لرؤية صاغها مشروع جورج بوش الثاني في بناء القرن الأمريكي الجديد : “أنتم  إما معنا أو ضدنا”.

   ولأول مرة في التاريخ ينتهك حلف الناتو البند الخامس من ميثاق الأمم المتحدة ليشن حربًا على أفغانستان و يحتلها  – وذلك بتجاوزه لقرار الأمم المتحدة ، ثم ، وبعد مرور سنتين ، دون الحصول على موافقة الأمم المتحدة ، تشن الإمبراطورية  حربًا على العراق وتحتله .
ولكن سرعان ما وقعت الإمبراطورية في مأزق ، فمع دخول عام2012 ، ووفقا لإحصائيات معهد أوكلاند تقدر كلفة هذه الحروب بحوالي 4 تريليون دولار— بينما  منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في حالة ركود و انحدار، والأزمات تعصف في أرجاء دول الغرب، ونسبة البطالة آخذة بالصعود، والدّين يتضخم— بينما يزداد وزن ونفوذ “الدول المناهضة “( الصين ، والهند، والبرازيل، وإيران، وأفريقيا الجنوبية ..إلخ ) بالنمو عالميًّا.

 

الإمبراطورية تستنزف قدرات الأمم المتحدة وتعزز من قوات الناتو

   لقد دفع هذا التغيير ميزان القوى مجموعة الأعضاء السبعة القديمة G7 للتحول باتجاه مجموعة أعضاء العشرين G20  لإدارة اقتصاد العالم، لكن تستمر مجموعة الأعضاء السبعة G7  في المماطلة كثيرًا للاستجابة لدعوات إصلاح أنظمة الأمم المتحدة، وتوسيع عضوية مجلس الأمن كونها مقيدة بسيادتها السياسية المتراجعة . وتستمر مجموعة الأعضاء السبعة  G7، بتصميم أكبر، على تعزيز قوتها العسكرية : 21 دولة من 34 دولة تابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هم أعضاء في حلف الناتو، الذين تخطوا حدود الشمال الأطلسي لتصل إلى المحيط الهندي، وآسيا الوسطى، وأفريقيا ( مع أفريكوم) – في حين تستهدف أيضًا أستراليا و المحيط الهادي.
ورغم ما يشهده الغرب من انخفاض حقيقي في الإنتاجية مع ذلك تستمر الإمبراطورية في التوسع العسكري أكثر فأكثر ، فيعتمد الاقتصاد غير المستقر لإمبراطورية حلف الناتو ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أكثر من أي وقت مضى على المجمع العسكري الصناعي، و قد حذرنا  داويت ايزنهور Dwight Eisenhower   من تبعات هذا. و وفقًا لإحصائيات معهد سيربي السويدي SIPRI ، فقد خصص  حلف الناتو السنة الماضية  ما لا يقل عن تريليون دولار ( 1000 بليون دولار ) على الإنفاق العسكري، بينما مجموعة حلفائها كالسعودية ( 42 بليون دولار – 11% من الناتج المحلي الإجمالي، المركز الثامن )، واستراليا ( 20 بليون دولار، 1.9 %، المركز الرابع عشر )، وإسرائيل ( 13 بليون دولار، 6.3%، المركز الثامن عشر)، و شكّل حلف الناتو و أصدقائه لأكثر من ثلثي الأنفاق العسكري العالمي الذي بلغ في سنة 2011 بحدود 1.6 تريليون دولار، مع 689 بليون دولار( 4.8 % من الناتج المحلي الإجمالي ، المركز الأول ) ، وشكلت الولايات المتحدة لوحدها ما يعادل 43% من الإنفاق العالمي للدفاع ، و تأتي كندا في المركز الثالث عشر ( 22.8 بليون دولار ،1.5%).

   وبالمقارنة، أنفقت الصين ما يعادل 120 بليون دولار  ( 2.1 % من الناتج المحلي الإجمالي، المركز الثاني)، و روسيا 58 بليون دولار (4%، المركز الخامس) ، والهند 41 بليون دولار (2.7%، المركز العاشر)، و البرازيل 30 بليون دولار (1.6%، المركز الحادي عشر) .. مع ما أنفقته إيران بما يعادل 707 بليون دولار (1.8%، المركز الخامس و العشرين) و سورية بما يعادل 2.2 بليون دولار (4%، المركز الثالث و الخمسين).

الإمبراطورية و محور إمارات النفط و إسرائيل و تركيا 

   تكمن أسباب الحملة المسعورة لحلف الناتو و منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وراء قرع طبول الحرب على سورية وإيران بسبب ارتباط  الأزمتين المزدوجتين ارتباطًا لا انفصام فيهما،  عبر سورية ( حليفتها العربية الرئيسية، و جسرها الموصل إلى حزب الله اللبناني ( الشيعي) و منظمة حماس الفلسطينية ( السنية) والمطلوب هو إيران، هذه الدولة التي تحررت بعلاقاتها من الإمبراطورية منذ أكثر من ثلاثين سنة .

والدوافع كثيرة:

 (1)محور سورية و حزب الله و حماس و إيران يضع إسرائيل هدفًا لتصفيتها.

 (2)صحوة الشيعة، العرب والفرس، وبما لا شك، الجمهوريون ، تهدد الدول الملكية السنية للخليج، بداية من المملكة العربية السعودية ومذهبها الوهابي المتزمت ذات الأصولية الإسلامية. 

(3) بعد إضعاف العراق  تحاول الإمبراطورية بتحيز ،( بدعم من محور إمارات النفط وإسرائيل و تركيا)، قيادة، وحتى سرقة  ثورة الربيع العربي .

  (4)تعتبر تركيا نفسها، وهي عضو في حلف الناتو ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية  منافسًا جمهوريًّا سنيًّا لإيران – معتمدة على نظامها الجديد الإسلامي” المعتدل”، وعلى ماضي العثمانيين كحكام حكموا العرب لمدة لا تقل عن سبعمائة سنة.

 (5)الحكم في سورية بعثي علماني، وقد واجه ضغوطًا  من دول الربيع العربي وحلفائه للانفتاح على التعددية و إجراء انتخابات عامة في 7أيار/مايو،و مع ذلك بقيت الإمبراطورية تعمل ضد سورية  بلا رحمة، لأن ما تريده هو “تغيير النظام”.   

  (6)بينما تبذل الإمبراطورية قصار جهدها لإبقاء الوضع الراهن على ما هو عليه في اليمن و البحرين، موطن الأسطول الخامس للولايات المتحدة في الخليج، حيث تحكم العائلة الملكية السنية شعبًا غالبيته من الشيعة.

(7) وعلى الرغم من استقالة الصحفيين الرئيسين في الجزيرة، و اتهامهم للشبكة بتلفيق تقارير تصويرية كاذبة على ليبيا و سورية. مع ذلك، تستمر إمارة النفط السنيَّة لقطر بإدارة الحرب الإعلامية لصالح الإمبراطورية عبر قناة الجزيرة ـ  و قطر بالمشاركة  مع جزيرة دييغو غارسيا (Diego Garcia) الموجودة في المحيط الهندي التي تحتوي على المركز الرئيسي للقيادة المركزية الأمريكية ” سنتكوم  ” .

انتصار عسكري لنظام عالمي جديد؟

   تخوض الولايات المتحدة في نوفمبر الانتخابات الرئاسية و انتخابات الكونغرس،  والتي تؤلب اليوم ميت رومني Mitt Romney على باراك أوباما و الذي يشكل عاملًا إضافيًّا يزيد من تهديدات الحرب العالمية الجديدة في سياق التراجع الكبير لإمبراطورية حلف الناتو و منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

   ودعا رومني ومنافسيه الجمهوريون علنا ” لفعل كل شيء، سرا وعلنًا لعزل إيران، وخنقها، وزعزعة الاستقرار فيها، و لقتل علمائها العاملين في المجال النووي، ولتدمير منشأتها، والإطاحة بالنظام”. وقد فعل أوباما الديمقراطي كل هذا، لكن يعتقد رومني، مع إسرائيل، و مخيم الصقور في واشنطن بأن الحل الناجع هو الحرب.
بعض الصقور هم من الصهاينة الأنجوليين، والذين يتحدثون على  تلفزيون الولايات المتحدة عن نبوءات الكتاب المقدس ، ويطالبون بدعم الولايات المتحدة ” لملك الشمال” ( إسرائيل) في حرب هرمجدون الضرورية على “ملك الجنوب” ( إيران).. (بالرغم من قراءتي لمواقع خريطة المملكة العربية السعودية على أنها هي ملك الجنوب) ! فبالنسبة لهم هذه الحرب، بلا شك، ضرورية للمجيء الثانية للمسيح.

   ويعتقدون هؤلاء الصقور بأن الحرب المنتصرة على محور إيران وسورية سيقدم للغرب فرصة لفرض (عقوبات إلهية) نظامًا عالميًّا جديدًا مصممًّا لمصالح إمبراطورية حلف الناتو و منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية.
بينما يخشى المعسكر المعاكس من الوقوع في مستنقع آخر باهظ الكلفة، كما حدث في أفغانستان والعراق وباكستان، ومن المزيد من تدهور أوضاع الإمبراطورية و هيبتها، لكن بالنسبة للولايات المتحدة وبريطانيا و فرنسا يجدون خيار الحرب مغريًا، حيث يسترجعون بذاكراتهم  كيف فرضوا سيطرتهم على العالم  بعد الحربين العالميتين الأولى و الثانية. ربحوا الحرب لكن لم يملكوا وسيلة أخرى سوى ” حربا ساخنة” لتأسيس نظام ديكتاتوري مرفوض عالميًّا.    .

   وبعد إثبات تفوقها العسكري و إحكام قبضتها على النفط العربي و الفارسي، ستفرض الإمبراطورية على الدول كالصين والهند واليابان واندونيسيا وأفريقيا الجنوبية، من بين الدول الأخرى أن يعتمدوا  على هباتها من أجل الحصول على إمدادات ثابتة وآمنة لتأمين حاجاتهم الأساسية من الطاقة، بعد ذلك، تستطيع الولايات المتحدة إجراء إصلاحات والتوسع في عضوية مجلس الأمن، لكن بطريقة تتيح للإمبراطورية المحافظة على قوتها السياسية الحاسمة داخل بنية النظام العالمي. في حين ترى بقية الدول بوضوح الأمور مختلفة، حيث تستمر الإمبراطورية في الانتقال من عالم القطب الأوحد إلى عالم متعدد الأقطاب . حيث قالت  باقي الدول: بأن الإمبراطورية فعلا ” لا تحصل على ما تريد” ،  وإنها ماضية إلى عصور الكهوف. مع ذلك يستمر الغرب في عمل كل ما في وسعهم  لتحريض أكثر، والدخول في مواجهة عالمية ممكنة، بينما تحاول بقية الدول تجنب الخوض فيها.

محادثات ، تجميد علاقات ، عقوبات و حروب إرهابية

   مثل هذه المخططات الظلامية التي تحوم حول أزمة إيران وسورية وقد التقت إيران بخمسة أعضاء + عضو واحد (خمسة أعضاء من دول الأعضاء “دائمة العضوية ” في مجلس الأمن للولايات المتحدة ، بالإضافة إلى عضو من ألمانيا) في إسطنبول لتوضيح برنامجها النووي وتحديد أغراضه. ومرة أخرى سارعت  إيران لتؤكد حقوق برنامجها النووي السلمي في إطار  معاهدة عدم انتشار السلاح النووي (NPT) ، و التصدي لادعاءات محققيها،  بدعوتهم للمطالبة بنزع السلاح النووي على الصعيد العالمي . وقد وصفوا الثلاثة أعضاء P3 الثلاثي الاجتماع بأنه إيجابي، و سوف يجري استئناف المباحثات في بغداد في شهر أيار/مايو.

   لكن على أرض الواقع داخل إيران، حيث حرب  الثماني السنوات التي شنها صدام حسين على إيران لصالح الإمبراطورية، وانتهت في عام1988، استمرت الجماعات الإرهابية المتصلة بالغرب بالعمل دون توقف، و المجموعات الأساسية هم : (المك) ”    MeK( المجاهدون الحق”، و مجموعة كومل Komoleh الكردية، و بجاك  PJAK، ومجموعة جند الله السنية ومقرهم في باكستان. و حدث اغتيال علماء النووي.كما لدولة أذربيجان عين أيضًا على مقاطعة تضم 19 مليون أذربيجاني  يعيشون في إيران.

   وتم تجميد أصول و حسابات إيران،  ويرفض الغرب أن يبيعها البضائع، بما فيها قطع الغيار الأساسية لسلامة خطوط الطيران المدنية. وتسعى الحملة اليوم إلى الحصول على مقاطعة على مستوى العالم  لصادراتها النفطية. و قد قطعت إيران استباقيًّا واردات النفط لبعض الدول الأوربية مما أدى إلى ارتفاع الأسعار والبطالة.
ومع ذلك تستمر الهند والصين بشراء النفط الإيراني رافضتين الإذعان إلى ما سموه بـ ” قواعد الولايات المتحدة الداخلية ” ويتذرعون بذلك بأن النفط الإيراني ضروري للتنمية في بلادهم.
تلعب الإمبراطورية على الهند لتحركها ضد الصين عن طريق السماح لنيودلهي بالحصول على تكنولوجيا النووي، وخنق باكستان التي يبدو بأنها تميل في علاقاتها للصين أكثر من اعتمادها السابق على الغرب. وقد عقدت الهند التي تهتم بمصالحها صفقة مع إيران لتوطيد العلاقات التجارية الثنائية بالعملتين الريال و الروبية، وقد لا تصمد الهند أمام تهديدات الغرب  في حال سيطر حلف الناتو ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على الترسانة النووية لباكستان أو قامت بتعطيلها في ضباب الحرب.   

تحضيرات الحرب من سورية إلى بلاد القوقاز

   تتمتع الهند وإيران وإلى جانبهم  باكستان وأفغانستان بوضع المراقب في منظمة شنغهاي للتعاون   (SCO )، والتي تسعى المنظمة إلى ترقيتهم إلى العضوية الكاملة وتصطف المنظمة بقوة وراء إيران إلى جانب أمريكا اللاتينية، حيث “العم سام” في وضع متقهقر، والعديد من دول أفريقيا و آسيا . ويشكل دخول الهند و باكستان مع إيران كأعضاء كاملي العضوية في منظمة شنغهاي للتعاون، وهو مركز قوة منبثقة لتعاون الجوار والتجارة والأمن  ضمن القيادة المشتركة لكلا الدولتين روسيا و الصين كابوسًا كبيرًا يهدد انحدار إمبراطورية حلف الناتو ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لدرجة غير متوقعة.
لقد حصل رصد تحركات القوات الروسية في دول البلقان على طول حدود جورجيا و أذربيجان. وقال أعضاء  المعارضة الجورجية  بأن بناء المشافي الجديدة في البلاد بمساعدة الولايات المتحدة هي جزء من استعدادات طوارئ الحرب، و قد اشترت أذربيجان السلاح من إسرائيل بقيمة 1.6 بليون دولار، والتي تستورد ثلث احتياجاتها من النفط من مدينة باكو .
إن مخاطر تأجيج النار المعممة كبيرة، وسوف تكون تداعياتها فقط على انتخابات الولايات المتحدة – حيث معظم العيون تترقب “انسحاب” الولايات المتحدة من أفغانستان.
وفي سورية، تقول الإمبراطورية بأنها تدعم جهود الوساطة لكوفي أنان كمبعوث خاص للأمم المتحدة و الجامعة العربية، و التي هي في حد ذاتها في مرحلة انتقالية عميقة،  ولكن صرحت الإمبراطورية بنفس النفس أنها تدعم ماليًّا القوات و تسلحها، التي تتابع عمليات الحرب داخل سورية من دول الجوار في لبنان و تركيا . فالإمبراطورية تغذي نيران حرب أهلية في سورية و تظهر بأنها لم تتوصل إلى تسوية.

الدعاية الإعلامية و تدابير دولة البوليس

   لقد روجت إسرائيل لخيار  ضربة  عسكرية سريعة على إيران و سورية ترويجًا مسعورًا – ذاتها التي تملك القوة النووية، ومع ذلك بقيت غير معلنة، و ترفض أن توقع على معاهدة عدم انتشار السلاح النووي (NPT)، وأن ُتخضع منشآتها النووية لفحص الوكالة الدولية للطاقة الذرية  (IAEA). وتكرر الولايات المتحدة بأن الخيار العسكري ضد إيران ” يبقى قائما على طاولة المفاوضات” – معلقا كسيف مسلط على رقاب الشرق الأوسط و العالم.
   ومع تعاون قناتي الجزيرة و العربية تستمر وسائل الإعلام الغربية  في  أبلسة إيران و سورية لحرب معلنة وقادمة بواسطة حلف الناتو و حلفائهم وقال رون باول ، وهو الخارج عن عائلة مشجعي الجمهوريين،” يبدو هذا  مجرد دعاية إعلامية سمعناها قبل الهجمة على العراق”.
إن نفس هذه الوسائل الإعلامية تقف صامتة في الوقت الحالي على الاتجاه المتنامي داخل الإمبراطورية حول تدابير نموذجية لدول البوليس — الاعتداء  على الحقوق و الحريات، وعلى الخصوصية المدنية، وعسكرة البوليس كما يظهرون في هيئة القمع الوحشي لقاء 99 سنت، و تقويض السلطة، والتعذيب، والاعتقال، وحتى القتل،  والمواطنون في موضع الشبهة بتهمة الإرهاب”  كل هذه الأعمال تحت شعار ” الأمن القومي.

   وعرف الكاتب الألماني غونز غراس Günther Grass الحائز على جائزة نوبل بمراقبته على نطاق واسع من الغرب لقصيدته ” ما يجب أن يقال” والذي ينتقد فيها دولة إسرائيل النووية لمطالبتها بشن الحرب على إيران ” حيث لا يوجد برهان على القنبلة الذرية الواحدة، و لتعريض سلام العالم الهش  للخطر”. مما أدى إلى تصريح  إسرائيل فوريًّا بأنه شخص غير مرغوب به. و بما أن بقية الدول ترفض توجيه ضربة الغرب إلى إيران، فقد لا يزال أمامنا فرصة لتجنب الحرب،  لكن إذا جرى تمرير قرار الحرب الجديد والمرعب   فأولئك الذين سيعارضونها داخل نطاق إمبراطورية حلف الناتو ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يعرفون ما ستكون ردود الأفعال المتوقعة.

المقال بالإنكليزية: Global Research

الكاتب: Jooneed Khan

ترجمة: رنا الخطيب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*