Take a fresh look at your lifestyle.

علامات آخر الزمان وعصر الظهور في الفكر الإسلامي

0 813

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى﴾ سورة طه: 15.
﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا
فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾ سورة محمد: 18.

من أحد شروط تفسير القرآن الكريم الذي أشار إليه الأئمة الهداة(عليهم السلام) والتي اعتمدها معظم المفسرين هو تفسير النص القرآني اعتماداً على نص آخر ونصوص أخرى، فالقرآن يفسر نفسه بنفسه، فالنصان أعلاه يخص كل منهما موعد قيام (الساعة) أو فناء الإنسان على الأرض وأحداث يوم القيامة،

فيراد بالنص (أكاد أخفيها) هو أن الخفاء يكاد لا يكون تاماً فهي تحين إذا (جاء أشراطها) فإذا تحققت الشروط أو العلامات الواردة في القرآن الكريم أو الموضحة لها المنقولة عن الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) والأئمة الهداة(عليهم السلام)، فقد اقترب موعد (الساعة) ولكنها تأتي بغتة بعد وقوع هذه العلامات دون مقدمات ولا يمكن تحديد موعد حدوثها من اليوم أو في الليل تحدث أم في النهار؟ فمادامت هذه العلامات لم تقع فيمكن التأكيد بأن موعد حدوث (الساعة) لازال غير محتمل أو غير قريب الحدوث.

وقد حرص الأئمة الهداة(عليهم السلام) على تحصين شيعتهم عن الانحراف ومن الوقوع في ضلالات الفتن ومزاعم المنافقين، فقد حددوا أنواع الفتن قبل حدوثها بدءاً من انتهاء عصر الرسالة وحتى موعد قيام الساعة، موضحين أصحاب الحق من الباطل، فكانت علامات عصر الظهور وعلامات آخر الزمان، خصوصاً السماوية منها والمحتومة، بين الوسائل التي أوضحها الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) والأئمة(عليهم السلام)

لكي لا يصدقوا أدعياء المهدي المنتظر (عجل الله فرجه) ومزاعم النيابة ودعاوى رؤية الإمام المنتظر (عجل الله فرجه)، فمادامت العلامات لم تقع فلا يمكن تصديق ظهوره (عجل الله فرجه) فلا مجال للالتزام بما يزعم المنافقون.

أهم ـ كما أرى ـ علامة سماوية تسبق ظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه) ما نقل عن الإمام الباقر(عليه السلام) قوله: (آيتان تكون قبل قيام القائم (عجل الله فرجه) لم تكونا منذ هبط آدم إلى الأرض، تنكسف الشمس في النصف من شهر رمضان والقمر في آخره، فقال الرجل: يا ابن رسول الله، تنكسف الشمس في آخر الشهر، والقمر في النصف؟ فقال أبو جعفر(عليه السلام): إني أعلم ما تقول، ولكنهما آيتان لم تكونا منذ هبط
آدم(عليه السلام).
إن اعتراض الرجل يشير إلى السنن الفلكية في مواعيد حدوث الكسوف والخسوف نتيجة دوران القمر حول الأرض ودوران الأرض حول الشمس، التي حددت موعد كسوف الشمس في نهاية الشهر القمري حصراً وموعد خسوف القمر في منتصف الشهر القمري حصراً، فلا يمكن تغيير المواعيد بموجب النظام الفلكي في دوران القمر والأرض في الفضاء إلا بآية من الله تعالى، فكانت آية من علامات الظهور، فلكية تخص موعدي الخسوف والكسوف في موعدين لا يمكن لعلماء الفلك التنبؤ بهما أو تحديد الموعدين مسبقاً.

إن آيتي الخسوف والكسوف، بما أنهما تخصان علم الفلك، فلعلهما تتزامنان مع آية أخرى هي طلوع الشمس من مغربهما وقد وردت أحاديث كثيرة في ذلك عن الرسول(صلى الله عليه وآله) والأئمة(عليهم السلام) في تفسير قوله تعالى: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلاَئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلْ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ)(1).

فعن الرسول(صلى الله عليه وآله) قال: (يا عباد الله توبوا إلى الله بقراب، فإنكم توشكون أن تروا الشمس من قبل المغرب، فإذا فعلت ذلك حبست التوبة وطوي العمل وختم الإيمان)، ثم قال(صلى الله عليه وآله) في آية (علامة) ذلك: (إن آية تلكم الليلة أن تطول ثلاث ليال… فبينما هم ينتظرونها إذا طلعت عليهم من قبل المغرب، وفي حديث آخر بأن أول تلك الآيات طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة ضحى… الخ.

وخروج الدابة من العلامات المحتومة التي أشار إليها القرآن الكريم وذلك قوله تعالى: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ)(2).

وقد وردت أحاديث متناقضة ومبالغ فيها في وصف الدابة أعرضنا عنها لأننا نرى فيها علامات الوضع والافتراء واضحة، فتكتفي بالنص القرآني لوضوحه ودقته.
وهناك علامة سماوية أخرى وردت بتفاصيل مختلفة في كتب الحديث عن المعصومين(عليهم السلام) يمكن الجمع بينها والتي أطلق عليها (الصيحة من السماء) ففي بعض النصوص أن جبريل(عليه السلام) يصيح صيحة في السماء صباحاً يفزع لها كل الناس ويسمع كل قوم الصوت بلغتهم، وفي أحداها أن نص الصوت يتضمن (أن الحق في آل محمد) أو (أن المهدي المنتظر قد ظهر)، بينما يصيح الشيطان عصراً، ليكون فتنة للمنافقين، بأن الحق في آل فلان، فطلب الأئمة(عليهم السلام) من شيعتهم عدم تصديق صيحة الشيطان.

والخسف بالبيداء بجيش يتوجه إلى الحجاز بعد ظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه) من بين العلامات المهمة التي وردت في تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمْ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيد)(3).

وأوضح ما جاء في تفسير النص حديث الإمام أبي جعفر(عليه السلام) بما موجزه بأن القائم (عجل الله فرجه) سيظهر ويسند ظهره إلى الحجر ثم ينشد الله حقه، ثم يصلي ركعتين في المقام فيبايعه أصحابه وهم (313) رجلاً، فمن كان ابتلي بالمسير وافى، ومن لم يبتل بالمسير فقد عن فراشه وهو قول أمير المؤمنين(عليه السلام): (هم المفقودون عن فرشهم وذلك قول الله: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ الله جَمِيعًا)(4) قال: الخيرات الولاية).

ثم قال(عليه السلام) بعد كلام آخر: (وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ)(5) وهم أصحاب القائم يجتمعون إليه في ساعة واحدة، فإذا جاء إلى البيداء يخرج إليه جيش السفياني، فيأمر الله عز وجل الأرض فتأخذ بأقدامهم وهو قوله عز وجل: (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ)(6) يعني بالقائم من آل محمد(صلى الله عليه وآله).

وهذا يعني أن جيش السفياني هم المقصودون (بالآية: 8، سورة هود) أعلاه، فقد أخر الله تعالى عنهم العذاب حتى ظهور القائم (عجل الله فرجه) الذي أمنوا به بعد وقوع الآية الكبرى التي لا تنفع مع اليأس حيث كانوا قد كفروا به أو أنكروه قبل ذلك، وعن الإمام أبي جعفر(عليه السلام) في حديث آخر أن المراد بالبيداء هو بيداء المدينة حيث يخسف بالجيش.

وعندما يظهر الإمام المهدي (عجل الله فرجه) يحيي الله عز وجل له بعض المؤمنين ليكونوا أنصاراً له وحكاماً كما يحيي أعاظم الكفار والمنافقين ليتم الانتقام منهم، ففي (الإرشاد) ضمن بعض الأحاديث: يخرج معه أهل الكهف، ويوشع بن نون، وسلمان، وأبو دجانة الأنصاري، والمقداد، ومالك بن الأشتر فيكونون بين يديه أنصاراً وحكاماً.

أما النص القرآني المؤيد لإحياء بعض الأموات والتي سميت بالرجعة هو: (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لاَ يَنطِقُونَ)(7).
فعن الرسول(صلى الله عليه وآله) بأن المهدي (عجل الله فرجه) يسلم على أصحاب الكهف فيحييهم الله له، وعن الإمام أبي عبد الله(عليه السلام)
في رده على قول الناس من الآية أعلاه: (بأنه في يوم القيامة، فقال(عليه السلام): ليس كما يقولون، إنها في الرجعة، أيحشر الله في القيامة من كل أمة فوجاً ويدع الباقين؟ إنما آية القيامة: (وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا))(8).

والنص التالي من القرآن الكريم يشير إلى علامة أخرى من علامات (الساعة): (حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(9) وقد تحقق زخرف الأرض وزينتها بما نراه من كثير من مدن الأرض من وسائل الزينة والجمال والزخرفة في الأبنية والشوارع وبما تحققه الإضاءة الكهربائية، أما ظن أهل الأرض بأنهم قادرون عليها فقد تحقق ذلك بما تنقله وسائل الإعلام المختلفة من خيال علمي لمستقبل الأرض حتى وصل الأمر بأحدهم أن يستنتج بإمكانية إنتاج الإنسان في المعامل كما تنتج الحلوى، وجعل المناخ وإنزال الأمطار حسب الطلب وجعل القمر محطة للسفر الفضائي إلى أعماق الكون وغير ذلك من الأوهام.

وقد نقلت كتب الحديث والتفسير علامات كثيرة جداً من علامات عصر الظهور وما يسبقه وعلامات آخر الزمان، منقولة عن الرسول(صلى الله عليه وآله) والأئمة(عليهم السلام)، اخترنا منها بعض المفردات، ما نراه قد تحقق فعلاً أو مازلنا ننتظر تحققه لاحقاً.

أكل الربا واستحلال الكذب وبيع الدين بالدنيا وظهور الجور وشرب الخمور وعطلت الحدود، وصار الحفاة في العراق ملوكاً، وكان زعيم القوم أرذلهم، وعق الرجل أباه وجفا أمه، وعملت أصوات الفسقة في المساجد، والريح الحمراء، والخسف والمسخ دنا خراب العراق.

بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء، خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وظهور الدجال، ونزول يأجوج ومأجوج، وقتل غلام من آل محمد بين الركن والمقام، يتشبه الرجال بالنساء وتتشبه النساء بالرجال، وأكل ثمار الصيف في الشتاء، وأكل ثمار الشتاء في الصيف، ورؤية أهل الأرض لبعضهم البعض عبر ما بين المشرق والمغرب، وسماع الأصوات وكل قوم يسمعون الصوت بلغتهم، والميل مع الأهواء، وإمارة النساء، وقعود الصبيان على المنابر،

يليهم أقوام إذا تكلموا قتلوهم وإن سكتوا استباحوهم ليستأثروا بفيئهم وليطؤن حرمتهم وليسفكن دماءهم وليملؤن قلوبهم رعباً، فلا تراهم إلا خائفين مرعوبين مرهوبين، فالويل لضعفاء أمتي منهم والويل لهم من الله، لا يرحمون صغيراً ولا يوقرون كبيراً ولا يتجاوزون عن مسيء، أخبارهم فناء، جثثهم جثث الأدميين وقلوبهم قلوب الشياطين، تتحلى ذكور أمتي بالذهب ويلبسون الحرير والديباج… الخ حتى تخور الأرض خورة فلا يظن كل قوم إلا أنها خارت في ناحيتهم.

ظهور الجور في البلاد وظهور الفسق والشر ظاهر ووجه القرآن على الأهواء وعطل الكتاب وأحكامه ومعيشة الرجل من بخس المكيال والميزان… الخ، وإن الناس في سخط الله عز وجل وإنما يمهلهم لأمر يراد بهم، فكن مترقباً واجتهد ليراك الله عز وجل في خلاف ما هم عليه.

من مميزات عصر الظهور: الحكم بالعدل وظهور كنوز الأرض وبركاتها وإعلاء الإسلام على كل الأديان وكثرة الأموال والخير، وأنه (عجل الله فرجه) يحثي المال حثاً ولا يعده عداً، ويبلغ حكمه شرق الأرض وغربها، تطوى له الأرض ولا يبقى خراب في الأرض إلا عمر ويصلي المسيح(عليه السلام) خلفه ويسهل له كل عسير ويذل له كل صعب ويقرب له كل بعيد ويفني به كل جبار عنيد ويهلك على يديه كل شيطان مريد، وأنه(عليه السلام)

يقتل أعداء الله حتى يرضى الله عز وجل وعلامة رضاه تعالى يلقي في قلبه الرحمة، الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة.
ترعى الشاة والذئب في مكان واحد، وتلعب الصبيان بالحيات والعقارب لا تضرهم شيء ويذهب الشر ويبقى الخير لا يحمل معه طعام ولا شراب أثناء سيره.

يسير بعد ظهوره إلى الكوفة فيدخلها فيقتل المنافقين ويرد كل حق إلى أهله، ولم يبق أهل دين حتى يظهروا الإسلام، ولم يبق مسجد على وجه الأرض له
شرف إلا هدمه، ووسع الطريق الأعظم وكسر كل جناح خارج في الطريق، وأبطل الكنف والميازيب إلى الطرقات ولا يترك بدعة إلا أزالها، ولا سنة إلا أقامها.

ليس من شيء إلا وهو مطيع لهم (الإمام المنتظر (عجل الله فرجه) وأصحابه الـ(313) الذين هم أصحاب الألوية والحكام في الأرض)، حتى سباع الأرض والطير، تطلب رضاهم في كل شيء، يضع القائم (عجل الله فرجه) يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم، نكتفي بما ذكرناه وما التوفيق إلا من عند الله عليه
توكلنا وهو حسبنا ونعم الوكيل.

نشرت في العدد 17


(1) سورة الأنعام، الآية: 158.
(2) سورة النمل، الآية: 82.
(3) سورة سبأ، الآية: 51ـ53.
(4) سورة البقرة: من الآية: 148.
(5) سورة هود، من الآية: 8.
(6) سورة هود سبأ، الآية: 51 ومن الآية: 52.
(7) سورة النمل، الآية: 83ـ85.
(8) سورة الكهف، من الآية: 47.
(9) سورة يونس، من الآية: 24.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.