Take a fresh look at your lifestyle.

فاجعة زيد الشهيد (رضي الله عنه) في الشعر المصري الحديث ملحمة أحمد شوقي أنموذجًا

0 1٬156
الدكتور حسين لفته حافظ
مركز دراسات الكوفة/ جامعة الكوفة

         تعرض أهل البيت(عليهم السلام) إلى مصائب جمة على يد زمر الضلالة والكفر التي ناصبتهم العداء، ولا يخفى على من اطلع على التاريخ مدى بشاعة الظلم الذي وجه إليهم، ليس لشيء سوى تمسكهم بتعاليم القرآن الكريم وسنة النبي (صلى الله عليه وآله)، والسير بهداهما حتى تصل الأمة إلى برّ الأمان، ولاشك في أن للأدب بشكل عام والشعر بشكل خاص دورًا كبيرًا في توثيق جرائم بني أُمية ومن لف لفهم بحق أهل البيت(عليهم السلام) وأتباعهم حتى يومنا هذا.

         ويعد الشاعر أحمد شوقي من كبار الشعراء، وقد أسهم في رثاء أهل البيت من خلال قصائد كتبها، ومنها ملحمته موضوع بحثنا، والتي تحاول أن تسلط الضوء على أهم مفاصل القصيدة والغرض الرئيسي والبناء الفني من خلال اتباع المنهج الفني التحليلي وكما سيتضح لاحقًا.

أحمد شوقي: حياته… وثقافته:

        ولد أحمد شوقي في القاهرة عام 1868م، في أسرة ميسورة الحال تتصل بقصر الخديوي، أتم الثانوية، ودرس بعد ذلك الحقوق، وبعد أن أتمها عينه الخديوي في خاصته، وأرسله بعد عام إلى فرنسا ليستكمل دراسته، وأقام هناك 3 أعوام، عاد شوقي إلى مصر أوائل سنة 1894م فضمه توفيق إلى حاشيته.

        أصدر الجزء الأول من الشوقيات ـ الذي يحمل تاريخ سنة 1898م وتاريخ صدوره الحقيقي سنة1890م، نفاه الإنجليز إلى الأندلس سنة 1914م بعد أن اندلعت نيران الحرب العالمية الأولى، وفرض الإنجليز حمايتهم على مصر1920م، أنتج في أخريات سنوات حياته مسرحياته وأهمها: مصرع كليوباترا، ومجنون ليلى، قمبيز، وعلي بك الكبير، توفي شوقي في 14 تشرين الأول 1932م مخلفاً للأمة العربية تراثاً شعرياً خالداً.(1)

        اشتهر شعر أحمد شوقي كشاعـرٍ يكتب من الوجدان في كثير من المواضيع، فهو نظم في مديح الرسول (صلى الله عليه وآله)، ونظم في السياسة ما كان سبباً لنفيه إلى الأندلس، ونظم في الشوق إلى مصر وحب الوطن، كما نظم في مشاكل عصره مثل مشاكل الطلاب، والجامعات، كما نظم شوقيات للأطفال وقصصًا شعرية، ونظم في المديح وفي التاريخ. بمعنى أنه كان ينظم مما يجول في خاطره تارة والرثاء والغزل وأجاد في كلها وابتكر الشعر التمثيلي أو المسرحي في الأدب العربي. تأثر أمير الشعراء بكتاب الأدب الفرنسي ولا سيما موليير و راسين.(2)

مكانة شوقي:

        منح الله شوقي موهبة شعرية فذة، وبديهة سيالة، لا يجد عناء في نظم القصيدة، فدائمًا كانت المعاني تنثال عليه انثيالاً وكأنها المطر الهطول، يغمغم بالشعر ماشيًا أو جالسًا بين أصحابه، حاضرًا بينهم بشخصه غائبًا عنهم بفكره؛ ولهذا كان من أخصب شعراء العربية؛ إذ بلغ نتاجه الشعري ما يتجاوز ثلاثة وعشرين ألف بيت وخمسمائة بيت، وقد لقب بـ (أمير الشعراء). وكان شوقي مثقفًا ثقافة متنوعة الجوانب، فقد انكب على قراءة الشعر العربي في عصور ازدهاره، وصحب كبار شعرائه، وأدام النظر في مطالعة كتب اللغة والأدب، وكان ذا حافظة لاقطة لا تجد عناء في استظهار ما تقرأ؛ حتى قيل بأنه كان يحفظ أبوابًا كاملة من بعض المعاجم، وكان مغرمًا بالتاريخ يشهد على ذلك قصائده التي لا تخلو من إشارات تاريخية لا يعرفها إلا المتعمقون في دراسة التاريخ، وتدل رائعته الكبرى (كبار الحوادث في وادي النيل) التي نظمها وهو في شرخ الشباب على بصره بالتاريخ قديمه وحديثه.

        وكان ذا حس لغوي مرهف وفطرة موسيقية بارعة في اختيار الألفاظ التي تتألف مع بعضها لتحدث النغم الذي يثير الطرب ويجذب الأسماع وله آثار نثرية كتبها في مطلع حياته الأدبية، مثل: (عذراء الهند)، ورواية (لادياس)، و(ورقة الآس)، و(أسواق الذهب)، وقد حاكى فيه كتاب (أطواق الذهب) للزمخشري، وما يشيع فيه من وعظ في عبارات مسجوعة.

        وقد جمع شوقي شعره الغنائي في ديوان سماه (الشوقيات)، ثم قام الدكتور محمد صبري السربوني بجمع الأشعار التي لم يضمها ديوانه، وصنع منها ديوانًا جديدًا في مجلدين أطلق عليه (الشوقيات المجهولة)(3).

نص الملحمة:

بالنظر لطول ملحمته فقد اخترنا منها ما يتسع له المقام:

مَـن جَعَـل المَغربَ مَطلَـعَ الضُحى                    وَسَـخــَّر البَربـر جُنــداً لِلهُــدى

وَصَرّف الأَيّامَ حَتّى أَحدَثَت                             ما كانَ في الأَحلامِ أَحلامَ الكَرى

وَأَظفَر الصابر بِالنُجح فَيا                                هَزيمة اليَأس وَيا فَوز الرَجا

وَنقّلَ الدَولةَ في بَيت الهُدى                          فَلَم تزُل عَن طُنُبِ إِلّا إِلى

سُبحانَهُ المُلكُ إِلَيهِ وَلَه                                يُؤتيهِ أَو يَنزِعهُ مِمَن يَشا

قامَ إِمامٌ مِن بَني فاطِمَةٍ                              خَليفة ثُم تَلاه مَن تَلا

ما عَجبي لِمُلكِهم كَيفَ بُنى                         بَل عَجبي كَيفَ تَأَخّر البنا

جدّهمُ لا دِين دُون حُبِّهِ                               وَأُمُّهُم بِالأُمَهاتِ تُفتَدى

وَمُذ مَضى مُضطَهدا وَالدُهم                          أَصبَحَ بِالمُضطَهد اِهتم المَلا

أَجلَّهم عِليَةُ كُلِّ حِقبَةٍ                                 وَخَصَّهُم فيها السَوادُ بِالهَوى

وَالفُرسُ وَالتُركُ جَميعاً شِيعَةٌ                        لَهُم يَرونَ حُبَّهُم رَأس التُقى

فَشَهِدَ اللَهُ لَهُم ما قَصَّروا                             القَتل صَبراً تارَة وَفي اللُقا

كَم ثارَ مِنهُم في القُرون ثائِرٌ                         بِالأَمويين وَبِالآل الرِضى

هَذا الحسينُ دَمُهُ بكربلا                              رَوّى الثَرى لَما جَرى عَلى ظَما

وَاِستَشهد الأَقمارُ أَهلُ بَيتِهِ                         يَهوُون في التُرب فرادى وَثُنا

ابن زِياد وَيَزيدُ بغيا                                     وَاللَهُ وَالأَيامُ حَربُ مَن بَغى

لَولا يَزيدُ بادئِاً ما شَرِبَت                              مَروانُ بِالكَأس الَّتي بِها سَقى

وَثار لِلثارات زَيدُ بِن عَلي                             بِن الحُسين بِن الوَصيِّ المُرتَضى

يَطلُبُ بِالحُجة حَقَّ بَيتِهِ                              وَالحَقُّ لا يُطلَبُ إِلّا بِالقَنا

فَتى بِلا رَأيٍ وَلا تَجرِبَةٍ                               جَرى عَلَيهِ مِن هِشامٍ ما جَرى

اِتَخَذ الكُوفَةَ درعا وَقَنا                                وَالأَعزلُ الأَكشَفُ مَن فيها اِحتَمى

مَن تَكفِهِ الكُوفَةُ يَعلَم أَنَّها                           لا نَصر عِندَ أَهلِها وَلا غَنا

سائل عَليّا فَهُوَ ذُو علمٍ بِها                         وَاِستَخبرِ الحسينَ تعلمِ النبا

فَماتَ مَقتولاً وَطالَ صَلبُهُ                            وَأُحرِقَت جِثَتُه بَعدَ البَلى

عَلى أَبي جَعفَرَ ثارَت فتيَةٌ                          ما أَنصَفوا وَاللَه في شَق العَصا

هُم أَهلُ بَيتَ الحُسن الطاهر أَو                   مِن شَبَّ مِن بَيت الحُسين وَنَما

أَيطلُبون الأَمرَ وَالأَمرُ لَهُم                            قَد قَرَّ في بَيت النَبيِّ وَرَسا

يَحمِلُ عَنهُم همَّهُ وَغَمَّهُ                            أَبناءُ عَمٍّ نُجُبٌ أُولو نُهى

فَلَيتَ شِعري كانَ ذا عَن حَسَدِ                   أَم بُخلِهِ بلَّغهم إِلى القَلى

الدراسة:

البناء الفني:

البناء في اللغة : بنى بيتاً أحسن بناءً وبنيان، وهذا بناء حسن وبنيان حسن (كأنهم بنيان مرصوص) وسمي المبني بالمصدر. وبناؤك من أحسن الأبنية. وبنيت بنية عجيبة ورأيت البُنى فما رأيت أعجب منها وبنى القصور(4).

         وتحدث ابن طباطبا عن بناء الشاعر لقصيدته فقال: 

        (فإذا أراد الشاعر بناء قصيدة مَخَضَ المعنى الذي يريد بناء الشعر عليه في فكره نثراً، وأعد له ما يلبسه إياه من الألفاظ التي تطابقه، والقوافي التي توافقه والوزن الذي يسلس له القول عليه)(5).

        امتازت مرثية أحمد شوقي بأنها لم تلتزم بالبناء الفني الكلاسيكي القديم الذي دأب عليه الشعراء بأن تبدأ قصائدهم بمقدمة وعادة ما تكون تلك المقدمة طللية، إذ نلاحظ أن الشاعر بدأ قصيدته بسؤال في قوله:

مَن جَعَل المَغربَ مَطلَعَ الضُحى            وَسَخَّر البَربر جُنداً لِلهُدى

        وهو سؤال ينطوي على معاني كثيرة منها قضية التأمل في هذا الكون ومن هو المدبر الحقيقي، ذاكرًا آية من آيات الخالق وهي الصنع العجيب بالمغرب والضحى التي أقسم الباري عز وجل بها في آية من آياته المباركة.

         ويستمر الشاعر في سرد الدلائل الربانية من قبيل تصريف الأيام التي يداوله الله للناس في قوله:

وَصَرّف الأَيّامَ حَتّى أَحدَثَت                 ما كانَ في الأَحلامِ أَحلامَ الكَرى

        الملاحظ أن الشاعر يلجأ إلى استعمال الأفعال الماضية للتعبير عن الأحداث التي مرت ذاكرًا إياها من باب العبرة والتأسي بتلك الأحداث وهي عبارة عن تمهيد للغرض الأساسي وهو سرد ما حصل مع العترة الطاهرة من أهل البيت (عليهم السلام).

حسن التخلص:

         امتازت قصيدة الشاعر بحسن التخلص فقد كان الشاعر يتخلص إلى غرضه دون أن يشعر القاريء بذلك وهذا ينم عن قدرته الفنية في توظيف هذا الغرض، انظر إلى قوله :

سُبحانَهُ المُلكُ إِلَيهِ وَلَه                    يُؤتيهِ أَو يَنزِعهُ مِمَن يَشا

قامَ إِمامٌ مِن بَني فاطِمَةٍ                  خَليفة ثُم تَلاه مَن تَلا

ما عَجبي لِمُلكِهم كَيفَ بُنى              بَل عَجبي كَيفَ تَأَخّر البنا

جدّهمُ لا دِين دُون حُبِّهِ                    وَأُمُّهُم بِالأُمَهاتِ تُفتَدى

         نلاحظ كيف أن الشاعر ينتقل من المقدمة إلى غرضه بطريقة فنية وظّف فيها النص القرآني في اشارة واضحة إلى الآية القرآنية في قوله تعالى: (قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران: 26).

           فالشاعر هنا يقر بخلافة أبناء فاطمة (عليها السلام) معددًا مفاخرهم وأمجادهم والبناء الروحي الذي بنوه، ذلك البناء الذي استفادت منه البشرية جمعاء وإلى يومنا هذا.

          فضلًا عن هذا امتازت قصيدة الشاعر بقدرته على التناسب بين مكونات القصيدة فلم يغلب غرضًا على آخر أي أنه كان يوافق بين أجزائها.

مفردات الشاعر:

        استعمل الشاعر أسلوب توظيف المفردة القرآنية في قصيدته وربما يعود السبب إلى موضوع القصيدة وهو الحديث عن فضائل أهل البيت (عليهم السلام) وكلنا يعلم مدى صلة وقرابة أهل البيت (عليهم السلام) من القرآن الكريم، من هنا صار الحديث عنهم يؤدي إلى الحديث عن القران الكريم لأنهم تخلقوا بأخلاق القرآن، نحو قوله:

وَقالَ يا قَوم اِتَبِعوا واليكُم                  هَذا الخَليفَةُ اِبنُ بِنت المُصطَفى

       لقد استفاد الشاعر من مضمون الآيات القرآنية، فضلًا عن مفرداتها نحو الولي والخليفة ورسول الله والملك والمصطفى في أمثلة أخرى من قصيدته.

غرض القصيدة:

        ركّز الشاعر حديثه على الغرض الرئيسي وهو مدح العترة الطاهرة متبعًا طريقة السرد في نقل تلك المآثر نحو قوله:

وَمُذ مَضى مُضطَهدا وَالدُهم                      أَصبَحَ بِالمُضطَهد اِهتم المَلا

أَجلَّهم عِليَةُ كُلِّ حِقبَةٍ                             وَخَصَّهُم فيها السَوادُ بِالهَوى

وَالفُرسُ وَالتُركُ جَميعاً شِيعَةٌ                     لَهُم يَرونَ حُبَّهُم رَأس التُقى

فَشَهِدَ اللَهُ لَهُم ما قَصَّروا                          القَتل صَبراً تارَة وَفي اللُقا

كَم ثارَ مِنهُم في القُرون ثائِرٌ                      بِالأَمويين وَبِالآل الرِضى

هَذا الحسينُ دَمُهُ بكربلا                          رَوّى الثَرى لَما جَرى عَلى ظَما

وَاِستَشهد الأَقمارُ أَهلُ بَيتِهِ                      يَهوُون في التُرب فرادى وَثُنا

         نلاحظ أن الشاعر يرى أن مظلومية أهل البيت(عليهم السلام) بدأت منذ أن اغتصبت الخلافة، فقد عبر عن اضطهاد الإمام الذي عبر عنه بالوالد، وهو يرى أن حبهم قد تعدى القومية حتى عادت الفرس والترك جميعا شيعة لهم.

         أما المرتكز الآخر في قصيدة الشاعر فيتمثل في رثاء فاجعة زيد الشهيد رضوان الله تعالى عليه في قوله:

وَثار لِلثارات زَيدُ بِن عَلي                          بِن الحُسين بِن الوَصيِّ المُرتَضى

يَطلُبُ بِالحُجة حَقَّ بَيتِهِ                           وَالحَقُّ لا يُطلَبُ إِلّا بِالقَنا

فَتى بِلا رَأيٍ وَلا تَجرِبَةٍ                            جَرى عَلَيهِ مِن هِشامٍ ما جَرى

اِتَخَذ الكُوفَةَ درعا وَقَنا                             وَالأَعزلُ الأَكشَفُ مَن فيها اِحتَمى

مَن تَكفِهِ الكُوفَةُ يَعلَم أَنَّها                        لا نَصر عِندَ أَهلِها وَلا غَنا

سائل عَليّا فَهُوَ ذُو علمٍ بِها                      وَاِستَخبرِ الحسينَ تعلمِ النبا

فَماتَ مَقتولاً وَطالَ صَلبُهُ                         وَأُحرِقَت جِثَتُه بَعدَ البَلى

          فالشاعر هنا يصور زيد الشهيد على أنه الثائر المنتقم لجده الحسين(عليه السلام) فهو لا يقبل بالضيم وإن طال الزمن وأن المجرمين العتاة لابد أن يلاقوا جزاءهم، وقد نبه الشاعر على مسالة مهمة وهي أن زيد الشهيد كان يطلب بالحجة وكلمة الحق إلا أن الدفاع عن الحق يحتاج إلى القنا وكل سبل ووسائل الحرب.

       لقد أجاد الشاعر في عملية الربط والموازنة بين شهادة الإمام علي (عليه السلام) من جانب، وشهادة الحسين (عليه السلام) وشهادة زيد رضوان الله تعالى عليه من جانب آخر، فهو يؤكد أن الغاية واحدة والمبدأ واحد.

        أما الصورة الأخرى التي رسمها الشاعر فتتمثل في قضية (الصلب) وهي شكل من أشكال التمثيل التي حرمها الله سبحانه وتعالى، والشاعر يريد أن يقول إن بني أمية ومن لف لفهم قد انتهكوا كل المحرمات وفي هذا إشارة واضحة إلى عدم إيمانهم بالدين وتعاليمه وأنهم كانوا يطلبون الملك الدنيوي.

        ويبدو أن الشاعر كان يرمي منه إلى طرد الحزن الجارف الذي خيم في نفسه نتيجة فقد تلك الشخصيات العظيمة، فهو (تسلية لمن عضَّته النوائب بأنيابها، وفرقت الحوادث بين نفسه وأحبابها)(6).

السرد التاريخي:

         السرد في استعمال من استعمالاته عمل يقوم به السارد، الذي يروي حدثًا واحدًا أو أحداثًا كثيرة، ويكون المعتبر هنا إعادة بناء الأحداث المنقضية، وقد أجاد الشاعر أحمد شوقي في حديثه عن الأحداث التي تناولها في قصيدته مع مراعاة التسلسل التاريخي لها.

         إن بحث الشاعر أحمد شوقي عن وسائل وأدوات تعبيرية جديدة كان من شأنها دفع الشعر العربي على طريق الحداثة، إذ جعله يلتقي بمحاولات التجديد في الشعر العالمي، هذه المحاولات التي (اقترنت غالباً بنمو العناصر الدرامية والملحمية والحكائية داخل القصيدة الجديدة إلى جانب العناصر..الأخرى)(7).

       وربما كان أخطر ما تلقاه الشاعر العربي الحديث من هذه المؤثرات الوافدة مقولة (اليوت) عن (المعادل الموضوعي) فضلاً عن شعره، إذ لم يعد الشاعر يسوق فكرته أو يعبر عن عاطفة بصورة مباشرة كما هو الأمر في شعرنا القديم، بل صار يلجأ لنقل انفعالاته إلى عقل القارئ، إلى وسيط هو: (مجموعة من الموضوعات، موقف، سلسلة من الأحداث)(8).

          ومن الجدير بالذكر أن الشاعر اعتمد على مجموعة تقنيات منها الزمن والسارد والوظيفة فضلًا عن مستوى الشخصيات في القصيدة وكل هذه العوامل مجتمعة ساعدت على إنتاج ملحمة مؤثرة استطاعت أن تخلد تضحيات أهل البيت(عليهم السلام) ومن والاهم إلى يومنا هذا وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) ينظر الأعلام للزركلي
2) شوقي وشعره الإسلامي د.ماهر حسن فهمي، ص 22
3) ينظر ديوان شوقي: 3
4) أساس البلاغة: جار الله الخوارزمي الزمخشري: 8/1
5) عيار الشعر: محمد بن أحمد بن طباطبا العلوي، تح: عباس عبد الساتر:11.
6) نهاية الأرب في فنون الأدب، النويري: 5/164.
7) معالم جديدة في أدبنا المعاصر، فاضل ثامر،ص292.
8) النقد الأدبي تأريخ موجز، النقد الحديث‎، ص152.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.