Take a fresh look at your lifestyle.

رد على مقالة:أثر القرينة اللفظية في معاني الألفاظ في القرآن الكريم

0 1٬964
                نشر الأستاذ عادل النصراوي صفحة 14ــ16 من العدد التاسع من مجلة ينابيع مقالة تحت عنوان: (أثر القرينة اللفظية…) وقد تضمنت بعض المفاهيم وبعض الآراء التي تحتاج إلى توضيح ومناقشة.. فأقول:إن الإنسان مهما بلغ من العلم يبقى مذهولاً أمام معاني وألفاظ القرآن الكريم. وهذا واضح لدى كافة الطبقات في المجتمع. وذلك حينما تطرح نصوص القرآن الكريم أمام الباحث ويحاول أن يجاريها في البلاغة والفصاحة فإنه لن يأت بآية مثلما أتى بها القرآن الكريم.
لكن الباحث النصراوي حاول أن يغفل عن ذلك وذكر (فقيمة اللفظ تتأثر بهذه الإيحائية ونوعيتها قوة وضعفاً) يبدو أن فيه طعناً فظيعاً. لأن الآيات المباركات ليس فيها ضعفاً. بل لم يوجد ضعف ولو كان كذلك لكان هناك مجال للتشكيك وهذا واضح البطلان.
واستعرض النصراوي الكلمات (جاء، أتى، حضر) وذكر كلها بمعنى واحد لكن القرائن تدل على الافتراق. ويبدو أن هذه الكلمات إذا تجردت عن الزمان فلابد أن تكون مصدر تشتق منه الكلمات ولكن إذا اشتقت فلابد من كون الزمان يلازم الفعل. فليست هناك قرائن مورداً للافتراق وهذا ما اعترف به نفسه حيث ذكر إن (جاء) زمنياً لا تحتمل التأخير والتباطؤ وفق القرائن المردفة.
وعلى هذا فإن كانت (جاء) المصدر فلا زمان لها. وإن كانت الفعل فهي تدل على المضي ولا دخل للقرائن فيها. واستشهاده بالآية المباركة (حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا) يبدو بعيداً مما ذكره لأن الآية تذكر أنه بعد مضي أمر الله تعالى وحصول الغرور. يأتي يوم القيامة من دون عذر. وليس لها تحديد بالآية الحضورية الفورية من دون تأخير لأن الآية تذكر ذلك اليوم الذي لا تنفع الأعذار ولا مقابل الذنب من الكفارات لأنه قد فات ذلك في دار الدنيا.
واستشهاده بالآية الثانية (إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها) فهو إخبار وتهديد لم يحاول أن يماطل ويسوف في أعماله. ودليل الاستفهام من باب الإقرار لهؤلاء.
ثم ابتدأت الآية بالإنذار حينما يرد أمره تعالى فلا يبقى شيء على حاله. بل يتغير كل شيء.
والآية الثالثة (ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها) فإنها تأكيد بعدم التأخير في حال حضور الأجل، وحينئذ فإن المجيء حاصل وقد أوضحت ذلك قوله تعالى لا يؤخر…
وأما الآية الرابعة (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى) فهو إخبار في زمان مضى وكان هيئة الرجل في حال كونه يسعى.
وقد استشهد في باب (أتى) التي هي فعل دال على مضي الحدث ولكنه ادعى إنه يمكن التأخير. وهذا مناف لمعنى الفعلية وحصولها في زمان ماضي.
فالآية الأولى (أتى أمر الله فلا تستعجلوه) هي جملة شرط وجوابه فإذا حدث الأول فلابد من حدوث الثاني، وليس المستفاد أن الفعل (أتى) هو الذي دل بالآية على التأخير من قوله تعالى (فلا تستعجلوه). وإنما هو رد لهؤلاء المتسرعين بوقوعه وكأنه اعتبره واقعاً حال ورود الأمر لا أنه يتأخر.
واستشهد بالآية الثانية (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً ونهاراً) التي اعتبر فيها التأخير من جراء الليل والنهار. ويبدو أن الكاتب لم يلحظ وقوع عدة أمور حتى يرد أمره تعالى. وهي أخذ الأرض بالزخرف، ثم التزيين. وتوهم أهل الأرض باستمرار الغي ففي ذلك يأتي الأمر الإلهي قطعاً. ولكن من دون أن يحدد الزمان لئلا يماطلوا. وهو إنذار لوقوع الحدث.
والآية الثالثة (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين) الترقب في الآية معناه الانتظار فلابد من عاقبة الترقب هو الإتيان السماء في المستقبل بالدخان، وليس معناه الإيواء بالترقب.
والآية الرابعة (قال تزرعون سبع سنين دأبًا فما حصدتم فذروه في سنبله إلاّ قليلاً ممّا تأكلون، ثمّ يأتي من بعد ذلك سبعٌ شدادٌ يأكلن ما قدّمتم لهنّ إلاّ قليلاً ممّا تحصنون، ثمّ يأتي من بعد ذلك عامٌ فيه يغاث النّاس وفيه يعصرون) إخبار عما يحدث في سبع سنين من الحصاد من تأكلون الحصاد ولم يبق سوى القلة ثم تحصل الأزمة. وإن كلمة يأتي تدل على المستقبل سواء ذكر الزمان أم لا. فمع ذكر الزمان يتضح المعنى أكثر جلياً.
واستشهد الكاتب بـ(حضر) في الآية (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين…) وقال أن الفعل غير معلوم زمن وقوعه مستقبلاً. لكن لم يلاحظ أن فاعل الحضور هو الموت. فهو تابع الوقوع فلا يمكن لفعل من دون فاعل فهما متلازمان في كلا الآيتين. كما أن الزمان ملازم لهما. ولا يحتاج من الكاتب فصل الحضور من الموت.
والآية الثانية (وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه) فإن حضور القسمة ملازم للموت. فإن لم يمت فلا ينتقل ميراثه لقرابته، ولكن الحضور للقسمة متلازمان بعد حصول الموت، ولا إبهام الموت، نعم موعده غير معلوم، وأما وقوعه فيحمل قطعاً. وبعد هذا لخص الموضوع وأعاد ترتيب الكلمات واستنتج أن كلمة (جاء) لا تحتمل التأخير ولكن الظاهر خلاف ذلك كما تقدم.
كما أنه ذكر أن لفظة (أتى) تحتمل التأخير في وقوع الفعل زمنياً ولكن ما بيناه إن كانت فعلاً ماضياً فإنها تدل على وقوعه في زمان مضى.
وأما ذكره (حضر) فهو يحتمل التأخير في وقوع الفعل فكما قلنا إن كان فعلاً فهو حاصل في زمان ماضي، ثم ذكر أن الآية (إنما يخشى الله من عباده العلماء) دلت على وقوع المكروه على سبيل القطع في (إنما…) ويبدو أن الكاتب لم يمعن النظر جيداً من أن الآية قد حصرت الخوف من عذابه تعالى ببعض الناس وهم العلماء فقط، هم الذين يفعلون ويعلمون ما يفعلون.
والآية الأخرى (إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة) قد حصرت الإنذار بفئة مخصوصة وهم يخافونه تعالى بالغيب كذلك صفتهم بأنهم يقيموا الصلاة
نشرت في العدد 12

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.