العلويون فرقة شيعية تعتقد برسالة محمد(صلى الله عليه وآله)، وبإمامة علي(عليه السلام)
وولده الأحد عشر(عليهم السلام)، لما دب الضعف بالدولة العباسية وظهرت طوائف الملوك كالفاطميين في مصر والحمدانيين في سوريا كثرت وفود العلويين، تؤم (حلب) لما فيها من العلويين قصداً للجهاد تحت إمرة أميرهم (سيف الدولة الحمداني)، وبقوا هناك حتى افتتح الأتراك الأستانة واتسعت رقعة ملكهم إلى أن شملت سوريا ومصر واستلموا مفاتيح الحرمين، حينذاك أصبح العلويون تحت حكم السلطان سليم الأول الذي أباد في مدينة حلب زهاء (40) ألف شخص ويقال إن سبب ذلك هو أن بعض أعداء العلويين في تلك المناطق أغروا السلطان على قتلهم.
عند ذلك بدأت الهجرة العلوية فراراً من الجور الغاشم زمراً زمراً للاحتماء في معاقل حصينة في (حلب وعانة وبغداد) وامتدت هجرتهم إلى شمال سوريا، إلى جبال الأكراد المعروفة اليوم بجبال العلويين واستوطن الكثير منهم في مدن (أنطاكية التركية وطرابلس والشام وحمص وحماه في سوريا وقسم منهم استوطن في المناطق الساحلية (كاللاذقية وطرطوس) إضافة إلى ذلك استوطن قسم منهم شمال تركيا مثل (أرضروم وسيواس واغدر) وغيرها.
غير أن ابتعاد العلويين عن عنصرهم الشيعي ونفورهم عمن جاورهم من إخوانهم السنة أكسبهم طقوساً غريبة عن الوضع الإسلامي لا تمت للدين بصلة، فمثلاً لا يصلون أي لا يؤدوا الصلاة مع اعتقادهم بالصلاة لكنهم يعتبرون الصلاة دعاء ليست بالركوع والسجود إذ لا توجد آية في القرآن بعدد الركعات والسجدات حتى رماهم بسببها كل من ليس له هوى بهم بأقوال شتى حتى وصلت إلى حد التكفير مع اعتقادهم بكل ما جاء به الرسول(صلى الله عليه وآله) وما جاء به القرآن الكريم ومعتقدين بإقامة الحدود الخمسة التي شرعها الله على لسان رسوله الكريم(صلى الله عليه وآله) وعلى مذهب الإمام جعفر الصادق(عليه السلام).
وهناك رأي حول تركهم الصلاة مع اعتقادهم بها يقول: لما جار السلاطين على العلويين أخذوا يصلون بقلوبهم واستمرت هذه العادة بصورة مستمرة إلى أن أصبحت صلاتهم وراثية تمثل هذا الشيء أي أنهم يصلون كل مع نفسه على شكل دعاء، وقسماً منهم في شهر رمضان يصوم ثلاثة أيام التاسع عشر والعشرين والحادي والعشرين فقط أيام استشهاد الإمام علي(عليه السلام)،
ومما لاينسجم مع ماتقدم رأي الباحث حسين محمد المظلوم(1) حيث بين: (لقد اضطر العلوي إلى استعمال التقية المشروعة عند الحاجة حفاظاً على نفسه وحقناً لدمه فاتهم بالباطنية والغلو عند منكري التقية، أما الغلو فلا أساس لوجوده عند أي فريق منهم فكلهم فريق واحد ومذهب واحد ظاهره الإقرار بالشهادتين، وباطنه الإقرار بهما أيضاً)، أما الباحث علي الإبراهيم(2) فيقول: (العلويون من حيث جمهرتهم والمستنيرين منهم شيعة جعفرية إمامية إثناعشرية، يؤدون الفرائض صلاة وصوماً وزكاة وحج في ظلال الإيمان والإسلام كما ينبغي، وكما أمر الله في القرآن الكريم، والسنة المطهرة، من حديث رسول الله(صلى الله عليه وآله)
والأئمة(عليهم السلام) الذين أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم محمد بن الحسن(عليهم السلام) من غير تحريف أو تبديل أو تغيير،
وإن كنا لاننكر على الإطلاق وجود بعض الشطحات من الغلو الناجم من العزلة مئات السنين في الكهوف والجبال بعيداً عن المدارس والعلم والعلماء والفقه والحديث النبوي جراء الظلم والتشريد والملاحقة لا سيما زمن المماليك والعثمانيين، أضف لذلك السرية التي فرضها عليهم فريق من مشائخهم على العقيدة، فأضحوا فريسة الإنطواء والإنعزال،… ثم يضيف الإبراهيم … لقد قسم الباحثين المعاصرين العلويين إلى فريقين، فريق الغلاة والمعتدلين، وإن كنا نؤمن بأن الغلاة هم جزء من الحقيقة الواقعة إلاّ إنهم قلة لا تسمح الظروف الموضوعية أن نعتبرهم فريقاً كبيراً من الجمهرة العلوية، ونحن نعتقد أن الأمور سريعة التبدل وإن المخلصين منم أبناء هذا المذهب يبذلون من الجهود منذ أكثر من نصف قرن في سبيل التصحيح والإصلاح) ويمكن الجمع بين القولين الأول الذي يقول بإتيان الصلاة قلباً دون أفعالها، وبالصلاة وفق الأفعال على إن الأول يخص علويو تركيا فيما يخص القول الثاني علويو سوريا.
بالرغم من تمركز العلويون في تركيا وسوريا، إلاّ إنه يوجد الكثير منهم في كل من العراق واليمن وشمال أفريقيا وإيران والباكستان، وتختلف عقائد العلويون في هذه البلدان عن عقائد العلويين الموجودين في تركيا وسوريا، ويقول الكاتب التركي الشهير (عبد الباقي كولبنارلي)(3) (إن الفرق بين هذه الفرق هو أن العلويين في كل من إيران والعراق والباكستان وغيرها هم شيعة إمامية كذلك العلويين في كل من سوريا وتركيا فهم شيعة إلا أنهم يختلفوا عن الشيعة الباقين باعتقادهم أن الصلاة هي دعاء ليست إلا بالسجود والركوع، ولكن الحكام اتهمهم بالكفر والزندقة)، ولا ندري هل ما قاله كولبنارلي عن الوضع الصلاتي التعبدي ينطبق على العلويين في سوريا وتركيا؟ أم على علويي تركيا فقط دون غيرهم من العلويين؟.