مرة أخرى.. الحُجّاج هم السبب

333

ضحايا.. في كل موسم حج
ضحايا.. في كل موسم حج

منذ ان فرض آل سعود أنفسهم على “الحرمين الشريفين” كـ”خدام” بحد السيف ، مضى أكثر من ثمانية عقود ، وخلال هذه الفترة الطويلة ، وقعت مآسٍ وكوارث على حجاج بيت الله الحرام، بسبب سوء الإدارة والمحسوبية والتهرب من المحاسبة للسلطات السعودية ، حتى تجاوز عدد قتلى الحجاج المسلمين ، أكثر من 3000 قتيل ، فقط في الكوارث الكبرى ، ولم يسجل التاريخ ، حتى مرة واحدة ، أن السعودية تحملت مسؤولية حادثة واحدة من بين عشرات الحوادث، وعادة ما تُلقي هذا السلطات المسؤولية وبنسبة 100% على الحجاج ، مرة لعدم التزامهم بالتعاليم ، ومرة لاستعجالهم في إتمام شعائر الحج ، ومرات عديدة لـ”جهلهم”.

ولم يكن حادث رمى الجمرات في منى هذا العام والذي ذهب ضحيته حتى الآن 1500 قتيل و 1800 جريح ، استثناء ، فقد سارعت السلطات السعودية مرة أخرى على إلقاء المسؤولية بالكامل على عاتق الحجاج أنفسهم بسبب “الجهل” بشعائر الحج وتدافعهم غير المبرر ، دون أن تنتظر هذه السلطات حتى نتائج تحقيقاتها هي بالحادث ، وكأن العلم كله كان من نصيب آل سعود ، بينما الجهل كله كان من نصيب الآخرين.

مرة واحدة لم يكن باستطاعة آل سعود إلقاء اللوم على الحجاج ، كانت في حادث سقوط الرافعة التي وقعت قبل أسبوعين على الحجاج وقتلت أكثر من 100 حاج في الحرم المكي ، فما كان من آل سعود إلا إلقاء اللوم على الرياح التي كانت تهب بسرعة أوصلها آل سعود إلى 130 كيلومترا في الساعة ، بينما جميع الشواهد كانت تؤكد أن سرعة الرياح لم تصل حتى إلى 60 كيلومترا بالساعة ، بينما من الصعب جدا أن يقتنع المرء أن بالإمكان تسقط الرياح مهما بلغت سرعتها الرافعات وكأنها أشجار.

في هذه المرة ، سيكون من الصعب على آل سعود أن يلقوا باللوم على الحجاج ، كما في كل مرة ، بفضل الخليوي الذي لم يعد بإمكان السلطات السعودية مصادرته من مئات الآلاف من الحجاج ، فالأفلام تتوالى على شبكات التواصل الاجتماعي ، والتي تفضح الرواية السعودية بشأن تدافع الحجاج هو الذي كان السبب وراء الحادث المأساوي ، فإذا كان الامر كما يقول آل سعود ، ان التقاء كتلتين بشريتين من الحجاج في نقطة واحدة وفي زمن واحد ، كان السبب ، ترى أين إذن كاميرات المراقبة والسيطرة والإشراف ، الذي تتبجح بها السعودية ليل نهار ؟، ألا يجب أن ترصد هذه الكاميرات حركات وسير الحجاج ، وتحول دون حدوث تراكم في منطقة ما قبل حدوثه ، والحيلولة دون وقوع ما لا يحدث عقباه؟، أما أن تكون الكاميرات لا تعمل ، وأما أن العاملين بها لم يحركوا ساكنا ، وكلا الحالتين تتحمل السعودية فيها المسؤولية كاملة.

قبل يوم من حادث منى ، أي يوم الأربعاء ، كاد الزحام في محطة القطار المخصصة لنقل الحجيج إلى منى ، أن يتسبب بكارثة كبرى ، الأمر الذي كشف عنه المغرد السعودي الشهير “مجتهد” على موقع تويتر ، نقلا عن ما أسماه مصدر من قلب الحدث، حيث أشار مجتهد إلى أن الفشل الذريع جدا للقطار وتكدس الناس ساعات في انتظاره واستمرار هذا التكدس من الحشود دون أن يأتي القطار هو السبب في وقوع حادث مشعر منى.

وأضاف “مجتهد” نقلا عن مصدره في قلب الحدث أنه بعد أن تأخر القطار 4 ساعات في الليل وانتظار الحجاج في المحطة مع مرور الوقت وازدياد أعدادهم أصبح الزحام مخيفا جدا حيث وصلت الطوابير إلى خارج محطة القطار بمسافة طويلة.

وأشار مجتهد إلى أنه عندما وصل القطار بعد تأخره ساعات طويلة وفتح باب القطار تدافع الناس داخله وبالرغم من ذلك فلم يتحرك القطار رغم غلق أبوابه وتكدس الحجاج داخل مقصوراته وعند عدم حركته وعدم فتح الأبواب للخروج هلع الناس وبدأ الصراخ وحالات الاغماء والمشكلة لا أحد يستطيع التحرك أو الهرب فالقطار متوقف ولم يفتح أبوابه لساعة كاملة حتى تحرك غير أن الثلاث ساعات انتظار بمحطة القطار كافية للتسبب بوقوع هذا العدد من الوفيات نتيجة التدافع.

مصادر مختلفة قالت أن طريقا أغلق “لأسباب مجهولة” بالقرب من مكان رمي جمرة العقبة بالقرب من منى هو الذي تسبب بهذا الحادث المأساوي ، إلا أن صحيفة الديار اللبنانية ، ومن خلال مصادرها الخاصة أماطت اللثام عن “السبب المجهول ” ، فإذا به موکب ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي دخل منطقة منى وأدى إلى تغيير مسير أفواج الحجاج مما سبب التدافع ووقوع القتلى والجرحى  بالآلاف.

وأضافت الصحيفة ، من يتجرأ على القول أن ولي ولي العهد كان في الموكب الرسمي في طریقه الى منى ، بل إن كل المصادر السعودية نفت وجود موكب رسمي.

وتساءلت “هل تستطيع السعودية إخفاء شرائط الفيديو بعد بضعة أيام عندما ستظهر في الاعلام؟”

الشيء المؤلم الآخر ، والذي يفضح الإدارة السيئة لمراسم الحج ، هو التعامل الخالي من أي مشاعر إنسانية ، لعمال الإغاثة والشرطة والأمن السعودي ، مع جثث الحجاج وجرحاهم ، فالصور تظهر التعامل البارد والآلي لهؤلاء ، دون إظهار أي مشاعر متعاطفة من الضحايا ، وكأنهم مضطرون لأداء هذا الدور وعلى مضض.

إن كارثة منى وغيرها من الكوارث التي عادة ما تنزل على الحجاج كل عام ، كشفت عن حقيقة باتت واضحة للجميع ومفادها أن السعودية ليست صالحة لإدارة شؤون الحج ، وهذه الحقيقة باتت على لسان حتى الدول التي تربطها علاقات وثيقة مع السعودية مثل اندونيسيا وتركيا ، فقد دعا رئيس الشؤون الدينية التركية محمد قورماز ، إلى عقد مؤتمر دولي لمناقشة تأمين شؤون الحج، وقال إن هناك مشكلة واضحة في إدارة الحج ، ومثل هذا القول جاء على لسان رئيس جمهورية جوكو ويدودو أيضا ، وهي دعوات يبدو أنها أخذت تجد من يصغي إليها شيئا فشيئا.

بقلم: سامي رمزي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*