مكانة المرجعية عند قادة الكتل الشيعية

428

24-7-2014-4-d

لا يوجد بين زعماء الكتل الشيعية من يعارض دور المرجعية العليا ورأيها في القضايا التي تعطي فيها موقفاً. وغالباً ما تبادر الكتل السياسية إلى التأكيد على أهمية موقف المرجعية وضرورة الالتزام به.
لا نتحدث هنا عن الجانب الشرعي، لكننا نريد أن نقف قليلاً عند السلوك السياسي للكتل الشيعية وهي تعرب عن تمسكها بمواقف المرجع الأعلى السيد علي السيستاني، وعن التزامها بتوجيهاته. فهل أن ما نسمعه ونراه عبر وسائل الإعلام من تصريحاتهم، هو نفسه الذي يدور في غرف المفاوضات وفي قاعة البرلمان؟.
لقد طالبت المرجعية العليا البرلمان الجديد، بضرورة الالتزام بالتوقيتات الدستورية، وتشكيل حكومة تحظى بقبول وطني، وعدم ترك الشعب والبلاد في ضياع نتيجة الصفقات السياسية والمفاوضات المطولة. وسرعان ما تسابق نواب هذه الكتلة وتلك على الفضائيات ووسائل الإعلام الأخرى يضخون فيها التأييد والالتزام والتذكير بضرورة تطبيق توجيهات المرجعية، ومع ذلك يمر الوقت من دون نتيجة محددة، باستثناء انتخاب رئاسة البرلمان.
تُعطي تصريحات أخرى لقادة الكتل الشيعية أنها لا تأخذ برأي المرجعية، إلا بمقدار ما تتحدث به إعلامياً، أما التطبيق والالتزام العملي فهو غائب لا وجود له. فحتى هذه اللحظة، تهدد بعض الكتل الشيعية بتحالفات برلمانية جديدة، مما يعني أن الاتفاق لم يحدث بعد، ولا ندري متى يحدث. ويعني أيضاً أن الالتزام برأي المرجعية لم يتحقق عملياً، فالوقت يمضي وجلسات البرلمان متباعدة والترشيحات النهائية غير منجزة. وعليه فهي أقرب إلى التمرد على المرجعية من الالتزام. لقد أيدت ظاهراً، لكنها أهملت عملياً، وهذا لوحده يشكل مأخذاً كبيراً عليها، فهي تريد إقناع الشعب بأنها تطيع المرجعية، وهي في نفس الوقت تعمل بقناعاتها الخاصة، ومثل هذا السلوك أشد إساءة لموقع المرجعية من أولئك الذين يعلنون صراحة عدم ارتباطهم بالمرجعية. فالأول مخادع والثاني صريح.
لا نقصد الإساءة ولا الاتهام، لكن توصيف المشهد يعطي هذه النتيجة. فعندما يتعامل قادة الكتل الشيعية بهذه الطريقة، فإنهم ـ وبدون قصد ـ يشتركون مع أولئك الذين يريدون إضعاف دور المرجعية في الحياة العامة. في حين أن المتوقع منهم أن يكونوا الأحرص على تطبيق التعليمات والتوجيهات أولاً بأول.
لن تخسر المرجعية أو تضعف، لكن الخاسر هم زعماء الكتل الشيعية، وقد لا تبدو الصورة الآن حادة الألوان، لكن التراكمات سترسم الخسارة بخطوط عميقة فيما لو استمرت طريقتهم هذه.

الراية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*