د. علي سواري أ.م.د .حميد أحمدان كلية الآداب /جامعة أصفهان ـ إيران
مما لا شك فيه، أن القرآن الكريم مليءٌ بالآيات الكونية التي تدل على عظمة الله أولًا، والإعجاز العلمي ثانيًا؛ الأمر الذي يدل على حكمة الله عزّ وجل وقدرته على تدبير خلقه. ومن تلك الآيات هي ظاهرة الجبال، التي نراها حولنا ونتعايش معها ونستفيد منها، دون أن ندرك فحواها. وللجبال أهمية كبرى في الحياة، ولذلك نرى البارئ عزّوجل خصص آيات عديدة لهذا الشأن وقد عالجها شكلًا ووظيفةً، تكوينيًا وكونيًا، تمثيلًا وتخييلًا، حسيًّا وملموسًا. فذكر القرآن باللفظ المفرد (جبل) ستّ مرات معرفة ونكرة، وبلفظ الجمع (الجبال) معرفة ونكرة ثلاثًا وثلاثين مرة، وبلفظ الرواسي تسع مرات، ومرّة بلفظ الشامخات ومرّة واحدة بلفظ الأوتاد. وبلفظ الطور عشر مرات، وطور سيناء مرّة واحدة وبلفظ الطود مرة واحدة، وبلفظ الأعلام مرتين وبلفظ الكهف خمس مرات وبلفظ الأحقاف مرة واحدة وبلفظ الريع مرة واحدة وبلفظ الربوة مرة واحدة(1). هذا إذا استثنينا القاف والرقيم.
وهناك مدلولات لغوّية قد استخدمت في الذكر الحكيم لوصف الجبال، تحثّنا على التدبّر والتأمّل، منها لفظة الأوتاد، والرّواسي، وتسبيح الجبال وألوانها.
وظاهرة الجبال، التي تكررت كثيرًا في آيات عديدة من القرآن الكريم، جاءت بعبارات متفاوتة حسب مقتضيات الآية، نحو: الجبال والأوتاد، والرواسي، والشامخات. وكما نراها في الصورة الآتية، يقول الله تبارك وتعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا)(النبأ:6ـ 7)، وقوله: (وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ)(النحل:15ـ16)، وقوله: (رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء فُرَاتًا)(المرسلات:27).
وظاهرة الجبال ظاهرة عجيبة، وما استطاع الإنسان أن يصل إليها كحقيقة معرفة إلا بعد التقدم والتطور العلمي والتقني الهائل الذي حصل في القرنين الأخيرين. وقد ثبت علميًا أن الله سبحانه وتعالى قد حفظ توازن الأرض بالجبال الرّاسية المستقرة. فلهذه الجبال الدور في حفظ التوازن للكرة الأرضية وكذلك مسك الطبقات حتى لا تميد بأهلها. وللجبال فوائد عديدة يصعب علينا حصرها. ولها منافع كثيرة أيضًا كحفظ ماء الشتاء للصيف وتخزين المياه العذبة، وهي تسبب الرطوبة الدائمة على وجه الأرض، ومن هذا التدبير عمارة الكون ووجود النبات والحيوان. وفيها من المعادن والأحجار الكريمة ومنها تنحت وتبنى البيوت.
ومن أجل هذه الأمور وغيرها ـ لا يعلمها إلا الله ـ نصبت الجبال. وفي نهاية المطاف ترجف الجبال وتزلزل وتدكُّ ثم تُبسُّ وتنسف وفي النهاية تكون كالسراب هباءً منبثًا ويذرها ربك قاعًا صفصفًا لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا. وبعد هذا الاستعراض المجمل نأخذ بالتفصيل في هذه الصفات:
1ـ نصب الجبال:
يحثنا القرآن الكريم على التدبّر حول نصب الجبال، وذلك بعد دعوة الناس إلى التفحص والتأمل في آيات الله في السموات والأرض وذلك في قوله تبارك وتعالى: (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ)(الغاشية:17ـ20)، فيشير الباري عزّ وجل إلى التمعن المطلوب في كيفية خلق الإبل وكذلك ارتفاع السماوات حيث ارتفعت بدون عَمَدٍ يُرى مع ما لها من عظمة، وأشار إلى نصب الجبال فقال: وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ؟ جاء في لسان العرب: (النَّصْبُ: وَضْع الشّيء ورَفْعُه)(2). ويقول الطبري: (وإلى الجبال كيف أقيمت منتصبة لا تسقط، فتنبسط في الأرض، ولكنه جعلها بقدرته منتصبة جامدة، لا تبرح مكانها، ولا تزول عن موضعها)(3).
2ـ الجبال الرواسي:
وقد جاءت هذه اللفظة مكررّة في تسع آيات في القرآن، وهي تدلّ على مهنة الجبال بما أراد الله، وهي تثبيت الكرة الأرضية عن الميلان، وإرساء طبقاتها بالجبال الثوابت، واتضح من خلال الأبحاث أن القشرة الأرضية التي تعيش عليها عائمة كالسفينة، فهي تميد وتميل إن لم ترسَ بشيء يثقلها ويثبتها عن الميلان.
جاء في لسان العرب حول مادة رسا: (رسا الشيء يرسو وأرسى: بمعنى ثبت. ورسا الجبل يرسو إذا ثبت أصله في الأرض، وجبال راسيات، والرواسي من الجبال: الثوابت الرواسخ، ويقول ابن كثير في تفسيره: (رواسي: الجبال؛ أرست الأرض، وثقلتها لئلا تضطرب بأهلها على وجه الماء ولهذا قال أن تميد بكم أي: لئلا تميد بكم).(4) ومنه قول زيد بن عمرو:
وأسلمت وجهي لمن أسلمت له الأرض تحمـل صخـراً ثقـالا
دحاها فلما اسـتوت شــدّهـــا بأيـد وأرسـى عليهـا الجبـالا
3ـ شامخات:
جاءت لفظة شامخات صفة الرواسي مرّة واحدة في القرآن الكريم في قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء فُرَاتاً)(المرسلات:27)، يعبر القرآن عن الجبال بالرواسي الشامخات، وهذا وصف آخر للجبال ليدلّ به على مهنة الجبال وهي ثبيت طبقات الأرض. لقد جاء في تفسير القرطبي: (رواسي شامخات، يعني الجبال والرواسي الثوابت. والشامخات: الطوال، ومنه يقال شمخ بأنفه إذا رفعه كبرًا)(5).
4ـ الأوتاد:
جاء وصف الجبال في القرآن الكريم مرة واحدة بلفظ (الأوتاد) في سورة النبأ، حيث يقول: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً* وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً)( النبأ :6 ـ 7 )، وفي نص لغوي لابن منظور حول كلمة «وَتَد» جاء في لسان العرب: (وتد: الوتِد، بالكسر، والوتَدُ والوَتِدّ: ما رُزَّ في الحائط أو الأرض من الخشب والجمع أوتادٌ. قال الله تعالى: (وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً). قال الأفوه الأزدي:
والبيت لا يبنى إلا له عَمَدٌ ولا عمادَ إذا لم تُرسَ أوتادُ
وقول زهير بن أبي سلمى:
ما زال في سيبهِ سَجلٌ يَعُمُّهُمُ ما دامَ في الأرض من أوتادِها وَتِدُ(6)
ووفقاً للمعطيات العلمية ونتائج دراسات الجيولوجيا، إذا قسّمنا ارتفاع الجبل إلى تسعة أقسام، يبلغ طول الجزء القابع داخل الأرض 9/10والجزء الظاهر فوق سطح الأرض 1/10 من الطول الإجمالي.
وهكذا ترى كيف تصف كلمة واحدة، وهي كلمة الوتد، جزئي الجبل: العلويّ والسفليّ. ووظيفته أيضاً تثبيت الأرض. فكلمة (وتد) التي يستخدمها القرآن لوصف الجبال هي أكثر دقة من الناحية العلمية واللغوية من كلمة (جذر) المستخدمة حاليًا من قبل العلماء لوصف الجزء السفلي المختبئ داخل الأرض. فمهمة الجبل كما هو معلوم، تثبيت الأرض. وينسب صاحب تفسير الأمثل مهمة الجبال وهي كونها أوتادًا للأرض إلى عدة أمور منها: تحفظ القشرة الأرضية من الانهيار أمام الضغط الحاصل من المواد المذابة داخلها، ومن تأثيرات جاذبية القمر في عملية المدّ والجزر. وتشكل جدران الجبال سدًّا منيعًا للتقليل من آثار الرياح الشديدة والعواصف المدمّرة(7).
6ـ ألوان الجبال:
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ)(فاطر:27). نحن نواجه هذه الحقيقة في الطبيعة وهي أن الجبال ملوّنة.
جاء في لسان العرب: الجدة الخطة السوداء في متن الحمار(8).
الملاحظ هنا في هذه الآية هو التدبيج: في قوله تعالى: (وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ).
والتدبيج: هو أن يذكر المتكلم ألوانًا، بقصد الكناية أو التورية، عن أشياء من وصف أو مدح أو هجاء أو نسيب أو غير ذلك من الفنون البلاغية(9). ومن تدبيج الكناية قول أبي تمام:
غدا غدوةً والحمـد نَسـجُ ردائه فلم ينصَـرِف إلا وأكفـانُهُ الأجــرُ
تردّى ثيابَ المـوتِ حُمرًا فما أتى لها الليل إلا وهي من سندس خضرُ
ومن الجبال جدد جمع جدّة. قال الأخفش: ولو كان جمع جديد لقيل جدد مثل رغيف ورغف. بيضٌ وحمرٌ مختلف ألوانها رفع (مختلف) هاهنا ونصب ثم ما قبله ها هنا مرفوع فهو نعت له، ويجوز أن يكون رفعه على الابتداء والخبر(10).
وحول صفة الغرابيب آراء متعددة لدى المفسرين واللغويين، جاء في تفسير الجامع لأحكام القرآن عن أبي عبيدة: (الغربيب الشديد السواد، ففي الكلام تقديم وتأخير والمعنى: ومن الجبال سود غرابيب. والعرب تقول للشديد السواد الذي لونه كلون الغراب: أسود غربيب. قال الجوهري: وتقول هذا أسود غربيب، أي شديد السواد. وإذا قلت غرابيب سود، تجعل السود بدلاً من غرابيب لأن توكيد الألوان لا يتقدم. قال امرؤ القيس يصف فرسًا لونها أسود:
العين قادحـة واليد سابحـة والرجل طامحة واللون غربيب
ومن الجبال جدد أي: من الجبال ذو جدد بيض، وحمر، وسود غرابيب حتى يؤول إلى قولك: ومن الجبال مختلف ألوانه، كما قال: ثمراتٍ مختلفًا ألوانها)(11).
7ـ تحرّك الجبال:
عندما نراجع القرآن الكريم، نجد أنّه ضمن استعراضه المتنوع للجبال، يصفها بأنها تسير وتتحرك كما تسير السّحاب، وذلك قوله تعالى: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ)( النمل : 88)، في حين نرى أن الجبال ثابتة جامدة، ومثبتة لغيرها. فكيف يحصل التطابق بين هاتين الحقيقتين؟ وهنا نلاحظ أن القرآن في تشبيهاته دقيق جداً من الناحية العلمية فحركة الجبال ليست حركة ذاتية بنفسها بل هي حركة اندفاعية بسبب تيارات تسببها الطبقة التي تليها من الأرض وكذلك حركة الغيوم أيضًا هي حركة ليست ذاتية إنما حركة اندفاعية بسبب التيارات الهوائية والرياح.
8ـ الإدراك والشعور عند الجبال:
القرآن الكريم لا ينظر إلى الجبال نظرة مادية بل حتى الجماد في القرآن يتمتع بحياة إلهية ملكوتية. القرآن بعد أن يرسم لنا تلك الصورة الرهيبة للجبال وأسرارها العجيبة يؤكد أن هذه الجبال الشامخة التي توتد الأرض وترسيها هي في قبضة الله فلهذا نجد أن الجبال في القرآن تخشع لله وتسجد وتخرّ لعظمته كغيرها من ذوات الشعور. وهذه الصورة النبيلة التي نشاهدها في القرآن لا نعثر عليها في أي كتاب علمي قط. من تلك الآيات قوله جلّ وعلا:
وجاء في تفسير الجوهر الثمين: (قوله تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا)، أي هي لعظمتها بحيث لو عرضت على هذه العظام وكان لها شعور لأبين حملها)(12).
وجاء في تفسير متشابه القرآن ومختلفه: قوله سبحانه: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا…)، وهذه الأشياء جمادات لا يصح تكليفها، المراد عرضنا الأمانة على أهل السماوات وأهل الأرض وأهل الجبال، كقوله: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ…)(يوسف:82)، وقيل: المعنى في ذلك تفخيم شأن الأمانة وتعظيم حقها، وإن من عظم منزلتها أنها لو عرضت على الجبال والسماوات مع عظمها وكانت تعمل بأمرها لأشفقت منها، غير أنه خرج مخرج الواقع لأنه أبلغ في المقدور(13).
قال امرؤ القيس:
أبَت أجا أن تسلم العام جارها فمن شاء فلينهض لها من مقاتل
وأجا: أحد جبلي طئ، وقوله: «أبت أجا» أي أبى أهلها.
وفي موضع آخر يحدثنا القرآن عن خشوع الجبال وإنّها لو نزل عليها الوحي الرباني لتصدّعت وتلاشت، كما إنها تخرّ لربها ساجدة راكعة:
بالرغم من ضخامة الجبال وعظمتها إلا أن هناك لغة مشتركة بين الجبال والإنسان وهي لغة تسبيح الله عزَّ وجل، ولكن بلغة لا نعلمها ولا نعرفها، إنما يعرفها جلّ شأنه، حيث يقول: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ)(الحج:18). (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ)(الأنبياء:79). (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ)(ص:18).
10ـ أهمية الجبال:
الكل يعرف بشكل عام أن الأرياف وأغلب المدن المهمّة تتوسط الجبال الشامخة أو تقع في أعماقها، وأن الأنهار الكبيرة التي هي عماد ازدهار المدن تنبع من الجبال الشاهقة، إلّا أن دور الجبال في حياة الإنسان لا ينحصر بذلك فقط على الرغم من أنه مهم بدوره أيضًا. فالجبال لها دور مهم جداً في حياة الإنسان بل جميع الموجودات التي تعيش على الأرض، وفوائدها وبركاتها عديدة جدًا، ولا مبالغة إذا قلنا باستحالة الحياة على الأرض بدون وجود جبال. ولهذا فإن القرآن الكريم أشار في آيات كثيرة إلى مسألة خلق الجبال كإحدى آيات التوحيد وبرهان على علم وقدرة الخالق جل وعلا: (وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء اللهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ)(الأعراف:74).
والجدير بالذكر أنه كلما ذكرت الجبال في القرآن الكريم ذكرت الأنهار والمياه الجارية العذبة في جنبها وفي ذلك آية كونيّة، لأن للجبال الدور الأكبر في تثبت الرياح والسحاب وكذلك الأمطار والثلوج الهاطلة على الجبال وتخزين المياه العذبة المختزنة في جوف الجبال.
11ـ مصير ونهاية الجبال:
لقد تحدث القرآن الكريم في آيات عديدة عن الأحداث المستقبلية بلغة التأكيد بعدة مناسبات، أبرزها الأحداث المرتبطة بيوم القيامة وهي كثيرة. من تلك الأحداث هو ما يطرأ على الجبال في ذلك اليوم الرهيب. ومن المنظار القرآني فإن للجبال نهاية كما كانت لها بداية. ولنهايتها مراحل قد ذكرت في القرآن الكريم في قوله تبارك وتعالى: (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً)(الحاقة:14)، وقوله: (وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً)(الواقعة:5)، وقوله: (وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً)(المزمل:14)، وقوله: (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ)(القارعة:5)، وقوله: (وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً)(النبأ:20). من خلال هذه الآيات يرسم لنا الباري عزّ وجلّ المآل والمصير الذي قدّر للجبال في ضمن المجموعة الكونية. فالنظرة الربانية للجبال نظرة كونية والوصف يشمل جميع جوانبها الوجودية، بداية ونهاية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1) (انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن/عبدالباقي ـ 208 و406 ـ 407). 2ـ (لسان العرب/ابن منظور، 14: 120). 3ـ (جامع البيان /الطبري، 30: 105). 4ـ تفسير القرآن العظيم /ابن كثير /4: 432. 5ـ الجامع لأحكام القرآن/ القرطبي/ 19: 105. 6ـ زهير بن أبي سلمى ، 205. 7ـ تفسير الأمثل /مكارم الشيرازي/19: 273. 8ـ لسان العرب/ابن منظور 2: 200 . 9ـ التفتازاني/2: 137. 10ـ إعراب القرآن /النحاس /3: 251. 11ـ البحر المديد في تفسير القرآن المجيد /ابن عجينة :4: 536. 12ـ الجوهر الثمين في تفسير الكتاب/سيد عبد الله شبر 5: 165. 13ـ متشابه القرآن ومختلفه/ابن شهر آشو ب: 1:30.