كرامات الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشريف)

229

5-7-2012-15

يتميّز الأئمّة (عليهم السلام) بارتباطٍ خاصٍّ بالله تعالى وعالَم الغيب، بسبَبِ مقامِ العصمة والإمامة، ولَهُم – مثل الأنبياء – معاجزٌ وكرامَاتٌ تؤيِّد ارتباطهم بالله تعالى، وكونَهم أئمّة، وللإمام المهدي (عج) كراماتٌ كثيرةٌ، سجَّلَتها كتبُ التاريخ، نذكر منها:

الكرامة الأولى:

قال رشيق حاجب المادراني: بعث إلينا المعتضد رسولاً، وأمرنا أن نركب، ونحن ثلاثة نفر، ونخرج مخفين على السروج ونجنب آخر، وقال : الحقوا بسامراء واكبسوا دار الحسن بن علي فإنّه توفّي، ومن رأيتم فيها فأتوني برأسه.

فكبسنا الدار كما أمرنا، فوجدنا داراً سرّية كأنّ الأيدي رفعت عنها في ذلك الوقت، فرفعنا الستر وإذا سرداب في الدار الأخرى فدخلناه، وكان فيه بحراً، وفي أقصاه حصير قد علمنا أنّه على الماء، وفوقه رجل من أحسن الناس هيئة قائم يصلّي، فلم يلتفت إلينا ولا إلى شيء من أسبابنا.

فسبق أحمد بن عبد الله ليتخطّى فغرق في الماء، وما زال يضطرب حتّى مددّت يدي إليه فخلصّته وأخرجته، فغشي عليه وبقي ساعة.

وعاد صاحبي الثاني إلى فعل ذلك فناله مثل ذلك فبقيت مبهوتاً، فقلت لصاحب البيت: المعذرة إلى الله وإليك، فو الله ما علمت كيف الخبر وإلى من نجيء، وأنا تائب إلى الله، فما التفت إليّ بشيء ممّا قلت، فانصرفنا إلى المعتضد، فقال: اكتموه وإلاّ أضرب رقابكم.

الكرامة الثانية:

قال محمّد بن إبراهيم بن مهزيار: شككت عند مضي أبي محمّد (عليه السلام)، وكان اجتمع عند أبي مال جليل فحمله وركب السفينة، وخرجت معه مشيّعاً له، فوعك، فقال: يا بني ردّني فهو الموت، واتق الله في هذا المال، وأوصى إليّ ومات.

فقلت في نفسي: لم يكن أبي ليوصي بشيء غير صحيح، أحمل هذا المال إلى العراق وأكتري داراً على الشط، ولا أخبر أحداً، فإن وضح لي شيء كوضوحه أيّام أبي محمّد (عليه السلام) أنفذته، وإلاّ تصدّقت به.

فقدمت العراق واكتريت داراً على الشط وبقيت أيّاماً، فإذا أنا برسول معه رقعة فيها: يا محمّد معك كذا وكذا، حتّى قص عليّ جميع ما معي، ممّا لم أحط به علماً، فسلّمت المال إلى الرسول وبقيت أيّاماً لا يرفع بي رأس، فاغتممت، فخرج إليّ: قد أقمناك مقام أبيك فاحمد الله تعالى.

الكرامة الثالثة:

قال نسيم خادم أبي محمّد ( عليه السلام ): دخلت على صاحب الزمان (عليه السلام) بعد مولده بعشر ليال، فعطست عنده، فقال لي: ( يرحمك الله )، قال: ففرحت بذلك، فقال: ( ألا أبشّرك في العطاس؟ ) قلت: بلى يا سيدي، قال: ( هو أمان من الموت ثلاثة أيّام ).

الكرامة الرابعة:

قالت السيّدة حكيمة: دخلت على أبي محمّد ( عليه السلام ) بعد أربعين يوماً من ولادة نرجس، فإذا مولانا صاحب الزمان ( عليه السلام ) يمشي في الدار، فلم أر لغة أفصح من لغته، فتبسّم أبو محمّد ( عليه السلام )، فقال: ( إنا معاشر الأئمّة ننشأ في يوم كما ينشأ غيرنا في السنة )، قالت: ثمّ كنت بعد ذلك أسأل أبا محمّد (عليه السلام) عنه، فقال: (استودعناه الذي استودعت أم موسى ولدها).

الكرامة الخامسة:

قال أبو عبد الله الصفواني: رأيت القاسم بن العلاء وقد عمّر مائة سنة وسبعة عشر سنة، منها ثمانون سنة صحيح العينين، لقي العسكريين (عليه السلام)، وحجب بعد الثمانين، وردّت عليه عيناه قبل وفاته بسبعة أيّام، وذلك أنّي كنت بمدينة أران من أرض آذربيجان، وكان لا تنقطع توقيعات صاحب الأمر (عليه السلام) عنه على يد أبي جعفر العمري، وبعده على يد أبي القاسم بن روح، فانقطعت عنه المكاتبة نحواً من شهرين وقلق لذلك.

فبينا نحن عنده نأكل إذ دخل البوّاب مستبشراً، فقال له: فيج العراق ورد ولا يسمى بغيره، فسجد القاسم، ثمّ دخل كهل قصير يرى أثر الفيوج عليه، وعليه جبّة مضربة، وفي رجله نعل محاملي، وعلى كتفه مخلاة، فقام إليه القاسم فعانقه، ووضع المخلاة، ودعا بطشت وماء وغسّل يده وأجلسه إلى جانبه، فأكلنا وغسلنا أيدينا، فقام الرجل وأخرج كتاباً أفضل من نصف الدرج، فناوله القاسم فأخذه وقبّله ودفعه إلى كاتب له، يقال له أبو عبد الله بن أبي سلمة ففضّه، وقرأه وبكى حتّى أحس القاسم ببكائه، فقال: يا أبا عبد الله خير خرج فيّ شيء ممّا يكره؟

قال: لا، قال: فما هو؟ قال: ينعى الشيخ إليّ نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوماً، وأنّه يمرض اليوم السابع بعد وصول الكتاب، وأنّ الله يرد عليه عينيه بعد ذلك، وقد حمل إليه سبعة أثواب.

فقال القاسم: على سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك، فضحك وقال: ما أؤمل بعد هذا العمر، فقام الرجل الوارد: فأخرج من مخلاته ثلاثة أزر وحبرة يمانية حمراء وعمامة وثوبين ومنديلاً فأخذه القاسم، وكان عنده قميص خلعه عليه علي النقي ( عليه السلام ).

وكان للقاسم صديق في أمور الدنيا شديد النصب، يقال له عبد الرحمن بن محمّد الشيزي وافى إلى الدار، فقال القاسم : اقرءوا الكتاب عليه فإنّي أحب هدايته.

قالوا: هذا لا يحتمله خلق من الشيعة، فكيف عبد الرحمن ؟ فأخرج إليه القاسم الكتاب، وقال اقرأه، فقرأه عبد الرحمن إلى موضع النعي، فقال للقاسم: يا أبا عبد الله اتق الله، فإنّك رجل فاضل في دينك، والله يقول: ( وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ )، وقال: (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً )، قال القاسم فأتم الآية ( إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ ) مولاي هو المرضي من الرسول.

ثمّ قال: أعلم أنّك تقول هذا ولكن أرّخ اليوم، فإن أنا مت بعد هذا اليوم أو مت قبله فاعلم أنّي لست على شيء، وإن أنا مت في ذلك اليوم فانظر لنفسك، فورخ عبد الرحمن اليوم وافترقوا، وحم القاسم يوم السابع واشتدت العلّة به إلى مدّة، ونحن مجتمعون يوماً عنده إذ مسح بكمّه عينه، وخرج من عينه شبه ماء اللحم، ثمّ مدّ بطرفه إلى ابنه، فقال: يا حسن إليّ، ويا فلان إليّ، فنظرنا إلى الحدقتين صحيحتين.

وشاع الخبر في الناس فانتابه الناس من العامّة ينظرون إليه، وركب القاضي إليه، وهو أبو السائب عتبة بن عبيد الله المسعودي، وهو قاضي القضاة ببغداد، فدخل عليه وقال له: يا أبا محمّد ما هذا الذي بيدي وأراه خاتماً فصّه فيروزج، فقرّبه منه، فقال : عليه ثلاثة أسطر لا يمكنني قراءتها، وقد قال لما رأى ابنه الحسن في وسط الدار قاعداً : اللهم ألهم الحسن طاعتك وجنّبه معصيتك، قاله ثلاثاً ثمّ كتب وصيته بيده.

وكانت الضياع التي بيده لصاحب الأمر (عليه السلام) كان أبوه وقفها عليه، وكان فيما أوصى ابنه أن أهلت إلى الوكالة فيكون قوتك من نصف ضيعتي المعروفة بفرجيدة، وسائرها ملك لمولانا ( عليه السلام ).

فلمّا كان يوم الأربعين، وقد طلع الفجر مات القاسم، فوافاه عبد الرحمن يعدو في الأسواق حافياً حاسراً، وهو يصيح : يا سيّداه، فاستعظم الناس ذلك منه، فقال لهم: اسكتوا فقد رأيت ما لم تروا، وتشيّع ورجع عمّا كان عليه.

فلمّا كان بعده مدّة يسيرة ورد كتاب على الحسن ابنه من صاحب الزمان يقول فيه: (ألهمك الله طاعته وجنّبك معصيته، وهو الدعاء الذي دعا لك به أبوك).

الكرامة السادسة:

قال أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه: لمّا وصلت بغداد في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة للحج، وهي السنة التي ردّ القرامطة فيها الحجر إلى مكانه من البيت، كان أكبر همّي الظفر بمن ينصب الحجر، لأنّه يمضي في أثناء الكتب قصّة أخذه، وأنّه ينصبه في مكانه الحجّة في الزمان، كما في زمان الحجّاج وضعه زين العابدين (عليه السلام) في مكانه فاستقر.

فاعتللت علّة صعبة خفت منها على نفسي، ولم يتهيّأ لي ما قصدت له، فاستنبت المعروف بابن هشام، وأعطيته رقعة مختومة أسأل فيها عن مدّة عمري، وهل تكون المنيّة في هذه العلّة أم لا ؟ وقلت: همّي إيصال هذه الرقعة إلى واضع الحجر في مكانه، وأخذ جوابه، وإنّما أندبك لهذا.

قال: فقال المعروف بابن هشام: لمّا حصلت بمكّة، وعزم على إعادة الحجر بذلت لسدنة البيت جملة تمكّنت معها من الكون بحيث أرى واضع الحجر في مكانه، وأقمت معي منهم من يمنع عنّي ازدحام الناس، فكلّما عمد إنسان لوضعه اضطرب ولم يستقم، فأقبل غلام أسمر اللون حسن الوجه فتناوله، ووضعه في مكانه فاستقام، كأنّه لم يزل عنه، وعلت لذلك الأصوات وانصرف خارجاً من الباب، فنهضت من مكاني أتبعه وأدفع الناس عنّي يميناً وشمالاً، حتّى ظن بي الاختلاط في العقل، والناس يفرجون لي وعيني لا تفارقه، حتّى انقطع عن الناس، فكنت أسرع السير خلفه، وهو يمشي على تؤدة ولا أدركه.

فلمّا حصل بحيث لا أحد يراه غيري وقف، والتفت إليّ فقال: ( هات ما معك )، فناولته الرقعة، فقال من غير أن ينظر فيها: ( قل له لا خوف عليك في هذه العلّة، ويكون ما لا بد منه بعد ثلاثين سنة )، قال: فوقع عليّ الزمع حتّى لم أطق حراكا، وتركني وانصرف.

قال أبو القاسم: فأعلمني بهذه الجملة، فلمّا كان سنة تسع وستين اعتل أبو القاسم، فأخذ ينظر في أمره وتحصيل جهازه إلى قبره، وكتب وصيته واستعمل الجد في ذلك، فقيل له: ما هذا الخوف ؟ ونرجو أن يتفضّل الله تعالى بالسلامة فما عليك مخوفة، فقال: هذه السنة التي خوفت فيها، فمات في علّته.

الكرامة السابعة:

قال أبو غالب الزراري: تزوّجت بالكوفة امرأة من قوم يقال لهم بنو هلال خزازون، وحصلت لها منزلة من قلبي، فجرى بيننا كلام اقتضى خروجها عن بيتي غضباً، ورمت ردّها فامتنعت عليّ لأنّها كانت في أهلها في عز وعشيرة، فضاق لذلك صدري، وتجهّزت إلى السفر، فخرجت إلى بغداد أنا وشيخ من أهلها فقدمناها، وقضينا الحق في واجب الزيارة، وتوجّهنا إلى دار الشيخ أبي القاسم بن روح، وكان مستتراً من السلطان، فدخلنا وسلّمنا.

فقال: إن كان لك حاجة فاذكر اسمك هاهنا، وطرح إليّ مدرجة كانت بين يديه، فكتبت فيها اسمي واسم أبي، وجلسنا قليلاً، ثمّ ودّعناه وخرجت إلى سر من ‏رأى للزيارة، وزرنا وعدنا وأتينا دار الشيخ، فأخرج المدرجة التي كنت كتبت فيها اسمي، وجعل يطويها على أشياء كانت مكتوبة فيها، إلى أن انتهى إلى موضع اسمي فناولنيه، فإذا تحته مكتوب بقلم دقيق : أمّا الزراري في حال الزوج أو الزوجة فسيصلح الله، أو فأصلح الله بينهما، وكنت عندما كتبت اسمي أردت أن أسأله الدعاء لي بصلاح الحال مع الزوجة، ولم أذكره بل كتبت اسمي وحده، فجاء الجواب كما كان في خاطري من غير أن أذكره.

ثمّ ودعنا الشيخ وخرجنا من بغداد، حتّى قدمنا الكوفة فيوم قدومي أو من غده أتاني أخوة المرأة فسلّموا عليّ واعتذروا إليّ ممّا كان بيني وبينهم من الخلاف والكلام، وعادت الزوجة على أحسن الوجوه إلى بيتي، ولم يجر بيني وبينها خلاف ولا كلام مدّة صحبتي لها، ولم تخرج من منزلي بعد ذلك إلاّ بإذني حتّى ماتت.

المصدر : أبنا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*