Take a fresh look at your lifestyle.

الحلقة الثانية خير للمرأة أن لا ترى رجلاً ولا يراها رجل

0 642

           

 

                                                                                                 السيد علاء الموسوي 

 

                 عرضنا في الجزء السابق من المقالة أهمية موقع المرأة في بيتها ولزوم الاهتمام بإبراز أهمية وخطورة البيت في بناء المجتمعات ثم تحدثنا عن ما يطرح من شعارات موهمة كالمساواة وأثر ذلك في فسح المجال لاستغلال المرأة وتحويلها إلى سلعة سهلة التناول. وهنا لابد من الدخول في تفاصيل ذلك.

 

 

                     القيمة المطلقة للعدل

 

       العدل هو وضع الشيء في موضعه المناسب له واللائق به. وفي المكان الذي يستحقه. وإعطاء كل ذي حق حقه، وهذا المفهوم لا يفقد قيمته أبداً، وهو حسن دائماً وواجب دائماً، ولأن قيمته مطلقة أصبح ميزاناً لما سواه من المفاهيم المجملة المبهمة.. كالمساواة والحرية. فإن المساواة إذا طابقت العدل كانت حسنة، وإذا جانبته كانت سيئة وغير مطلوبة. وهكذا الحرية، وأمثالها من المفاهيم التي تتلون بألوان حسنة تارة وسيئة أخرى، وذلك حسب تطابقها مع مفهوم العدل، فإذا كانت الحرية تعني وضع الشيء في محله وإعطاء ذي الحق حقه، كانت حسنة واجبة، وإذا كانت خلاف ذلك، حيث يوضع الشيء في غير محله كإعطاء الناس حريتهم في السير في الشوارع عراة بلا ستر، كانت سيئة مدمرة.

 

                من هنا لابد من الاعتراف بان المساواة المزعومة بين الرجل والمرأة مفهوم مجمل لابد من قياسه على العدل ليتضح الموقف منه، فان كان مطابقا للعدل، أي واضعا للأمور في مكانها الصحيح، كان جيدا ومنسجما مع مصالح البشر. وإلا كان ضد مصالح المرأة والرجل على حد سواء.

 

                إن المناداة بالمساواة بين الجنسين دون توضيح لهذا المفهوم ودون بيان لحدوده وضوابطه، لهو نوع من الخداع اللفظي والتهريج الإعلامي الذي يخفي وراءه أغراضا غير مشروعة وغير مأمونة العواقب وها نحن نرى اليوم إلى أين انتهت تلك الدعوات المغرضة في انتهاك حرمات المرأة وامتهانها حتى عادت المرأة زينة للسلع التجارية ومادة إعلامية لا يستغني عنها من يريد ترويج سلعته. وهكذا انتهت تلك الدعوات إلى استعباد المرأة من قبل التجار ورجال الأعمال والسياسة الأمر الذي يعيبه علينا الآخرون الذين ملئوا الدنيا ضجيجا ضد الرق والعبودية واتخاذ الإماء.

 

                  إن الحد الوسط ووضع الأمور في موضعها المناسب هو الذي يضمن سعادة الجنسين ويحقق التكامل المطلوب لبناء الحياة المتوازنة للبشر. وذلك الحد الوسط لا نجده إلا في ثقافة الإسلام وتشريعاته التي تقنن وتنظم نشاط الرجل ونشاط المرأة كلا حسب خلقته وتركيبته الجسمية والنفسية.

 

 

                    المساواة مفهوم مشوش

 

                      إذا كان ما ينادي به الغرب وأتباعه وأبناء ثقافته من المساواة بين الجنسين منضبطا ذا حدود وقوانين فهذا ما يحق لنا أن نسال عنه بالتفصيل.. ما هي تلك الحدود والضوابط لتلك المساواة.. وهل المطلوب منها هو إنصاف المرأة فقط أم إنصاف الجنسين على حد سواء ؟ وهل تنطبق على المجالات الحقوقية فقط أم على جميع مجالات الحياة ؟ وهل تعطي للرجل الحق في اقتحام عالم المرأة كما يعطي ذلك الحق للمرأة؟ وهل يمكن لمفهوم المساواة هذا أن يصل بالمجتمع يوما ما إلى التوازن والتكامل اللازم لتحقيق السعادة الكاملة للجنسين؟ بمعنى أن توزيع المسؤوليات إذا خضع لمفهوم المساواة فهل سيبقى صامدا ومتوازنا أم سيؤدي إلى اختلال النظام الاجتماعي. حيث سنجد الكثير من المواقع الخالية التي لا تجد من يشغلها في حين نجد التكدس على مواقع أخرى تتزاحم عليها الرغبات وتتنافس عليها الكفاءات. وهل المساواة هي تأسيس الحق القانوني للجنسين في ممارسة النشاط الذي يحلو لهما والعمل الذي يريدان وبالطريقة التي يتم اختيارها من قبلهما.. أم أنها أساس يتكامل مع التنوع الواقع في الحياة والذي يؤدي إلى التكامل بين الموجودات.

.

 

 

 

                        التنوع أساس التكامل

             لا يمكن أن تتكامل الحياة على الأرض إلا بوجود أنواع مختلفة من المخلوقات يؤدي كلا من دورا خاصا لا يؤديه الآخر.. فالنبات له دوره الذي لا يؤديه الحيوان والهواء يؤدي دورا لا يؤديه الماء وهكذا في داخل الأنواع هناك أصناف تتوزع عليها الأدوار فالطيور في جو السماء لها دور لا نتوقعه من الأسماك في البحار والأنثى منها لها أدوار غير تلك الأدوار المناطة بذكرانها.

            والإنسان ليس بدعا في هذا القانون فذكره يسد مسداً لا تسده أنثاه، وللمرأة ساحات لا يعرف الرجل منها شيئا ولا يحسن منها شيئاً.

 

                فإذا أريد بالمساواة بين الجنسين هو إلغاء هذه الخصوصيات والأدوار وخلط الوظائف، فهذا ما لا ينسجم مع النظام الطبيعي للخلق القائم على التنوع والتكامل والانسجام، وقد ورد في الرواية عن الإمام علي(عليه السلام): (لا يزال الناس بخير ما تفاوتوا فإذا استووا هلكوا) منتهى الآمال، الشيخ عباس القمي
2/443.

 

       وإن كان المقصود من المساواة هو التساوي في استيفاء الحقوق، فهو يحتاج إلى بيان ما هي الحقوق التي تجب لكل جنس. وهذا ما يحتاج إلى مرجعية مستوعبة لحقائق الأشياء وخصائصها تتمكن من بيان وتوضيح الحق الذي يجب لكل مخلوق وحدود ذلك الحق، وتلك المرجعية لا يمكن أن تكون هي نفس الإنسان وهو لا زال يعترف بالجهل في أسرار خلقته فكيف يضع الحدود والضوابط لما لا يعرف ولما لا يزال يعترف بأنه يجهله؟!. فلابد أن يكون المرجع في بيان حدود الحقوق للجنسين هو الخالق الذي يعلم ما خلق وهو اللطيف الخبير.

 

       وها هي رسالة الإسلام قد أوضحت بما لا مزيد عليه الحدود الكاملة لحقوق الإنسان عامة ولحقوق الجنسين خاصة.
دون أن يستخدم المصطلح بشكل مبهم وموهم بل أوضح الأمور على شكلها الواقعي وقرر أن المساواة واجبة بين هذين الجنسين في مجالات محددة لا مطلقا، لأن المساواة المطلقة تعني تجاهل قانون التنوع والتكامل ومن ثم تؤدي إلى ظلم أحدهما لا شك.

 

وعلى هذا فينبغي أن ينصرف الحديث وتتركز الجهود ـ على الأقل ممن يدعي الارتباط بثقافة الإسلام ـ إلى تحقيق وفهم المراد من نصوص الإسلام التي تعنى بهذه المسألة والرجوع إلى فقهاء الإسلام في استيضاح معانيها والمراد منها. لا افتراض المساواة أمرا مسلما على الإطلاق بشكل مسبق ثم العودة إلى نصوص الإسلام للبحث فيها عما يوافق هذا المصطلح بمعناه الواسع المبهم، وتحميلها أكثر مما تتحمل، ومحاولة التهرب من بعض النصوص أو تأويلها للتخلص من الحرج الحاصل من التضارب الصريح بين ما افترضوه مسلما من مفهوم المساواة وبين نصوص الشريعة المقدسة.

إن الأصالة الفكرية والشجاعة يقتضيان الإصحار بحقائق الإسلام دون مواربة ودون تردد وحياء فإنها أحكام الله الذي لا تغيب عنه خافية في الأرض ولا في السماء.

 

    وكل ما علينا فعله هو بيان تلك الحقائق بشكلها الواضح الجلي، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة. وليس من واجبنا الإصرار على تقديم الإسلام بشكل مقبول للناس ولو بثمن التنازل عن المعاني الحقة للإسلام. فان ذلك لا يخدم الإسلام ولا يخدم الناس في نهاية المطاف. نعم إذا أمكن تقديم الإسلام بشكل مقبول وسليم في آن واحد فان ذلك هو غاية المطلوب ومنتهى المراد >

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.