Take a fresh look at your lifestyle.

الشيعة في قارة استراليا

0 1٬606

     (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)(البقرة:155)

           لو دققنا بهذه الآية المباركة وفي مفاصل الابتلاء الواردة فيها, أخَذَنا التصور المفعم بالتصديق واليقين إلى أن المصداق الأوضح لهذه الآية هم شيعة أهل البيت(عليهم السلام), فقد عاشوا ومنذ وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله إلى يومنا الحاضر بالخوف من حكام الجور بما فيهم من ظلم وطغيان وبما لديهم من سجون وطوامير وشياطين,

          وعاش الشيعة في جوع لأنهم عندما وقَّعوا على ولاية أهل البيت(عليهم السلام) اختاروا لأنفسهم معيشة الفقر ومن سماته الجوع ونقص الأموال, أما الأنفس فقد صارت المشانق تيجاناً لرؤوسهم أينما حلّوا, فهم الأكثر قتلا من قبل أعدائهم, وبشر الصابرين, نعم كل البشرى للصابرين, فشيعة أهل البيت(عليهم السلام) في وقتنا الحاضر وبعد قبر الحكام الطغاة يتجذرون في شتى أصقاع الأرض بمراكزهم الثقافية ومؤسساتهم الدينية وحسينياتهم, وصوت يا حسين يدوي في كل قارات العالم يشق عباب الخوف.

            ومن قارات العالم التي يعج فضاؤها بصوت الولاية, صوت أشهد أن علياً ولي الله, قارة أستراليا, القارة التي يعتبرها الكثيرون الحصن الأقوى في العالم لتواجد الشيعة الذين هاجروا من بلدانهم الأصلية إلى هذه الدولة, أستراليا التي لا بد من التعرف على شيء من هويتها في هذا التحقيق المختصر.

          أستراليا, هي قارة تقع في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية, يحيط بها من الشمال بحر تيمور وبحر أرفورا ومضيق تورز ومن الشرق بحر كورال وبحر تسمان ومن الجنوب ممر باس, ويحيط بها من الجنوب والغرب المحيط الهندي.

           تعتبر أستراليا أكثر قارة تسطحاً, وتربتها الأقل خصوبةً لأن معظم تضاريسها صحراوية, وتمثل المناطق النائية الجزء الأكبر من مساحتها ما عدا المناطق الجنوبية الغربية والجنوبية الشرقية ذات المناخ المعتدل التي يقطنها معظم سكان أستراليا.
حسب ما تذكر المصادر التاريخية الغربية أن أول من اكتشف القارة الأسترالية هم الهولنديون في عام 1606م,

         وفي عام 1770م استحوذ البريطانيون على النصف الشرقي من القارة, وبعد ذلك تم اكتشاف باقي أجزاء أستراليا, حتى أصبحت في عام 1901م ستة ولايات يحكمها نظام فدرالي خاضع للتاج الملكي البريطاني, والسمة البارزة لهذا النظام هو سياسي ديمقراطي ليبرالي مستقر.

         تعداد سكان أستراليا اليوم يقدر بـ(23) مليون نسمة, يعيش حوالي 60% منهم في داخل أو قريب من عواصم الولايات مثل سدني وملبورن وبريزبين وبيرث وأديليد وتعتبر مدينة كانبيرا هي العاصمة الرسمية للدولة, ويوجد فيها معظم البنايات الحكومية والمؤسسات الرسمية بالإضافة إلى سفارات دول العالم المختلفة. أما اللغة الرسمية للدولة فهي الإنجليزية, ولكن شعبياً توجد عشرات اللغات ينطق بها الشعب الأسترالي نتيجة لتعدد جنسياتهم وأصولهم القومية.

          تعتبر أستراليا من الدول المتقدمة, حيث تحتل المركز الثالث عشر في التطور الاقتصادي والمركز السادس عشر في تصنيف مؤشر التنافس 2010–2011 للمنتدى الاقتصادي العالمي, وتصنف أسترالياً في المراكز العالية في العديد من التصنيفات العالمية مثل: التنمية البشرية وجودة الحياة والرعاية الصحية والعمر المتوقع والتعليم العام والحرية الاقتصادية وحماية الحريات المدنية والحقوق السياسية, وتعتبر أستراليا عضواً في الأمم المتحدة ومجموعة العشرين ودول الكومنولث وأنزوس ومنظمة التنمية الاقتصادية وإبيك ومنظمة التجارة العالمية ومنتدى جزر المحيط الهادي, وتعتبر الأولى في معيار جودة المعيشة خارج أوروبا.

          تقول بعض البحوث التاريخية أن عمر الإنسان على الأرض الأسترالية يبلغ 40 عاماً وعلى رأي آخر 60 ألف عام, ولكن في كل الأحوال فإن الثابت من الحقائق أن سكان أستراليا الأصليين (الأبورجينال- الزنوج السود) هم كانوا وحدهم من يعيش على هذه الأرض قبل أن يصل إليها المحتلون الهولنديون والبريطانيون في غرة القرن السابع عشر الميلادي, حيث جعلوهم مواطنين من الدرجة الثانية فاستُبْعِدوا, والى الآن هم يعيشون في المناطق النائية في مستوى معيشي متدنٍ أهلكت الأوبئة منهم الكثير, ويبلغ تعدادهم اليوم بحدود النصف مليون.

         أما عن دخول الإسلام إلى هذه القارة فقد اختلفت الآراء والأخبار في ذلك, وأهمها رأيان, الأول يقول إن الإسلام ضارب في عمق التاريخ الأسترالي ويمتد إلى مئات السنين, وذلك عن طريق التجار المسلمين الذين كانت سفنهم تصل إلى السواحل الشمالية للقارة الأسترالية, ويتبادلون التجارة مع السكان الأصليين, وبذلك تم التلاقح الفكري والثقافي بينهم, ومن القرائن على ذلك, أن الكثير من العادات والتقاليد في حياة الشعب الأبرجوني (السكان الأصليين) هي نفسها حاضرة في سلوكيات المسلمين وحياتهم مثل الختان ومراسم الزواج واحترام شيخ القبيلة ودفن الموتى وغيرها,مما يشير بشكل ما إلى اتصالهم بحضارة إسلامية قديمة قبل أن يصل إليهم الإنسان الأوروبي.

           أما الرأي الآخر عن أول تواجد إسلامي على الأراضي الأسترالية, وهو رأي موثق وصحيح, والذي يقول: بعد دخول المستعمر الأوروبي إلى هذه القارة, استعان الإنكليز والأستراليون بالأفغان المسلمين والهنود لاستكشاف مجاهل الصحراء الأسترالية, وكذلك في نقل البضائع والتموين وتشييد الطرق، ففي سنة 1849م استقدمت السلطات الأسترالية 12 جمالا و120جملا، ولما كان الأفغانيون من أوائل القادمين لذا أطلق الأستراليون اسم (الأفغان) على كل من يأتي مع الإبل، هذا على الرغم من أنهم استقدموا الإبل والأبالة من باكستان والهند وإيران.

           واشتهر أولئك الرجال المسلمون بالصدق والأمانة وقد كسبوا ثقة سكان أستراليا, وبفضلهم أصبح الإسلام الآن يمثل ثاني أكبر ديانة في أستراليا. وأعتقد شخصياً أن المبرر لهذه الاستعانة هو التشابه الكبير بين الطبيعة الجغرافية والإنسانية بين الأستراليين القدماء والأفغان, لأن الاثنين يعيشون في بيئة شبه صحراوية وظروف مناخية قاسية, ولذلك عندما قدم الأفغان استعانوا في تنقلاتهم بالجمال (الإبل), وهذا ما نجده في لافتة تعريفية وضعت في بداية الدخول إلى منطقة مسورة أحاطت بأول مسجد بني في أستراليا كما هو مبين بالصورة رقم (1), (تحول هذا المسجد إلى متحف تابع للآثار الأسترالية) وقد ترجمتُ هذه اللافتة إلى العربية, وملخص ما جاء بها:

           أن أول من وطأ الأرض الأسترالية من المسلمين هم الأفغان والهنود, ونتيجة للطبيعة شبه الصحراوية الحارة فقد استخدموا الجمال في تنقلاتهم وحمل بضائعهم, وقد جعلوا من منطقة الهضبة الوعرة محطة لهم لورود ومغادرة قوافل الجمال من والى مختلف المناطق الأسترالية,

            وفي هذه المنطقة والواقعة اليوم ضمن ولاية (نيو ساوث ويلز) بنى الأفغان أول مسجد إسلامي على ارض أستراليا من مواد بسيطة مثل ألواح خشبية وصفائح حديدية مستعملة وذلك في عام 1891م, وهو مسجد يتكون من حجرتين, الأولى صغيرة لجلوس إمام المسجد (ويسميه مُلّا) والحجرة الثانية هي لإقامة الصلاة,ويوجد عند باب المسجد مكان للوضوء وآخر لحفظ أحذية المصلين,ويصف هذا التعريف كيف يقف الإمام في المحراب ويرشد الحاضرين بالتعاليم الإسلامية والأخلاق الحميدة, ويتخلل إقامتهم الصلاة, قراءة آيات من القرآن الكريم والدعاء(1).

           واستمر هذا الحال بالمسلمين الأفغان والهنود حتى العام 1920م حينما دخلت الآلة المتمثلة بالموتور إلى حياة المجتمع الأسترالي, فصارت القطارات والسيارات بدلاً عن الجمال, ومن ذلك الوقت تغيرت حياة المسلمين وطريقة معيشتهم وأصبحوا أقرب إلى المدن وما فيها من تطور علمي وتكنولوجي وثقافي وانفتاح على الحضارات الأخرى مما أدى إلى تغير كبير في سلوكياتهم الدينية والاجتماعية

           وتشتت أبناء الجيل الأول في مناطق مختلفة من أستراليا رغم تأسيس أول جمعية إسلامية في عام 1968م في منطقة الهضبة والتي حاولت أن تربط أذهان الجيل الجديد وسلوكهم العقائدي بما كان عليه أجدادهم المسلمون الأفغان الذين عندما استقدمهم الأستراليون كان أهم وأعظم مساهمة لهم هي نشر الإسلام، والتمسك بالصدق والأمانة وحسن المعاملة والالتزام بالحلال والحرام, وهذا ما زال عالقاً إلى الآن بأذهان الأستراليين حول أولئك الرجال، إلى درجة أن عدم شربهم للخمر قد أدهش الغربيين,

         ورغم احترام المسلمين للأنظمة إلا أن وضعهم كان صعباً وضعيفاً, لأن الغرب يراهم متخلفين بسبب تمسكهم الديني،رغم إسهام المسلمين بشكل عام في التجارة والصناعة والزراعة في جميع الولايات الأسترالية وصنع جزء من تاريخ وحضارة هذه القارة في العصر الحديث.

          واليوم فإن عدد المسلمين فـي أستراليا أكثر من 500 ألف مسـلم تقريباً، يقطـن 80% منهم في مدينتي سدني وملبورن, وهذا العدد في ازدياد مستمر خصوصاً بين الأستراليين الأصليين،فما يمر يومأ إلا ونجد قلوباً شرح الله صدرها للإسلام خاصة في الوسط المثقف والشخصيات المرموقة ونجوم الرياضة وغيرهم من الإعلاميين والجامعيين الذين اعتنقوا الإسلام.

 

  التواجد الشيعي في أستراليا:

             أما تواجد شيعة أهل البيت(عليهم السلام) في أستراليا فهو شيء مبهر وملفت للنظر ويعد من أكبر التجمعات في العالم من المهاجرين وخاصة من العراقيين والإيرانيين واللبنانيين الذين تمكنوا بفضل الله تعالى وبركة محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أن يؤسسوا ما يشبه دولة شيعية في أستراليا, لها مراكزها الثقافية ومؤسساتها الدينية وأنظمتها الداخلية ونشاطاتها المختلفة بالإضافة إلى علاقتها مع الهيكلية الرسمية للدولة في أستراليا.

            وللعراقيين النصيب الأكبر والحظ الأوفر في العمل التبليغي ونشر فكر أهل البيت (عليهم السلام) في هذه القارة, فأكثر الشيعة في أستراليا هم ممن هاجروا من بلدانهم لطلب الأمان والمعيشة الأفضل, وخاصة العراقيين الذين هاجروا من ظلم وطغيان النظام السابق, بالإضافة إلى الذين أوجسوا خيفة بعد أحداث 2003م لأسباب كثيرة, فاختاروا الهجرة إلى أرض الكنغر والكوالا والكينا لأسباب عديدة منها,

             أن أستراليا بلد واسع جداً وثرواته هائلة, ونظامه سياسي ديمقراطي, والمناخ الثقافي والفكري السائد هناك يتيح الفرصة لممارسة حرية الرأي والاعتقاد, ضمن ما نص عليه دستور الدولة من احترام الأقليات وتعدد الثقافات وإقامة الشعائر والطقوس.

             ولقد من الله تعالى شأنه على الموالين من الشيعة بهذه النعمة وتعززت مكانتهم وكرامتهم عند المجتمع الغربي ومن ضمنه الحكومة والشعب الأسترالي وذلك بعد أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية, والتي أفرزت عند العقل الغربي مَن مِنَ المسلمين يسلك سبيل السلام والتعايش في وئام ويقبل الآخر, ومن يقصي ويقتل بمجرد الاختلاف الفكري والعقائدي, وهذا ما أعطى لشيعة أهل البيت(عليهم السلام) فسحة من الود المتبادل بينهم وبين من يمسك أمور البلد من حكومة ومؤسسات مجتمع مدني في أستراليا وغيرها من دول الغرب.

            من أجل الوقوف على الواقع الحقيقي لشيعة أهل البيت(عليهم السلام) في أستراليا رأيت أن أطلع القارئ الكريم عن هذا الموضوع من خلال توضيح فكرة بسيطة عن إحدى الجمعيات الشيعية كنموذج لبقية المؤسسات المتواجدة بكثرة هناك والتي تتشابه في ما بينها من حيث الهيكلية والنظام الداخلي والنشاطات وغيرها.

           ثم نأخذ فكرة مختصرة عن سيرة أحد الشخصيات العاملة في الوسط الديني والعلمي في بلاد الكنغر لنتصور من خلاله كيف يعيش دعاة الحق وناشرو راية دين محمد وآل محمد صلوات الله عليهم في خضم هذه الأمواج المتلاطمة من الرايات المختلفة وفي بلد مثل أستراليا المنفتح تماماً على العالم الغربي بكل فضاءاته الثقافية والاجتماعية والمدنية.

         ومن خلال هذين المثلين نستطيع الاطلاع إلى معلومات كثيرة تخص المسلمين الشيعة والتعرف على أسماء الشخصيات والمؤسسات والمراكز والمدن والنشاطات المختلفة التي يقومون بها هناك على مدار السنة.

          ومن أجل ذلك اتصلت بشخصيتين إسلاميتين في الوسط الشيعي في أستراليا, وهما السيد كاظم القزويني النجفي نائب رئيس جمعية أهل البيت(عليهم السلام) في مدينة أديليد,والتي ستكون نموذجنا الأول عن المؤسسات الشيعية هناك, والشخص الآخر هو الدكتور الشيخ سامي جعفر الباقري الذي سوف نتعرف على شخصيته من خلال بيان مختصر عن نشاطاته المتعددة في أستراليا.

 

  جمعية أهل البيت (عليهم السلام) نموذجاً:

           تأسست جمعية أهل البيت(عليهم السلام) الإسلامية في الشهر العاشر من عام 2000 في مدينة أديليد مركز ولاية جنوب أستراليا, وكان عدد أفراد الموالين ومن جنسيات مختلفة بضع عشرات فقط من نساء ورجال تجمعهم مناسبة عاشوراء في محرم الحرام.

          للجمعية نظام داخلي هادف وفيه شمولية واسعة من حيث النشاطات والفعاليات، ويؤكد نظام الجمعية على الالتزام بالأحكام الشرعية والأخلاقية وخاصة لأعضاء الهيئة الإدارية واللجان المتفرعة منها.

 

  الهيكلية التنظيمية:

   هيئة الأمناء:

            وهي لجنة تقوم بالإشراف على شؤون الجمعية ومراقبة عملها وتقييمه وإبداء الملاحظات بما يرفد مسيرتها الهادفة لإعلاء كلمة الله تعالى,كما تقوم بالإشراف على الأمور المالية وما يخصها من إنفاق على النشاطات المختلفة واستلام التبرعات وتنظيم الحسابات الخاصة بها ومراجعتها بين الحين والآخر.

 

   الهيئة الإدارية:

           هي عبارة عن هيئة منتخبة عدد أعضائها يتراوح بين 5-7 كما هو محدد بالنظام الداخلي وقد يزيد على ذلك بموجب قرار الهيئة العامة التي تجتمع كل سنتين مرة عدا ما تفرضه الاستثناءات من انعقادها متى استدعت الضرورة لذلك, وتتفرع من الهيئة الإدارية لجان عدة منصوص عليها في النظام الداخلي أهمها:

       الإعلام – المالية – الشباب – الاجتماعية – المرأة.

 

 الهيئة العامة:

           وتشمل مجموع الأعضاء المسجلين ضمن ضوابط العضوية المحددة في نظام الجمعية من حيث العمر والالتزام الديني العام وبدل الاشتراك السنوي، وهي عادة تختار هيئة الأمناء والهيئة الإدارية وتبحث في اجتماعها العام الشؤون المالية وتقييم سير الجمعية وفعالياتها المختلفة, والانتخابات فيها غالبا ما تكون بالاقتراع السري.

 

  أهم نشاطات الجمعية:

            ـ نشاطات الجمعية تكاد تكون على مدار السنة, حيث أسبوعياً وفي كل ليلة جمعة تقام صلاة الجماعة ثم يتم قراءة دعاء كميل ثم زيارة الإمام الحسين(عليه السلام), بعد ذلك تعقد جلسة حوارية فقهية من أجل مراجعة المسائل الشرعية والإجابة عن أسئلة الحاضرين, أما يوم الجمعة فتقام صلاة الجمعة المباركة وهي مشتركة للرجال والنساء.

      ـ إحياء كافة المناسبات الدينية والإسلامية من مواليد ووفيات المعصومين(عليهم السلام) وإحياء كل ما يخص تراث وتاريخ أئمة أهل البيت وعلى مدار السنة.

     ـ ومن أجل بعث الروح القرآنية في الأمة والتمسك بالثقل الأكبر,يقام برنامج قرآني طيلة أيام شهر رمضان المبارك,ففي كل ليلة يتلى فيها جزء من أجزاء القرآن الكريم بمشاركة الجميع, يتبع ذلك وقفات تفسيرية أو فقهية لبيان الأحكام الشرعية أو شرح معاني بعض آيات الذكر الحكيم, هذا بالإضافة إلى إحياء هذه الليالي بقراءة الأدعية المباركة المستحب قراءتها في رمضان وخاصة في ليالي القدر, ناهيك عن لبس السواد وإقامة مجالس العزاء بمناسبة استشهاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) في الحادي والعشرين من شهر رمضان الخير.

     ـ وهناك نشاطات متفرقة مهمة مثل إقامة بعض السفرات الترفيهية للأعضاء والفعاليات الرياضية, والقيام بمسيرات احتجاج أو تأييد لحدث معين أو اعتصام وغيرها من التعبيرات, بالإضافة إلى إقامة دورات لتعليم الأطفال اللغة العربية وبعض المعارف الإسلامية الأولية كما أن هناك درساً قرآنياً أسبوعياً للأخوات النساء.

 

  أسماء لجنة الأمناء في الجمعية:

   1- الحاج عبود الراضي رئيساً.

   2- السيد كاظم الموسوي نائباً للرئيس.

   3- السيد عمار الحلو عضواً.

   4- الحاج باسل الرزق عضواً.

 

   أما الهيئة الإدارية:

   1- محمد باقر الراضي.

   2- محسن الزرفي.

   3- الحاج حميد الصغير.

   4- حميد الحلفي.

   5-جواد المالكي.

 

   الدكتور الباقري أنموذجاً(2):

            قبل التعرف إلى هوية ونشاطات الدكتور جعفر الباقري, أورد للقارئ الكريم ما كتبه الرجل عن المسؤولية الملقاة على عاتق كل من أمكنه علمه ونفسه أن يدعو لدين محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله متمثلاً بمذهب أهل البيت(عليهم السلام) رغم ما يواجهه الداعية من مصاعب جمة في طريق ذات الشوكة.

           يقول الشيخ الباقري في ملخص فكرته: ملخص العمل الإسلامي في بلدان غير إسلامية والدعوة إلى الفكر الحق ينصب في محورين أساسيين هما:

   المحور الأول: تثبيت الإيمان، والإخلاص والطاعة للفئة المغتربة الناطقة باللغة العربيّة، ومحاولة لمّ شمل هذه الفئة، وعدم تفككها، وحفظ الروابط الأسريّة في ما بينها مهما أمكن، والحرص على عدم ذوبانها في مفاسد المجتمعات الغربيّة، ممّا يعني حفظ الهويّة الدينيّة للجيل الأول من المهاجرين والمغتربين مهما اشتدّت المصاعب وهاجت الآلام، إذ الألم والأسى في محبة الله وطاعته سبحانه قمة السعادة ومنتهى الرجاء.

           كما أنّ هناك أملاً كبيراً معقوداً على الجيل الأول منّا الذي شرّفه الله (سبحانه) وكرّمه بأفضل ممّا شرقت عليه الشمس أو غربت, وقد عملنا مواصلين الليل بالنهار من أجل توضيح صورة الإسلام والتشيّع بإمكانيات متواضعة لاسيّما عند انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران والتي أثّرت في المجتمعات كافة بصورة تلقائية وليس على قارة أستراليا فحسب.

         إن المد المحمدي العلوي إنّما تصاعد وامتدّ وارتفع إلى عنان السماء في هذه القارة البعيدة في بداية التسعينيات من القرن الماضي، وأخذ يتنامى خصوصاً بعد الهجرة المكثّفة من (رفحاء) الحجاز التي حملت المؤمنين والمؤمنات عبر السحاب(3) وعن طريق القوارب والعبارات البحرية التي حملت أهلها عبر أمواج المياه، فكانت الحصيلة عبارة عن وصول المئات من الكفاءات، وذوي القابليات والتخصصات المختلفة بتخطيط إلهي ربّاني يعرف المتوسمون والناظرون بنور الله تفسيره.

          نعم دخل الإسلام كعمل فاعل لا كقول وثرثرة وشعارات ومسميات، ودخل كجوهر ولُب لا كصورة وقشر، وكحركة واعية لا كطقوس راكدة، وكشيء غير قابل للتجاوز، لا كأمر لا يُعبأ به، وكدين ينشر المحبة والسلام ويدين قتل الأبرياء والإرهاب، ودخل حاملاً معه صلاة الجمعة التي هي أمنية كلّ شائق يتمنّى، وبدأ بالصغار منذ نعومة أظافرهم ليعلمهم لغة بلدهم الأم بجدّ ومثابرة، وحث المئات من المؤمنين والمؤمنات على حجّ بيت الله الحرام،

          وأخرج هذه الشعائر من صنف المتاجرين إلى صنف المتطوعين بدأب وإخلاص رجاءً بالنجاة، وغذّى العقول بالمعرفة، والقلوب بالطاعة، وانطلق إلى مجالات واسعة بمشاركة العاملين المخلصين في الجمعيات والتجمعات رغم الاختلافات في وجهات النظر, إذ لا يُعبأ بذلك ما دام هدف الجميع هو خدمة الإسلام والقرآن ومنهج أهل البيت الطاهرين(عليهم السلام).

            إنّ الأمل معقود على الجيل الأول في أن ينقل التجارب الإيجابيّة التي عاشها هنا في بلاد الغربة, وأصبحت جزءاً من حياته, ينقلها إلى بلده الأم، وما أعظم هذا من انجاز حيث يرجع كلّ مهاجر رجوعاً دائماً أو مؤقتاً وهو يحمل مفهوماً جديداً ومعاصراً عن ضرورة احترام المواعيد، وعدم تجاوز القانون، والنظافة الدائمة، والابتسامة، وعدم الانفعال السريع، ولا التشابك بالأيدي، وإشاعة مفهوم الحوار، والوعي السياسي، وعدم السذاجة والانجراف مع التيّارات، لأنّ الأمور كهذه تبدأ بالتجمّع حتى تتحول إلى مظاهر تمدّن ورقيّ مع مرور الزمن.

   المحور الثاني: زرع بذور مجموعة قياديّة، قويّة، متماسكة ومؤمنة، وملمّة بتطورات الزمن، ولغة البلد، والقدرة على المحاورة، والمناورة، والتعارف وإنشاء العلاقات الصادقة, وبهذا تستلم المهمّة من روّاد الجيل الأول الذي له الفضل في التأسيس، وتنخرط ضمن المجتمع على أصعدته كافة ليكون لها الفضل في البقاء والاستمرار،

             ويكون عمل مجموعة الجيل الثاني تلقائيّاً في المدارس، والجامعات، والمزارع، والعيادات، والسياقة، والمصانع، والأمن، والمشاريع التجاريّة.. فتياناً وفتيات كلٌ حسب استعداده وقدرته، ليكون لهذا الجيل المسمّى بالجيل الثاني القدرة الكاملة على حفظ ما يتوالد بعده من أجيال، وإبقاء اللغة العربيّة حيّة ونابضة غير منسيّة كما حدث لبعض الجاليات السابقة التي فضلاً عن نسيانها للغة العربيّة فإنّها تستنكف أن تتكلّم بها.

           ومن أهم ما يمكن أن يقوم به الجيل الثاني هو التأثير في أبناء المجتمع الأسترالي خصوصاً الفتيان والفتيات الذين يشعرون بالضياع، ومحاولة ربطهم بالله سبحانه وملء الفراغ النفسي والفكري لديهم من خلال ما تعلّموه منّا نحن أبناء الجيل الأول اللذين مهّدنا الطريق، وعبّدنا السبيل.

             ولا ننسى أنّ أبناء الجيل الأول كانت مهمتهم في غاية الصعوبة لأنّهم واجهوا مرحلة في حياتهم لم يواجهها أحد قبلهم لكي يقدّمها إليهم بايجابياتها وسلبياتها، بل كانت أغلب المبادرات مبنيّة على الارتجال، والحدس، والمقارنة مع دول الاغتراب الأخرى، ولذلك فقد ضيّعت المجموعة الأولى من الفاتحين الكثير الكثير، وضحّت بالغالي والنفيس من أجل ظهور هذه النواة المستقبليّة، وهاهي الآثار تلوح في الأفق من حركة أنا شاهد عليها من تأثير أبنائنا وبناتنا الملتزمين في الكثير من أبناء المجتمع الأسترالي، ولو على نحو الصداقة ابتداءً ومن ثمّ السير بهم نحو طريق الهداية.

            هذان المحوران ليسا بالأمرين الهينين العابرين اللذين تظهر ثمارهما كلمح بالبصر.. وإنّما تسير الأمر مسبّحة ومقدّسة وطائعة نحو الله (سبحانه) على مرّ السنين تلو السنين.

          وإنّ هذا الأمر يُعدّ من أعظم مصاديق التمهيد لظهور الإمام المهدي أرواحنا فداه، فلا يستهيننّ عبدٌ بما يقوم به العلماء، والأساتذة، والمثقفون، وذوو الإخلاص من عمل مهما تراءى صغيراً في حجمه.

            والآن قارئي العزيز سوف ألخص ما أورده الدكتور الباقري عن مجمل نشاطاته وما أنجزه من مشاريع دينية وثقافية وغيرها منذ أن وطئت قدماه أرض أستراليا.

             تتلخص المنجزات الرئيسيّة التي قامَ بها د. الباقري ضمن مجمع الإمام علي إجمالاً في المحاور التالية:

   ـ أسس أول مدرسة عربيّة في قارة أستراليا معترف بها رسميّاً لأبناء الجاليّة الشيعيّة الاثني عشريّة خصوصاً ولأبناء المجتمع الإسلامي المغترب والمجتمع الأسترالي عموماً وذلك في عام 1995م، وهي مدرسة الإمام علي(عليه السلام).

   ـ شارك مشاركة أساسيّة في إنشاء مدرسة عربيّة مماثلة لمدرسة المجمع في منطقة شيبرتون ومنطقة كوبرم ورسم خطط العمل لهما، ومناهج التدريس, ووفَّر سبل الاعتراف بالمدرستين رسميّاً لأبناء الجالية الإسلاميّة في شيبرتون وكوبرم.

        وقد أنتج هذا العمل أن تخرج أكثر من 700 طالب وطالبة أتقن المتخرجون منهم اللغة العربيّة قراءةً وكتابةً وتعبيراً،وكذلك القرآن الكريم والتربية الدينيّة بما يناسب مستوياتهم.

   ـ أقام وأسّس أول صلاة جمعة شيعيّة منتظمة ولمدة اثنتي عشرة سنة في قارة أستراليا لأتباع منهج أهل البيت(عليهم السلام), وفي أحيانٍ كثيرة ما ينضم إليها من المذاهب الأخرى، وقد ألقى من على منبر الجمعة مما تمَّ تثبيتُه ما يفوق الـ(450) محاضرة في مختلف الجوانب والمناسبات.

   ـ بادر بتأسيس مجموعتين إسلاميتين الأولى هي: مجموعة بنات فاطمة الزهراء(عليها السلام) (24 فتاة)، ومجموعة أبناء الإمام علي(عليه السلام) (22 شاباً) تربيّةً ورعايةً وتعليماً ومصاحبةً, ليقوموا بنشر الإسلام العظيم في المدارس والجامعات والمعاهد المختلفة، ويشكّلوا النواة المستقبليّة لقيادة العمل في أوساط الجالية وخاصة في جانب النساء.

   ـ أما في المجال الإعلامي فقد برع الدكتور الباقري في جوانبه المختلفة فقد أنشأ مكتبة الإمام علي (السفينة)، وهي أكبر مكتبة إسلاميَّة في قارة أستراليا للكتب، والدوريات، والصحف، والمجلات الناطقة باللغات الرئيسيّة المتنوعة, ومن هذه المكتبة استطاع أن يرفد كثيراً من المراكز الثقافية والدينية مثل مركز المنتظر و مركز الأمين بمجموعة بكل ما يحتاجونه من الوسائل المرئيّة والسمعيّة لبناء الجاليّة فكرياً وروحيّاً وأخلاقيّاً، واعتبرهما فرعين رئيسيين لـمكتبة الإمام علي (السفينة) في كلٍّ من داندينونكَ و شيبرتون.

          أما من جانب المحاضرات والخطب فقد حاضر الشيخ أكثر من ألف محاضرة في مختلف المواضيع وفي جميع الولايات الأسترالية, في مدارس وجمعيات وصلاة جمعة ومؤتمرات عامة وغيرها, بالإضافة إلى تأليفه المناهج الدراسية في القرآن واللغة العربية والتربية الإسلامية.

   ـ ساند بكلّ ثقل وقوّة جميع المشاريع البنّاءة التي تصبُّ في خدمة الجالية وأبنائها، كمشروع أستراليين ميد الذي أشرفت عليه السيّدة الفاضلة العاملة صبا الحكيم، ومشروع فتيات العراق والأمهات الذي أشرفت عليه السيّدة الكريمة فريال أم علي ميرزا، وبرنامج الأسرة والشباب الذي أشرف عليه الحاج الدكتور خيري مجيد والحاج محمد العيداني, ومشروع نادي الغدير الرياضي بإشراف الحاج جبّار الميّاحي، ومشروع جمعيّة الأمل بإشراف الأستاذ الحاج معين البريهي،

            ومشروع مدرسة أهل البيت بشكل استثنائي، حيث شارك كعضو فاعل في المشروع، وقدم المستحقات الماليّة عليه, ومشروع مدرسة البراعم بإشراف الأستاذ معن البو عرب, ومشروع كفالة الأيتام بإشراف السيد علي المكوطر، ومشروع المسابقة القرآنيّة السنويّة بإشراف الحاج الدكتور صادق الصافي.

  ـ كان له دور فاعل في قيادة التصدي للأحداث الساخنة على الساحة العالمية والتي تخص الإسلام والمذهب الشريف مثل المسيرات وبيانات الاستنكار أو التأييد, وعلى سبيل المثال ساند بثبات الشعب اللبناني من خلال لقاء التضامن (المنعقد في 21/4/1996م) عند حدوث مجزرة (قانا)، وقد حضر آلاف اللبنانيين والمسلمين والأستراليين، وكان ذلك بحضور الإعلام العربي والأسترالي، كما ساهم بتنظيم برنامج في ما بعد في جمعيّة الرسالة، وقد تمّ جمع مبلغ (7750) دولاراً أستراليّاً للمتضررين في لبنان.

   ـ ينطلق كلّ عام بمواكب حسينيّة في عاشوراء مع مجموعة كبيرة من المعزّين إلى بقيّة الهيئات والحسينيّات لإيجاد جوّ من الألفة والتلاحم والوحدة بين المؤمنين السائرين في نهج الحسين الشهيد(عليه السلام) الذي ضحّى من أجل حياتنا وعزتنا ووحدتنا، وتقوم جمعية أصحاب الكساء للباكستانيين والهنود سنويّاً بردّ زيارة المجمع من خلال موكب سنوي مشترك وهو أرقى ما يمكن وصفه من علائم المودّة والمحبّة والأخوّة الإيمانيّة الصادقة.

           عزيزي القارئ الكريم, اعلم أني حجّمت المعلومات التي وصلتني عن الشيعة في أستراليا إلى النصف واختزلتها بهذه الصفحات القليلة العدد المسموح نشرها في هذه المجلة الكريمة, فالتحقيق في موضوع شيعة أهل البيت(عليهم السلام) في أستراليا يحتاج إلى ضعف هذه الصفحات, ولكن هذا ما يسمح به المقام.

           ولكن قبل أنهي هذا التحقيق المختصر, أنقل لكم كلمات همس بها في أذني إحدى الشخصيات الإسلامية من أستراليا وقال لي: (هل تعلم أن الأفغان أصحاب الإبل الذين قدموا إلى أرض أستراليا عام 1845م كانوا من الشيعة), في أول وهلة فرحت كثيراً بهذه المعلومة, ولكني استدركت وقلت في نفسي لا بد من التحقق والتحقيق, وهذا ما تركته لقادم الأيام.

             أستودعكم الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) صور هذا المسجد ومعلومات أخرى أرسلت من قبل السيد كاظم الموسوي, الذي أكد أنه قام بزيارة إلى هذا المسجد الموضوع تحت رعاية هيئة الآثار الأسترالية, وقال في أغلب الظن أن هذا المسجد للشيعة الأفغان.
(2) عندما قرأ الشيخ الباقري العدد الأخير من مجلة ينابيع وهو الرجل الخبير بالإعلام الإسلامي قال : (شكر الله جهودكم العالية الحثيثة. اطلعت على العدد الأخير من مجلة ينابيع ورأيت أن المجلة بأكملها تحفة فنية وعلمية وإعلامية راقية. حفظ الله سيدنا المرجع آية الله العظمى السيد الحكيم المسدد برعايته.
(3) يقصد العراقيين الذين هاجروا إلى مختلف البلدان في العالم في وبعد أحداث الانتفاضة الشعبانية عام 1991م.
المصادر:
– Australasian Legal Information Institute.‎
– Australian Government Budget Outcome.
– Australian Bureau of Statistics. Labour Force Australia.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.