قال تعالى: ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ). . سورة المجادلة، الآية (11).
إن معظم الإنجازات العلمية والتكنولوجية التي حققتها البشرية في القرن العشرين هي نتاج أفكار المبدعين، ولكن العلم في الماضي كان يصمم لعالم مستقر، أما الآن فإن مجتمعنا يعيش في عالم سريع التغير تحيطه تحديات محلية وعالمية لعل من أهمها الانفجار المعرفي والتطور التكنولوجي والانفتاح على العالم الكبير نتيجة سرعة الاتصالات والمواصلات حتى أصبح العالم قرية صغيرة.
ويشير عددا من الباحثين بأنه لم توجد تقنية حولت وجه الحياة بالسرعة والقوة التي حول بها (الانترنت) مجريات حياتنا. فهذه الشبكة الترابطية بكل ما تضمه من خدمات قد صبغت تسعينيات القرن الماضي وبدايات القرن الحادي والعشرين بصبغتها ونقلت مسيرة الحضارة من مرحلة (عصر المعلومات) إلى ما يمكن الإشارة إليه اليوم بعصر الشبكة.
إن المكتبة الافتراضية أو الرقمية معنية بالتواصل و سبر أغوار العالم الرقمي حيث المصدر الثري للمعلومة على مستوى العالم. هي ليست مكتبة رقمية فحسب وإنما معنية أيضاً بكل ما هو تقني للوصول إلى المعرفة مثل النصوص الإلكترونية ومكتبة الفيديو الرقمي والصوتيات وجميع أنواع الوسائط المتعددة والبرمجيات التعليمية المنتقاة والمصنفة لدعم العملية التعليمية.
وساعدت التكنولوجيا الرقمية في تطوير المكتبات الرقمية وامتدت لتشمل التعليم والبحث في مختلف العلوم التطبيقية والانسانية في عدة مجالات ومن أهمها: سهولة تطويرها وتحويلها، وتعديلها بما يتفق مع متغيرات العصر، ومناسبتها لمختلف المجالات العلمية: الطبية، والصناعية، والإقتصادية، والتجارية، وسهولة تداولها، وسرعة معالجتها للمعلومات، مع إمكانية تحويلها من شكل إلى أخر، وساعدت على إيجاد بيئات تعليمية جديدة مثل الفصول الافتراضية والجامعات الافتراضية، ووفرت وسائل الاتصال التزامني واللاتزامني بين المعلم والمتعلمين، وبين المتعلمين وبعضهم البعض، وأتاحت فرص تبادل الآراء والأفكار والخبرات بين المتخصصين والخبراء من مختلف دول العالم؛ مما يجعل المعرفة متجددة ومتطورة باستمرار.
وتعتبر الشبكة العالمية للمعلومات (الإنترنت) من التقنيات الحديثة التي ساعدت على سرعة انتشار وسائل الاتصال ومن المهم على الأمة الإسلامية الاستفادة منها ، وتسخيرها بما يعود على الفرد والمجتمع بالنفع والفائدة. ويؤكد عدداً من المتخصصين أن ما يقدم للمتلقي العربي ليس كامل المعرفة، في زمن تتسارع معلوماته وتتدافع، لذا فإنه يجب على بقية المهتمين استكمال عمله نظرا لاحتياج الثقافة العربية إلى تطوير الجوانب المتعددة في تكنولوجيا المعلومات. وهو مما يدعو إلى الإسراع بتعريب الأدوات والبرامج بما يدعم اللغة العربية كالترجمة الآلية والتدقيق الإملائي والنحوي والتحليل الصرفي وإمكانية التعرف على الكلام وتحويله إلى نصوص والتعرف الضوئي على النصوص.
1ـ المقدمة
قال تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) . . سورة الزمر، الآية (9).
ودعاء المسلمين بقوله تعالى: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ) . . سورة طه، الآية (114). وتنويه الله جل جلاله بالعلم وأهله قال تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) . . سورة آل عمران، الآية (18).
شهد الانسان على مر العصور الكثير من الثورات: الصناعية، والتكنولوجية، والمعرفية، وأصبحنا الآن نشهد الثورة الرقمية، حيث انتشر استخدام التكنولوجيا الرقمية في كل مجال من مجالات الحياة، وأصبحت المعلومات الرقمية تحيط بنا من كل جانب، ونتيجة للثورة الرقمية تبدلت أهداف التربية وتطورت، وتغير شكل مؤسساتها التعليمية، فأصبحت تسعى نحو تحقيق الأهداف التي تساعد الأفراد على التكيف والتجاوب مع متغيرات وتطورات هذا العصر، والبحث عن تنمية مهارات التفكير لدى المتعلمين ليكونوا شركاء في هذا التطور السريع والمذهل. ولقد أدرك المسلمون منذ بزوغ شمس الإسلام أهمية المعلومات ، حيث قاموا بتشكيل قاعدة معلوماتية ضخمة لجمع ونشر العلوم ، حينما قاموا بنقل وترجمة بعض العلوم الأجنبية إلى اللغة العربية ، وبعد أن أخذت التقنية الرقمية تشق طريقها في هذا العصر ، وتتبوأ مقعدها في هذا الزمان متزامنة مع الانفجار المعرفي ، كان لا بد أن يأخذ المسلمون نصيبهم في هذا المضمار.
فيما مضى اعتمدت المكتبات التقليدية، وبحكم العادة، أن تقدم ضرباً من المعلومات ليس من اليسير بمكان توفرها في مكان آخر. وكان آمناء المكتبات هم الوسطاء بين المعلومات المرصوفة وقارىء الكتب. ومن واقع هذه المكتبة التقليدية جاءت المكتبة الافتراضية الرقمية التي يؤدي فيها الشارح الإلكتروني دور أمين المكتبة الوسيط. وبالطبع جاء عصر المعلومات بالكثير من مستحدثات الأمور في هذا الميدان فجعل القارىء مستثمراً والإنترنت وبواباتها صفحات كتاب في المفهوم الاستهلاكي، وبالطبع فإن توفر المواد المتنوعة وغزارة الفيض الكبير من التعددية الفكرية والاقتصادية هي من خصال المكتبة الافتراضية الرقمية، كما أن الربح والفوائد الأكثر هي أيضاً من خصال المكتبة الافتراضية الرقمية، وذلك لأن المكتبة الافتراضية قد ضاعفت من وجود الخدمات التي عجزت عنها المكتبة التقليدية من جهة أخرى،
وتراجع الاهتمام بالمكتبة التقليدية التي كانت تتخذ من الأحياء السكنية مقراً لها فتواجه العديد من الصعوبات في أداء خدمة تقديم معلومات فورية ومستمرة لاتنقطع. أما الآن وبعد بزوغ فجر المكتبة الافتراضية، فقد بات وجودها مؤمناً بين يدي مستهلكها فدخلت غرفته عبر الحاسوب، وصار المستهلك (القارئ المستفيد) قادراً على الولوج إلى ما يريد من فروع قراءاته؛ فهي تؤمن سُبُلَ الاتصال مع المعلومات على مدار أربع وعشرين ساعة.
وعلى أي حال، في منتصف القرن الماضي ظهر تحول آخر وهو بدء تحول بعض المجتمعات التى ما يعرف بالمجتمعات المعلوماتية. ويمكن أن تعتبر هذه المرحلة امتداد للمرحلة الصناعية مع الفارق أن الاقتصاد في المجتمعات المعلوماتية يعتمد بنسبة متزايدة على الصناعات المعلوماتية وليس الصناعات الثقيلة التقليدية. وبجانب لهذا التطور ومحاصرة المعلومات للانسان كما ذكرنا من قبل، هناك تحديات جديدة تقف أمام المجتمع الانساني وهو بصدد التحول إلى المجتمع الرقمي أو المجتمع المعلوماتي.
تعد المكتبة الافتراضية الرقمية بوابة الباحثين والمهتمين إلى العلم والمعرفة وهي عبارة عن: تكتل علمي ضخم للجامعات ومؤسسات التعليم العالي، وتتميز بتقديم خدمات تفاعلية متطورة، وكمّ هائل من المصادر الرقمية في مختلف مجالات المعرفة البشرية، بالإضافة إلى مصادر معلومات متعددة الأشكال (كتب، ودوريات، ورسائل جامعية، وأعمال المؤتمرات والندوات) متاحة بصيغ رقمية، وفق بحث سريع ومتقدم حسب التخصصات.
2ـ تعريف المكتبة الافتراضية الرقمية
المكتبة الافتراضية عبارة عن تنظيم وإدارة مجموعة من مصادر وخدمات المعلومات المتاحة والمتوفرة إلكترونياً عبر شبكة الإنترنت. ويشتمل ذلك على دمج المصادر والخدمات وتقديمها من خلال منفذ واحد ألا وهو شبكة الإنترنت. كذلك فإن المكتبة الافتراضية تشمل إتاحة وتوفير خدمات ومحتويات المكتبات عن بعد ولأماكن بعيدة. والربط والجمع ما بين إتاحة كافة أنواع مصادر المعلومات المتواجدة في المكتبة والتي يكثر الطلب عليها وبين المصادر الإلكترونية وتقديمها من خلال شبكة إلكترونية. لذا فان المكتبة الافتراضية أو ما تسمى ايضا (بالمكتبات الرقمية) لا يتطلب وجودها مباني انشائية.
ولعل بداية ظهور المكتبات الرقمية جاءت نتيجة تعدد استخدام تطبيقات التكنولوجيات الحديثة في مجال المكتبات والمعلومات، وابرزها تكنولوجيا الاتصال التي تأتي في مقدمتها شبكة الانترنت التي أحدثت تغييرات وتطورات في إجراء العمل الفني في المكتبات وفي نوعية الخدمات التي تقدمها للمستفيدين.
هذا وقد تعددت تعريفات المكتبات الافتراضية الرقمية فقد بلغت أهم التعريفات التي أمكن رصدها لهذا المصطلح ما ناهز العشرين تعريفا و من بين هذه التعريفات، انها (رؤية مستقبلية لشكل متطور من المكتبات الحالية فهي مجموعات منظمة من المعلومات الرقمية، تجمع بين التركيب والتجميع الذي كانت المكتبات تقوم به دائما مع التمثيل الرقمي الذي جعله الحاسوب ممكناً). كذلك هنالك تعريفا آخر (بانها عبارة عن تكنولوجيا حديثة ظهرت في المكتبات في اواخر القرن العشرين تعتمد على الاندماج بين المصادر الالكترونية للمعلومات وتكنولوجية الاتصالات الحديثة وشبكة الانترنت، وما نتج عن ذلك من تغيرات في عالم صناعة المعلومات، والانتشار الواسع لشبكات الحاسوب وسرعة استرجاع البيانات بواسطة البيئة العنكبوتية المتشعبة في الانترنت).
لذا فان هذا المصطلح يشير إلى المكتبات التي توفر مداخل أو نقاط وصول إلى المعلومات الرقمية وذلك باستخدام العديد من الشبكات ومنها شبكة للانترنت العلمية. ولو امعنا النظر والتفكير نلاحظ ان هذا المصطلح قد يكون مرادفا للمكتبات الرقمية وفقا لما تراه المؤسسة الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الامريكية (National Science) وجمعية المكتبات الحديثة (Association of Research Libraries)، كما ركز عدداً من المتخصصين في هذا المجال على المحددات والصفات التي ينبغي توافرها في المكتبة الافتراضية الرقمية بدلا من تبنى تعريف بعينة والتي تشابهت إلى حد التطابق مع التعريف، والذي تبنته جمعية مكتبات البحث الامريكية (ARL) والتي تتضمن:
1ـ المكتبة الرقمية ليست كيان منفردا.
2ـ تحتاج المكتبة الرقمية للتكنولوجيا لربط مصادر عديدة من المكتبات وخدمات المعلومات.
3ـ يعرض المستفيد النهائي الروابط بين عديد من المكتبات الرقمية وخدمات المعلومات.
4ـ هدف المكتبة الرقمية هو الاتاحة العالمية للمكتبات الرقمية وخدمات المعلومات.
5ـ المكتبات الرقمية غير مقيدة ببدائل الوثائق، وانما إلى المصادر الرقمية التي لا يمكن توزيعها أو تقديمها في اشكال مطبوعة.
ولابد لنا أن ننوه إلى تطور مفهوم هذه المكتبة الافتراضية مع الزمن المتسارع في عصر المعلومات فأتاحت للمستخدمين عن بعد إمكانية التشاطر بالأفكار والاتجاهات المعلوماتية، وأضحت تخول المستخدم بيع مالديه من معلومات أو المقايضة بغيرها، وأمور كثيرة أخرى لامجال لذكرها. لذا فإن المكتبة الافتراضية هي مكتبة عالمية متاحة إلكترونياً، وإنها المكتبة التي تسهل على المستفيد الوصول إلى كم هائل من المعلومات حال الطلب وفي الوقت الذي يجده مناسباً وبدون أي تأخير وتضع هذه المعلومات أمامه وهو جالس في مكتبه. إضافة إلى تقديم خدمة التوعية المعلوماتية، وتوفير دخول موحد للمكتبة الرقمية، وإتاحة الخدمة لجميع المستخدمين، وإتاحة البحث في المعلومات البيبلوغرافية للمكتبة الرقمية للمستخدمين، وإتاحة النص الكامل للكتب الالكترونية، من أي مكان وفي أي وقت، والبحث في بعض أو كل المصادر المتاحة.
ومن فوائدها أيضاً الملكية الدائمة لمصادر المعلومات الإلكترونية التي تم اقتناؤها، وتحميل الكتب المفضلة من المكتب أو أي مكان آخر، وسهولة استخدام المصادر الإلكترونية، مع إمكانية بحث تتيح للمهتمين تحديد المعلومات بسرعة فائقة. ولذا قد يكون من الصعب الوقوف على تعريف محدد خاص بالمكتبة الرقمية يتفق عليه جميع المتخصصين المرتبطين من قريب أو من بعيد، ويرجع ذلك إلى تنوع وتباين وجهات النظر المعالجة لهذه الاشكالية حيث ان تلك التعريفات المتنوعة للمكتبات الافتراضية الرقمية معطاة في الاساس بواسطة العديد من المتخصصين والهيئات والمنظمات وكل منهم يرى مفهوم المكتبة الافتراضية الرقمية من منظور تخصصه سواء العام أو الخاص. وأهم ما يميز هذا النوع من المكتبات الاتي:
1ـ توفير المعلومات المدونة رقميا سواء للكتب أو المراجع أو البحوث أو الدراسات أو الورقات العلمية أو الدوريات المتخصصة أو ملخصات المحاضرات أو غير ذلك.
2ـ توفير العناوين والملخصات وقوائم المحتويات واسماء المؤلفين والتي تساهم بشكل كبير في تحديد المطلوب البحث عنه.
3ـ مناسبة التصميم لاخراج اشكال ونوعيات وكميات المحتوى المعرفي وبما يتوافق مع متطلبات الطالب والباحث.
4ـ التنظيم والاعداد والتهيئة بطرق يسهل معها البحث والاسترجاع والتصفح والطباعة وفي كثير من الاحيان النسخ.
5ـ إمكانية التصفح والاطلاع في جميع الاوقات ومن اماكن التواجد سواء بداخل المؤسسة أو البيت أو اي مكان اخر.
6ـ توفير فهرس إلكتروني وفقا لنظم المكتبات العالمية مما يسهل ويسرع عمليات البحث.
7ـ وجود بيانات ومعلومات حول كيفية الدخول ومتطلبات الحصول والوصول إلى اي معلومة متوفرة بقاعدة بيانات المكتبة (بعض المكتبات بها معلومات ذات خصوصية وتكون بمقابل مالي).
8ـ توفير عناوين مكتبات رقمية محلية وعالمية وتقديم إرشادات لكيفية الدخول ومتطلبات ذلك.
3ـ تأسيس المكتبة الافتراضية
قد لا تتسع رفوف المكتبة المنزلية لمئات الكتب والمجلات، وبالتأكيد كلفة شراء الكتب غالبا ما ترهق جيوب المحتاجين إليها فضلا عن مشاق البحث عن كتاب أو مجلة معينة ضمن مكان وزمان محددين، إذن فالاستغناء عن كل ما ورد آنفا يعد نعمة من نعم الثورة المعلوماتية التي أشرقت على العالم كله دون استثناء. كما أدت سلسلة الاختراعات البشرية على مدار هذا التاريخ إلى انفجار مايعرف بـ (عصر المعلومات) الذي هو حلقة من سلسلة من ميزة التغيير المستمر، أما من حيث التأثير فقد سبق زمن انفجار المعلومات الذي نحيا سوابقه الابتكارية في هذا المجال، ففي ظل ثورة انفجار المعلومات صار التغيير جذرياً ومس الجوهر قبل الشكل، وكان التغيير متسارع الخطى ويتبدل كل يوم بأشكال تقنية وهندسية لاحصر لها؟ فابتكار الراديو والتلفاز قاد إلى إبتكار أجهزة التحويل وأنظمة التشفير الرقمي فالحاسوب الشخصي الصغير والحواسيب العملاقة مروراً بحواسيب الربط الشبكي والأقمار الصناعية وثورة انفجار الاتصالات التي تمثلت مؤخراً بشبكة الإنترنت والبريد الإلكتروني والهاتف الجوال وما إلى ذلك. ويوضح عدداً من الباحثين أن هناك أسباب تفوق حد الإقناع لبذل الجهود على تأسيس تكنولوجيا المعلومات الحديثة وتعليمها في مؤسساتنا التعليمية لعل على رأسها تأثير التكنولوجيا في المناهج والتعليم.
ولو نظرنا نظرة متأنية لتاريخ المكتبات الافتراضية الرقمية نرى أنها تؤكد على أنه هو نفس تاريخ تطور استخدام التقنيات في مرافق المعلومات المختلفة لكافة مستوياتها ذلك أن المكتبات الرقمية كمثل ذروة المكتبات المعتمدة على التقنية في الوقت الحالي وبخاصة تقنيات الحاسبات والشبكات .
ومن الممكن رصد ثلاث توجهات للإنتاج الفكري حول تاريخ المكتبات الرقمية.
أولها فلسفي يظهر من خلال عرض التنبؤات والرؤى التي ادت إلى ظهور المفهوم ثم التطبيق.
والثاني تمهيدي هو للتسهيل في ظهور التقنيات التي مهدت الطريق لظهور المكتبات الرقمية.
والثالث تطبيقي وهو بدء تاريخ المكتبات الافتراضية الرقمية منذ ظهور مبادرة المكتبات الرقمية ثم التفصيل في المشروعات التي ظهرت منذ ذلك الحين في كافة أنواع المكتبات الرقمية.
وينقسم مشروع بناء المكتبة الافتراضية الرقمية إلى عدة مراحل: أولها توفير الكتاب الالكتروني الأجنبي، والمرحلة الثانية مايتعلق بالدوريات، والمرحلة الثالثة للرسائل الجامعية، وإنتاج أعضاء هيئة التدريس في الجامعات، وأيضا سيكون الوصول لها متاح لكافة المخولين للدخول إليها من منتسبي الجامعات العراقية سواء حكومية أو أهلية.
تأتي الشبكة الافتراضية العلمية إذن لتكون معيناً للدارسين والباحثين وسط هذا التدفق المعلوماتي الهائل، الذي بات معروفا بأنه نتاج يتشكل من الظواهر والحقائق المحسوسة أي البيانات، ومن التعليمات المطلوبة لفهما وتفسيرها وإعطائها معنى، وأمام الانفجار الواسع النطاق في الكم والنوع للمعلومات التي يجري توليدها وتوظيفها بلا انقطاع على مدار الساعة بل على مدار الدقائق.
إنها المعلومات ما تلبث أن تتكامل بشكل حيوي متصل في الحياة اليومية للإنسان /الفرد، ومن ثم المجموعة والمؤسسة والمجتمع ككل، الأمر الذي يقود البشرية إلى عصر مذهل تُمارس فيه الحياة من أبسط أشكالها إلى أعلى مستويات التعقيد بناءً على معلوماتية قائمة على استقاء البيانات من حركة الأحداث والظواهر والحقائق وتحويلها إلى معلومات، وتوظيفها على الفور. وهنالك عدداً من الاسعدادات الفنية والادارية التي تؤثر في اداء مهام المكتبة الافتراضية الرقمية:
1ـ تبني التقنية: مما واجه المكتبات من عقبات كانت إجراءات التحويل إلى واقع إلكتروني افتراضي، حيث انساق العديد وراء ضرورة التحويل الإلكتروني في عصر المعلومات، وسار الجميع مهرولين نحو تطبيقات مؤتمتة (رقمية) ولاسيما في مجال المكتبات لما لهذا القطاع من ضخامة حقيقية في حجم المعلومات في العلوم والفنون والآداب والآثار والتقنيات وما إلى ذلك، ولهذا فإن الإعدادات نحو الأتمتة (الرقمية) جعلت من الموارد المكتباتية أشبه بالجزر العائمة على بحرٍ مترامي الأطراف تسمى بالإنترنت.
فالأتمتة هي من الإعدادات الضرورية جداً، لما تؤديه من دور في اختصار الوقت أمام المستثمر، وهي الخطوة الإجرائية الأولى التي يتعين على المتخصصين أن يعيروها الأهمية القصوى كظاهرة حضارية متطورة تكفل الوصول إلى مكتبة افتراضية حديثة الشكل عميقة المضمون وعصرية في الأداء.
2ـ المستهلك جسر تواصل: إن أول الدوافع التي دعت الواقع المكتباتي إلى ضرورة الأتمتة الإلكترونية هو المستهلك الذي أدى دور الوسيط المتواصل، حيث تم الاعتماد على أفكاره الإبداعية وعلى تصوراته من أجل إرساء قواعد المكتبة الافتراضية الرقمية. وقد وجد بعضهم أن العلاقة التي تربط بين فكر المستهلك والمكتبة الافتراضية إنما هي علاقة هامة، لابل حقل علمي تقدم في شروحه وتفسيراته البحوث الأكاديمية التي تدرس كيفية التواصل بين الفرد ككتلة من الأحاسيس والأفكار والكمبيوتر(الجهاز التطبيقي) الذي يخدم أفكار الفرد وينميها.
3ـ التقنية: أما التقنية التي يتعين انتقاؤها في عصر المكتبات الافتراضية الرقمية أدت إلى تسارع في تطوير الابتكارات التي من شأنها أن تؤدي دوراً وطيداً في انتشار المكتبة الافتراضية حيث غزت الأقراص الليزرية التي تنقل جميع مواد المكتبات الافتراضية بسرعة من خلال بثها عبر الإنترنت، وبرز دور التقنيات الأخرى مثل الأقراص الرقمية ومازال المستقبل يخبئ لنا الكثير. إلا أن الإنسان بوصفه المستفيد سيظل محور أي ابتكارات جديدة تنقله إلى المكتبة الافتراضية الرقمية بأسرع وقت ممكن ودون عناء.
ومما يزيد من أهمية التطبيقات هي تلك الإمكانية التي حباها المبتكرون للفرد في استخدام جميع التطبيقات البرمجية اللازمة لتشغيل شبكة الإنترنت فضلاً عن القدرة الخلاقة على الولوج إلى الملفات الثرية بمعلوماتها الثرة وجداولها وإحصاءاتها.
ولانشاء المكتبة الافتراضية الرقمية هنالك عدداً من القواعد والاسس الواجب توفرها وكما يلي:
1- اعتماد نسق موحد للمعلومات، 2- أسلوب النفاذ إلى المكتبة الرقمية، 3- الأمان والتحقق من هوية المستخدمين، 4- برمجيات حماية حقوق الملكية الفكرية، 5- البنية التحتية للمشروع من برمجيات وقواعد بيانات ومدى قدرتها على التوسع واستيعاب الإعداد المتزايدة من المستخدمين، 6- محرك البحث المستخدم، 7- وسائط التخزين وحفظ البيانات وقدرتها على التوسع وأساليب التخزين الاحتياطي التي تعتمدها، وأخيراً 8- العالمية العاملة في مجال المكتبات الافتراضية الرقمية.
وهنالك العديد من الاسباب وراء انشاء المكتبة الافتراضية الرقمية، وسنتطرق إلى أهمها:
1- الحاجة إلى تطوير الخدمات وتقديمها بشكل أسرع وأفضل ، 2- وجود تقنية مناسبة وبتكاليف مناسبة ، 3- وجود العديد من أوعية المعلومات بشكل رقمي ومتاح تجاريا ، وأخيراً 4- انتشار الانترنت وتوفره لدى الكثيرمن المستفيدين.
ومن الأبعاد المعرفية والمعلوماتية التي تصبو إليها المكتبة الافتراضية الرقمية ما يلي:
_ تطوير بيئة فاعلة للتعلم والبحث العلمي.
_ دعم الطالب وتزويده بالخبرات التعليمية الاكاديمية والتطبيقية.
_ تمكين الطلبة من أدوات البحث العلمي واكتشاف مجتمع المعرفة.
_ الاستغلال الأمثل للمصادر النادرة للمعرفة.
_ تطوير دور المكتبة الرقمية لتتبنى الدور الوظيفي المتكامل في خدمة المعرفة لجميع كادر الجامعة.
_ دعم المكتبيين من أهل التخصص بتطوير قدراتهم.
4ـ مميزات المكتبة الافتراضية الرقمية
لقد بات استخدام الإنترنت في التعليم هو الامتداد الطبيعي والمتوقع في المؤسسات التعليمية وعليه ارتبطت عمليات التطوير فمن الضروري استخدام الإنترنت لما له من فاعلية في تنمية التحصيل الدراسي. فالأهمية الإستراتيجية التي يضعها الباحث، هي الطريق السحري الموصل نحو المعلومات، ومن أهمها: تحديد الموضوع، وتدقيق كلماته، واختيار محرك البحث المناسب، والبدء بالمواقع المعروفة، واستخدام البوابات المقترحة، واستعمال محركات عدة للبحث.
كما أن برامج محركات البحث تتيح للمستخدِم النبش عن مفردات محددة وذلك من خلال إدخال الكلمات المفتاحية الدالة على موضوع محدد للبحث ضمن مصادر الإنترنت المختلفة، قد تصل إلى ملايين المواقع، وبالتالي تعد الوسيلة المريحة والسريعة للبحث عن المعلومات وترتيبها.
وتتطلع المكتبة الافتراضية الرقمية بالجامعة إلى التأثير النوعي المميز لمخرجات التعليم بالجامعة في جميع مجالاتها التعليمية والبحثية مع تجاوز سلبيات المفاهيم القديمة عن المكتبات الجامعية، ويتم تحقيق ذلك بجملة من الإجراءات منها ما يلي:
1ـ تجاوز معوقات المكان والزمان باستخدام تقنيات التواصل خارج أسوار الجامعة.
2ـ التوسع: التوسع العمودي والأفقي للمصادر المعرفية مع تجاوز جميع المعوقات بأتمتة المعرفة وجعل التقنيات مزامنة لمصادر التعلم.
3ـ الإثراء: ترافق التقنية مع المعرفة الرقمية تسعى المكتبة الافتراضية الرقمية إلى إثراء الجوانب المعرفية بالمزيد من التوظيف للوسائط المتعددة والمتنوعة بإضافات جديدة مثل الموسوعات الرقمية المفتوحة على الإنترنت.
4ـ المرونة: عبر الفهرسة المتبعة تسعى المكتبة الافتراضية الرقمية إلى المزيد من المرونة في التوصل إلى مصدر المعلومة من جميع أطرافها وتناول الحزم التقنية للفئات بالإضافة إلى الإسناد التوافقي لخدمة مميزة.
5ـ المشاركة والتواصل: يمكن لجميع المشاركين والمستفيدين من التواصل المتزامن والمشاركة الفعلية للمعلومة في آن واحد من خلال الوسائل الإلكترونية المتاحة.
ومما لا شك فيه أن المكتبة الافتراضية الرقمية تتميز عن المكتبة التقليدية وتنفرد بخصائصها وفوائدها ومنها:
1ـ تكون السيطرة على أوعية المعلومات الالكترونية سهلة وأكثر دقة وفاعلية من حيث تنظيم البيانات والمعلومات وتخزينها وحفظها وتحديثها .
2ـ يستفيد الباحث من إمكانات المكتبة الالكترونية عند استخدامه لبرامجيات معالجة النصوص. ولبرامجيات الترجمة الآلية عند توافرها ، والبرامج الإحصائية فضلا عن الإفادة من إمكانيات نظام النص المترابط والوسائط المتعددة.
3ـ إمكانية الحصول على المعلومات والخدمة عن بعد تخطى الحواجز المكانية والحدود بين الدول وللأقاليم واختصار الجهد والوقت ، وبإمكان الباحث أن يحصل على ذلك وهو في مسكنه أو مكتبته الخاصة.
4ـ يمكن البحث والاستعارة منها في كل الأوقات ومن على بعد.
5ـ إمكانية الاستفادة من الموضوع ومطالعته من قبل عدد كبير من الباحثين في وقت واحد.
6ـ تساعد في نشر الوعي الثقافي الرقمي وتشجيع الباحثين والمؤلفين على الاستفادة من الوسائط المتعددة .
7ـ مواكبة التقدم الفني في العالم واستغلال وجود تسهيلات اكبر للوصول إلى شبكات المعلومات .
8ـ الخدمة ذاتية وبالتالي يقلل العب على المكتبة.
9ـ أنها أقل تكلفة.
هذا وقد أطلقت اليونيسكو من خلال (المكتبة الرقمية الافتراضية العالمية) نشر القيم التي تدافع عنها كالتنوع اللغوي والفهم بين الثقافات وأيضاً تقليص الهوة الرقمية بين الشعوب، وتوفر المكتبة الجديدة إمكانات للبحث والتصفح عبر الإنترنت من خلال سبع لغات (الإنجليزية والعربية والصينية والإسبانية والفرنسية والبرتغالية والروسية)، كما تقترح مواضيع ومحتويات بحثية في لغات عديدة أخرى. وعمل فريق من (مكتبة الكونغرس) على تطوير هذا المشروع بمساعدة تقنية من مكتبة الإسكندرية في مصر، فيما حثت اليونيسكو أعضاءها على توفير محفوظات من تراثهم الثقافي، وبينت سكرتارية اليونيسكو أن (المحتويات المتوافرة ليست حصرية للمكتبة الرقمية العالمية.
وفي وسع المنظمات المشاركة تقديمها هي نفسها إلى مكتبات أخرى، على أن تبقى هي المالكة لهذه المعلومات). وتعتبر الدوريات شرياناً هاماً من شرايين المعلومات في المكتبات ومراكز المعلومات وخاصة المكتبات الأكاديمية التي تولي اهتماما خاصا للدوريات العلمية في مختلف مجالات المعرفة. ولقد ظلت الدوريات المطبوعة هي السائدة في مقتنيات المكتبات الأكاديمية حتى قبيل نهايات القرن الماضي وقبل التحول الجذري في وسائل نقل المعلومات إلى الوسيط الآلي الذي يزداد دوره يوما بعد يوم. ومنذ بضع سنوات تسارعت خطى النشر الإلكتروني حتى أصبحت نسبة كثيرة من الدوريات العلمية تنشر إلكترونيا بجانب النشر الورقي مما أدى إلى صدور الكثير من الدوريات المتخصصة في مجالات مختلفة في وسيط إلكتروني فقط مما سهل عملية إصدار هذه الدوريات المتخصصة وخفض تكلفة النشر والإصدار وليس هذا فحسب بل سهل أيضا عملية توزيع هذه الدوريات ووصولها إلى المهتمين بها.
بينما باتت فكرة المكتبة الافتراضية الرقمية واقعاً ملموساً في أنحاء العالم، أصبح للطلبة الباحثين أن يبحروا عبر المواقع الإلكترونية للجامعات ومراكز البحث المتخصصة. وذلك لما تتمتع به المكتبة الافتراضية الرقمية من مزايا أهمها:
الإمكانات غير المحدودة للبحث في البيبلوغرافيات،
وتعدد بدائل البحث وتوفره من أي مكان في العالم باستمرار مستفيدين من ميزة إلغاء عنصري الزمن والمكان،
وإمكانية تخزين المعلومات واسترجاعها.
هذا وقد قدم مجتمع المعلوماتية للعالم ما يختص بتوسيع دائرة حرية التفكير والتعبير ولعله من المميزات الكبرى لتكنولوجيا الاتصال الحديث واهمها شبكة الانترنت التي سمحت لملايين البشر من المتعاملين معها ان يمارسوا حق حرية التفكير والتعبير. وتعد الجامعات الأكثر حاجة لمصادر المعلومات في أرقى أشكال مصادرها لكي تلبي الحاجة التعليمية وتساند العملية التدريسية فيها. وتبرز انطلاقا من ذلك أهمية بناء المكتبة الرقمية لتقتني الكتب ومصادر المعلومات الرقمية، وتتيحها بشكلها الإلكتروني للمستفيدين منها في الجامعات والكليات باعتبارها الشكل الأحدث والأقدر على تقديم مصادر المعلومات الإلكترونية، وإتاحتها على شبكة الانترنت للمستفيدين منها في شتى بقاع الدنيا، بما يحقق لهم سرعة الوصول للمعلومة.
5- مساوئ المكتبة الافتراضية الرقمية ومشكلاتها
رَصد عصر المعلومات الذي انفجرت فيه خدمات الابتكارات التكنولوجية آثار ابتكارات التاريخ الإنساني عبر مسيرة الزمن. فالابتكارات كانت في السابق عملاً يتطلب جهداً فائقاً نظراً لقلة الإمكانيات المتاحة سابقاً. ومع هذا فقد كان لكل ابتكار سلاحه الذي واجه المجتمعات الإنسانية سواء بالخير أو بالشر. أما ما شرع به عصر المعلومات من إرساء لقواعد ابتكارات فقد وصلت حد الترف لدى دول المبتكرات فقد كان لها أداءً سلبياً على بعض الشعوب الفقيرة فكان الفارق بأن انقسم العالم على نفسه فكرياً واقتصادياً. ومع ظهور وجه الإنترنت كانت التغيرات الحقيقية،
إذ أن سبل الحياة المختلفة أفرزت متغيرات كثيرة فيها من المساوئ بقدر ما فيها من حسنات. فقد أدى ظهور التجارة الإلكترونية إلى اختصار دور الوسيط، وانتفى أيضاً دور المكتبة التقليدية التي كانت في السابق مركز اشعاع.
ومما لا شك فيه أن المكتبات تواجه مشاكل عديدة عند التحول من مكتبات تقليدية إلى مكتبات افتراضية رقمية، بعضها يتعلق بأمور تقنية وأخرى قانونية. وقد اجمع الكثيرون من المهتمين بالمكتبات الافتراضية الرقمية على أن تقنيات حماية وإدارة حقوق الملكية الفكرية الخاصة بالمحتوى الرقمي لم تحقق بعد مستوى للأمن المطلوب ، حيث لا زال من السهل كسر التشفير الخاص من هذه الأدوات. اضافة إلى ذلك قد ظهرت بعض المشكلات والتي تعد بمثابة عيوب لها ومن تلك المشاكل:
1ـ التكاليف المادية المرتفعة لمصادر المعلومات الرقمية.
2ـ التكاليف الباهظة للتجهيزات التقنية اللازمة التحول.
3ـ الصياغة القانونية للعقود مع مزودي المعلومات عند اقتناء قواعد البيانات.
4ـ حماية حقوق النشر والملكية الفكرية، وهنا نتوقف لحظة لنركز على النقطة الأخيرة فهي محور حديثنا فعلى الرغم من التطورات الكبيرة في مجال تقنيات الكتب والمكتبات الرقمية فما زالت أمامها شوطا بعيداً لابد أن تقطعه لتحقيق الانتشار الكامل.
ولابد لنا من تساؤل يطرح نفسه . . هل ستبقى خدمات المكتبة الرقمية دون مستوى تطلعات المسؤولين والمهتمين؟ ما لم يواكب ذلك تدريب على استخدامها والبحث فيها من قبل عمادات المكتبات والبحث العلمي والتعلم الإلكتروني وتطوير المهارات في الجامعات، لكي يكون الاستخدام بالحجم الذي نطمح إليه، كما أن المرحلة الأولى من إطلاق خدمات المكتبة الرقمية قد لا يشاهد فيها إقبال كبير من منتسبي الجامعات على استخدام المكتبة والبحث في كنوزها، وهو أمر طبيعي في البداية، ولكن يتوقع المتخصصين أن تتحسن الأمور وتزداد نسبة الاستخدام من قبل المستفيدين في جامعاتنا بشكل متسارع انسجاما مع توجه وزارة التعليم العالي والجامعات العراقية لتفعيل استخدام التقنية ونشر ثقافة البحث العلمي بشكل أكبر ما هي عليه ما سيزيد من نسبة مرتادي المكتبة الافتراضية الرقمية العراقية والاستفادة منها.
6- المكتبة العلمية الافتراضية العراقية
تعد المكتبة الافتراضية الرقمية العراقية أحد المشاريع الرائدة، والرامية إلى الارتقاء بالعملية التعليمية في العراق من خلال دعم منظومة التعلم بصورة عامة، والتعليم الإلكتروني بصفة خاصة، والوفاء بمتطلبات البحث العلمي، بالإضافة إلى تعزيز المهارات وبناء مجتمع معرفي، كما يبرز دور المكتبة في حفظ الوقت والجهد، فيما يتعلق بعملية التعلم والتعليم والبحث العلمي. ومشروع المكتبة الرقمية يعد من أبرز الصور الداعمة للجامعات العراقية، والتي تعد من أهم التكتلات العلمية على المستوى الوطني، حيث يعمل على توفير خدمات معلوماتية متطورة، إضافة إلى إتاحة مصادر المعلومات الرقمية بمختلف أشكالها (الكتب والدوريات والرسائل الجامعية وأعمال المؤتمرات والندوات وغيرها من مصادر المعلومات) وجعلها في متناول أعضاء هيئة التدريس والباحثين والطلبة في مرحلتي الدراسات الأولية والعليا بالجامعات، وبقية مؤسسات التعليم العالي عبر بوابة المكتبة الالكترونية على الانترنت.
وباعتبار المكتبة والجامعة الاساس الذي تقوم عليه العملية التعليمية وبرامج التأهيل والبحث العلمي داخل مجتمعها المحلي ومن هنا فان جامعاتنا مدعوة اليوم وأكثر من أي وقت إلى تجسيد هذه الأفكار في إطار مشروع وطني كبير وواعد في مكتباتها تتمثل بايجاد شبكة اكاديمية للبحث الا وهي المكتبة الافتراضية الرقمية العراقية الذي يمثل بدوره حلقة من حلقات استكمال النظام الوطني للمعلومات في مكتباتنا الجامعية والذي يمكن في المستقبل من ربط البلد بالشبكات الاقليمية والدولية،
ويمثل هذا المشروع في اساسه الهيكل العام لبرنامج الانشطة الرامية إلى تثمين وتطوير خدمات الاتاحة وتبادل المعلومات بين الجامعات ومراكز البحوث ومختلف المؤسسات ذات الطابع التقني والعلمي في اطار مكتبة افتراضية رقمية تستغل كل ما تتيحه التكنولوجيا الحديثة للمعلومات والاتصال في تفعيل العمل والنشاط الوثائقي بين المكتبات الجامعية في كل الميادين. ولعل آفاق تطبيق هذا المشروع الآنية والمستقبلية ستنعكس على مختلف قطاعات النشاط الاقتصادي الوطني بصورة عامة وعلى النشاط الجامعي بصورة خاصة بغض النظر عن دوره في تعزيز النظام الوطني للمعلومات وارساء دعائم مجتمع المعرفة في العراق. ولايفوتنا أن نذكر أن مثل هذا المشروع لابد أنه يشكل الارضية التي يمكن ان تنطلق منها مشاريع المكتبات الرقمية في الجامعات العراقية الاخرى.
فالمكتبة الافتراضية العلمية في العراق واحدة من أدوات الدعم العلمي التي سعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى تحقيقها عبر التعاون المثمر مع منظمة (CRDF) الجهة المانحة للدعم المادي من اجل انجاح هذا المشروع المنبثق من حاجة الباحثين والأساتذة والطلبة العراقيين وغيرهم للاطلاع على المنشورات العلمية الحديثة.
وقد وفرت المكتبة الافتراضية العراقية اكثر من (6000) عنوان لمجلات وكتب علمية رصينة من دور نشر عالمية الأمر الذي فتح شهية الاكاديميين والباحثين العراقيين للإسراع في الاشتراك من خلال شبكة الإنترنت حيث بلغ عدد المشتركين اكثر من (8000) مشترك وتم سحب عشرات الآلاف من البحوث والكتب وسط حاجة ملحة للانفتاح السريع على التطور المعلوماتي في البلدان المتقدمة. وتجدر الإشارة إلى أنّ شركة فيتاليكت الأمريكية المتخصصة بالتعليم عبر الشبكة الإلكترونية، والتي تتخذ من ولاية كالفورنيا الأمريكية مقرا لها، كانت من المؤسسات التي ساهمت في هذه المكتبة الإفتراضية وشركة سيمبرتول للمعلومات الدنماركية كذلك.
إنّ المكتبة العلمية الافتراضية العراقية (IVSL) هي موقع على شبكة الانترنت يمكن الباحثين من اساتذة وتدريسين وطلبة في الجامعات ومراكز البحوث العراقية من الوصول إلى مجموعة مميزة من ملايين المقالات الكاملة المنشورة في أكثر من 20،000 مجلة علمية وهندسية بارزة وأرشيفاتها، بالإضافة إلى محتواها التقني ومصادرها التعليمية. و يمكن لأي شخص الآن الدخول وبسهولة إلى موقع المكتبة العلمية الافتراضية العراقية على شبكة الانترنت على عنوانها التالي (www.ivsl.org).
وتعهد المسؤولين والمشرفين على المكتبة الافتراضية العراقية بجعل المكتبة متاحة لجميع المهتمين والباحثين والدارسين في مجالات العلوم والتكنولوجيا في العراق. وتشيرالمعلومات الإحصائية المتوفرة عند منتصف عام 2008 بأن عدد المشتركين من الجامعات العراقية السبع المرتبطة حاليا بمشروع المكتبة الافتراضية حاليا هو حوالي (2500) مشترك في العام 2006، قاموا بسحب أكثر من (140) ألف بحث، وبلغ عدد المشتركين للخمسة أشهر الأولى من2007 حوالي (1400) مشترك قاموا بسحب ما يقرب من (72) ألف بحث.
إن الجامعات العراقية فعلت العمل حالياً بالمكتبة الافتراضية التي توفر اكثر من (17) الف مصدر علمي حديث بهدف تمكين الباحث العراقي من التواصل المعرفي مع اقرانه من دول العالم وهذا المشروع يتمثل بموقع على شبكة الانترنت تستطيع الجامعات ومراكز البحوث العراقية من خلاله الوصول إلى مجموعة مميزة من ملايين المقالات الكاملة المنشورة في اكثر من (17) الف مجلة علمية وهندسية بارزة وارشفتها. ان هذه المكتبة من شانها اعادة البنية التحتية التربوية والعلمية في العراق، وصولا إلى هدف نهائي يتمثل بتحويل المشروع من مرحلته التجريبية الحالية إلى مشروع طويل الأمد يتم تبنّيه ودعمه كليّا من قبل العراق، حيث سيتم تزويد الجامعات والمؤسسات المستفيدة بمجموعة من برامج الكمبيوتر ذات العلاقة وتدريبهم في مجال تقنية المعلومات وكذلك تزويدهم ببعض الأجهزة والمعدات بهدف تسهيل وتسريع عملية التحويل.
ويقوم فريق عراقي متخصص من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي حاليا بإدارة عملية نقل الملكية والتكنولوجيا الخاصة بالمكتبة الافتراضية بالتعاون مع مؤسسة البحوث المدنية وشركة صن مايكروسييتمز، حيث تم انجاز تدريب تخصصي لتشغيل وإدارة أجهزة الكومبيوتر الخادمة لمهندسين من سبعة جامعات مستفيدة من المكتبة بالإضافة إلى تدريب للمكتبين، فضلا عن توقيع اتفاقية لغرض تسلم المنحة الخاصة بأجهزة الكومبيوتر الخادمة المقدمة من شركة صن مايكروسييستمز والتي ستوزع على الجامعات المستفيدة.
وقد تولت الحكومة العراقية مسؤولية إدارة المكتبة الإلكترونية، والتي كانت مؤسسات أمريكية قد أنشأتها منذ أربعة أعوام لمساعدة الباحثين والعلماء العراقيين في الوصول إلى آخر البحوث والدراسات في مجالات الكيمياء والهندسة والرياضيات والفيزياء. والمكتبة الإفتراضية العلمية العراقية كانت قد أنشأت في عام 2006 بشراكة بين الخارجية الأمريكية ووزارة الدفاع الأمريكية، وتمّت إدراتها من قبل المؤسسات الأكاديمية الوطنية الأمريكية وأشرفت عليها مؤسسة البحوث والتطوير المدنية الأمريكية.
وهي اليوم تقدم خدماتها لـ 90% من طلاب ومدرسي وباحثي الجامعات العراقية، وأيضا لتسعة من الوزارات الحكومية العراقية. وتضم قائمة شركاء المكتبة العلمية الافتراضية العراقية المؤسسات العراقية التالية:
* وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة العلوم والتكنولوجيا.
* سبع جامعات عراقية تغطّي العراق من شماله إلى جنوبه ( الموصل والسليمانية وبغداد والنهرين والمستنصرية والتكنولوجيا والبصرة).
* الاكاديمية الوطنية العراقية للعلوم والاكاديمية العراقية للعلوم.
* المركز الدولي العراقي للعلوم والصناعة (AACSA).
والهيئات والمنظمات العلمية التي شاركت في هذه المكتبة هي: دار نشر سبرنجر ومؤسسة ثومسون رويترز للبحوث ودارنشر معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات العالمي ومؤسسة مجتمع الكيميائيين الأمريكي، وكذلك مؤسسة مجتمع مهندسي الهندسة الميكانيكية الأمريكي والمعهد الأمريكي للفيزياء ومؤسسة المجتمع الأمريكي للمختصين بعلوم الرياضيات ومؤسسة مجتمع مهندسي الهندسة المدنية الأمريكي ورابطة مكائن الحوسبة ودار إليسفير للنشر ومنظمة أرشفة وحفظ المجلات والبحوث الأكاديمية ومؤسسات ومنظمات أخرى.
كما يدعم المكتبة الإفتراضية الإلكترونية شركاء آخرون من القطاع العام والخاص الأمريكي مثل وزارة الدفاع الأمريكية ووزارة الخارجية ووزارة الزراعة ووزارة الطاقة، إلى جانب وكالة المحيطات والغلاف الجوي الوطنية وفيلق مهندسي الجيش الأمريكي. وتدعم بعض الجامعات الأمريكية هذه المكتبة الإلكترونية، مثل جامعة ماري لاند وجامعة كورنيل وجامعة ييل ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والكلية الوطنية للعلوم بالإضافة إلى المركز الوطني العراقي للعلوم والصناعة. وكذلك تدعمها دور نشر خاصة مثل دار صن مايكروسيستمز.