Take a fresh look at your lifestyle.

علم الغيب الإسلامي بين النظرة السلبية والحقيقة

0 866

   الغيب:

          لغةً: كل ما غاب عنك، أو غاب عن العيون، وإن كان محصلاً في القلوب، ويقال: سمعت صوتًا من وراء الغيب، أي من موضع لا أراه، وقيل كل مكان لا يُدرى ما فيه، فهو غيب(2).

         للغيب معان عدة في القرآن الكريم، حسب النص المقدس. فمرة يعني يؤمنون بالله في قوله تعالى: (يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)3)، أو يعني يؤمنون بما غاب عن العباد من أمر الجنة والنار. ويعني أخبار الماضين وأنباء قصص السابقين في قوله: (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ)(4)، ومرة يعني الأسرار الشخصية أو العمل سرًّا في قوله: (لِيَعْلَمَ اللهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ) (لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) (يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ) (وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ)(5).

            ينكر الكثير، ومنهم مثقفون وأساتذة جامعات، وجود أو صدور مفردات من علم الغيب عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) والأئمة الهداة(عليهم السلام)، بحجة أن الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى، نافين أن يُظهر الله تعالى شيئًا منه لأحد من عباده حتى لو كان رسولاً، مستندين في ذلك إلى النص القرآني المقدس: (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)(6).

          ويستند البعض الآخر إلى قوله تعالى: (وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ)(7)، وإلى بعض الأخبار التي تشير إلى عدم علم بعض الأئمة الهداة(عليهم السلام) بمكان اختفاء أحد خدمهم، قائلين بأن تلك النصوص والأخبار تؤكد عدم علم أحد بشيء من علم الغيب.

         بعد النظر إلى النص القرآني (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ)، وجمعه مع النصوص الأخرى، نستطيع أن نؤكد أن الله عز وجل يمكن أن يظهر بعض علوم الغيب وليس كلها، لمن يشاء من رسله وغيرهم، لكي تكون الحجة بالغة لرسله على الخلق أجمعين، وليس لتحقيق أهداف أو معارف شخصية للاستكثار من الخير والمنافع الشخصية ودفع السوء والضرر عنهم.

          إن الهدف من عدم إظهار كل علوم الغيب للرسول(صلى الله عليه وآله) والأئمة(عليهم السلام)، هو أن لا يتخذهم بعض الناس آلهة من دون الله تعالى، كما اتخذ البعض المسيح (عليه السلام) إلهًا، فقد نقل الطبرسي عن نائب الإمام الحجة (عليه السلام) أبي القاسم الحسين بن روح في جوابه عن سؤال ـ علمًا أن علم الغيب يعد من المعجزات التي خص بها تعالى رسله ـ ما نصه: (اعلم أن الله تعالى لا يخاطب الناس بمشاهدة العيان، ولا يشافههم بالكلام، ولكنه جلَّت عظمته، يبعث إليهم من أجناسهم وأصنافهم، بشرًا مثلهم،

           ولو بعث إليهم رسلاً من غير صنفهم وصورهم، لنفروا عنهم، ولم يقبلوا منهم. فلما جاؤوهم وكانوا من جنسهم، يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق، قالوا لهم: أنتم بشر مثلنا، لا نقبل منكم، حتى تأتونا بشيء نعجز عنه، من أن نأتي بمثله، فنعلم أنكم مخصوصون دوننا، بما لا نقدر عليه، فجعل الله عز وجل لهم المعجزات، التي يعجز الخلق عنها…

          ثم عدد بعض معجزات الأنبياء(عليهم السلام)، إلى أن قال (أبو القاسم):

         (…فلما أتوا بمثل ذلك، وعجز الخلق من أممهم، عن أن يأتوا بمثله، كان من تقدير الله جلَّ جلاله ولطفه بعباده وحكمته: أن جعل أنبياءه، مع هذه المعجزات، في حال غالبين، وأخرى مغلوبين، وفي حال قاهرين، وأخرى مقهورين. ولو جعلهم الله، في جميع أحوالهم، غالبين وقاهرين، ولم يبتلهم، ولم يمتحنهم، لاتخذهم الناس آلهة، من دون الله عزَّ وجلّ، ولِما عُرِفَ فضل صبرهم على البلاء والمحن والاختبار، ولكنه جعل أحوالهم في ذلك، كأحوال غيرهم، ليكونوا في حال المحنة والبلوى صابرين،

           وفي حال العافية والظهور على الأعداء شاكرين، ويكونوا في جميع أحوالهم متواضعين، غير شامخين، ولا متجبرين، وليعلم العباد أن لهم إلهًا هو خالقهم ومدبرهم، فيعبدوه ويطيعوا رسله. وتكون حجة الله ثابتة على من تجاوز الحد فيهم، وادعى لهم الربوبية، أو عاند وخالف، وعصى وجحد بما أتت به الأنبياء والرسل(عليهم السلام)، وليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حيَّ عن بيِّنة)(8).

 

  تنبؤات نوستراداموس

           اهتم الكثير بتنبؤات نوستراداموس الذي ظهر في فرنسا في القرن السادس عشر (1503- 1566م)، واشتهر بـ(مايكل دي نوستردامس) أو (ميشال دي نوستردام) وعرف باسمه اللاتيني (نوستراداموس). نشر جزءًا من تنبؤاته أثناء حياته، ثم نشرت بعد وفاته كاملة في كتاب (القرون) في (1568م)، يحتوي على عشرة قرون (فصول)،كل فصل يحتوي على (100) رباعية شعرية عدا القرن السابع فاحتوى على (42) رباعية فقط.

           كتب نوستراداموس الأشعار بأسلوب مبهم، مفرداتها من لغات أوروبية مختلفة ولاتينية، ويقال بأنه فعل ذلك من أجل أن يتجنب مقاضاته على أنه ساحر، فتعمد خلق حالة من الإرباك في تسلسل التنبؤات فلا تنكشف أسراره للناس العاديين، وهناك من يقول بأن لغة الكتاب هي الفرنسية القديمة(9).

         إن سبب انتشار رباعيات داموس، والاهتمام بها من قبل المسلمين، ناتج عن دعم الإعلام الغربي وإسناده بكافة مؤسساته وتفرعاته لهذه الرباعيات، واهتمام معظم العلماء والمثقفين المسلمين بها، وضعف الإعلام الإسلامي في نشر تنبؤات الفكر الإسلامي، التي تتميز بالدقة والمصداقية والوضوح والشمولية الممتدة لفترة طويلة.

          قال الأستاذ سامي أحمد الموصلي عن تنبؤات نوسترداموس: بأنه يعد من أشهر وأكثر المتنبئين في التاريخ سواء لمساحة تنبؤاته الزمنية الكبيرة التي امتدت نحو خمسة قرون، أو لذكر أسماء أشخاص لهم دور كبير في قيادة الحركات التاريخية(10).

            أما الأستاذ واثق عباس الدايني، فإنه يؤكد الفرق بين تنبؤ الإمام علي(عليه السلام) ورباعيات نوسترداموس، فقد قارن بين ما تنبأ به الإمام علي(عليه السلام) قبل معركة النهروان بأنه لا ينجو من الخوارج عشرة ولا يموت من جيشه عشرة، وأكد عدم دقة إحدى رباعيات نوسترداموس ووضوحها بقوله بأن الإمام عليًا(عليه السلام) استطاع التنبؤ بنتيجة المعركة العامة النصر وأنه(عليه السلام) استطاع التنبؤ بعدد القتلى من الطرفين بحده الأعلى (الكثرة من الخوارج) و(القلة في صفوف جيشه).

          وأشار إلى أن ذلك حالة تتطابق مع التعريف الذي وضعه الباراسايكولوجيون أنفسهم عن التنبؤ، وقال: إن التنبؤ حصل في حالة (وعي) تامة عند الإمام علي(عليه السلام)، وإنه أمام حالة الإيمان بذلك لمصداقية التوثيق، وإن ذلك يعود إلى (منحة) ربانية بإطلاع الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله) على محتوى (اللوح المحفوظ) ثم إطلاع الرسول(صلى الله عليه وآله) عليًا(عليه السلام) على هذا اللوح بفضل الله وكرمه.

          وقال: بأن تنبؤ الإمام علي(عليه السلام) يفترق عن (تنبؤ) نوسترداموس بالمصدر والآلية والهدف. وأكد أن ما تنبأ به الإمام علي(عليه السلام) يعد واضحًا دقيقًا (لا طقوسية) فيه، مثل طقوسية داموس المخفية المشوشة أحيانًا(11).

 

  كتب المسلمين وعلم الغيب

           تضمنت كتب الحديث المعتمدة عند غير الشيعة على أبواب كاملة في علم الغيب الإسلامي. ففي (صحيح البخاري) وفي (سنن ابن ماجه) نجد (كتاب الفتن) وفي (صحيح مسلم) (كتاب الفتن وأشراط الساعة)، وهكذا في بقية كتب الحديث، إضافة إلى مفردات أخرى من علم الغيب، متناثرة في معظم كتب الحديث المعتمدة لديهم.

  وننقل بعضًا من مفردات علوم الغيب الإسلامي، المتناثرة في الكتب وبإيجاز:

   1ـ أن النبي(صلى الله عليه وآله) ندب عليّاً(عليه السلام) لفتح خيبر، بعد أن رد عنها حامل الراية إليه مرة بعد أخرى، وهو يجبن الناس ويجبنونه، قائلاً(صلى الله عليه وآله): (لأعطين الراية غدًا، رجلاً يحب اللهَ ورسولَه، ويحبه اللهُ ورسولهُ، كرّار غير فرّار، لا يرجع حتى يفتح الله على يده)، ثم أعطاها إياه، وعاد(عليه السلام) منتصرًا(12).

    قال الحافظ القندوزي الحنفي: قال بعض المحققين: إن الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده(صلى الله عليه وآله) اثني عشر، قد اشتهرت من طرق كثيرة، فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان، علم أن مراد رسول الله(صلى الله عليه وآله) من حديثه هذا، الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته وعترته، إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من (أصحابه)، لنقصهم عن اثني عشر، ولا يمكن أن يحمله على الملوك الأمويين، لزيادتهم على اثني عشر ولظلمهم الفاحش وعدم انتمائهم لبني هاشم، لأن النبي(صلى الله عليه وآله) قال: كلهم من بني هاشم.

           وكذلك لا يمكن أن يحمله على الملوك العباسيين لزيادتهم على العدد المذكور.
فلابد من أن يحمل هذا الحديث على الأئمة الاثني عشر من أهل بيته وعترته(صلى الله عليه وآله)، لأنهم كانوا أعلم أهل زمانهم، وأجلَّهم وأورعهم وأتقاهم، وأعلاهم نسبًا وأفضلهم حسبًا، وأكرمهم عند الله، وكان علمهم عن آبائهم متصلاً بجدهم(صلى الله عليه وآله)، وبالوراثة واللدنية، كذا عرفهم أهل العلم والتحقيق وأهل الكشف والتوفيق، ويؤيد هذا المعنى حديث الثقلين والأحاديث المذكورة في كثير من الكتب.

   3ـ يقود خالد بن عرفطة جيش ضلالة، صاحب لوائه حبيب بن جماز، الذي قال بأنه محب لعلي، فقال(عليه السلام) له: لتحملنّها فتدخل بها من هذا الباب، وأومأ بيده إلى باب الفيل. في معركة الطف كان خالد بن عرفطة على مقدمة الجيش الأموي، وحبيب بن جماز صاحب رايته، فسار بها حتى دخل المسجد من باب الفيل(13).

   4ـ قال كميل بن زياد للحجاج: إنه ما بقي من عمري إلا القليل… أخبرني أمير المؤمنين علي(عليه السلام)، أنك قاتلي، قال: بلى، قد كنت في من قتل عثمان، اضربوا عنقه، فضربوا عنقه(14).

   5ـ اختص حجر بن قيس المدري بخدمة علي بن أبي طالب(عليه السلام)، فقال له علي(عليه السلام): يا حجر، إنك تقام بعدي فتؤمر بلعني فالعني ولا تبرأ مني. فأقام أحمد بن إبراهيم، خليفة بني أمية، حجر المدري في الجامع وأمره أن يلعن عليّاً(عليه السلام) أو يقتل، فقال حجر: أما إن الأمير أحمد بن إبراهيم أمرني أن ألعن عليّاً فالعنوه، لعنه الله(15)، فأعاد الضمير في (فالعنوه، لعنه الله) بالنية إلى الأمير أحمد بن إبراهيم.

   6ـ قال الإمام علي(عليه السلام) بأنه يلحق به إلى ذي قار من الكوفة ألف رجل لا يزيدون رجلاً ولا ينقصون، يبايعوني على الموت. قال ابن عباس: فجعلت أحصيهم فاستوفيت عددهم تسعمائة وتسعة وتسعين رجلاً، ثم انقطع مجيء القوم، فبينما أنا متفكر في ذلك، إذ رأيت شخصًا قد أقبل حتى دنا، فقرب من أمير المؤمنين(عليه السلام) فقال: امدد يدك أبايعك، فقال(عليه السلام): وعلام تبايعني؟ قال: على السمع والطاعة والقتال بين يديك حتى أموت، أو يفتح الله عليك، فقال: ما اسمك؟ قال: أويس، قال: أنت أويس القرني؟ قال: نعم. قال: الله أكبر، أخبرني حبيبي رسول الله(صلى الله عليه وآله) أني أدرك رجلاً من أمته، يقال له أويس القرني، يكون من حزب الله ورسوله، يموت على الشهادة، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر(16).

    فشل محاولات منع زوار الإمام الحسين(عليه السلام) من التوجه إلى كربلاء، وفشل محاولات محو أثر مرقده. فقد نقل الإمام السجاد علي بن الحسين(عليه السلام) عن عمته زينب(عليها السلام) بنت الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) عن أم أيمن عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) عن جبرئيل(عليه السلام) إذ قالت(عليها السلام) بعد انتهاء معركة الطف: (لا يجز عنك ما ترى فو الله إن ذلك لعهد من رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى جدك وأبيك وعمك، ولقد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض، وهم معروفون في أهل السماوات أنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها، وهذه الجسوم المضرجة وينصبون لهذا الطف عَلَمًا لقبر أبيك سيد الشهداء(عليه السلام) لا يدرس أثره، ولا يعفو رسمه، على كرور الليالي والأيام وليجتهدن أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه فلا يزداد أثره إلا ظهورًا وأمره إلا علوًا)(17).

   8ـ طول عمر جابر بن عبد الله الأنصاري حتى يدرك الإمام الباقر(عليه السلام)، وطلب النبي(صلى الله عليه وآله) منه تبليغ سلامه للإمام الباقر(عليه السلام).

    قال الإمام علي(عليه السلام) بأن معاوية لن يموت حتى يعلق الصليب في عنقه. علق معاوية الصليب في عنقه بناء على نصيحة الطبيب النصراني الذي كان يعالجه فمات في مرضه هذا، ولم ينزع الصليب من عنقه.

   10ـ الغدر به(عليه السلام) وشهادته من ضربة يضرب بها في رأسه فتخضب لحيته، من قبل عبد الرحمن بن ملجم.

   11ـ شهادة الإمام الحسين(عليه السلام) في كربلاء وأسماء ناصريه، وقيام المختار الثقفي بالانتقام من قاتليه(عليه السلام).

 

  الغيب وقيام الساعة

       (إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى)(18)، (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ)(19).

        بالجمع بين النصين، يظهر واضحًا أن تحديد موعد قيام الساعة من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله تعالى، وأن علمه بها منذ الأزل، لا يتغير ولا يتبدل. وقد جعل الله عز وجل علامات محددة تسبق موعد الساعة، أعلم الناس بها أو بعضها في القرآن الكريم، وأوحى بعضها الآخر إلى رسوله الكريم(صلى الله عليه وآله)، فنقل الرواة عنه(صلى الله عليه وآله) ما نقلوا منها.

       فإذا تحققت هذه العلامات، ورآها الناس، عرفوا أن موعد قيام الساعة سيكون قريبًا، لكي يتجه الناس إلى التوبة والاستغفار، لعل الله يتوب عليهم، قبل أن تقع الآية الكبرى، التي لا تنفع عند وقوعها التوبة، وهي طلوع الشمس من مغربها.

         كما أن الله تعالى قد أخفى الموعد النهائي والدقيق لموعد قيام الساعة، أفي ليل تقع أم في نهار؟ فهي تأتي بغتة، دون حدوث مقدمات واضحة ومعينة تسبق موعد وقوعها الفعلي، فالعلامات أو الآيات في الفكر الإسلامي واضحة، ولكن يبقى الموعد النهائي مبهمًا عند كل الناس.

         ومن أشراط الساعة، كما قال الرسول(صلى الله عليه وآله): (إضاعة الصلاة، واتباع الشهوات، والميل مع الأهواء وتعظيم المال، وبيع الدين بالدنيا، فعندها يذاب قلب المؤمن في جوفه كما يذاب الملح في الماء مما يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغيره، ثم قال: إن عندها يكون المنكر معروفًا، والمعروف منكرًا، ويؤتمن الخائن، ويخون الأمين، ويصدق الكاذب، ويكذب الصادق،…. ويجفو الرجل والديه ويبر صديقه… ويشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال….ثم قال(صلى الله عليه وآله): تزخرف المساجد كما تزخرف البيع والكنائس، وتحلى المصاحف وتطول المنارات، وتكثر الصفوف بقلوب متباغضة وألسن مختلفة…. يكثر الطلاق،… تظهر القينات والمعازف، ويليهم شرار أمتي…. ينكرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)(20).

        أما علامات الظهور ومواصفات عصر الظهور فهي كثيرة ورد بعضها في أحاديث طويلة في كتب الحديث والتفسير، كالصيحة في السماء، وظهور السفياني وخسف الأرض بجيشه في بيداء الحجاز، وطلوع الشمس من مغربها، والخسوف والكسوف في شهر رمضان في غير مواعيدهما الفلكية، وكثرة الزلازل والحروب والموت بالأوبئة، وقتل النفس الزكية بين الركن والمقام، ونزول المسيح عيسى(عليه السلام) من السماء وصلاته خلف الإمام المهدي (عجل)، وتأمن الحيوانات والسباع في عصر الظهور ويلعب الأطفال بالحيات، ولا يظلم أحدٌ أحدًا.

          ويتخذ الإمام المهدي (عجل الله فرجه) الكوفة عاصمة له، ويكون أهلها أسعد الناس به. ويظهر في مكة، وعدد قادة جيشه (313) رجلاً، ثم يكونون أمراءه على الدول(21).

          هذا جزء يسير جدًا من علم الغيب الإسلامي المنقول في كتب التراث عن الرسول الأكرم محمد(صلى الله عليه وآله) والأئمة الهداة(عليهم السلام).

                     والحمد لله رب العالمين .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الجن: 26- 27.
(2) لسان العرب المحيط/ عن لسان العرب للعلامة ابن منظور/ إعداد وتصنيف: يوسف خياط ونديم مرعشلي.
(3) سورة البقرة: 3.
(4) سورة آل عمران 44.
(5) النصوص وردت، بالتوالي، في سورة المائدة: 94، سورة يوسف: 52، سورة فاطر: 18، وسورة يس: 11.
(6) سورة الأنعام: 59.
(7) سورة الأعراف: 188.
(8) الاحتجاج ج2 ص 288.
(9) تنبؤات نوستراداموس/ د. شرف الدين الأعرجي ص 7، 22، 28/ بيروت/ 1422هـ 2001م.
(10) انظر ص24- 28 العدد (102) لسنة 1999/ مجلة (علوم)/ بغداد، ضمن بحثه المعنون (نوستراداموس: أسطورة التنبؤات العلمية).
(11) مجلة (علوم)/ بغداد العدد (65) لسنة 1992 ص 46- 47.
(12) روضة الكافي ص 285، ينابيع المودة ص 48، الميزان ج5 ص387، عدد الفيروزآبادي بعض الكتب التي ذكرت الخبر، منها: صحيح البخاري، صحيح مسلم، سنن البيهقي، مسند الإمام أحمد بن حنبل، صحيح ابن ماجه ومستدرك الصحيحين وغيرها (فضائل الخمسة من الصحاح الستة ج2 ص 161).
(13) مناقب آل أبي طالب ج2 ص 105 شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج2 ص 286 إعلام الورى 175.
(14) الإصابة في تمييز الصحابة ج5 ص 325.
(15) مستدرك الصحيحين ج 2 ص 358.
(16) إعلام الورى ص 170، مناقب آل أبي طالب ج2 ص 104.
(17) بحار الأنوار/ المجلسي/ ج28 ص57.
(18) سورة طه: 15.
(19) سورة محمد: 18.
(20) وسائل الشيعة/ الحر العاملي/ ج15 ص348 .
(21) وردت هذه العلامات وغيرها عن ما قبل عصر الظهور وما بعده في كتب كثيرة منها: إكمال الدين وإتمام النعمة، الغيبة للطوسي، الإرشاد، صحيح البخاري، صحيح مسلم، صحيح ابن ماجه، صحيح أبي داود، الدر المنثور، ميزان الاعتدال، مسند الإمام أحمد بن حنبل، مستدرك الصحيحين، ينابيع المودة، ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى وغيرها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.