تعرضت مسيرة الإسلام، منذ بزوغ فجره، إلى كثير من المضايقات والنكبات، والمؤامرات والتشويهات، أراد المنافقون بها، القضاء على الرسالة المحمدية السمحاء، امتثالا للأمر الشيطاني المقيت، لتتحقق الغاية الكبرى، وهي الانتقام من بني هاشم، الذين حطموا جبروت أصحاب القداسة، والفخامة القريشية المتطرفة، المسيطرة على عمارة المسجد الحرام، وسقاية الحجاج، ليس حباً برب الكعبة، ولكن طمعًا بالهدايا، والهبات الواردة، للبيت الإبراهيمي العتيق.
عندما يحكم المتطرف، فإنه ينشر أحكامه المتطرفة، حتى على الأطفال والمتخلفين، فيصنع الموت في عقولهم، على أنه جهاد، الذي هو أحد فروع الدين، لكن الإسلام ليس بهذه الصورة المشوهة، فالتعاليم والأحكام، تنبع من منهل واحد، وهو أن الخالق اختار العرب، ليكونوا خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف، وينهون عن الفحشاء والمنكر، لأن الإسلام هو ختام الأديان السماوية، ولو كره المشركون.
التمسك بالثوابت، والحفاظ على وحدة الصف، ورص الصفوف، هي العامل الفعال، بوجه الفكر المتطرف، ومواجهته بيد من حديد، لوأد الفتنة في مبارزة أخلاقية، تثبت أن في الحياة سعادة أكيدة، وهي أن تعيش للآخرين، مثلما سعد النبي الكريم محمد (عليه الصلاة وعلى آله السلام) بحمل رسالة الإسلام، وما لاقاه من أذى ومشقة، لكنه أبى إلا أن يكمل طريق الإيمان، لإصلاح الأمة.
نابليون كان أكثر غباء من أعدائه، لأنه لم يهتم بالنجاح، بل اهتم بشيء واحد، وهو أن يكون جنده حاقدين طائعين، ويكون عددهم كبيراً، وورثوا عن آبائهم البغض والطاعة، وهذا ما انتهجه صانعو داعش، فاهتموا بجلب هذه الغربان، التي نشأت في ظل تعاليم الإسلام، المخطط له في نظرية عش الدبابير.
الإسلام الحقيقي يحارب الانحطاط، والجنون المغطى بالجثث والدماء، لأنه دين عالمي، حكومته تتصف بالعدالة، وانتشاره كان مرهوناً بوجود الرجال، المتخمين بالعقيدة والإيمان، أما خوارج هذا العصر من (الدواعش) الناكثين والمارقين، فهم رجال الثرثرة والتناقض، وقتل الإنسان عندهم لا يعني شيئًا، لأنهمً لم يقرؤوا الآية الكريمة (من قتل نفساً بغير حق فكأنما قتل الناس جميعاً) التي لا توجد قطعاً، في قرآن داعش.