موقف غير مسؤول من قادة الكتل السنية يستدعي المحاسبة
لم تكن الجريمة الإرهابية في مسجد مصعب بن عمير، حادثة عابرة من بعدها السياسي، لقد أوشكت أن تتحول إلى نار طائفية معلنة بين السنة والشيعة، فالخطاب الذي اعتمده قادة السنة كان يدفع باتجاه الحرب، فقد وصل إلى ذروته القصوى، من خلال تصوير المساجد السنية بأنها صارت عرضة للمليشيات الشيعية تقتحمها فتقتل المصلين تحت أنظار قوى الأمن، وأعلنوا مقاطعة المفاوضات وطالبوا بأن يخرج السيد العبادي إلى الملأ فيقدم تعهداته بحل المليشيات ومعاقبة الجناة وما إلى ذلك من مطالب ونداءات ساخنة ألهبت مشاعر أبناء السنة الذين شعروا بالخطر، بعد أن وجدوا قادتهم وممثليهم في البرلمان، يصرخون بالنجدة من عدوان المليشيات الشيعة.
كان نداء حرب طائفية، ولا يمكن توقع غير ذلك، فالشعار الذي تردد بعد إعلانهم في الكثير من منصات الخطابة: (أنقذوا أهل السنة من القتل).
بعد يومين من الواقعة، تكشفت الحقيقة، وإذا بها عمل إرهابي مدبر من قبل تنظيم داعش، نفذته مجموعة صغيرة يعرفها أهل المنطقة كما أفادوا في شهاداتهم فور وقوع الجريمة، لكن بعض المسؤولين السنة ووسائل الإعلام كتمت ذلك.
لم يقدم قادة الكتل السنة اعتذارهم، ولم يبدو أسفهم، وحتى لو فعلوا ذلك فانه لا يكفي. لأن جرائم قتل واغتيالات على الهوية قد وقعت في أعقاب ذلك، بتأثير تهمتهم الباطلة التي الصقوها بالشيعة.
ما حصل يشير إلى افتقار بعض قادة الكتل السنة إلى الحس الوطني المسؤول، لقد تعاملوا بعقلية المحارب الذي ينتظر أي فرصة ليصدر أمر القتال. وهؤلاء يجب ان تكون للحكومة الحالية أو المقبلة وقفة معهم، من خلال القضاء، فأوضاع البلد لا تتحمل التصعيد الطائفي والنداء التحريضي.
ليس من الصحيح أن يتم تجاوز هذا الموقف، ونحن في بداية حكومة جديدة، يراد لها أن تقرب وجهات النظر، وان يشارك الجميع فيها، وان تبدأ بحل المشاكل. فإذا ما تجاوزت هذه الممارسة فإنها ستسهل على أمثالهم تكرارها وربما بوتيرة أخطر مؤدية إلى ما يُخشى على العراق منه.
الراية