(فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً)
الخلف بفتح اللام وسكونها ـ ما يعقبه الرجل من الذرية إلا أن العرب غالباً حين تريد أن تمدح الذرية تقول: (خَلَف) بفتح اللام، وحين تريد ذمها تسكن اللام (خَلْف)، وفيها إشارة إلى عواقب الأمم حين تغيب القيادة الواعية، وتضيع وتنقلب المقررات الدينية المتمثلة في الكتاب السماوي وسنة النبي المرسل(صلى الله عليه وآله)، مما يدفع المجرمين ذوي المصالح إلى قتل كل من يخالفهم لإثبات ما يريدون من الدين، فيكون ذلك تمهيداً لنزول العذاب السماوي، ولذلك كانت الوصية المهمة من النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله) في حديث عرف بـ (حديث الثقلين): (إني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا بعده أبداً، كتاب الله وعترتي أهل بيتي)(1)، يؤكد كما يشير بعض النصوص في هذا الحديث في بعض الصحاح: (أوصيكم الله في أهل بيتي، أوصيكم الله في أهل بيتي، أوصيكم الله في أهل بيتي)
في الآية الشريفة إشارة إلى هذا المعنى العظيم، دائرة في تأخر الإنسانية، إنه وجود الإنسان غير المناسب في المكان المهم والقيادي والإداري في الحياة، وإليه يشير القرآن في أماكن كثيرة من قبيل قوله تعالى: (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا) (النمل:52)، (فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً) (القصص:58)، (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)(النحل:118).
والإشارة الأخرى التي ذكرها القرآن من خلال الآية الكريمة هي تضييع الصلاة وفيها دلالة على أنهم إذا ضيعوا أهم فرض وهو الصلاة فهم لتضييع غيره من الفروض والطاعات أجدر، وهذا من الأمور المهمة والفاعلة للصلاة في الحياة، وترتب عليها اتباع الشهوات، فوقعوا في غي الدنيا، وغي الآخرة.
تضييع الصلاة:
لأهمية الصلاة في الحياة والدين، جاء التأكيد عليها والحث على إقامتها في القرآن، والسنة ومنهاج أهل البيت (عليهم السلام) وتتجلى هذه الأهمية من خلال متابعة فقه الصلاة من حيث إقامتها، وعدم إقامتها، فهي شرعاً لا تسقط عن المكلف بحال مرضه حتى لو كان مسجى على فراش المرض، وبه وعي، وقد حل وقت الصلاة فإنه لابد من الصلاة، وهو على الفراش يومئ إلى الركوع بعينيه يغمضها نصف إغماضة، وللسجود بإغماضة كاملة، مع قراءة ذكر كل ركن من أركانها، في وقت لا تجد مثل هذا الحكم في باقي الفرائض، فالصوم يسقط عن المريض ويكون (فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، والحج (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) والزكاة والجهاد… كلها إنما واجبة في حال القدرة على إتيانها بشكل لا يكون فيه حرج على المكلف.
وحين نحاول معرفة السر في ذلك، فإننا نقف على ذلك من خلال ما ذكره القرآن الكريم للصلاة، فقد ذُكرت الصلاة وأشير إلى الإقامة في أكثر من (50) مرة، مما يشير إلى أهمية الإقامة للصلاة في حياة المجتمع وهي تؤدي غرضها العبادي إلى جانب أغراضها الاجتماعية والخلقية المختلفة.
أهمية الصلاة:
لم يحظ فرض من الفروض كما حظي فرض الصلاة، وهذا واضح من الأحاديث النبوية الشريفة عند النبي وأهل البيت (عليهم السلام) جعلت من الصلاة عموداً تنبني عليه كل الفرائض من واجب ومستحب، قال (صلى الله عليه وآله): (مَثَلُ الصَّلَاةِ مَثَلُ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ إِذَا ثَبَتَ الْعَمُودُ نَفَعَتِ الأَطْنَابُ والأَوْتَادُ والْغِشَاءُ وإِذَا انْكَسَرَ الْعَمُودُ لَمْ يَنْفَعْ طُنُبٌ ولَا وَتدٌ ولَا غِشَاءٌ)(2)، ومنه قول علي (عليه السلام): (الله الله فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا عَمُودُ دِينِكُمْ)(3).
علة الصلاة:
أشارت بعض أحاديث أهل البيت(عليهم السلام) إلى ما يعرف بـ (علة الفرض) أو النافلة، وهي في الحقيقة ليست عللاً حقيقية، إنما هي علل اصطلاحية كما يراها بعض العلماء، أو ما يعرف بـ (مقاصد الشريعة) وقد تضمنت خطبة (الزهراء)(عليها السلام) جملة من ذلك، وفيها أشارت إلى الصلاة، فقالت: (فَرَضَ اللهُ الإِيمانَ تَطهيرًا مِنَ الشِّركِ، والصَّلاةَ تَنزيهًا عَنِ الكِبرِ)(4) وهذه إشارة مهمة لما للصلاة من أثر تخليص الإنسان وَهَم النفس التي تصور لكثير من الناس كبر حجمها، وإنها أعظم مما يراه الآخرون، وهذه نزعة الكبر التي لابد للإنسان أن يتعوذ بالله منها كل حين كما جاء في دعاء النبي (صلى الله عليه وآله): (واجعلني في عيني صغيرًا، وفي أعين الناس كبيرًا)(5) والسيدة الزهراء(عليها السلام) ترى أن حالة الكبر التي تطغى على الإنسان في أحيان كثيرة من ساعات يومه، يمكن للصلاة أن تلغيها من حياته، إذا أتى الصلاة بقلب خاشع ونية صادقة، فهي تحمله على أن يقول ويفعل ما ينفي الكبر عنه أمام الله، ويخرج بكل ذلك إلى مجتمع قد تضامن على ذلك في عبودية حقه يكون المؤمن فيها عزيزاً بعزة الله لا متكبراً ولا ذليلاً.
وثمة أحاديث أخرى تشير إلى علة الصلاة، فقد ورد عن هشام بن الحكم وقد سأل أبا عبد الله الصادق(عليه السلام) عن علة الصلاة فإن فيها مشغلة للناس عن حوائجهم، ومتعبة في أبدانهم؟ قال(عليه السلام): (فيها عِلَلٌ، وذلِكَ أنَّ النّاسَ لَو تُرِكوا بِغَيرِ تَنبيه ولا تَذَكُّر لِلنَّبيّ (صلى الله عليه وآله) بِأَكثَرَ مِنَ الخَبَرِ الأَوَّلِ وبَقاءِ الكِتابِ في أيديهِم فَقَط لَكانوا عَلى ما كانَ عَلَيهِ الأَوَّلونَ، فَإِنَّهُم قَد كانُوا اتَّخَذوا دينًا ووَضَعوا كُتُبًا ودَعَوا أُناساً إلى ما هُم عَلَيهِ وقَتَلوهُم عَلى ذلِكَ، فَدَرَسَ أمرُهُم وذَهَبَ حينَ ذَهَبوا، وأرادَ اللهُ تَبارَكَ وتَعالى أن لا يُنسيَهُم أمرَ مُحَمَّد(صلى الله عليه وآله) فَفَرَضَ عَلَيهِمُ الصَّلاةَ يَذكُرونَهُ في كُلِّ يَوم خَمسَ مَرّات يُنادونَ بِاسمِهِ، وتَعَبّدوا بِالصَّلاةِ وذِكرِ اللهِ لِكَي لا يَغفُلوا عَنهُ ويَنسَوهُ فَيَندَرِسَ ذِكرُهُ)(6)،
هذا الحديث يضع أيدينا على أهمية الصلاة حيث إنها ذكر لله ولرسوله، مما يثير في الأذهان سؤال: ما أهمية ذكر النبي(صلى الله عليه وآله) الذي جعل الله وجوب النداء باسمه في الأذان، وذكره في الصلاة والصلاة عليه وبخلافه لا تقبل الصلاة؟
إنه في الحقيقة ترابط وتواصل مع إشراقة النبوة الأولى التي غمرت الكون، فأراد الله أن تبقى هذه الأمة مرتبطة بكل معاني الربط مع النبي(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)، ترابطاً روحياً وأخلاقياً يتبين منه خلال سلوكنا لا أنه مجرد لقلقة لسان، وليس ذكر النبي فحسب، فإنه كثيراً ما كان يشير إلى أنه وأهل بيته (عليهم السلام) كيان واحد لا يتجزّأ، فعليّ (عليه السلام) نفسه وفاطمة (عليها السلام) روحه التي بين جنبيه(7)، والحسن والحسين ولداه، وأخيرًا قال: (حسين مني وأنا من حسين)(8).
أما الإمام الرضا(عليه السلام) فإنه يضع بين أيدينا علة أخرى، قال(عليه السلام): (إن علة الصلاة أنها إقرار بالربوبية لله عز وجل وخلع الأنداد، وقيام بين يدي الجبار جل جلاله بالذل والمسكنة، والخضوع والاعتراف والطلب للإقالة من سالف الذنوب، ووضع الوجه على الأرض كل يوم خمس مرات إعظامًا لله عز وجل وأن يكون ذاكرًا غير ناسٍ ولا بطرٍ ويكون خاشعًا متذللًا راغبًا طالبًا للزيادة في الدين والدنيا…. ويكون في ذكره لربه وقيامه بين يديه زاجرًا له عن المعاصي ومانعًا من أنواع الفساد)(9).
ومع كل ما ورد فإنه يمكن أن نتبين علة أخرى للصلاة، فهذا النداء الموحد في كل صقع إسلامي منتشر في الأرض يدور عليها كل حين، فيرتفع أذان إما للفجر أو للظهر أو للمغرب، حتى لا تكاد تجد بقعة إلا وفيها ذكر لله.
آثار الصلاة:
لا ريب أن لكل فرضٍ أثره في الإنسان والحياة، وما لم يتحقق واحد من هذين الأثرين فاعلم أنه لا جدوى من كل ما يعمله الفرد مما يسميه طقساً دينياً أو شعائر يحتفي بها ويقدسها، وهذا ملاحظ من خلال ما نشاهده من مظاهر التدين عند غير المسلمين، بل وحتى بعض ذلك بين المسلمين، مما لم ينزله الله ولم يأمر به النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)، فينبغي للإنسان أن يضمر في داخله هدف ذلك الغرض العبادي الذي يؤديه كل يوم، فكيف يمكن أن نؤمن بتأدية الفرض ما لم نتلمس أثره في الحياة، وهذا ما تضج به الحياة على طول مداها، (كم من قارئ للقرآن والقرآن يلعنه، وكم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ولا تقل ما أكثر الحجيج ولكن ما أكثر الضجيج)، مما يؤكد أن هناك الكثير ممن يفعل الفعل من دون أن يراعي الممارسة الروية أولاَ، وجني ثمرة ذلك العمل ثانيًا.
ثمرة الصلاة:
قال تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) وقال (صلى الله عليه وآله): (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعداً)(10). وعن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: (اعلم أن الصلاة حجزة الله في الأرض، فمن أحب أن يعلم ما يدرك من نفع صلاته فلينظر، فإن كانت صلاته قد حجزته عن الفواحش والمنكر، فإنما أدرك من نفعها بقدر ما احتجز)(11)، وقول النبي (صلى الله عليه وآله): (لا صلاة لمن لم يطع الصلاة، وطاعة الصلاة أن تنهى عن الفحشاء والمنكر)(12).
(إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) لا يعني بالضرورة أن الإنسان إذا صلى انقطع عن الفحشاء والمنكر، فما أكثر من رأيناه في حالة يرثى لها من مداومة على صلاة وإقامة على سيئات، فماذا يعني ذلك؟
إن القرآن ومن خلال الآية آنفة الذكر يريد أن يوقظ المسؤولية في نفس المصلي من خلال تلاوة قرارات وقوانين الصلاة، فكأنها تخاطب الإنسان المسلم أنك أيها المصلي إنَّ ما قدمت عليه من فعل تقصد به القربة ونيل الحظوة عند الله، إنما تصل إلى ذلك بعد تأدية صلاتك التي لا يقبلها الله من مقيم على الفحشاء وفاعل للمنكر، فكن على حذر، أن تصنع شيئاً ينافي شروط القبول، وأظهر شروط قبول الصلاة هو أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهما معنيان جامعان لك ما ينافي الخلق والكرامة للفرد والمجتمع المسلم.
فوائد الصلاة:
للصلاة فوائد كثيرة يمكن إيجازها بما يأتي:
1ـ كفارة لما قبلها، فقد جاء في الحديث عن النبي(صلى الله عليه وآله): (إذا قام العبد إلى الصلاة فكأن هواه وقلبه إلى الله تعالى انصرف كيوم ولدته أمه)(13). وعن الصادق(عليه السلام):
(لو كان على باب أحدكم نهر فاغتسل منه كل يوم خمس مرات هل كان يبقى على جسده من الدرن شيء ؟ إنما مثل الصلاة مثل النهر الذي ينقي كلما صلى صلاة كان كفارة لذنوبه إلا ذنب أخرجه من الإيمان مقيم عليه)(14).
2ـ منهل من مناهل البر، وما يؤيد ذلك قول أبي عبد الله الصادق(عليه السلام): (للمصلي ثلاث خصال : يتناثر عليه البر من أعنان السماء إلى مفرق رأسه، وتحف به الملائكة من قدميه إلى أعنان السماء، وملك يناديه : أيها المصلي، لو تعلم من تناجي ومن ينظر إليك، وما التفت ولا زلت عن موضعك أبدًا )(15).
3ـ إنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، بدليل قوله تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) فقد قيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله): إن فلاناً يصلي بالنهار ويسرق بالليل، فقال: (إن صلاته لتردعه)(16).
قبول الصلاة:
في كل عمل يعمله الإنسان في الحياة جنبة قبول تنبني على أساس وشروط، إذا أتى بها الإنسان كان عمله في محل القبول والرضا، وإن تخلف واحد من تلك الشروط كان هناك الخلل الشائن الذي يعيب ذلك العمل، وبما أن الصلاة خير موضوع كما نص النبي (صلى الله عليه وآله) على ذلك وأنها إن قبلت قبل ما سواها، وإن ردّت ردّ ما سواها، وإنها أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة، كان لزاماً على المصلي أن يعرف كل ما يتصل بها. مجاهداً نفسه الأخذ بذلك، والعناية به، والصبر عليه، قربة إلى الله تعالى، طلباً لنيل الأجر والزلفى، وقد نصت الروايات على بعض تلك الشروط، ومنها:
الورع:
وهو أساس كل عمل لأنه لا تؤتي الأعمال مؤداها في حياة الإنسان ما لم يكن عنده ورع حاجز، فقد جاء عن النبي(صلى الله عليه وآله) أنه قال: (لو صليتم حتى تكونوا كالأوتار، وصمتم حتى تكونوا كالحنايا لم يقبل منكم إلا بورع)(17).
ردّ المظالم:
ولذلك تبعات كثير منها عدم قبول العمل، وكون الإنسان الظالم في لعنة الله حتى يخرج من تلك المظالم (أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)، فقد ذكر النبي (صلى الله عليه وآله) هذا الأمر بقوله: (أوحى الله إليّ أن يا أخا المرسلين، يا أخا المنذرين، أنذر قومك لا يدخلوا بيتاً من بيوتي ولأحد من عبادي عندهم مظلمة، فإني ألعنه ما دام قائماً يصلي بين يدي حتى يرد المظلمة)(18).
الكسب الحلال:
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): (انظر فيم تصلي وعلى ما تصلي، إن لم تكن من وجهه وحله فلا قبول)(19)، وهذا ما يتطرق إليه الفقهاء في باب (لباس المصلي)، وأن الذي يصلي بثوب مغصوب، أو على أرض مغصوبة فإن ذلك غير مقبول إذا علم المصلي ذلك.
خيانة الأمانة:
أوحى الله إلى داود: (كم من ركعة طويلة فيها بكاء بخشية قد صلاها صاحبها، لا تساوي عندي فتيلاً، حين نظرت في قلبه فوجدته إن سلّم من الصلاة، وبرزت امرأة، وعرضت عليه نفسها أجابها، وإن عامله مؤمن خانه)(20) وهذا يفيدنا علماً بأن المصلي حقاً هو من استوفى أمانة الصلاة، فطبع بها كل عمله في حياته.
الاستخفاف بالصلاة:
قال صادق آل محمد(عليه السلام): (والله إِنَّه لَيَأْتِي عَلَى الرَّجُلِ خَمْسُونَ سَنَةً ومَا قَبِلَ الله مِنْه صَلَاةً وَاحِدَةً فَأَيُّ شَيْءٍ أَشَدُّ مِنْ هَذَا والله إِنَّكُمْ لَتَعْرِفُونَ مِنْ جِيرَانِكُمْ وأَصْحَابِكُمْ مَنْ لَوْ كَانَ يُصَلِّي لِبَعْضِكُمْ مَا قَبِلَهَا مِنْه لِاسْتِخْفَافِه بِهَا إِنَّ الله عَزَّ وجَلَّ لَا يَقْبَلُ إِلَّا الْحَسَنَ فَكَيْفَ يَقْبَلُ مَا يُسْتَخَفُّ بِه)(21).
عقوق الوالدين:
وهو من الكبائر المنصوص عليها، وأوعد الله على ذلك عقاباً دنيوياً وأخروياً، وحال العاق مع الصلاة حال المستخف أو أكثر فقد ورد عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: (مَنْ نَظَرَ إِلَى أَبَوَيْه نَظَرَ مَاقِتٍ وهُمَا ظَالِمَانِ لَه لَمْ يَقْبَلِ الله لَه صَلَاة)(22) هذا حال من نظر وهما ظالمان!!، فكيف حال من تجاوز بشتم وضرب ونحو ذلك؟.
مسك الختام:
كان يوم الطف مدرسة للعقيدة والأخلاق، وفيها تجلت معاني الصلاة قال الشاعر:
من بعد أن قضوا الصلاة قضـوا فــداءً للصـلاة
فلما اشتد القتال وبدا النقص واضحًا في أصحاب الحسين(عليه السلام)، جاء أبو ثمامة الصيداوي مخاطبًا الحسين (عليه السلام) : يا أبا عبد الله نفسي لنفسك الفداء، هؤلاء اقتربوا منك، ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك، وأحب أن ألقى الله ربي وقد صليت هذه الصلاة، فرفع الحسين(عليه السلام) رأسه إلى السماء وقال : ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين، نعم هذا أول وقتها ثم قال: سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي(23). فصلى(عليه السلام) بأصحابه صلاة الخوف.
حـتى إذا أســفت علــوج أميــة ألّا تـرى قلـب النبـي مصـابــا
صلَّت على جسد الحسين سيوفهم فغــدا لسـاجدة الظُــبا محـرابـا
نشرت في العدد 64