سيناريو الأنبار السوري

224

64

    الصور القليلة التي شاهدناها عن مواجهات العشائر والشرطة المحلية لتنظيم داعش كانت صورا مؤلمة، كما ان معاناة الناس الذين ظهروا في تلك الصور وهم خائفون من وقوع الأسوأ.. تشبه ما يقع في سوريا. نسخة أنبارية لم تتغير ألوانها كما تغيرت صور

 الدمار السوري، لأن عامين من الموت في سوريا كفيل بان يجعل الحياة لا تطاق، ومع هذا لا أحد يتعظ ويشرب الدرس جيدا ليفيق بعدها على موقف جديد.

ايام قليلة مرت ووجه الحياة في الرمادي والفلوجة تغير كثيرا عما كان عليه من قبل. نقص في كل شيء، والمواجهات لا تزال تقع في الشوارع، فيما يراقب الجيش الوضع ويمد المقاتلين من العشائر والشرطة بالسلاح على حد تعبير رئيس صحوة العراق.

التقارير الأخيرة تؤكد استمرار العمليات العسكرية.. ويبدو أن هناك تضاربا في الاخبار التي تأتي شحيحة وغير دقيقة نظرا لخطورة الموقف. حتى مراسلو القنوات الفضائية بدؤوا يرسلون تقاريرهم من غرف تشبه الغرف التي تظهر في نشرات الاخبار التي تغطي الحرب السورية.
يقال ان السيناريو الذي وقع في الانبار كان صورة لسيناريو آخر مطبق عند جارتنا سوريا. ومهما يكن الحال فان الوضع العام يحتاج الى وقفة جديدة تقدر المخاطر التي قد تقع فيما لو ظل الحال على ما هو عليه.

لنقترب اكثر من الصورة. قوات الجيش تقف عند محيط الفلوجة والرمادي، وقوات العشائر والشرطة المحلية تقاتلان تنظيما خطيرا كداعش. الامر يشبه نزالا في حلبة. هذا ليس صراعا على طريقة الخصم الذي يريد أن يفوز بالكأس ويقول للعالم انا من فعلت كذا. اتمنى ان يكون الحال غدا على غير ما هو عليه، إذ ليس من المعقول ان تكون قوات الجيش تراقب معركة بين جهتين لا تمتلك أي منهما حلا حاسما، ومع الوقت سيتعقد المشهد اكثر، وتسقط ضحايا بأعداد اكبر، لذا لا بد من حسم الامر بأداته الاسهل، وعدم ترك الصراع يدور وكأن هناك التزاما لحسمه بجهود العشائر فقط.

الموقف صعب جدا..وما هو اصعب تداعياته التي لا احد يعرف كيف ستكون، والاخطر أن يدفع الابرياء ثمنا جديدا بالرغم من كل سنوات الحرمان وفقدان الامن. إذن القضية أعقد مما يظن البعض، وان الخطر ليس لحظة مفتوحة نتعامل معها ببرودة اعصاب، ذلك لان الآلاف الذين لا يزالون يعيشون تحت وابل النيران وأولئك الذين غادروا المدينة سيكونون اول الخاسرين، وضحايا أخطاء قد لا يدفع أحد ثمنها سواهم.

في كل حدث مؤلم افكر بالابرياء. اسرح مع خيالي المشتعل وأنا انظر الى طفل ما في بيت فلوجي او رمادي يجلس خائفا يرتعد مع كل اطلاقة او قذيفة هاون. اتفحص ملامحه وانظر الى وجهه وبكائه. طفل واحد يموت او يخاف سيترك في قلب الانسان الحقيقي بركانا من الندم. ولعل السياسة اليوم ترقت كثيرا حين عرفت كيف تجعل الندم ينام في القلوب نوما شبيها بالموت، وهكذا لم يظهر في الصورة إلا الصخب العالي لأدوات القتال..اما التفاصيل الاخرى، أي الخوف الذي يهزم البشر ويقلل من انسانيتهم، فلا اثر لها أبدا. هذه هي لعبة القلوب الجديدة.

نوزاد حسن

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*