ورد ذكر الدنيا وأهلها في نهج البلاغة في الخطب والرسائل وغيره من الحكم القصار، واختلفت عناوين الخطب في تناول هذا الموضوع الأخلاقي وكيفية ذلك، فبعضها ورد في الزهد في الدنيا كما في الخطبة (52) و(99) و(103) و(132) وبعضها اتخذ عنوان التحذير من فتنة الدنيا كما في الخطبة (63) وبعضها التنفير من الدنيا في الخطبة (83) و(266) أو ذم صفة الدنيا كما في الخطبة (45) و(113) و(145) أو هوان الدنيا في الخطبة (173). وقبل التوغل في دراسة بعض مقاطع تلك الخطب نحاول بيان معنى الدنيا وما هو المذموم منها.
الدنيا: هي جميع ما للعبد قبل الموت، كما أن بعد الموت تكون الآخرة، فكل شيء للإنسان فيه نصيب من شهوة وغرض ولذة وحظ في عاجل الحال قبل الوفاة فهو الدنيا في حقه، وكل شيء من الأرض وما عليها من النبات والحيوان والمعادن تدخل في دنيا الإنسان، وقد جمعتها الآية الكريمة، قال تعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا... ) (آل عمران: 14)
والإنسان بحكم عيشه مع هذه الأمور يُنشأ معها علاقة وهو حبه لها ولمتاع الدنيا، وانصراف همه إليها بسبب قوة الشهوة الموجودة فيه، فكل ما يتلذذ به ودخل في الحس والتجربة فهو من عالم الدنيا(1)، وبعبارة أخرى خلق الإنسان في هذه الدنيا وعاش بها ووهبه الله تعالى قوى شهوانية ووسائل للتلذذ للحفاظ على النوع البشري وعلى ذاته، فانشغل في اللذات وإشباع الرغبات لأجل البقاء، فهو يكره الزوال والفناء ويرى الموت قاطعاً لها، فكل ما تناله النفس من متاع في هذا العالم يترك أثراًَ في القلب، فالإنسان وإن كان مفطوراً على التوحيد ولكنه منذ الولادة وحتى خروجه من هذا العالم تنمو معه الميول والنفسية والشهوات الحيوانية، ففي بداية الأمر وبعد مرور مراحل عدة لا يعدو الإنسان كونه حيواناً ضعيفاً لفقدان القدرات العقلية بالفعل، إلا بالقابلية والاستعداد لأن يكون إنساناً، ثم تقوى مداركه العقليه بشكل تدريجي، فهو قبل هذا يدير أموره من خلال الشهوة والغضب.
إن جميع خطايا الإنسان ومعاصيه سببها ضعف الجانب الروحي أمام القوى الطبيعية في الجسم واستيلاء هذه القوى على الجانب الروحي، إن من فضائل وأسرار العبادات هي تخفيف الجانب المادي وتسخير بدن الإنسان لروحه حتى يزول التعب من أداء الواجبات العبادية(2).
وعلى هذا فإن المذموم من الدنيا هو كل حظ عاجل لا يكون من أعمال الآخرة، ولا وسيلة إليها، أي الذي لا حاجة لنا فيه لأمر الآخرة، ويعبر عنه بالهوى (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى) (النازعات: 40) ومجامع الهوى هي المذكورة في قوله تعالى: (أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ) (الحديد: 20) ومعنى اللعب في الآية هو عمل منظم لغرض خيالي كلعب الأطفال، واللهو هو ما يشغل به الإنسان عما يهمه، والزينة يراد بها ما يتزين به وهو ضم شي مرغوب فيه إلى شيء آخر ليرغب فيه لا كتسابه الجمال، والتفاخر بالمباهاة بالأنساب والأحساب في الأموال والأولاد، وهذه الأمور المذكورة هي التي يتعلق بها هوى النفس ببعضها أو جميعها، وهو أمور وهمية وأعراض زائلة لا تبقى للإنسان، ولا واحد منها تجلب للإنسان كمالاً نفسياً أو خيراً حقيقياً. عن الشيخ البهائي (قدس سره) أن الخصال الخمسة المذكورة في الآية مترتبة بحسب عمر بني الإنسان ومراحل حياته فيتولع أولاً باللعب وهو طفل أو مراهق ثم إذا بلغ واشتد عظمه تعلق باللهو ثم إذا بلغ أشده اشتغل بالزينة من الملابس الفاخرة والمراكب البهية والمنازل العالية وتوله للحسن والجمال، ثم إذا اكتمل أخذ بالمناظرة بالأحساب والأنساب، ثم إذا شاب سعى في تكثير المال والولد، إن مثل الحياة الدنيا في بهجتها العجيبة ثم الزوال كمثل المطر أعجب الحراث بنباته الحاصل بسببه ثم يتحرك إلى غاية ما يمكنه من النمو، فتراه مصفر اللون بعدها ثم يكون هشيماً منكسراً متلاشياً تذروه الرياح(3).
وما ورد في القرآن والأحاديث عن ذم هذه الدنيا لا يكون عائداً في الحقيقة إلى الدنيا من حيث نوعها أو كثرتها بل يعود إلى التوجه نحوها وانشداد القلب بها. فأمام الإنسان دنياوان: دنيا ممدوحة ومذمومة، فالممدوح في هذه النشأة بكونها دار التربية ودار التحصيل ومحل التجارة واكتساب الكمالات والإعداد للحياة الأبدية السعيدة كما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد سمع رجلاً يذم الدنيا فقال: (…ودَارُ غِنًى لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا – ودَارُ مَوْعِظَةٍ لِمَنِ اتَّعَظَ بِهَا – مَسْجِدُ أَحِبَّاءِ اللَّه ومُصَلَّى مَلَائِكَةِ اللَّه – ومَهْبِطُ وَحْيِ اللَّه ومَتْجَرُ أَوْلِيَاءِ اللَّه – اكْتَسَبُوا فِيهَا الرَّحْمَةَ ورَبِحُوا فِيهَا الْجَنَّةَ )(4).
والدنيا المذمومة هي دنيا الإنسان نفسه، أي التوجه إليها والتعلق بها مما ليس لله تعالى ولا يكون وسيلة للآخرة، فهو منشأ كل المفاسد القلبية والظاهرية لما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله):
(حُبُّ الدُنيا رَأسُ كُلِّ خَطِيَئة)(5).
إن الآيات الواردة في ذم الدنيا كثيرة، وأكثر القرآن مشتمل على ذلك، وصرف الخلق عنها ودعوتهم إلى الآخرة، بل هو المقصود من بعثة الأنبياء، وهناك أحاديث للرسول (صلى الله عليه وآله) منها قوله : (مالي وللدُّنيا وما أنا والدُّنيا إنَّما مثلي ومثلها كمثل الرّاكب رُفعت له شجرة في يوم صائف فقال تحتها ثمَّ راح وتركها)(6).
أما في نهج البلاغة في الخطبة (45) ص 83 يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (والدُّنْيَا دَارٌ مُنِيَ لَهَا الْفَنَاءُ – ولأَهْلِهَا مِنْهَا الْجَلَاءُ – وهِيَ حُلْوَةٌ خَضْرَاءُ – وقَدْ عَجِلَتْ لِلطَّالِبِ – والْتَبَسَتْ بِقَلْبِ النَّاظِرِ – فَارْتَحِلُوا مِنْهَا بِأَحْسَنِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ الزَّادِ – ولَا تَسْأَلُوا فِيهَا فَوْقَ الْكَفَافِ – ولَا تَطْلُبُوا مِنْهَا أَكْثَرَ مِنَ الْبَلَاغِ). وقوله (عليه السلام): (مُنِيَ لَهَا الْفَنَاءُ)، الفعل مبني للمجهول، أي قدر لها، ومعنى الجلاء هو الخروج من الأوطان، والكفاف ما يمنعك من سؤال غيرك وهو مقدار القوت، والبلاغ ما يتبلغ به، أي ما يقتات به مدة من الحياة، وهنا الإمام (عليه السلام) يشير إلى الأخذ من الدنيا بمقدار ما يكفي الحاجة فما دام هي دار فناء وعجلت للطالبين لها فلا تسأل أكثر من حاجتك للوصول إلى غايتك من هذه الدار ولو كانت تساوي شيئاً لتزودنا منها أكثر، ولكن لمهانتها عند الله تعالى لم يرضها لأوليائه فزهدوا فيها فأخذوا منها ما يكفي وتركوا ما يلهي، لبسوا من الثياب ما ستر أبدانهم وأكلوا من الطعام ما سد الجوع، نظروا إلى الدنيا على أنها فانية، وإلى الآخرة على أنها باقية، فتزودوا منها كمثل الراكب، وفي الخطبة (52 ص88) يقول أمير المؤمنين (عليه السلام):
(ألا وإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَصَرَّمَتْ وآذَنَتْ بِانْقِضَاءٍ – وتَنَكَّرَ مَعْرُوفُهَا وأَدْبَرَتْ حَذَّاءَ – فَهِيَ تَحْفِزُ بِالْفَنَاءِ سُكَّانَهَا – وتَحْدُو بِالْمَوْتِ جِيرَانَهَا –
….. فَأَزْمِعُوا عِبَادَ اللهِ- الرَّحِيلَ عَنْ هَذِه الدَّارِ الْمَقْدُورِ عَلَى أَهْلِهَا الزَّوَالُ – ولَا يَغْلِبَنَّكُمْ فِيهَا الأَمَلُ – ولَا يَطُولَنَّ عَلَيْكُمْ فِيهَا الأَمَدُ). وقوله (عليه السلام): (تَنَكَّرَ مَعْرُوفُهَا) أي خفي وجهها ، ومعنى (حَذَّاءَ): أي ماضية سريعة، (تَحْفِزُ): أي تدفعهم وتسوقهم، (أَزْمِعُوا عِبَادَ اللهِ الرَّحِيلَ): أي اعزموا، (الْمَقْدُورِ): هو المكتوب، والعبارة شبيه بما ورد من كلام له (عليه السلام)
في الخطبة (42ص80) من نهج البلاغة، وهذا الكلام فيه تحذير من إتباع الهوى وطول الأمل في الدنيا، ومن صفات الدنيا: (أنَّها سَريعَةُ الزَوالِ والفَناءِ وَعَدَمِ الثَباتِ، وَمَثَلُها مَثَلُ المَنْزِلِ نَزَلْتَهُ وَارتَحَلْتَ عَنْهُ، أو كَقَنْطَرَةٍ تَعَتَبِرُ عَليْها وَلا تَمْكُثُ فِيها، وَفي قِصَرِ عُمْرِها لِكُلِ شَخْصٍ بالنَظَرِ إلى سَفَرٍ طَويلِ مِنْ أجيالِ البَشَرِ، وَمَنْ كانوا قَبْلَنَا وَرَحَلوا وَالقَادِمينَ أيْضاً، وَفي قِلَّةِ ما بَقِيَ مِنْ أعْمارِنا بالقِياسِ إلى ما سَبَقَ، وكُلَّما حَرَصْتَ عَليْها أدَّتْ بِكَ إلى الهَلاكِ غَمًّا، وَالنَاسُ يَتَنَعْمُونَ بِها ثُمَّ تُفْجِعُهُمْ عَلى فِراقِها، فَهيَ عَدُوةٌ لِأهْلِها مٌهْلِكَةٌ لَهُمْ)(7)،
وقد أشار الإمام (عليه السلام)في الخطبتين السابقتين إلى أنها دار فناء وزوال. وقد وضع أمير المؤمنين (عليه السلام)
ذلك في خطبته (99 ص183) من نهج البلاغة: (عِبَادَ اللَّه أُوصِيكُمْ بِالرَّفْضِ – لِهَذِه الدُّنْيَا التَّارِكَةِ لَكُمْ – وإِنْ لَمْ تُحِبُّوا تَرْكَهَا – والْمُبْلِيَةِ لأَجْسَامِكُمْ وإِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ تَجْدِيدَهَا – فَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ ومَثَلُهَا كَسَفْرٍ – سَلَكُوا سَبِيلًا فَكَأَنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوه …فَلَا تَنَافَسُوا فِي عِزِّ الدُّنْيَا وفَخْرِهَا – ولَا تَعْجَبُوا بِزِينَتِهَا ونَعِيمِهَا – ولَا تَجْزَعُوا مِنْ ضَرَّائِهَا وبُؤْسِهَا – فَإِنَّ عِزَّهَا وفَخْرَهَا إِلَى انْقِطَاعٍ – وإِنَّ زِينَتَهَا ونَعِيمَهَا إِلَى زَوَالٍ – وضَرَّاءَهَا وبُؤْسَهَا إِلَى نَفَادٍ – وكُلُّ مُدَّةٍ فِيهَا إِلَى انْتِهَاءٍ – وكُلُّ حَيٍّ فِيهَا إِلَى فَنَاءٍ – أَولَيْسَ لَكُمْ فِي آثَارِ الأَوَّلِينَ مُزْدَجَرٌ وفِي آبَائِكُمُ الْمَاضِينَ تَبْصِرَةٌ ومُعْتَبَر… )، فالإمام (عليه السلام)
يشير إلى حقيقة الدنيا وأحوالها وفناءها وتصرمها حالاً بعد حال، وهي في تغير مستمر على أهلها، فتظهر أحوالها وآثارها على أبداننا من علامات الضعف وغيره وينقضي عمرنا بالموت، إن الانشغال بلذات الدنيا ومتاعها يسبب المعاصي، وهو الهوى المذموم فكل ما ليس له اتصال بالآخرة وليس لله تعالى فهو من الدنيا، فعلى العاقل أن ينظر ويعيد التبصر في عاقبته وحاله، هذا ما ورد في الخطبة (103ص190) من نهج البلاغة فيقول (عليه السلام): (أَيُّهَا النَّاسُ انْظُرُوا إِلَى الدُّنْيَا نَظَرَ الزَّاهِدِينَ فِيهَا – الصَّادِفِينَ عَنْهَا – فَإِنَّهَا واللَّه عَمَّا قَلِيلٍ تُزِيلُ الثَّاوِيَ السَّاكِنَ – وتَفْجَعُ الْمُتْرَفَ الآْمِنَ …. رَحِمَ اللَّه امْرَأً تَفَكَّرَ فَاعْتَبَرَ – واعْتَبَرَ فَأَبْصَرَ – فَكَأَنَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ الدُّنْيَا عَنْ قَلِيلٍ لَمْ يَكُنْ – وكَأَنَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ الآخِرَةِ – عَمَّا قَلِيلٍ لَمْ يَزَلْ – وكُلُّ مَعْدُودٍ مُنْقَضٍ – وكُلُّ مُتَوَقَّعٍ آتٍ – وكُلُّ آتٍ قَرِيبٌ دَانٍ) ومعنى (الثَّاوِيَ) هو المقيم، فانظر كلامه (عليه السلام) كيف يذكر بالتفكر والاعتبار، فإذا كان حال الدنيا هكذا ومصيرها الفناء والموت، فلابد للعاقل من الالتفات إلى أمره والتفكير بحاله ومنقلبه، وإلى أين مصير هذه الحركة التدريجية التي نغفل عنها، فهنا الاعتبار والتفكير هو التنبيه لأمر الآخرة، لأن عالمنا محدود في الزمان والمكان.
وفي الخطبة (132 ص249) يُذَكِرُ الإمام(عليه السلام)
بالموت والتقوى وللفوز بالعمل للجنة، فيقول: (…فَإِنَّ الدُّنْيَا لَمْ تُخْلَقْ لَكُمْ دَارَ مُقَامٍ – بَلْ خُلِقَتْ لَكُمْ مَجَازاً – لِتَزَوَّدُوا مِنْهَا الأَعْمَالَ إِلَى دَارِ الْقَرَارِ – فَكُونُوا مِنْهَا عَلَى أَوْفَازٍ… ) أي كونوا منها على استعجال، فتعلق القلب في أمور الدنيا وبمستوى الغاية يؤدي إلى خبث السريرة، والتنازع وظهور الموبقات من الكذب وغيره، وهذا يؤثر سلباً على الأخلاق الاجتماعية ، فكانت التقوى هي العلاج لأن الغاية من خلقنا على هذه الأرض لأجل العبادة والتقرب إلى الله سبحانه. وفي الخطبة (173ص331) يقول أمير المؤمنين (عليه السلام):(واسْتَتِمُّوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَةِ اللَّه – والْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا اسْتَحْفَظَكُمْ مِنْ كِتَابِه – أَلَا وإِنَّه لَا يَضُرُّكُمْ تَضْيِيعُ شَيْءٍ مِنْ دُنْيَاكُمْ – بَعْدَ حِفْظِكُمْ قَائِمَةَ دِينِكُمْ – أَلَا وإِنَّه لَا يَنْفَعُكُمْ بَعْدَ تَضْيِيعِ دِينِكُمْ شَيْءٌ – حَافَظْتُمْ عَلَيْه مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ)، إن الحفاظ على التقوى وتعاليم الدين الإلهي هو الذي يكسب المناعة ضد مغريات الدنيا.
إذن خلاصة ما تقدم من الخطب هو التركيز على أننا نعيش في عالم يسير نحو الفناء، حياتنا في تغير مستمر نحو الضعف والزوال وبالرغم من عيشنا الهادئ أو اللذة التي نتمتع بها فإنا مهددون بالموت الذي ينقلنا إلى الدار الآخرة، فعلينا إعادة النظر في طريقة عيشنا والالتزام بالتعاليم الإلهية، لأن العبد عند موته ما يحتاجه هو طهارة القلب عن أدناس الدنيا، وحب الله تعالى والأنس بذكره، وصفاء القلب عن مشاغل الدنيا ومتعلقاتها التي تسبب أمراضاً نفسية وأخلاقًا سيئة لا يحصل إلا بالابتعاد عن الانغماس كلياً في المباحات الزائدة، والارتباط بالله تعالى وحبه لا يحصل إلا بالمعرفة، والمعرفة تحتاج إلى تفكير ومداومة على ذكر الله تعالى، وهذه الأمور هي التي تصلح حال الإنسان في الآخرة، وهذه الصفات الثلاثة (الذكر والفكر والعمل) هي التي تمتع الإنسان من الوقوع بحبائل النفس وتعلقها بالدنيا حتى تكون الدنيا بحق الإنسان مزرعة للآخرة .
نشرت في العدد 59
1ـ جامع السعادات ج1 ص421 .
2ـ انظر الأربعون حديثاً ص117 وص161.
3ـ تفسير الميزان ج19 ص170.
4ـ نهج البلاغة ص681 الحكمة.
5ـ جامع السعادات ج1 ص428.
6ـ م.ن/ ج1ص 429 .
7ـ م.ن/ ج1 ص438.