Take a fresh look at your lifestyle.

ثورة القرّاء (81-82هـ)

0 3٬956
            القراء هم أصحاب القرآن الكريم وشيوخ القراءات وأصحاب الحديث والفقه، وفيهم طبقة ممن صحبوا الرسول(صلى الله عليه وآله). إن حركة القراء أهم حدث وأشهر ثورة حدثت بعد ثورة ابن الزبير (64 ـ 73هـ) ضد سلطان بني أمية الجائر، والرجل الأول في هذه الحركة هو عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، فقد كانت تطلعاته عسكرية، بينما كان بقية الثوار معه تطلعاتهم اخروية دينية، فقد كانوا يحاولون الخلاص من بني أمية الذين مسخوا الإسلام وأبدعوا فيه، لقد كان شعار هؤلاء القراء: (يا لثارات الصلاة)، وكانوا يصيحون قبل القتال: (قاتلوهم على جورهم في الحكم وبجورهم في الدين واستذلالهم الفقراء وإماتتهم الصلاة).
             وعند الالتفات إلى أسباب قيام هؤلاء القراء نشخص منها: إن عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الذي فتح سجستان وكان عاملها أيضا من قبل الحجاج أن بعث الأخير إليه بفتح أراضي ملك السند وأرسل إليه بعشرة آلاف مقاتل معونة له إلا أن أتى الأشعث لم يستطع في محاولته هذه، فأجل الغزو للعام القادم مما أثار عليه حفيظة وغضب الحجاج وكتب إليه يتوعدة فاستشاط ابن الاشعث غيضاً واعلن خلعه لخلافة بني أمية وحرض جيوش الفتح إلى مبايعته أميراً على العراقين.
             وكذلك أيضاً وجود كثير من الناس يريدون التخلص من الطاغية الثقفي ـ الحجاج ـ فلما وصلت بشائر قيام ثورة ابن الاشعث نرى أن بعض البقاع كالبصرة والكوفة والموصل وهيت تخلصت من براثن حكم بني أمية وأميرهم الحجاج.
               تحرك ابن الاشعث واتصل بقراء العراق وأخذ منهم البيعة لنفسه وكان في طليعتهم سعيد بن جبير الأسدي(رضي الله عنه) وعبد الرحمن بن أبي ليلى النهدي صحابي الرسول(صلى الله عليه وآله) والإمام علي(عليه السلام) والحسن البصري وعامر ببن شراحيل الشعبي وعبد الله بن مسعود المفسر وعطاء بن السائب الكوفي ومالك بن دينار البصري وإبراهيم النخعي.
              وفي شتاء سنة (81هـ) نزل ابن الأشعث البصرة قادماً من أهواز فارس فبايعه القراء جميعاً وجعل عليهم الشيخ جبلة بن زحر بن قيس الجعفي البصري، وأرسل ابن الأشعث رجلين أحدهما ولاه على سجستان والآخر ولاه (بست) وأمره بمصالحة الملك السندي رتبيل واستقامت الأمور للقراء في بادئ الأمور إلا أن الحجاج أرسل إليه جيشاً كثيراً بقيادة عبد الله بن عامر بن صعصعة فالتحم معه بمعارك كثيرة آخرها وقعة البادية حيث أبيدت قوات الحجاج ففر ابن صعصعة هارباً نحو الأهواز.
              وفي سنة 82هـ عاود الحجاج الكرة مستعيناً هذه المرة بأهل الشام وسار نحو البصرة بجيش لا يستهان به وحدثت معارك بين الطرفين آخرها كانت فيها هزيمة القراء ولجوء ابن الاشعث إلى بلاد السند وأراد من هناك بعد إعادة تنظيمه العسكري التحرك نحو العراق إلا أن الالتفات السياسي للحجاج ومصالحته ملك السند سنة 83هـ منع هذا الأمر.
             حيث تم تسليم القراء مقيدين بالحديد وعلى رأسهم ابن الاشعث الذي قطع رأسه قبل الوصول إلى واسط معقل حكومة الحجاج فقتلهم جميعاً.
            أما سعيد بن جبير فقد بقي متخفياً حتى عثر عليه الحجاج سنة 91هـ فقتله فهلك بعدها الحجاج بعدة أشهر ويمكن من خلاصة ما تقدم نستطيع أن نعين بعض مفاصل تعرقل وخذلان ثورة القراء خصوصاً ماكان من خيانة الملك رتبيل لابن الأشعث وتسليمه للحجاج فالقراء قد اعتمدوا بعد دخولهم بلاد السند على أمان السلطة فيها وبقاءهم هناك فترة لا تقل عن سنة كاملة أيضاً وبالرغم من انتصارهم في عدة وقعات على قوات الحجاج وأضعافها لم يتحركوا فعلياً نحو مراكز السلطة في العراق والشام والأطاحة لحكم بني أمية وإنهاء سلطانهم وكذلك هو وجود أكثر من عنصر قيادي أي تعدد القيادات بثلاثة ألوية أحدها تحت راية ابن الأشعث وراية ابن زحر الجعفي وراية عبد الرحمن بن العباس ابن عم الإمام السجاد(عليه السلام).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.