عالم يغلي

311

66492e64-8648-4007-b5d3-7d5233bd3513-2060x1236

474506474(1)
محمد يوسف

في مثل هذا الوقت من القرن الماضي كان العالم يغلي، دول تكبر وتتضخم جيوشها، ودول أخرى يأفل نجمها وتخور قواها، ويضرب الفساد مفاصلها، وتتمزق أوصالها، وتبرز تحالفات مكان تحالفات، وتحاك مؤامرات تلو مؤامرات، وتكتب وعود ومعاهدات.

كان العالم كله يخوض حرباً غيرت ملامح الأرض، بدأت بمناوشات وخلافات سياسية، وشحنت المشاعر بالشعارات العرقية والدينية، وأنتظر الجميع من يشعل الفتيل، فإذا برجل متهور أو متطرف أو إرهابي، لا تهم التسمية، المهم أن شخصاً فقد عقله وتركيزه في لحظة اندفاع، وقتل ولي عهد النمسا في البوسنة، وهي أرض تتبع الدولة العثمانية، فقامت الحرب العالمية الأولى، واختفت امبراطوريات، وسقطت ممالك، وظهرت زعامات جديدة، وتأسست دول، ورسمت حدود فوق الحدود، وسقط بضعة ملايين من البشر، كانوا وقوداً للطامعين والحالمين.

عالمنا اليوم شبيه بتلك الأيام من سنة 1914، عالمنا هذا يغلي، بل يفور وكأنه يقف على فوهة بركان، أحداثه متتالية، وتحالفاته متغيرة، وحدوده جاهزة للتخطيط من جديد، ونقاط تماسه تزداد يوماً بعد يوم، فالمتهورون كثر، والمتطرفون أكثر، والإرهاب ينتشر، والمساحة تتسع، ذئاب منفردة تقتل دون هوية أو هدف، لا تبحث عن نصر بل تزرع حقداً، تحركها أفكار متطرفة، وليس أمامها من سبيل غير الإرهاب، داعش في مكان، وملون في مكان آخر، وأبيض يقترب من سدة الحكم في البيت الأبيض، تطرف متعدد الأشكال والألوان، وتدخلات للإمبراطوريات الجديدة، وتداخلات بين جيوشها البرية وطائراتها الحربية، والفتيل يكاد يشتعل، والخرائط الجديدة يقال إنها قد رسمت، وأباطرة جدد يستعدون للتربع فوق عروش يتوهمونها، والشرارة تنتظر مجنوناً ليطلقها !!

محمد يوسف-البيان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*