Take a fresh look at your lifestyle.

العراق .. والغزو الثقافي

0 745
بهاء حمزة عباس
             يرى المراقبون أن العراق في مستقبله القريب سوف يتعرض لأبشع غزو، يهدف إلى إحلال معتقدات وعادات وثقافات جديدة، مكان أخرى موروثة، حيث تقوم مجاميع سياسية واقتصادية وإعلامية بهذا الهجوم بقصد تحقيق مآرب مختلفة ووضع البلد في إسار تبعيتها، وبشكل قسري يتسم بالهدوء وعدم إثارة الضجيج ومن دون لفت الانتباه عند أكثر الناس.
            إن التسلل الثقافي الذي يمهد له عن طريق أجهزة ومؤسسات إعلامية متخصصة، التي تستثمر كل السلبيات المحلية والإقليمية، لخلق مناخ فكري مزيف تسنده الأكاذيب، وأساليب التضخيم والمبالغة وإثارة النعرات الطائفية والإقليمية ضيقة الأفق، واستغلال المشاعر الدينية والعاطفية والأخلاقية، لإعطاء آمال براقة كاذبة للشعب الفقير الذي عاش معاناة طويلة حتى يتم لها مبتغاها من النفوذ والسيطرة على العقول وبالتالي على الموارد والثروات.
              يتخذ الغزو الثقافي أنواعاً من الأساليب والطرق لتحقيق أهدافه، بعضها إعلامي مباشر تقوم به الأجهزة الإعلامية التابعة لتلك الجهات، وبعضها يستهدف التأثير على نفس الفرد بصورة غير مباشرة عن طريق الصحف والمجلات المتخصصة، فما زالت المؤسسات الغربية والصهيونية تقوم بمحاولات عديدة بالتنسيق مع الجهات المحلية العميلة الطامعة أو المخدوعة الجاهلة، لاختراق مجال البحث العلمي والأدبي سواء في الجامعات أو مراكز الدراسات لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الباحثين المتخصصين إلى جانب الفكر المعادي للأمة وحضارتها ودينها، وتصنيف هؤلاء الباحثين بالتعامل مع كل فئة والتأثير عليها من واقع طبقتها وبيئتها وانتماءاتها الثقافية.
             ومن هنا كان يجب على الأمة أن تقف أمام هذا الزحف الثقافي المعادي للإسلام وثقافته، بكل أنواع التصدي والتي منها تفعيل دور المؤسسات التثقيفية والمراكز العلمية والمساجد والحسينيات وتوسيع رقعة الشعائر الدينية وإظهارها بشكلها العصري بلا تطرف ونشر الثقافة الإسلامية بكل الطرق الممكنة من كتاب ومجلة وجريدة وأقراص وبرامج كومبيوترية ونحوها، لكي يصبح لدى الفرد خلفية ثقافية تساعده بالصمود أمام التيارات المتغربة والطارئة على واقع عراقنا وأمتنا.
               ونحن لا نريد بدعوى الوقوف أمام الغزو الثقافي أن نحد من التفاعل الثقافي الخلاق وأن نقيد الإبداع والتجديد، أو نسوغ للكسل والدعة، أو نبرر للانزواء والتقوقع، بل أن نعيش كأمة وشعب يحترم ماضيه ويتفاعل مع تراثه تفاعلاً يضمن الخير والصلاح والرفعة لأفراد هذا المجتمع جميعاً بلا حجب لأي سمة مفيدة خيرة جديدة.
             وختاماً يجب أن نعلم أن هناك بوناً شاسعاً بين الغزو الثقافي والتبادل والتفاعل الحضاري، فعلى كل المثقفين أن يعوا حجم هذا الفارق، فالغزو فرض وقسر والتفاعل اختيار وانتخاب، والغزو يفرض على الأمة لاستئصال ثقافتها وقسرها على جوانب محددة والتفاعل والتبادل ضرورة لازدهار الأمة نحو الأفضل ورقيها نحو التكامل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.