الكتاب الإلكتروني بين إيجابياته وسلبياته

هاشم حسين ناصر المحنك
مركز دراسات الكوفة/ جامعة الكوفة

            تبدأ نهضة الأمم من خط شروع مواكبة كل جديد وتكييفه وفق ما يتطلبه وضعها الراهن المتطلع لمستقبل متواصل البناء الأفقي والعمودي، لكل اتجاهات التطور والتنمية، امتداداً من البنى التحتية حتى الفوقية منها..
والتعليم والتعلم قوّة الموارد البشرية ودرعها الحصين في الكسب المعرفي وقيام روح البحث العلمي والدراسة والتطبيق الميداني للبناء والتقدم، وكان وما زال وسيبقى الكتاب، محوره الاستراتيجي الحيوي والفاعل، والخزين الفكري والعلمي..
حيث بدأت خطوط الكتاب الأولى، حينما بدأ التدوين وتراكم النتاج الفكري، من صفحاته الأولى المتمثلة بالنقش على الحجر والألواح الطينية، ومروراً بالكتابة على رقعة جلد الحيوان، حتى الانتهاء بصناعة الورق والطباعة بمختلف تطوراتها، وتطور صناعة الكتاب الورقي والتفنن به، حتى ظهور الحاسوب وتطوره، وابتكار الكتاب الإلكتروني، ليكون جنباً إلى جنب في ركب الحضارة والثقافة والعلم مع الكتاب الورقي..
ويمكن إجمال أهم الفوارق بين الكتاب الإلكتروني والكتاب الورقي بما يلي:
1ـ قابلية نقل الكتاب الإلكتروني جملة وتفصيلاً، وبأعداد كبيرة ومتنوعة وموسوعية، وهو ما يتعذر في الكتاب الورقي، ولا يمكننا نقلها إلاّ بكميات محدودة..
2ـ يمكن نسخ الكتاب الإلكتروني بصور سريعة وقياسية وبكميات كبيرة، وهو ما يتعذر في الكتاب الورقي وما يتطلبه من مراحل عمليات صناعة الكتاب حتى الوصول إلى يد المقتني له..
3ـ تكاليف الكتاب الإلكتروني أقل بكثير من الكتاب الورقي، وأسعاره زهيدة جداً، ويمكن شراء آلاف الكتب الإلكترونية على القرص (CD) أو (DVD)، ويتعذر اقتصادياً ذلك في شراء الكتاب الورقي وما يترتب عليه من تكاليف..
4ـ ضمن قائمة الكتاب الإلكتروني، يمكن الوصول إلى المبتغى بأسرع وأبسط من استخدام قائمة الكتب الورقية، وذلك عن طريق البحث الآلي.. وهو ما ينطبق للحصول على المعلومة المطلوب بأسرع وقت ودون عناء يذكر..
5ـ يمكن أن يتم في غالبية الكتب الإلكترونية، طريقة الاقتباس دون عناء الكتابة والتعرض للأخطاء..
6ـ يمكن القراءة في الغالب للكتاب الإلكتروني بصورة أسرع وأفضل من الكتب الورقية..
7ـ من خلال الكتاب الإلكتروني، يمكن الاستغناء عن الورق وما يخلقه من تضخم كبير في الخزين الورقي..
8ـ يمكن أن يُبعد الكتاب الإلكتروني تلوث البيئة من تلف الورق، وبهذا هو صديق البيئة..
9ـ لا تحتاج المكتبة الافتراضية إلى مساحة كبيرة كما يتطلبها خزن الكتاب الورقي وشغله للمساحة الواسعة..
10ـ انتشار الأفكار والمعلومات والبيانات بشكل أسرع، وعلى مستوى عالمي في نشر الكتاب الكترونيا، فلا حدود ولا ممنوعات بتوافر الانترنت والأقراص المضغوطة وغيرها من أساليب نقل المعلومة والخزن..
والآنف الذكر يبين جوانب من إيجابيات الكتاب الإلكتروني، لكنه لا يخلو من سلبيات، التي يمكن بيان جوانب منها:
1ـ للإفادة من الكتاب الإلكتروني، لابدّ من معرفة استخدام الأجهزة المطلوبة، التي تسهم في عرض المعلومة، وبه تحتاج إلى دورات تعليمية ـ تأهيلية، وكسب خبرة وفق ما يتطلبه الأمر..
2ـ الكتاب الإلكتروني يحتاج إلى وسائل عرض وقت الحاجة، فبدونها لا يمكن إيصال المعلومة..
3ـ الكتاب الإلكتروني يحتاج إلى الصيانة والتخزين والحماية من المؤثرات المختلفة، وصيانة وحماية المخزون فيه، وصيانة وحماية الأجهزة والأدوات المستخدمة لعرض ما تحمله من معلومات وبيانات..
4ـ معرّض الكتاب الإلكتروني إلى القرصنة والتشويه والتدمير الفيروسي، وخصوصاً حينما يتم إيصاله بخطوط الانترنت دون حماية أجهزة الحاسوب..
وما تقدّم يوضح مجموعة الفوارق بين إيجابيات وسلبيات الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني، ولا بدّ من وجود الجهة الداعمة إدارياً ومالياً، وتهيئة كل المتطلبات لنجاح نشر الكتاب الإلكتروني، وقيام دور النشر الإلكتروني في الدول النامية، أسوة بالدولة المتقدمة، والإفادة من الدول الضليعة بهذا المنحى، لكسب الخبرة، وبناء نظام متكامل يجمع بين فاعلية إيجابية وميزات الكتاب الإلكتروني والورقي، ليكونا جنباً إلى جنب، لرفد الباحث والطالب وكل الجهات المستفيد منهما، وبناء قاعدة على أسس متينة نجمع بين مكتبة الكتاب الورقي والمكتبة الافتراضية أو الإلكترونية، وما يواصل دعم ذلك من توافر خطوط الانترنت للجميع..
ويمكن أن تكون قوّة إضافية للمؤسسات التعليمية والثقافية، حينما تتبني مشروعي ؛ نشر الكتاب الإلكتروني ونشر الكتاب الورقي، وخصوصاً حينما تنهض بذلك الجامعات والمعاهد، وبالتعاون بين وزارة التعليم العالي ووزارة التربية ووزارة العلوم والتكنولوجيا، مع الانفتاح على جميع الوزارات الأخر، وهو ما نتمناه أن يكون عراقنا الحبيب رائد وقائد هذه الفكرة وتنميتها وتطويرها، ليكون مركز الإشعاع الحضاري والثقافي..

نشرت في العدد 32