Take a fresh look at your lifestyle.

أثر النص المقدس في اتخاذ القرار المعماري

0 662

د. عبد الله سعدون المعموري
قسم الهندسة المعمارية/ الجامعة التكنولوجية

م. محاسن هادي خلف
استشاري وباحث/ وزارة الإعمار والإسكان

 

                                                 بسم الله الرحمن الرحيم
(رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)(1).

رغم توصل البشرية إلى درجة متطورة من التقدم والتحضر فإن العناصر والعوامل المشكلة لتطور المدينة عمارة وعمرانا مازالت محل بحث ودراسة. فالعمارة هي أول فن أبدعه الإنسان ليغلف كل أنشطته المعيشية وهى مرآة للمجتمع بكل حضارته وعاداته وتقاليده وقيمه، والوعي لاحتياجات المجتمع وإمكانات المكان والبيئة المحيطة والوسائل والأدوات التي تمكن من استيفاء الاحتياجات وتحقيق الأهداف في ظل ضوابط ومحددات المكان والموارد والقيم الاخلاقية المستوحاة من الايديولوجية التي يعتمدها المصمم في إتخاذ القرار المعماري، ومع الابتلاء بداء التخلف والتبعية إلى الحضارة الغربية، راح أصحاب الاختصاص في هذا الميدان ينهلون من منابع التغريب وإسقاط النظريات ومدلولات المدارس المعمارية الغربية على العمارة العربية الإسلامية، مقتصرين في دراستها على التحولات والتغيرات التي طرأت على عناصر العمارة الاسلامية عبر الدول والحضارات المتعاقبة، دون التعمق في دراسة لب هذا التغير وأثره على المجتمع إبان تلك الحقبات على السلوك وتنظيم المحيط، فالمعماري المسلم الذي يبحث عن هوية، قد يكون بحثاً في فراغ، ما لم يتم العودة إلى الإسلام، كنصوص مقدسة وتاريخ، انه الكنز الحقيقي الذي لا ينفذ، وإستثماره يعطي الكثير بفضل غناه الروحي وقيمة الإنسانية ومناجمه الحكيمة. وهو ليس إسلام بعض المسلمين الذين حولوه إلى قشور ونزاع فكري، بل الإسلام الذي أمر به القرآن ولخصته تجارب الأمة في قرون التقدم والانطلاق والتطور. فالمنهج الذي يعتمده متخذ القرار المعماري المستند الى النصوص المقدسة سيكون ذا بعداً أخلاقياً واضحاً فيما لو تم استثمارها وتحويلها إلى علاقات شكلية ووظيفية لتتحول فيما بينها لفراغات مدروسة تعكس في النهاية تشكيل لبنية معمارية تحمل فكراً ووظيفةً منسجمة مع العلاقات التنظيمية.

العمارة والقرار في النص المقدس
يُعد الإنسان موضوع وهدف أساسي في القرآن الكريم، لما حظي به من كرامة عند الله، ومكانة في الكون وقدرة على الخلافة. وتتناول سور القرآن الكريم جوانب شتى مما يرتبط بالإنسان والمجموعة البشرية في إطار عقائدي تارة واجتماعي وتاريخي وأخلاقي تارة أخرى، وبهذا امتازت النظرية القرآنية على غيرها من النظريات. ويتجلى ذلك في الأبعاد التالية:
ـ الخلافة في الأرض، أن الله تعالى جعل الإنسان خليفته على الأرض، وبهذا امتاز الإنسان على بقية المخلوقات، (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)(2).

وهذه الخلافة هي الخلافة التشريعية في إدارة شؤون الأرض وتصرف الخليفة فيها وفي نفسه وفي الكون المحيط به، كما أنها خلافة تكوينية في إعمار الأرض وإدارة شؤونها، والحركة والسلوك فيها.
ـ التفضيل والتكريم للإنسان على كثير من المخلوقات، وهو ما يفهم من أمر الله تعالى للملائكة بالسجود لآدم(عليه السلام)،
والذي يعبر عن الخضوع والاعتراف بهذه الحقيقة الإلهية، والموقع المتميز لـه بالخلافة لله تعالى على الأرض، (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)(3).
ـ حمل الأمانة، فقد خصّ الله الإنسان بحمل الأمانة دون المخلوقات جميعاً، (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً)(4).
ـ تسخير الموجودات للإنسان، وجعله قادراً على التصرف فيها، (اللَّهُ الَّذِي سخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(5).
ـ يمكن اعتبار هذا التسخير والقدرة عليه شعبة من شعب الخلافة وبعداً آخر فيها، والذي يعني إعطاء الإنسان الإمكانات والقدرات التي يحقق بها هذا التمكن من الأرض والكون المحيط به، تعبيراً عن الخلافة التكوينية على الأرض ومن بينها قدرته على تسخير الموجودات فيها، والتي تمثل شيئاً من الامتداد للقدرة الإلهية في التصرف في الأرض والكون، بالإرادة والاختيار، والعقل والعناية الربانية.
ـ الإنسان محور التغيير في الكون، وأن الله سبحانه وتعالى ربط التغييرات الحياتية في هذا الكون بالتغييرات التي تطرأ على الإنسان ومحتواه الداخلي (الروحي والنفسي) وهذه صفة وخصوصية تميز الإنسان بها على بقية الموجودات، وهذا يمثل النتيجة لبقية الامتيازات السابقة ويعبر عنها، فالتغييرات الاجتماعية في الحياة الإنسانية، ترتبط بالتغييرات النفسية، والتغييرات الكونية ترتبط بالتغييرات الاجتماعية الكلية، (… إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ...)(6).
وخلاصة ذك أن الإنسان يمثل المحور الأساس في هذا الكون، وقد أقرن الله سبحانه وتعالى في الغاية من وجود الإنسان على الأرض بين استعمار الأرض وتمكينه عليها، وعبادة الله سبحانه وتعالى فجاءت الغاية الأولى مرتبطة بالغاية الثانية ارتباط تكامليا، وفي قوله عز وجل (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ)(7).

مما يعني أن التمكين يمنح المعماري حرية في تحديد القرار الصائب بموجب عملية التحليل ودراسة البدائل وذلك لإتساع خبرته في مجال عمله وقد جاء في القرآن الكريم آيات عديدة تمنح الانسان فيها حرية اتخاذ القرار بعد أن منحه الله التمكين والتسخير (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً)(8) و (كَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)(9).
ويتلخص وجود الإنسان في علاقاتٍ ثلاثة؛ علاقته بالله سبحانه، وعلاقته بنفسه، وعلاقته بالمجتمع، وأن البنى المعمارية كفعل إنساني هي التجسيد الحي لهذه العلاقات التي تلخص وجوده على الأرض، لذا فالقرار المعماري الأول لرسول الله(صلى الله عليه وآله) في المدينة المنورة، وهي بناء مسجد قباء لتحقيق أولى غايات الإنسان وهي عبادة الله سبحانه وتعالى حيث يمثل المسجد قلب المدينة العربية الإسلامية، ثم القرارات المعمارية لبناء البيوت والمساكن، ثم الأسواق وهي الأماكن التي تتيح للمرء فيها ممارسة الفعل الحضري عن طريق الانفتاح والانتفاع، بما يحقق الاحتكاك والتبادل وتفعيل علاقاته بالمجتمع، فالقرار المعماري في روحه قرار إرادي مبرمج، له ضوابطه وغاياته وتتجلى أهميته في قيمته العقائدية والوظيفية والثقافية والتاريخية داخل المجتمع، ومدى تجسيده لقيمة الإنسان وكرامته، ويمثل إتخاذ القرار المعماري الهدف الأساسي لكل العمليات للوصول إلى منهج مناسب للتطوير أو إلى حل مشكلة ما، التي تتخذ عدة مراحل ووسائل، للوصول إلى الإقتراح الأنسب وإجراء التعديلات عليه حتى الوصول إلى القرار الصائب باعتماد مذهب أخلاقي من خلال فهم الاجزاء منفصلة في النصوص القرآنية، فمنهجية الاصول الكلية المنفتحة على المفاهيم هي التي تمكن من صياغة هذه الاخلاقيات لصنع القرار.

عناصر العمارة في النص المقدس
تُعرف العمارة في النص المقدس على إنها السكنى في بيئة مكانية محددة، لهدف معين، يتطور مع الزمن إلى تجمع بشري، يسوده الأمن و يتوفر على أسباب المعيشة. وأن توفر الإرادة والفعل والمكان والغاية عوامل أساسية في انشاء التجمعات الانسانية، وتحدد علاقة الإنسان بالمكان عدة عناصر مساعدة على الاستقرار والتطور:
ـ الأمن؛ فغيابه تهديد للمجتمع، وعاملا أساسيا في زوال الحضارات، لذا جاءت دعوة إبراهيم(عليه السلام) (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً…)(10). وأمن الإنسان يكشف الظروف التي تهدد البقاء وإدامة الحياة والكرامة الإنسانية، كالفقر والمرض والتدهور، فأمن الإنسان هو الضامن لإستمرارية التنمية البشرية وهو شرط مسبق لها، ومحدد لأولويات أهدافها العاجلة. والمراد بالأمن التشريعي دون التكويني، فإبراهيم(عليه السلام) يسأل ربه أن يشرع لأرض مكة حكم الحرمة والأمن، فالأمن صلب الاستقرار ونواته، وهو اطمئنان على الروح والمال والعرض وضمان لحقوق الإنسان في الحياة، وهو أعظم النعم التي أنعم الله بها على عباده وهذا الحكم الإلهي (حكم الحرمة والأمن) وتقديس البيت العتيق وما أحاط به من حرم الله الآمن المترسخ في النفوس منذ أربعة آلاف سنة حتى اليوم الذي عاد بما لا يحصى من الخيرات و البركات الدينية والدنيوية إلى أهلها وسائر أهل الحق ممن يحن إليهم و يتعلق قلبه بهم، و قد ضبط التاريخ من ذلك شيئا كثيرا و ما لم يضبط أكثر فجعله تعالى مكة بلدا آمنا من النعم العظيمة التي أنعم الله بها على عباده، ويتحقق هذا الأمن في الأضرحة المقدسة للأئمة المعصومين(عليهم السلام).
ـ المعيشة: توفر أسباب العيش والاسترزاق، وتكاثره وهو ما عبر عنه في الآية الكريمة بالثمرات، وهي وفرة الخير وسعته، وهو احد عناصر الاستقرار، وتطور الاجتماع.
ـ المواصلات: هي الاحتكاك والتبادل والتواصل والتفاعل مع التجمعات الحضرية الأخرى، فتنصهر الثقافات، وتتشابك المصالح والآفاق، حينها تتأسس عملية التواصل والاستمرارية،وتنمو بذرة الاختراع والابتكار، فالتحضر عملية مركبة ومعقدة تنصهر فيها إبعاد ورؤى وقرارات عدة،ولا يمكن البتة أن يتطور الحضر من العدم أو في معزل عن جهود البشرية جمعاء، فالغاية الاسمى في عمارة الأرض هي التعارف بين الشعوب والقبائل والأمم، لذا (…فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ…)(11) أي يتجهون نحوهم ليتم التبادل والتفاعل وتتشابك حركية المجتمع مع خاصية المكان لتشكل وجها من العمارة لفترة زمنية محددة بشروط ومقومات وجودها. ومن مصاديق الآية الكريمة الارتباط الروحي بين الإنسان والأماكن المقدسة في النجف الأشرف وكربلاء والكاظمية وسامراء حيث العسكريين صلوات الله عليهم أجمعين.
ويختلف ترتيب الحاجات الاساسية للانسان هذه عما تطرحه النظريات الغربية فقد وضع العالم النفساني ابراهام ماسلو Maslow مخطط الحاجات الإنسانية في تنظيم هرمي متدرج طبقا للاولويات ابتداءً من الحاجة الملحة إلى الأقل إلحاحاً وهكذا حتى أضعفها، وقد رتب تلك الإحتياجات كما يلي:
ـ حاجات فسيولوجية (الجوع، العطش، المأوى…).
ـ حاجات التناسل والتكاثر (الإرتباط، الزواج، علاقات إجتماعية).
ـ حاجات الأمن والخصوصية (الحماية الطبيعية، الخصوصية، التأقلم الذاتي ونمط البيئة الحضرية)
ـ حاجات انتمائية (الحاجة العضوية، الجماعة والعلاقات الشخصية)
ـ حاجات نفسية (احترام الذات، إضفاء الطابع الشخصي على البيئة الخاصة)
ـ حاجات تحقيق الذات (مرتبطة بالجمال والرغبة بالتعلم والنجاح…).
كما وأن Maslow رتب الحاجات للانسان بشكل هرمي متدرج، فالحاجات الفسيولوجية تأتي في التدرج كأول الحاجات المحركة لسلوك الإنسان، ولا تحرك سلوكه الحاجات الأخرى مثل الأمن والحاجات الاجتماعية وحاجات احترام الذات وتحقيق الذات مادامت تلك الحاجة لم يتم اشباعها لذا ستكون الحاجات الفسيولوجية هي المسيطرة على السلوك الانساني. وكذلك افتقار تلك النظرية الى الحاجات الروحية رغم أن الله سبحانه فطر الانسان على دين يتعبّده، فالإنسان يتكون أصلاً من مادة وروح، فكما للجسم غذاء واشباعات مادية فإن للروح غذاء يلائمها ويحييها حياة طيبة. وقد روي عن الإمام الباقر(عليه السلام)،
قال (سألت أبا جعفر(عليه السلام): (ما من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن) قال: ظهره وبطنه تأويله، ومنه ما قد مضى ومنه ما لم يكن، يجري كما تجري الشمس والقمر كلما جاء تأويل شيء يكون على الأموات كما يكون على الأحياء، قال الله: (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) نحن نعلمه). ويتطلب الوصول إلى تأويل القرار المعماري المرور بثلاث مراحل
تتمثل في..
ـ الصياغة Formulation وتهدف إلى تطوير نموذج أولي للقرار.
ـ التقييم Evaluation، حيث يتم تقييم النموذج المصاغ في المرحلة الاولى واجراء التعديلات اللازمة وتنتهي هذه المرحلة بتوصية استخدام نموذج نهائي للقرار.
ـ التأويل Interpretation، حيث يتم تخمين التوصيات النهائية التي تمثل قاعدة الفعل، وتكتسب أهمية خاصة لما تمثله كمرحلة صياغة القرار.
تمنح النصوص المقدسة (معايير) و(مقاييس) و(موازين) (التعابير تختلف والمعنى واحد) هي بذاتها إنعكاس للقرار التي بها يمكن الوصول إلى اختيار اقرب الوسائل الى الهدف. وانتخاب الأمثل والأفضل من بين البدائل في تحقيق الاهداف، ففي حالة وجود وسيلتان كلتاهما قريبان الى الهدف، ولكن احدهما كانت أمثل من الناحية الاخلاقية (القيمية) من الثانية يكون انتخاب ذات القيم الاخلاقية بأعتبارها قراراً معمارياً أخلاقياً. والحكم على الاشياء إيها أحسن وأنفع وعلى الأفعال أيها أفضل وأكثر خيراً للمجتمع.
أن القيم المرتبطة بالمطلق هي قيماً مقدسة مرتبطة بالحاجات الروحية، أما القيم المشرّوعة بموجب القوانين المدنية والإجتماعية، فهي تختلف من إنسان لآخر ومن مجتمع لآخر، لانها تتعلق بالحاجات المادية، ولكنها لا تكتسب صفة الشرعية ولا تصبح (خيراً) إلا إذا خضعت لمعايير النصوص المقدسة ليكون القرار المعماري الصادر متسماً بالأخلاقي:
1ـ ان يكون الحكم هو القيم الأخلاقية المطلقة المستنبطة من الوحي الإلهي ويُحدد على أساسه ما هو مرغوب فيه أو مفضل في موقف توجد فيه عدة بدائل.
2ـ يتحدّد من خلاله اهدافاً معيّنة أو غايات ووسائل لتحقيق هذه الاهداف أو الغايات بموجب اقترابه من القيم.
3ـ الحكم سلباً او ايجاباً على مظاهر معينة في ضوء عملية التقييم التي يقوم بها المصمم المعماري ليكون قراره أخلاقياً.
4ـ التعبير عن هذه البدائل في ظلّ بدائل متعددة ليصدر عنه قرارا معمارياً أخلاقياً مستندا إلى خاصية انتخاب البدائل التي تتميز بها القيم.
5ـ يرتبط بخاصية الإلزام فيما يجب أن يكون من حيث الوجوب او الالزام التي تتسم بها القيم.
6ـ يختلف وزن القيمة من فرد لآخر بقدر احتكام هؤلاء الافراد الى هذه القيمة في المواقف المختلفة وانعكاس ذلك على القرار الصادر عنها.
نخلص هنا إلى أن النصوص المقدسة لها دور واضح في الفعل الانساني وفي صياغة وتشكيل القرارات المبنية على قاعدة معرفية متقنة تضم جميع الظواهر المتداخلة والحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع، فالعمارة الإسلامية ليست في الأقواس والنقوش على واجهات مبانيها، بل هي ذلك النتاج المعماري الذي يتلاءم وشخصية المعمار المسلم القادر على اتخاذ القرار بما منحه الله سبحانه من خلافة تكوينية في إعمار الأرض وإدارة شؤونها.

نشرت في العدد 37


المصادر:
ـ القرآن الكريم.
ـ محمد باقر الحكيم، المجتمع الإنساني في القرآن الكريم، مجلة رسالة التقريب، العدد 21.
ـ محمد تقي المدرسي، التشريع الإسلامي؛ مناهجه ومقاصده، ج3، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 2004.
ـ محمد تقي المدرسي، المنطق الإسلامي؛ أصوله ومناهجه، دار نشر بيروت، 1977.
ـ العلامة محمد حسين الطبطبائي، الميزان في تفسير القرآن.
ـ تومي اسماعيل، العمارة والعمران في ظلال القرآن، بيت المعماريين العرب، الجزائر.
ـ دراسة التقرير الانمائي لحال التنمية البشرية في العراق، اصدار دار الحكمة، بغداد، العراق، 2007.

(1) سورة إبراهيم/37.
(2) سورة البقرة/30.
(3) سورة البقرة/34.
(4) سورة الأحزاب/72.
(5) سورة الجاثية/12ـ13.
(6) سورة الرعد/11.
(7) سورة هود/61.
(8) سورة الكهف/84.
(9) سورة يوسف/56.
(10) سورة البقرة/126.
(11) سورة البقرة/126.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.