Take a fresh look at your lifestyle.

شيعة رواندا . . بين ركام الفقر وظلمات الجهل

0 1٬151

           في زحمة العناوين الإلكترونية للمؤسسات الإسلامية والمراكز الثقافية والدينية في العالم التي حَصَلتُ عليها من مصادر مختلفة، والتي راسلتها باسم القسم الثقافي في مؤسسة الحكمة للثقافة الإسلامية لا أدري لماذا كانت تجذبني روحياً تلك العناوين السوداء القابعة على أرض قارة إفريقيا، وكنت أتمنى الاستجابة من أصحابها سريعاً وقبل غيرهم لطلبي الذي مفاده التعرف على حياة الشيعة في دول العالم، ولم أفهم شعوري هذا لحد هذه اللحظة، سبحان الله وكما تمنيت جاء الرد من إخواني العاملين على مؤسسات الشيعة في كثير من دول إفريقيا، وأطلعونا على صور مختلفة من حياتهم الدينية والاجتماعية ونشاطاتهم في دولهم التي تحكمها حكومات على غير ملة الإسلام.

            من الشخصيات العاملة في الوسط الشيعي الأفريقي التي استجابت لطلبنا الشيخ باجاروكا حسن سيف (أبو علي) مدير مؤسسة أهل البيت الإسلامية في دولة رواندا الأفريقية، والذي تواصلتُ معه عبر البريد الالكتروني وجهاز الهاتف، رافداً إياي بمعلومات حديثة عن واقع الشيعة في رواندا بالإضافة إلى مجموعة من الصور الفوتوغرافية الحديثة، تكاملتْ هذه المعلومات مع ما حصلتُ عليه من بعض المصادر الجغرافية والتاريخية المهتمة بقارة أفريقيا، لنقدم سوية هذا التحقيق المتواضع والمختصر بين يدي رب الجلالة ليجزينا به جميعاً خيراً، إنه جواد كريم.

            قبل قراءة بعض التفاصيل عن الحياة الشيعية في رواندا، علينا أن نتعرف إلى بعض ملامح وهوية هذا البلد الذي يسمى بلد الألف تل.

            تقع دولة غانا في وسط القارة الأفريقية إلى الجنوب من خط الاستواء، ضمن نطاق هضبة البحيرات، تحدها تنزانيا من الشرق، وبورندي من الجنوب، والكونغو الديمقراطية من الغرب، وأوغندا من الشمال، وليس لرواندا أي سواحل على البحر فهي تعتبر دولة داخلية، ولكن لها اتصال بالعالم الخارجي عن طريق البحر بواسطة موانئ جاراتها من الدول، مثل ميناء دار السلام في تنزانيا.

           تبلغ مساحة دولة رواندا (26. 338 كم) وهي من البلدان الأفريقية المزدحمة بالسكان إذ يبلغ تعدادها (11مليون نسمة)، عاصمتها مدينة كيجالي تقع في وسط البلاد وسكانها حوالي (250. 000 نسمة)، وأهم المدن في رواندا هي بوتاري وروانجيري وكبيبونجو وجيسيني.

             بالرغم من قرب رواندا من خط الاستواء، إلا أنها وبسبب ارتفاع سطحها تتميز بمناخ معتدل الحرارة، فمعدل درجة حرارة العاصمة كيجالي هو 19 درجة مئوية، وتشتهر رواندا بالتضاريس الجميلة حيث المرتفعات المعشوشبة والمناظر الطبيعية الخلابة، والتلال البديعة، ووفرة الحياة البرية، بما في ذلك حيوانات الغوريلا الجبلية النادرة التي تحظى بشعبية لدى عشاق البيئة، وتعتبر السياحة أحد أكبر القطاعات في اقتصاد البلد.

           التنوع الديموغرافي في رواندا ليس بالمتشابك، فهو يتمثل بقبائل (الهوتو) 80% من السكان وقبائل (التوتسي) 10%، وباقي السكان من جماعات (التوا) ومن الأقزام وأقلية مهاجرة من العرب والهنود والباكستان.

          حصلت رواندا على استقلالها في سنة (1382 هـ -1962 م)، حيث كانت جزءاً من مستعمرة (شرقي أفريقيا الألمانية) قرابة عشرين عامًا مثل جارتها بورندي، ثم وضعتها الأمم المتحدة تحت الانتداب البلجيكي بعد الحرب العالمية الأولى، وظلت تحت أيديهم أربعين سنة، والاستعمار البلجيكي هو أحطّ أنواع الاستعمار، إذ عمل على تمزيق البلاد وتركها خرابًا، فلطالما أوقد نار الفتنة بين قبائل الهوتو الأغلبية وقبائل التوتسي الأقلية، راح ضحيتها مئات الآلاف من الطرفين، ولم ينته هذا الصراع إلا بعد العام 1994م.

          أما اللغة الرسمية لرواندا فهي لغة الكينا روندا، بالإضافة إلى الفرنسية واللغة السواحلية التي يتحدث بها المسلمون.

         وصل الإسلام إلى رواندا عن طريق التجار العرب وخاصة من هاجر من شرق أفريقيا وبالتحديد تنزانيا واستقروا فيهـــا، وتشير بعض الإحصائيات المعاصرة إلى أن الهجرة الأولى للمسلمين العرب تمت ما بين عام 1895 م و1900 م، وكان أول الواصلين إلى أرض رواندا هم من أصول خليجية وبالذات من سلطنة عُمان واليمن.

           وكان الجيل الأول من المهاجرين غالبيتهم من المسنين الذين استقروا في رواندا وتزوج معظمهم من نساء البلد، ثم جــاء الجيل الثاني الذي ورث أبناؤه المال والسمعة لكنه لم يرث الدين لأن الدين لم يكن همهم بل كانت التجارة هي هدفهم الأول والأخير، فابتعد الكثير منهم عن دينه ولغته الأم العربية فصاروا يتكلمون اللغة الرواندية، ومع كل هذا الابتعاد عن الإسلام فقد أسلم معهم من الروانديين ممن كانوا يعملون في محلاتهم التجارية أو ممن يخدم في بيوتهم. 

           وحسب الإحصائيات الحديثة لعام 2009 م فإن عدد المسلمين في رواندا يبلغ قرابة 1. 32 مليون مسلم يعني 12% من مجموع السكان البالغ عددهم (11 مليون) نسمة ومعظمهم من سكان البلد الأصليين بنسبة 99% والنسبة الباقية هم من العرب والهنود والباكستان.

            يعيش 60% من المسلمين في العاصمة كيجالي، أما البقية فيعيشون في مختلف مناطق رواندا، وهم يمتهنون الكثير من المهن الصناعية والتجارية البسيطة ويمتلكون المراكز التجارية ومحلات التسوق المهمة، وهي تقريباً منحصرة في بعض الأفارقة والهنود والجيل الثالث من المهاجرين العرب، أما بقية المسلمين وخاصة من سكان البلد الأصليين فهم يزاولون أعمال بسيطة مجملها في الخدمات العامة ذات الأجر الذي يجعل أكثر المسلمين في رواندا يعيشون تحت خط الفقر بمعدل دولار واحد باليوم.

           بني أول مسجد في رواندا عام 1901 في مدينة نيانزا على بعد 70 كم عن العاصمة، ويقول البعض إن أول مسجد بني في رواندا هو مسجد المدينة في قلب العاصمة كيجالي وكان ذلك عام 1903م.

          في العقدين الأخيرين نشأ في رواندا جيل من المتعلمين والمثقفين المسلمين بعد دخولهم المدارس والمعاهد والجامعات وحصولهم على الشهادات التي تأهلهم للدخول في النشاطات التجارية والسياسية والمساهمة في بناء مرافق الدولة والمشاركة في جميع مجالات الحياة، وهناك عشرات المسلمين يشغلون مناصب كبيرة في الدولة مثل:

          الشيخ موسى فاضل وزير أمن الدولة،

         والشيخ عبد الكريم هاريريمان ممثل رواندا في برلمان مجلس دول شــرق أفريقيا،

         وحميد عمر وعباس موكاما والسيدة سيدات أعضاء في مجلس البرلمان الوطني،

         والأخت فاطمة هاريريمانا نائبة رئيــس لجنة الانتخابات الوطنية،

         وغيرهم من الأطباء والأساتذة في المجتمع الرواندي.

        الإسلام في رواندا يعد الديانة الثانية بعد المسيحية الكاثوليكية، وقد اعترف به رسميا في رواندا عام 1964 م على أساس المذهب الشافعي، وقد أسست أول جمعية إسلامية في رواندا عام 1964 م باسم (جمعية مسلمي رواندا) بعد أن نالت هذه البلاد استقلالها من بلجيكا عام 1962، ومنذ ذلك الحين استطاع المسلمون في رواندا أن يحصلوا على الكثير من المكاسب القانونية والدستورية في البلد.

         أما نور محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين فقد مس قلوب الروانديين بعد عام 1992م عن طريقين من التبليغ هما: أبناء رواندا الذين كانوا يعيشون في دول مجاورة مع آبائهم كلاجئين منذ عام 1959 م بسبب سياسة التفرقة والحرب الأهلية التي فعلت فعلها في حياة الكثير من سكان رواندا، وخاصة من قبائل التوتسي الذين هاجر الكثير منهم إلى الدول المجاورة مثل تنزانيا ودول شمال أفريقيا هرباً من الموت، ورب ضارة نافعة حتى في حياة الشعوب، إذ فتح الله باب رحمته ورضوانه في دار الهجرة للكثير من هؤلاء،

          فاستبصر العديد من أبناء المهاجرين في الدول التي عاشوا فيها مع الشيعة الذين ينشرون فكر أهل البيت(عليهم السلام) أينما كانوا، فحدث التلاقح في العقيدة ومن ثم الاستبصار والتمسك بحبل الله المتين، عقيدة العترة الطاهرة لرسول الله محمد(صلى الله عليه وآله)، وعندما عاد المهاجرون إلى رواندا بعد استتباب الأمن وتوقف القتال في الحرب الأهلية بعد عام 1994م، صار هؤلاء النواة الثانية لنشر راية المذهب الإمامي في رواندا،

          بالإضافة إلى النواة الأولى المتمثلة بقسم التبليغ في البعثة الدبلوماسية الإيرانية في كيجالي بإدارة الشيخ حسن مهاجر شريف الذي كان له دور ريادي في التبليغ والتدريس في تسعينيات القرن الماضي، ولكن هذا الحال لم يستمر فقد عاد هذا الشيخ إلى بلده إيران خوفاً على نفسه وأهله من التعرض للاعتداء من قبل الهاتو أو من المتعصبين من السلفيين في رواندا الذين ينصبون العداء لشيعة أهل البيت(عليهم السلام).

          يعد مذهب الشيعة الإمامية الثاني بعد المذهب السني في رواندا، وقد انتشر هذا الفكر المبارك في مناطق مختلفة من البلاد منها منطقة روهنغيري في الشمال ومنطقة نيانغي في الغرب ومنطقة غيتراما في الجنوب، بالإضافة إلى العاصمة كيجالي، ويبلغ عدد الشيعة أكثر من 1500 شيعي وعددهم يزداد كل يوم ببركة رسول الله محمد(صلى الله عليه وآله)، وأهل بيته الكرام ولا سيما الإمام صاحب العصر والزمان الحجة المنتظر(عليه السلام) رغم كثرة الأعداء والصعاب.

          يعيش الشيعة في رواندا بحال لا يحسدون عليه من حيث الإمكانات المادية والمعنوية لتفعيل نشاطاتهم الدينية والتبليغية، فيوضح ذلك الشيخ باجاروكا حسن سيف بقوله: كنا في السابق على الأقل لا نجد من يعيننا في أمر التبليغ والتدريس، وكنا بلا مسجد ولا مال، ولكن مع هذه الظروف الصعبة لم نيأس من التواصل في المسيرة، وكانت محاولاتنا بسيطة،

         حيث كنا نجتمع في البيوت الشيعية متنقلين فيما بينها نتعرض لبعض الأطروحات العقائدية بصورة بسيطة يسهل فهمها من قبل الشيعة وخاصة الجدد، وكنا نعاني من ترجمة القرآن والمفاهيم الإسلامية من اللغة العربية إلى اللغة الرواندية، وكان يتخلل جلساتنا قراءة الأدعية المشهورة مثل دعاء كميل والتوسل وخاصة في ليلة الجمعة المباركة والمناسبات الخاصة بأهل البيت(عليهم السلام).

          ومن نشاطات الشيعة المحلية التحاور غير المنتظم مع الوهابيين خاصة، وذلك أثناء اللقاءات الرسمية، أو مراسيم تشييع ميت ودفنه، أو حفلات الأعياد والأعراس التي يدعى لها من الطرفين، فيستغل بعض الشيعة ممن يمتلكون إمكانية الدعوة للمذهب الحق هذه المناسبات لطرح مفاهيم الخلاف والاتفاق بين المذاهب الإسلامية وفرص التقارب بينهم، ولطالما استبصر الكثير من الوهابية والشافعية وأصبحوا ببركة محمد وآل محمد صلوات الله عليهم من سواد الشيعة الإمامية.

           علمت من الشيخ حسن سيف أن أول مسجد شيعي (حسينية صاحب الزمان(عليه السلام)) في رواندا بناه هو وجماعته وكان من الطين وصفائح المعدن القديمة (كما هو واضح في أحد الصور)، ومن هذا المسجد الصغير رفعت الشهادة الثالثة في الأذان بمكبر الصوت رغم وجود جامع وهابي على بعد 40 متراً فقط منه.

             أما المؤسسات الشيعية فقد فهمت من الشيخ باجاروكا حسن سيف أن نشاطات المؤسسات الشيعية في رواندا تتمثل في مهام كثيرة منها:

   * نشر مذهب أهل البيت(عليهم السلام) عن طريق الدعوة والتبليغ وبصورة صحيحة.

   * طباعة وترجمة الكتب الدينية الــتي من شأنها أن تساعد على نشر تعاليم علوم أهل البيت(عليهم السلام).

   * توزيع الصدقات على الفقراء والأسر المتعففة، كفالة الأيتام وطلبة العلم.

   * تزويج الشباب والشابات المستحقين للزواج ممن لم يتيسر لهم ذلك بسبب الفاقة والعوز.

   * إقامة المجالس الحسينية وخاصة في الأيام العشرة الأولى من شهر محرم الحرام.

   * إحياء المناسبات الشيعية كالولادات والوفيات للرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) والمعصومين(عليهم السلام).

   * إقامة احتفالات دينية، وإحياء ليالي شهر رمضان المبارك وتوزيع المواد الغذائية الجافة لبرنامجها التبليغي (برنامج إفطار صائم) وإعداد وجبة إفطار كاملة في المساجد والحسينيات حسب الإمكانيات المتوفرة.

   * توزيع الملابس المستعملة للمستبصرين الجدد وتكفل معيشتهم مؤقتاً، وبالأخص الذين يطردون من أسرهم بسبب استبصارهم أو اعتناقهم الإسلام، وغير ذلك من النشاطات التي ما كانت ولا تكون لولا بركة محمد وآل محمد صلوات الله عليهم وأصحاب الأيادي البيض من المتبرعين جزاهم الله خير الجزاء.

   من هذه المؤسسات الشيعية العاملة في رواندا:

   1ـ مؤسسة أهل البيت الإسلامية : تأسست عام 1998 تعمل في مجال الدعوة والتبليغ والأعمال الخيرية، تدير شؤون مسجد الإمام علي(عليه السلام) ومصلى سيد الشهداء(عليه السلام) ومصلى الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف و مسؤولة عن الشيعة أمام الدولة ومسجلة في وزارة الداخلية تحت رقم 92/2010، وهذه المؤسسة مستقلة ولها حق التملك والتصرف وتتمتع باستقلال إداري.

          من أعضائها: الشيخ باجاروكا حسن سيف (رئيساً) والحاج روجو غيرو أبو بكر (نائب رئيس) والشيخ يوسف مجالوى  أمين الصندوق (مبلغ) والسيدة سفينة بانكوندية  مسؤولة عن لجنة السيدة زينب(عليها السلام) وغيرهم.

   2ـ مجمع أهل البيت(عليهم السلام) : وهو مجلس يمثل الجمعيات الإسلامية الشيعية، أنشأ في كيجالي العاصمة عام 2007 م هدفه تنظيم شؤون المبلغين البالغ عددهم تقريباً 20مبلغ، وتوزيع الكتب والنشرات الثقافية.

 
    جمعية الشيعة الإثني عشرية:  أسست عام 2002 يرأسها الشيخ شافي خميس، تشرف  على أعمال مصلى الإمام الصادق(عليه السلام)، وتنظيم برنامج تعليم أولاد الشيعة في أيام السبت والأحد وإحياء ليالي الأربعاء والجمعة بقراءة دعـــاء كمـــيــل.

    مكتبة العترة الطاهرة : وتقوم هذه المكتبة ببيع وتوزيع الكتب الدينية الإسلامية وأقراص (الـcd) وهي برئاسة الشيخ هــارون شــيكالــي، علماً أن هذه المكتبة أغلقت أبوابها بسبب هجوم من بعض الجماعات عليها وعلى مسجد الإمام أمير المؤمنين علي(عليه السلام) ومصلى الإمام الصــادق(عليه السلام) وسرقتهم كل شيء في هذه الأماكن، وقد اضطر الشيخ هارون شيكالي أن يواصل أعماله في بيته وكان ذلك في السنة الماضية.

          باختصار هذه هي المؤسسات الإسلامية الشيعية العاملة في ساحة الدعوة والتبليغ في رواندا، وهي قليلة وضعيفة مقارنة بحال الآخرين (ونقصد السلفية الوهابية)، والجدول أدناه يوضح شيئاً من هذه الحقيقة:

           في آخر المطاف سأترك كلمات الشيخ حسن سيف العفوية التي قالها لي عبر جهاز الهاتف، ليقرأها القارئ العزيز كما هي دون إعادة صياغة حتى لو أخلت بمعايير التعبير والبلاغة لكي يستشعر من يقرؤها بأنفاس هذا الشيعي المضطربة، وحسرته وقلة حيلته، حيث قال لي الشيخ باجاروكا:

          (أخي العزيز، لا يوجد أية جهة شيعية خارجية تهتم بوضع الشيعة وتطور حياتهم الاجتماعية والثقافية، وضع الشيعة في رواندا مؤلم ومؤسف جداً لا يملكون شيئاً كما مبين أعلاه وعددهم أكثر من1500، وعددهم يزداد يوماً بعد يوم أين نضعهم؟  ولدينا حسينية صاحب الزمان(عليه السلام) وهي أصغر حسينية في التاريخ الشيعي الحديث، عبارة عن غرفة صغيرة مساحتها 2. 5م×3. 30م، بابها مفتوح للمصلين أيضا وتقام فيها بعض المناسبات الشيعية ويقرأ فيها دعاء كميل والتوسل، وقد فتحنا هذه الحسينية لإثبات وجود الشيعة في المنطقة لأنها تبعد 40 متراً فقط عن أكبر مسجد وهابي وهو مسجد الهدايا.
 أخي العزيز، أرض رواندا صالحة للدعوة والتبليغ إذا وجدت الإمكانية والدعم الفكري والمادي من أهل الخبرة والمعرفة لأنه بدون الدعم الفكري والمادي والتوجيهات السديدة من ذوي الخبرة من خارج رواندا لن نصل إلى الهدف ولن نحقق أي تقدم أبدا وسنبقى إلى الوراء دائماً، لا يوجد في رواندا أي عقبة لنشر مذهب الحق وهو مذهب أهل البيت الأطهار(عليهم السلام)،  ولا يوجد أي مشكلة بين الشيعة والحكومة، فلهما علاقة جيدة جداً، والدولة تعطي للأديان حرية تامة لنشر معتقداتها مقابل عدم التدخل في شؤون سياسة الدولة، ونحن نتعايش مع المذاهب الأخرى بشكل سلمي، نشاركهم في أفراحهم وأحزانهم والعكس هو الصحيح فهم لا يشاركوننا في أي شيء بل يكرهوننا كرهاً شديداً و يشتموننا ويكفروننا ليلاً ونهاراً على منابرهم ومن إذاعتهم، ونحن نحاول أن نرد عليهم بالمثل ولكن على نطاق ضئيل جدا لأننا لا نملك إلا مكبر صوت واحداً ومسجداً واحداً من بين 102 مسجد سني، وهم يملكون عدة وسائل لأنهم متمكنون بذلك مادياً وبشرياً وعلمياً، ولكن الشيعة كالأيتام يحتاجون من يعتني بهم فكرياً ومادياً، لكي يخرجون من عزلتهم في العالم الإسلامي ومن ينشطهم في حركة التبليغ لنشر الإسلام الأصيل إن شاء الله تعالى.

            وأخيراً (وما زال الكلام للشيخ باجاروكالابد من توجيه النداء إلى كافة من يعزهم عزة الإسلام ويعنيهم شؤون الدعوة والتبليغ والمؤسسات الإسلامية الخيرية المختصة، من أجل الدعم الضروري والمساعدات المعنوية والمادية لإخوانهم في رواندا بإنشاء الحوزات والمدارس الأكاديمية وتقديم منح دراسية للشباب الشيعة، وإرسال الكتب الإسلامية والعقائدية والفقهية وتفسير القرآن الكريم وغيرها من الكتب القيمة للنهوض بمستواهم الثقافي والاجتماعي والصحي أسوة بما تفعله وتقدمه الفرق والمذاهب الأخرى من المساعدات للمنتمين إليها، والله على ما أقول شهيد، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

          هكذا انتهى كلامي مع الشيخ أبي علي وقد وعدته أن نرسل إليهم ما تجود به يد الفقير من كتب مختلفة الموارد، لعلها تسد ثغراً مفغوراً وظمأً شديداً وجهلاً رابضاً في حجور وقلوب ملّت عبادة الكواكب والنجوم والأساطير وتاقت لمعرفة الدين الحق القويم، دين الله ورسوله الأكرم محمد وآله الأطهار صلوات الله عليهم،

         وبفضل الله وبعد شهرين من الزمن اتصل بي الشيخ باجاروكا من رواندا وأخبرني بوصول مجموعة الكتب وشكر المؤسسة على هذه المبادرة الطيبة ودعا كثيراً لسماحة المرجع الكبير سيدنا الحكيم، وفجأة خنس صوت الشيخ أبي علي وظننت أني فقدت الاتصال،

          لكنه عاود الكلام وقد خنقته العبرة وتكسر صوته من النشيج وبالكاد سمعته يقول: يا أخي بودي أن أزور سيدي ومولاي أبا عبد الله الحسين(عليه السلام) ولكن. . .

          فبادرته بالجواب بعد لحظات من التأمل: يفعل الله ما يريد أخي العزيز إن الله جواد كريم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
Siuberski، Philippe – 1
UN Habitat – 2
Africa Recovery – 3

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.