Take a fresh look at your lifestyle.

حركة السفياني الحد الفاصل والعلامة الحتمية

0 921

             يشهد المناخ السياسي العربي موجة عاصفة من الحراك الشعبي غير المسبوق لرسم مرحلة جديدة تتجاوز الواقع الشمولي الذي فرضته الأنظمة الحاكمة إلى واقع تأخذ فيه القوى والتيارات الشعبية (عنانَ المبادرة) في (ولاية الأمر) وإدارة (العمل السلطوي)، ويترافق هذا الحراك الشعبي مع تصدعات في القوى العالمية وانهيار وشيك للنظام الاقتصادي الدولي سيغير كل المعادلات في المنطقة.

              ولا ينبغي التعاطي مع مثل هذه الأحداث (الدراماتيكية) بأسلوب التغافل واللامبالاة، لأن ثمة رؤية (عقائدية) تتجاوز الحدث السياسي والأمني، وتفرض على الحالة الشيعية ممارسة (تكليفها الشرعي) تجاه أي حدث (تتوقع) أن يكون جزءاً من سلسلة الأحداث التي ذكرتها روايات أهل البيت(عليهم السلام) حول (الفرج الكبير) و (الفتح الموعود) الذي سيقوم به إمام زماننا المفدى الحجة بن الحسن صلوات الله وسلامه عليه.

            وحيث إن أول أرض ننتظر (خرابها) هي (أرض الشام) بحسب ما ورد في الآثار الشريفة، فإن من الضرورة القصوى دراسة (حركة السفياني) ومحوريتها في أحداث الظهور، ومن ثم نحاول ـ من خلال روايات أهل البيت(عليهم السلام) ـ أن نحدد المسؤولية والتكليف الشرعي على المؤمنين في حالة خروج السفياني المذكور في الروايات.

   السفياني في مصادر الفريقين

               يرى بعض المحققين المعاصرين أن ذكر السفياني قد (اختصت به المصادر الإمامية، وليس له في المصادر الأولى للعامة أي أثر. . )، وهو كلام يفتقد إلى الدقة والتحقيق، فقد وردت الإشارة للسفياني في مصادر مختلفة من كتب الحديث والسيرة والتفسير عند العامة، منها ما ذكره الحاكم النيسابوري (ت 405) في مستدركه 4/468 عن ابن مسعود قال: (قال لنا رسول الله(صلى الله عليه وآله) أحذركم سبع فتن. . . وفتنة من بطن الشام وهي السفياني

             وفي المستدرك أيضاً 5/501: (عن علي بن أبي طالب(رضي الله عنه) قال: يظهر السفياني على الشام ثم يكون بينهم وقعة بقرقيسا..)، وفي المصدر نفسه 4/520: (عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله، يخرج رجل يقال له (السفياني) في عمق دمشق، وعامة من يتبعه من كلب، فيقتل حتى يبقر بطون النساء ويقتل الصبيان، فتجمع لهم قيس فيقتلها حتى لا يمنع ذنب تلعة، ويخرج رجل من أهل بيتي في الحرة فيبلغ السفياني فيبعث إليه جنداً من جنده. . . )، قال الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه)،

             وقد ذكر حديث السفياني عامة مفسري السنة كابن جرير الطبري (ت310) والثعلبي (ت427) والسمعاني (ت489) وآخرين في تفسير الآيتين 51 و52 من سورة سبأ، وأورد خبره الزمخشري (ت538) في (الفائق في غريب الحديث 2/181)، وذكره ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة 7/59 في بيان اعتقاد أهل السنة في الإمام المهدي(عليه السلام) إذ قال: (اسمه محمد، كاسم رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وإنه إنما يظهر بعد أن يستولي على كثير من الإسلام مَلِكٌ من أعقاب بني أمية، وهو السفياني الموعود به في الخبر الصحيح. . . )

            وهناك مصادر أخرى تركناها اختصاراً، ومن أهم رواة السنة الذين أسهبوا بنقل روايات السفياني صاحب الملاحم والفتن نعيم بن حماد المروزي (ت229) وهو شيخ البخاري وقد وثقه جمع من أعلامهم وأرباب الجرح والتعديل عندهم.

            أما في المصادر الشيعية فخبر السفياني من الأخبار المتواترة التي وردت في أمهات المصادر الحديثية كالكافي وكمال الدين وغيبة الطوسي والنعماني وغيرها حتى أصبح من العقائد الثابتة التي يتناقلها رواة الشيعة من زمان الأئمة(عليهم السلام) وحتى يومنا هذا.

            وتعبير (السفياني) هو التعبير الغالب في روايات الفريقين، وإن عبرت عنه إحدى الروايات الشيعية بالشامي ووصفته روايات أخرى بأنه (رجل من أهل بيت أبي سفيان) أو (ابن آكلة الأكباد) أو (خارج من آل أبي سفيان)، والذي يظهر من الروايات الشريفة أن السفياني يرجع في نسبه إلى بني أمية وبالذات إلى أبي سفيان، ويتلقى دعماً مهماً من أخواله (بني كلب) الذين يشكلون عماد جيشه بجنوده وضباطه،

            ويمثل السفياني خلاصة الفكر الأموي المعادي لخط الإسلام فهو يختزن في خطابه وتحركه الميداني كل أدبيات البيت الأموي الملحد الكافر، كما أن الإمام المهدي(عليه السلام) يختزن كل أدبيات أهل البيت(عليهم السلام) ويسير في تحركه الميداني لسحق الانقلاب العقائدي الذي قام به تحالف بعض البيوتات القرشية مع بني أمية في صدر الإسلام،

            فقد روى الشيخ الصدوق عليه الرحمة في كتابه معاني الأخبار ص346 عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إنا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله، قلنا: صدق الله، وقالوا: كذب الله. قاتل أبو سفيان رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وقاتل معاوية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي(عليهما السلام)، والسفياني يقاتل القائم(عليه السلام)).

 

  السفياني من المحتوم

            أول ما يلفت النظر في روايات السفياني تشديد الأئمة(عليهم السلام) على حتمية ظهوره وأنه من أهم العلامات الحتمية اللازمة، بل إن بعض الروايات أشارت إلى أن خروج السفياني هو من السنن الإلهية التي لا تنفك عن خروج الإمام المهدي(عليه السلام)، وكأن النزاع الأموي مع الإسلام حركة ممتدة وسنة قائمة عبر التاريخ ولا ينتهي هذا الصراع إلا على يد القائم(عليه السلام)،

                فقد ورد عن الإمام علي بن الحسين السجاد(عليه السلام) (إن أمر القائم حتم من الله، وأمر السفياني حتم من الله، ولا يكون قائم إلا بسفياني) (قرب الإسناد ص347)، فقوله(عليه السلام): (ولا يكون قائم إلا بسفياني) قد يوضح هذه الحقيقة، ويبدو أن خبر السفياني كان معروفاً عند كثير من أصحاب الأئمة(عليهم السلام) بسبب كثرة ذكره في مجالس الحديث وحلقات الرواية فضلاً عن التأكيد الواضح من قبل الأئمة(عليهم السلام)، ولهذا نجد في أسئلة الشيعة للأئمة(عليهم السلام) ما يوحي باهتمام استثنائي بهذه القضية،

              وقد وردت روايات السفياني عن جملة من كبار أصحاب الأئمة وثقاتهم وفقهاء الشيعة في زمانهم، فعن فضيل بن يسار، قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): (إن خرج السفياني ما تأمرني؟)، وعن الحضرمي قال: (قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): كيف نصنع إذا خرج السفياني؟) (بحار الأنوار 52/272)، وقد أفرد شيخنا النعماني (ت380) رحمه الله باباً مستقلاً في كتابه الغيبة ص310 بعنوان (ما جاء في ذكر السفياني، وأن أمره من المحتوم، وأنه قبل قيام القائم(عليه السلام)) وقد ذكر فيه تسعة عشر رواية جلها في التأكيد على حتمية السفياني ودوره المحوري في أحادث الظهور المقدس،

            ومن تلكم الروايات ما ورد عن عيسى بن أعين، عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنه قال: (السفياني من المحتوم، وخروجه في رجب)، وعن معلى بن خنيس، قال: (سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: من الأمر محتوم، ومنه ما ليس بمحتوم، ومن المحتوم خروج السفياني في رجب)،

              وعن عبد الملك بن أعين، قال: (كنت عند أبي جعفر(عليه السلام) فجرى ذكر القائم(عليه السلام)، فقلت له: أرجو أن يكون عاجلاً ولا يكون سفياني. فقال: لا والله إنه لمن المحتوم الذي لا بد منه)، وعن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: (إن من الأمور أموراً موقوفة وأموراً محتومة، وإن السفياني من المحتوم الذي لا بد منه)،

              وفي كمال الدين 652: عن أبي حمزة الثمالي قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): (إن أبا جعفر(عليه السلام) كان يقول: إن خروج السفياني من الأمر المحتوم؟ قال لي: نعم)، وعن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنه قال: (النداء من المحتوم، والسفياني من المحتوم. . . )، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر محمد بن علي(عليهما السلام) في قوله تعالى: (فقضى أجلاً وأجل مسمى عنده) قال: إنهما أجلان: أجل محتوم، وأجل موقوف، قال له حمران: ما المحتوم؟ قال: الذي لا يكون غيره، فقال [حمران]: وما الموقوف؟ قال(عليه السلام): هو الذي لله فيه المشية، قال حمران: إني لأرجو أن يكون أجل السفياني من الموقوف، فقال أبو جعفر(عليه السلام): (لا والله إنه من المحتوم)،

             وفي بحار الأنوار 51/250-251: عن البطائني قال: رافقت أبا الحسن موسى بن جعفر(عليهما السلام) من مكة إلى المدينة، فقال يوما لي: لو أن أهل السماوات والأرض خرجوا على بني العباس لسُقِيَت الأرض دماءهم حتى يخرج السفياني قلت له: يا سيدي أمره من المحتوم؟ قال: (من المحتوم)، وعن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول [بعد أن ذكر السفياني]: (وهو من الأمر المحتوم الذي لابد منه).

 

  مرحلة السفياني . . الحد الفاصل

           يظهر من بعض النصوص أن خروج السفياني يؤسس لمرحلة جديدة يتعلق شطر منها بغيبة الإمام المهدي(عليه السلام) ونظام حركته، بينما يرتبط الجانب الآخر منها بالوظيفة الشرعية الملقاة على عاتق المؤمنين تجاه الفتح الإلهي الموعود.
وفي الشطر الأول يبرز التوقيع الرفيع المروي عن السفير الرابع الفقيه الجليل علي بن محمد السمري(قد)، وهو آخر توقيع صدر عن مولانا الحجة سلام الله عليه وإلى يومنا هذا، ولأهميته التاريخية والعقدية نورد النص الكامل له برواية الشيخ الصدوق عليه الرحمة في كمال الدين ص516:

            (حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد المكتب قال: كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ علي بن محمد السمري – قدس الله روحه – فحضرته قبل وفاته بأيام فأخرج إلى الناس توقيعاً نسخته:

            (بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة الثانية [أو التامة] فلا ظهور إلا بعد إذن الله عز وجل، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب [أو كذاب] مفتر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).

             قال [أبو محمد المكتب]: فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده، فلما كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه، فقيل له: من وصيك من بعدك؟ فقال: لله أمر هو بالغه. ومضى رضي الله عنه، فهذا آخر كلام سمع منه).

          ويظهر من قوله(عليه السلام): (ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك) انتهاء أي شكل من أشكال النيابة بوفاة السفير الرابع في النصف من شعبان سنة 329، كما يبدو من قوله(عليه السلام): (خروج السفياني والصيحة) أن الواو هنا بمعنى (أو)، أي إن السقف الزمني لإمكانية الظهور المقدس وانتهاء الغيبة التامة سيتحقق في رجب (حيث خروج السفياني) أو في رمضان (حيث تكون الصيحة) في السنة السابقة لموعد ظهور الإمام المذكور أنه في محرم الحرام، والترديد بين خروج السفياني والصيحة يوحي أن المسألة ريما تخضع للبداء أو الأجل الموقوف،

             يقول الشيخ الكوراني في كتابه (عصر الظهور) ص253: (ويدل التوقيع الشريف على أن الغيبة التامة الكبرى تنتهي بخروج السفياني والصيحة. وتكون الغيبة بعدها اختفاء شبيهاً بالغيبة الصغرى مقدمة للظهور، أي يكون فيها الإمام(عليه السلام) متخفياً عن أعين الظالمين وأجهزة مخابراتهم، ولكنه يتصل بأنصاره، ويتشرف العديد منهم بلقائه، وقد ينصب سفراء يكونون واسطة بينه وبين المؤمنين.

             بل يبدو من الرواية التالية أنه يظهر بعد خروج السفياني ثم يختفي إلى وقت ظهوره الموعود في محرم، ففي رواية حذلم بن بشير عن الإمام زين العابدين(عليه السلام) قال: (فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي ثم يظهر بعد ذلك) البحار ج 52 ص 213، ولا تفسير لها على مذهبنا إلا أنه(عليه السلام) يظهر للناس بعد خروج السفياني في رجب، ثم يختفي إلى وقت ظهوره المحدد في محرم. ولم تحدد الرواية هل يكون هذا الظهور قبل النداء السماوي في شهر رمضان أو بعده).

  الوظيفة الشرعية عند خروج السفياني

             يتضح من خلال جمع من الروايات ذات المضامين المشتركة أن ثمة وظيفة محددة من الأئمة (عليهم السلام) للمؤمنين ـ خصوصاً أهل العراق وبالأخص أهل الكوفة ـ في حالة التأكد من خروج السفياني، وتتلخص هذه الوظيفة الشرعية الجهادية بالآتي: على الرجال بذل أقصى الجهد في الالتحاق بالإمام المهدي(عليه السلام) في مكة المكرمة حيث منطلق الفتح المبين في شهر محرم الحرام،

              وحيث إن السفياني يخرج في رجب على ما ذكرته الآثار الشريفة فإن بعض الروايات حددت شهر شعبان موعداً لبدء السفر إلى مكة أو الصوم في الموطن ثم السفر بعد شهر رمضان، أما العيال والنساء فالواجب إخراجهم من الكوفة وسوادها باتجاه مناطق آمنة إلى الشرق من نهر الفرات حتى لا يتعرضوا لعمليات السلب والسبي التي يقوم بها جيش السفياني في غزوه العسكري للمنطقة.

             أما الروايات التي توضح هذه الوظيفة الشرعية فهي واضحة الدلالة قوية الإسناد يؤيد بعضها بعضاً ويكمل بعضها بعضاً:

   1. الكافي 8/264: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن بكر بن محمد، عن سدير قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): (يا سدير الزم بيتك وكن حلساً من أحلاسه واسكن ما سكن الليل والنهار، فإذا بلغك أن السفياني قد خرج فارحل إلينا ولو على رجلك).

   2. الكافي 8/274: محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن الفضل الكاتب قال [أبو عبد الله(عليه السلام)]: (لا تبرح الأرض يا فضل حتى يخرج السفياني فإذا خرج السفياني فأجيبوا إلينا – يقولها ثلاثا – وهو من المحتوم).

   3. غيبة النعماني 318: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثني جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثني الحسن بن وهب، قال: حدثني إسماعيل بن أبان، عن يونس بن أبي يعفور، قال: (سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: إذا خرج السفياني يبعث جيشاً إلينا [يعني المدينة] وجيشاً إليكم [يعني الكوفة]، فإذا كان كذلك فأتونا على كل صعب وذلول).

   4. غيبة النعماني313: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثني جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثني عباد بن يعقوب، قال: حدثنا خلاد الصائغ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنه قال: (السفياني لا بد منه، ولا يخرج إلا في رجب)، فقال له رجل: يا أبا عبد الله، إذا خرج فما حالنا؟ قال: (إن كان ذلك فإلينا).

   5. غيبة النعماني 311: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا علي بن الحسن التيملي في صفر سنة أربع وسبعين ومائتين، قال: حدثنا الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، قال: (. . . وكفى بالسفياني نقمة لكم من عدوكم، وهو من العلامات لكم مع أن الفاسق لو قد خرج لمكثتم شهراً أو شهرين بعد خروجه لم يكن عليكم بأس حتى يقتل خلقاً كثيراً دونكم).

             فقال له بعض أصحابه: فكيف نصنع بالعيال إذا كان ذلك؟ قال: (يتغيب الرجال منكم عنه، فإن حنقه وشرهه فإنما هي على شيعتنا، وأما النساء فليس عليهن بأس إن شاء الله تعالى). قيل: فإلى أين يخرج الرجال ويهربون منه؟ فقال: (من أراد منهم أن يخرج، يخرج إلى المدينة أو إلى مكة أو إلى بعض البلدان)، ثم قال: (ما تصنعون بالمدينة، وإنما يقصد جيش الفاسق إليها، ولكن عليكم بمكة فإنها مجمعكم، وإنما فتنته حمل امرأة: تسعة أشهر، ولا يجوزها إن شاء الله).

   6. الكافي 8/264: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: (. . . إذا كان رجب فأقبلوا على اسم الله عز وجل، وإن أحببتم أن تتأخروا إلى شعبان فلا ضير، وإن أحببتم أن تصوموا في أهاليكم فلعل ذلك أن يكون أقوى لكم، وكفاكم بالسفياني علامة).

   7. بحار الأنوار 52/271: عن ابن محبوب، عن ابن عاصم الحافظ، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر(عليه السلام) يقول: (إذا سمعتم باختلاف الشام فيما بينهم فالهرب من الشام فان القتل بها والفتنة)، قلت: إلى أي البلاد؟ فقال: (إلى مكة، فإنها خير بلاد يهرب الناس إليها)، قلت: فالكوفة؟ قال: (الكوفة ماذا يلقون؟ يقتل الرجال إلا شامي ولكن الويل لمن كان في أطرافها، ماذا يمر عليهم من أذى بهم، وتسبى بها رجال ونساء وأحسنهم حالاً من يعبر الفرات، ومن لا يكون شاهداً بها)، قال: فما ترى في سكان سوادها؟ فقال بيده يعني: لا. ثم قال: (الخروج منها خير من المقام فيها)، قلت: كم يكون ذلك؟ قال: ساعة واحدة من نهار، قلت: ما حال من يؤخذ منهم؟ قال: (ليس عليهم بأس أما إنهم سينقذهم أقوام ما لهم عند أهل الكوفة يومئذ قدر، أما لا يجوزون بهم الكوفة).

   8. بحار الأنوار 52/272: وبإسناده عن إسماعيل بن مهران، عن ابن عميرة، عن الحضرمي قال: قلت: لأبي عبد الله(عليه السلام) كيف نصنع إذا خرج السفياني قال: (تغيب الرجال وجوهها منه، وليس على العيال بأس، فإذا ظهر على الأكوار الخمس يعنى كور الشام فانفروا إلى صاحبكم).

   9. أمالي الطوسي: الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمد بن وهبان، عن أحمد بن إبراهيم، عن الحسن بن علي الزعفراني، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام) وذكر السفياني فقال: (أما الرجال فتواري وجوهها عنه، وأما النساء فليس عليهن بأس).

 

   حقائق عامة عن حركة السفياني

            ذكرت الروايات الشريفة عن أهل البيت(عليهم السلام) بعض التفاصيل فيما يتعلق بحركة السفياني وعلاقتها بظهور الإمام المهدي(عليه السلام):

   * يخرج السفياني في شهر رجب الذي يسبق موعد الظهور المقدس للإمام(عليه السلام) في شهر محرم الحرام، فقد ورد عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: (إن أمر السفياني من الأمر المحتوم، وخروجه في رجب) بحار الأنوار 52/204، وعن خلاد الصائغ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنه قال: السفياني لابد منه، ولا يخرج إلا في رجب) بحار الأنوار 52/249، وفي غيبة النعماني 310: عن عيسى بن أعين عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنه قال: (السفياني من المحتوم، وخروجه في رجب).

   * يسير السفياني على بلاد الشام بعد صراع عنيف على السلطة مع رايتين أخريين هما (راية الأبقع ـ وهو يطلق في اللغة على من خالط البياض بشرته) و (راية الأصهب ـ وهو من كان في شعر رأسه ولحيته حمرة)، وقد اتفقت أكثر الروايات أن مدة حكم السفياني تسعة أشهر ابتداءً من سيطرته على بلاد الشام، ففي رواية محمد بن مسلم عن الباقر(عليه السلام): (وإنما فتنته حمل امرأة تسعة أشهر ولا يجوزها إنشاء الله) بحار الأنوار 52/140،

            وعن عمار الدهني قال: قال أبو جعفر(عليه السلام): كم تعدون بقاء السفياني فيكم؟ قال: قلت: حمل امرأة تسعة أشهر قال: ما أعلمكم يا أهل الكوفة) بحار الأنوار 52/216، وعن عيسى بن أعين عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: السفياني من المحتوم وخروجه من أول خروجه إلى آخره خمسة عشر شهرا: ستة أشهر يقاتل فيها، فإذا ملك الكور الخمس ملك تسعة أشهر ولم يزد عليها يوماً) بحار الأنوار 52/249،

           وعن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد(عليهما السلام) أنه قال: (إذا استولى السفياني على الكور الخمس فعدوا له تسعة أشهر) بحار الأنوار 52/252، وعن أبي عبد الله(عليه السلام) أنه قال: (لا يكون ذلك حتى يخرج خارج من آل أبي سفيان يملك تسعة أشهر كحمل المرأة) بحار الأنوار 52/271.

   * يبعث السفياني جيشاً جراراً إلى العراق، ويكون همه الأساس السيطرة على مناطق الأغلبية الشيعية وتصفية سكانها بالقتل أو السبي.

   * يبعث السفياني جيشاً للقضاء على الإمام المهدي بعد سماع أنباء ظهوره في المدينة المنورة فيهرب الإمام(عليه السلام) إلى مكة ويتعرض جيش السفياني للخسف في صحراء الحجاز.

   * بعد أن يقوم الإمام المهدي(عليه السلام) بتحرير العراق يتجه إلى بلاد الشام حيث يخوض المواجهة الحاسمة مع السفياني تنتهي بقيام الإمام(عليه السلام) بذبح السفياني على باب بيت المقدس أو عند بحيرة طبرية كما جاء في روايات من غير طريق أهل البيت(عليهم السلام).

            في غيبة النعماني ص310 عن الثقة الجليل جابر الجعفي عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: (فأول أرض تخرب أرض الشام ثم يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات: راية الأصهب، وراية الأبقع، وراية السفياني، فيلتقي السفياني بالأبقع فيقتتلون فيقتله السفياني ومن تبعه، ثم يقتل الأصهب، ثم لا يكون له همة إلا الإقبال نحو العراق، ويمر جيشه بقرقيسياء (دير الزور حالياً)، فيقتتلون بها فيقتل بها من الجبارين مائة ألف، ويبعث السفياني جيشاً إلى الكوفة وعدتهم سبعون ألفاً، فيصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلباً وسبياً،

             فبينا هم كذلك إذ أقبلت رايات من قبل خراسان وتطوي المنازل طياً حثيثاً ومعهم نفر من أصحاب القائم، ثم يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في ضعفاء فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والكوفة، ويبعث السفياني بعثاً إلى المدينة فينفر المهدي منها إلى مكة، فيبلغ أمير جيش السفياني أن المهدي قد خرج إلى مكة، فيبعث جيشاً على إثره فلا يدركه حتى يدخل مكة خائفاً يترقب على سنة موسى بن عمران(عليه السلام). وقال: فينزل أمير جيش السفياني البيداء فينادي مناد من السماء: يا بيداء، بيدي القوم، فيخسف بهم. . . ).

            وفي الختام فإن قلوبنا تنتظر لحظة النظر إلى تلك الراية المقدسة وهي تخفق بقدوم الحق، فواجبنا الاستعداد النفسي والعقائدي والبدني والعلمي لكي نحظى بشرف التوفيق لخدمة الإمام(عليه السلام) وطاعته والفوز برضوانه.

                      والحمد لله رب العالمين .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.