لم يكن إحياء ذكرى سيد الشهداء (عليه السلام)
على طول الزمن مجرد عادات وتقاليد وأعراف تعارفت عليها الأمة، ولم تكن مجرد إثارة للعواطف وإسالة للدموع، وإنما أمر أئمة الهدى(عليهم السلام) بإحياء تلك الفاجعة في كل آن وزمان لأهداف رسالية بنّاءة, وقد يتصور البعض أن شيعة أهل البيت اعتادوا عليها؛ لأنها (فلكلور) تاريخي كما صور بعض الذين لا يفهمون فلسفة الوجود وعلة الإيجاد في مسيرة أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم.
إننا حين نحييها إنما نحيي الفكر الإسلامي بكل أبعاده الإلهية فكرياً وأخلاقياً وسياسياً واجتماعياً وثورياً؛ لأن أهل بيت النبوة والعصمة والطهارة في اعتقادنا هم المصداق العملي للإسلام شكلاً ومضموناً.
ولأجل تحقيق الأهداف التي حدّدها أئمة الهدى للأمة من عملية الإحياء لا بد من تعريفها بتلك الأهداف كما ورد في الحديث الوارد عن الإمام الرضا(عليه السلام): (رحم الله عبداً أحيا أمرنا) فقيل له: وكيف يُحيا أمركم؟ فقال: (يتعلم علومنا, ويعلمها الناس فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا)(1).
وباختصار نستطيع أن نحدد فلسفة إحياء هذه الذكرى بالنقاط الآتية:
أولاً: لتبقى نداءات الإسلام حيّةً نابضة بالحركة التغييرية والإصلاحية الشاملة لكل أوضاع المسلمين على لسان رسول الله(صلى الله عليه وآله) من خلال الحسين (عليه السلام) الذي يمثله مصداقاً ومفهوماً, بل شكلاً ومضموناً؛ ولذا ضحّى من أجلها بنفسه وأهله وأصحابه؛ لتبعث روح الثورة والرفض في النفوس على مسار الزمن وإلى يوم القيامة، فصرخة الحسين(عليه السلام)
لا تنحصر في زمن دون آخر، وإنما هي باقية خالدة بخلود الإسلام، ومن هنا جاء الحديث الشريف: (حسين مني وأنا من حسين)(2) فحسينٌ من رسول الله(صلى الله عليه وآله)
فلذة كبده، ورسول الله من الحسين (عليه السلام) لأن شجرة الإسلام سُقيت بدمه الزكي, وبقيت حية نابضة بالحياة والحركة والنهوض ومصارعة عواصف الانحراف المتجددة على طول التاريخ.
ثانياً: لقد أمر أئمة الهدى(عليهم السلام) بإحياء هذه المناسبة, لأجل أن تبقى مدرسة الإسلام الحسينية داعية للاستقلال الفكري, والنهوض الاجتماعي, والتحرر السياسي, والسمو الأخلاقي على طول مسار الرسالة الإلهية، تستنهض الهمم, وتحرر إرادة الإنسان من عبودية الهوى والطاغوت السياسي والفكري, وتحطم عروش الظالمين, وبذلك تكون مجالس الإحياء هذه مرآة كاشفة عن الواقع الفاسد لتوجه إليه أنظار المخلصين وتغيره إلى الواقع الإسلامي السليم وفق منهجية أهل بيت الرسالة تعلم وتعليم وتغيير روحي وفكري وأخلاقي وسياسي واجتماعي…
ثالثاً: إن وعي حركة الحسين(عليه السلام) ترفع درجات محييها عند الله إلى مستوى الإنسانية الحقّة؛ لأنها تحرره من ضغط الشهوات الداخلية، وتبعث في نفسه روح الرفض لكل أشكال التيارات الفكرية المنحرفة، والإغراءات الدنيوية المزخرفة وبذلك يكون المحيي متحرراً من أهوائه, ليكون حاملاً لواء العدل الإلهي، وبذلك يكون مسلماً حقيقياً بوعي تلك الذكرى؛ لأن مدرسة الحسين(عليه السلام) هي مدرسة صناعة الإنسان بكل ما للكلمة من أبعاد؛ ولهذا ينبغي بل يجب على كل المتصدين لإحياء هذه الذكرى أن يضعوا نصب أعينهم مسؤولية إحيائها بوعي ومعرفة؛ تجسد الإسلام الحقيقي في مواقف وكلمات وتضحيات ونداءات وصرخات الحسين وأهل بيته(عليهم السلام)، ولتمثل كل أبعاد النهضة في جانبيها الفكري والعاطفي، ولذا يجب أن نوازن بين الجانب الفكري الواعي والعواطف الناضجة؛لتفجر العواطف الحسينية العقائد الإلهية في نفوس حامليها, وتجسد تلك الشعائر الأحكام الشرعية, والأخلاق الإسلامية , والعقائد السليمة التي ضحّى من أجلها الحسين (عليه السلام) بكل وجوده، فأعطى كل شيء لله تعالى وأعطاه الله الخلود والبقاء في ضمير الإنسانية إلى يوم القيامة، وبذلك يكون إحياء هذه الذكرى تصحيحاً لمسار المسلمين على طول الزمان، وبذلك يكون الحسين (عليه السلام) مقياساً وميزاناً لكل حركة إسلامية تدعي نصرة الإسلام والنهوض الاجتماعي.
رابعاً: ومما لا يشك فيه عاقل منصف أن نهضة الحسين (عليه السلام) تحمل الهدى والنور لجميع الناس من ذوي الضمائر الحية في الوقت الذي تحمل فيه إشارات الموت والدمار والفناء للظالمين في جميع الأجيال على امتداد بقاء الإنسان على الأرض، فإحياء ذكرى الحسين (عليه السلام) هي إحياء للحقّ في النفوس، وكلّ دمعة تراق لمأساة الطف تغسل أدران القلوب, وتزكي النفوس، وتبعث الهمم، وتثبت على الحق.
خامساً: ومن علائم العظمة في فاجعة الطف أنها لا تزال حيةً في الضمائر تتجدد في كل عام؛ لتوقظ الغافلين، وترد المنحرفين عن المسار الإلهي إلى جادّة الصواب، وتدفع المجتمع البشري على مرّ الزمن إلى ساحات الجهاد، لتحيي العدل والحقّ والخير والجمال في النفوس، وتدفع الناس جميعاً إلى الخير والعطاء، وتغذيهم بالوفاء والنصيحة والصبر، وتعمل على ترشيد مسيرتهم في الحياة من خلال تهذيب الضمائر، وتنضيج العواطف، وتقويم الأفكار، وتنمية الوعي الرسالي؛ فهي تركز في القلوب أسمى معاني الإنسانية من التحدّي والصبر، والتضحية والفداء، والرحمة والوفاء، والتحرر والاستقلال, وبالتالي هي هندسة بناء الإنسان الحر الكريم الذي لا يخضع لظالم ولا لشهوة.
سادساً: ودعوة الحسين (عليه السلام) منارٌ يضيء الدرب أمام جميع المصلحين على مختلف مشاربهم ونحلهم، كل يرتشف من بحره الطافح بالقيم الإنسانية العليا، والعقائد الإلهية السليمة، والمواقف الرسالية الصلبة بمقدار سعة ظرفه، وطهارة نفسه، ومستوى وعيه للإسلام؛ ومن هنا لا بد أن نشير أن من لا يعرف الإسلام بكلّ أبعاده العقائدية والتشريعية والأخلاقية لا يمكن أن يعي الحسين(عليه السلام) بكل أبعاده، ويبقى ارتباطه بالحسين(عليه السلام) شكلياً عاطفياً وموسمياً… ولذا طريق معرفة الحسين (عليه السلام)
هو وعي الإسلام بكتابه وسنة نبيه(صلى الله عليه وآله).
سابعاً: مما لا ريب فيه أن المتأمل في مسيرة إحياء الثورة الحسينية منذ انفجارها وإلى اليوم يرى أن ليس هناك أكثر عطاءً وتضحيةً وفداءً وفضلاً على المسلمين منها؛ لأن الحسين (عليه السلام) أصبح شعار كل المظلومين؛ فهو المنقذ والمجدّد لهذا الدين الذي كادت العصابة الأموية أن تأتي عليه لولا تلك النهضة الجبارة التي استأصلت المخطط الإجرامي الذي انطلق من الخط الأموي بعد رحيل الحبيب المصطفى(صلى الله عليه وآله)، فاقتلعته من جذوره, وهدمت بناءه, وتركته قاعاً صفصفا، وبهذا أعادت للإسلام حيويته وإشراقه وحركيته، وللمسلمين وعيهم وهمتهم.
ثامناً: إن نهج الحسين(عليه السلام) أوضح لنا أهمية الإسلام في حياة الإنسانية, وأنه فوق كل الاعتبارات والقيم والدماء مهما بلغت في قدسيتها، فليس هناك دمٌ في قدسيته فوق دم الحسين (عليه السلام) الذي هو دم رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فأراقه فداء للإسلام تحت الشعار الزينبي: (اللهم تقبل منا هذا القربان)(3)، ومن هذا النهج يتضح لنا أهمية الإسلام، ويرسم ويضع المنهج الفعال المؤثر لتقدم المسلمين وانتصارهم على طول الزمن.
تاسعاً: إن ثورة الحسين (عليه السلام) هي الصرخة المدوية على طول التاريخ في الكيانات الطاغوتية فهي التي أسقطت دولة بني أمية, وأنهت وجودها، وأبطلت كل المخططات التي وضعها أعداء الإسلام لتحريفه، وحقاً ما كتبه عباس محمود العقاد في كتابه (أبو الشهداء) حيث قال: (ولم تعمر دولة بني أمية بعدها عمر رجل واحد مديد الأجل فلم يتم لها بعد مصرع الحسين(عليه السلام) نيف وستون سنة، وكان مصرع الحسين(عليه السلام) هو الداء القاتل الذي سكن في جثمانها حتى قضى عليها وأصبحت ثارات الحسين نداء كل دولة تفتح لها طريقاً إلى الأسماع والقلوب)، وكما قال الكاتب الألماني ماربين في كتابه السياسة الإسلامية: (إن حركة الحسين في خروجه على يزيد إنما كانت عزمة قلب كبير عزَّ عليه الإذعان وعزَّ عليه النصر العاجل فخرج بأهله وذويه ذلك الخروج الذي يبلغ النصر الآجل بعد موته ويحيى به قضية مخذولة ليس لها بغير ذلك حياة)(4).
وهكذا انتصر الإسلام بدم الحسين (عليه السلام)
بأروع صور النصر ما لم تعرف له الإنسانية نظيراً وبقي صلوات الله عليه محرّكاً للأجيال إلى يوم القيامة، كما وصف الأديب المصري سيد قطب قائلاً: (والحسين-رضوان الله عليه- وهو يستشهد في تلك الصورة العظيمة من جانب، المفجعة من جانب؟ أكانت هذه نصراً أم هزيمة، في الصورة الظاهرة وبالمقياس الصغير كانت هزيمة، فأما في الحقيقة الخالصة وبالمقياس الكبير فقد كان نصراً. فما من شهيد في الأرض تهتزّ له الجوانح بالحبّ والعطف وتهفو له القلوب وتجيش بالغيرة والفداء كالحسين- رضوان الله عليه- يستوي في هذا المتشيعون وغير المتشيعين من المسلمين وكثير من غير المسلمين!
وكم من شهيدٍ ما كان يملك أن ينصر عقيدته ودعوته ولو عاش ألف عام كما نصرها باستشهاده وما كان يملك أن يودع القلوب من المعاني الكبيرة ويحفز الألوف إلى الأعمال الكبيرة بخطبة مثل خطبته الأخيرة التي يكتبها بدمه فتبقى حافزاً محرّكاً للأبناء والأحفاد وربما كان حافزاً محركاً كله مدى أجيال)(5).
وبعد هذا كله لا بد أن نوضح الخيارات التي وقف أمامها الحسين (عليه السلام) في نهضته المباركة.
لقد أدرك الحسين(عليه السلام) حقائق أساسية تجسّدت أمام ناظريه، وهي:
أولاً: جديّة السياسة الأموية في تغيير معالم هذا الدين كمقدمة للقضاء عليه وإطفاء نوره من خلال مخطط مدروس محكم وضع على المدى البعيد على أيدٍ أخفت كفرها وأبرزت إيمانها وتسللت إلى الصفوف المتقدمة في الدولة الإسلامية, وبدأت تنفيذ مخططها بشكل دقيق بحيث سخرت له كل أموال المسلمين من خلال شراء الضمائر بوضع الأحاديث على لسان رسول الله(صلى الله عليه وآله)
لتحريف الأحكام وإفساد العقائد، وبالتالي تغيير الإسلام المحمدي الأصيل إلى الإسلام الأموي المزيف، وسخرت لذلك كل المخططات الإعلامية والسياسية والفكرية بطريقة محكمة خلاصتها (حاربوا الإسلام بالإسلام من على منبره)، ومن هنا انطلق لعن علي(عليه السلام) إمام المسلمين من على سبعين ألف منبر في طول الأمة وعرضها.
ثانياً: الخدر الثقيل الذي أصاب المسلمين نتيجة تلك السياسة، فخمدت الأصوات الحرة وكُمَّت الأفواه، ومات الرادع الديني في النفوس، وعادت الأمة جثة هامدة لا تسمع ما يقال لها، وإذا سمعت لا تعي حيث انقلبت كل المقاييس, وتغيرت كل الموازين, وصار الناس عبيداً للظالمين يتقربون إليهم بمقدار ما يفيضون عليهم من أموال، بل حتى لو لم ينالوا منهم شيئاً يملأ بطونهم.
ثالثاً: وعى الحسين(عليه السلام) العلاج الشافي للأمة الذي يوقظ الضمائر وينفض عنها غبار الغفلة والركود ويهز القلوب, وينهض بالأمة ألا وهو الدم، وليس كل دم، وإنما هو الدم الذي غذى الرسالة في بدر وأحد وحنين, وانطلقت منه الإرادة الرسالية المغيرة، ألا وهو دم رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين(عليهم السلام)،
وليس لذلك إلا دم الحسين(عليه السلام) وأهل بيته، فليس لرسول الله(صلى الله عليه وآله)
ابن غير الحسين (عليه السلام) آنذاك حيث قال(عليه السلام)
مخاطباً جيوش الضلال بهذه الحقيقة: (أفتشكون أني ابن بنت نبيكم! فو الله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ولا في غيركم)(6) ، فوقف بين إراقة دمه وسبي عياله، وبين حياة رسالته؛ فإما أن يموت هو وتسبى عياله, وبذلك تنبعث روح الرسالة، وتتجدد، وتنسف عروش الظالمين, وتصحح الموازين؛ وإما أن يبقى هو حياً ويموت الإسلام, وبذلك يمرر الخط الأموي بهدوء ورضى منه وإمضاء لكل التحريفات التي وقعت في دين الله، وهيهات أن يرضى بذلك، ومن هنا اختار حياة الرسالة على حياته، فرحل جسده الظاهري, وبقيت روحه الرسالية صارخة أبد الآبدين (إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا)(7).رابعاً: الحسين(عليه السلام) رأى أنه هو المسؤول الأول والوحيد أمام الله تعالى ثم أمام الأجيال باعتباره الإمام المنصوص عليه من قبل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، المسدد من السماء والمكلف بحفظ الرسالة، أن يتصدى للنهوض بهذه المسؤولية ليهد صروح الظلم والطغيان, ويكون نموذجًا يحتذى به لتوجيه الأمة إلى ميادين الحق والعدل, وهذا ما صرح به صلوات الله عليه في جيش الحر وأصحابه من شرطة ابن زياد قائلاً: (أيها الناس، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)
يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله، ألا وإنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله، وأنا أحقُّ من غيّر، وقد أتتني كتبكم وقدمت عليَّ رسلكم ببيعتكم أنكم لا تسلموني ولا تخذلوني، فإن تممتم عليَّ بيعتكم تصيبوا رشدكم، فأنا الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهليكم، فلكم فيّ أسوة، وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم وخلعتم بيعتي من أعناقكم، فلعمري ما هي لكم بنكر لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم، والمغرور من اغترّ بكم، فحظكم أخطأتم ونصيبكم ضيعتم، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه، وسيغني الله عنكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته)(8).
وهكذا بقي الحسين(عليه السلام) دماً متفجراً على طول الزمن وفاجعة ملتهبة في الضمائر لن يطفيها كيد الكائدين ولا بغي الباغين ولا تخطيط المحرفين.
دم يا حسين مدى الزمان مخلداً
نوراً وصوت هداية لن يخمـدا
هذا طريقك وهو سيف قاطـع
فيـه نحطـم مـن عليــه تمــردا
يا سـيد الأحـرار يا رمـز الإبـا
لولاك ما وجد الزمان موحـدا
شـيدت ديـن محمـد وأقمتـــه
لمـا سللت على الظـلال مهـندا
وبذلت ما ملكت يداك لنصره
حتى استوي رغم العدو مشيدا
نشرت في العدد 60
1) معاني الأخبار للشيخ الصدوق: 180 .
عن الاقع
2) الإرشاد/الشيخ المفيد:ج2 ص 127.
3) حياة الإمام الحسين(عليه السلام)/ باقر شريف القرشي ج2 ص301
4) أبو الشهداء: 230 .
5) في ظلال القرآن: 7/189-190 .
6) الإرشاد: 2/98 .
7) مستدرك الوسائل/الطبرسي ج10 ص318.
8) تاريخ الطبري: 4/203 .