Take a fresh look at your lifestyle.

التلوث البيئي.. يسبب تلوث الهواء

0 1٬065

أ. د. يسار محمد حسن الشماع
كلية الطب/ جامعة الكوفةط

 

 

                    قال تعالى في محكم كتابه العزيز (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) الأعراف:55.
خلق الله البيئة وجعلها جميلة ونظيفة ولكن الإنسان هو الذي يلوث البيئة. فهو الذي يدمر الغابات ويقطع الأشجار ويزيل المساحات الواسعة الخضراء لينشأ بدلاً عنها المصانع والمعامل والعمران التي تلقي بكميات هائلة من الأدخنة في السماء لكي تلوث البيئة وقد تكون سبباً في اختلال التوازن البيئي وبالتالي موت الإنسان.

وكما تعلمون أن المكونات الأساسية للبيئة هي الهواء والماء والتربة. لذا فان تلوث الهواء يعتبر من الأسباب الرئيسية لتلوث البيئة.

إن المصادر الرئيسية لتلوث الهواء أما أن تكون مصادر طبيعية مثل البراكين والزلازل والفيضانات والعواصف والأعاصير والأمطار أو أن تكون مصادر اصطناعية بفعل المنشآت الصناعية للإنسان.
وهي:

1ـ مخلفات المعامل والمصانع والصناعات الإنشائية.
2ـ دخان (عوادم) السيارات ومحطات توليد الطاقة الكهربائية والمولدات الكهربائية وغيرها.
3ـ مخلفات حرق الوقود الصلب لغرض التدفئة وطهي الطعام.
4ـ حرق النفايات الضارة أو دفنها أو مخلفات ومعاملة الصرف الصحي للمياه الثقيلة.
5ـ الإشعاعات الذرية الطبيعية والصناعية وأتربة مبيدات الحشرات ومخلفات الأنفجارات.

تعريف الهواء الملوث
الهواء الذي يحتوي على مواد ملوثة صلبة أو سائلة أو غازية والتي تسبب تغيير نسب مكونات الهواء الطبيعية والتي تؤدي إلى أضرار فسيولوجية واقتصادية وحيوية للإنسان كذلك أنها تؤثر على الحيوان والنبات والآلات والمعدات.
تقدر خسارة العالم سنوياً في المحاصيل الزراعية بسبب تلوث الهواء بخمسة آلاف مليون دولار سنوياً وتكون الأضرار أكثر في المناطق المزدحمة بالسكان. كذلك أشارت الإحصائية إلى أن حوالي ثلاث ملايين شخص يموتون سنوياً بسبب تلوث الهواء في العالم.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية أول من اصدر القوانين للحد من تلوث الهواء بالدخان في المناطق الصناعية وأصبح تطبيق هذه القوانين إجبارياً بعدما تبين تأثيره على صحة الإنسان مع زيادة نسبة الوفيات كما حدث ذلك في انكلترا عام 1952م عندما كانت معظم مدنها مغطاة بالضباب والدخان حيث تسبب في موت 4000 شخص وكان سبب ذلك هو تفاعل أكاسيد النتروجين المنبعثة من المعامل مع مركبات الهيدروكربونات مع وجود أشعة الشمس وظروف جوية خاصة أدت إلى تكوين ما يعرف بالضباب الدخاني وهو بني اللون وخانق. كذلك حدثت حالة مماثلة لها في نيويورك عام 1953، 1963، 1966 وكذلك في دول أوربا في أمستردام وأثينا عام 1985.

وكما قلنا إن المصدر الرئيسي لتلوث الهواء هو:
1ـ مخلفات المعامل والمصانع والصناعات الإنشائية مثل معمل الطابوق وكور الطابوق ومعمل الاسمنت ومعمل الإطارات والصناعات المطاطية.

إن الغازات السامة والأبخرة الخانقة المنبعثة من المداخن العالية لهذه المعامل تحتوي على:
ـ أكاسيد النتروجين ـ ثاني اوكسيد النتروجين.
ـ أكاسيد الكبريت ـ ثاني أوكسيد الكبريت.
ـ أكاسيد الكربون ـ أول وثاني أوكسيد الكربون.
ـ المركبات الهيدروكربونية.
ـ المركبات شديدة السمية مثل مركبات الزرنيخ، الفوسفور الكبريت والكلور.

وكذلك بعض المعادن الثقيلة مثل الزئبق، الرصاص، الكادميوم وحالياً يطلق مصطلح بهذه المركبات أعلاه باسم المسرطنات لأنه تسبب السرطان أو أنها تحمل معها مواد سرطانية متطايرة.

وتكون هذه الغازات السامة والمواد السرطانية المنبعثة من مداخن المعامل على شكل جسيمات دقيقة معلقة في الهواء على هيئة رذاذ أو ضباب خفيف أو على شكل جزيئات سوداء دقيقة تسبح في الهواء والواقع هي عبارة عن خليط بين حبيبات الغبار وقطرات السائل الموجودة في الهواء ودائماً ما يكون هذا التلوث واضحاً حول المصانع أو المعامل أو في سماء المعامل ولكن الرياح تحمله إلى مناطق بعيدة جداً عن موقع المصنع.

إن نوع الغازات والأبخرة السامة المنبعثة من مداخن المصانع يتوقف على نوع المنشآت الصناعية المسببة لهذا الغبار وكلما زاد ارتفاع المداخن كلما أنخفض تركيز المكونات الملوثات في الهواء لأنها تخفف كثيراً عندما تصل إلى الأرض.
إن الغازات المبعوثة من المداخن ستجفف عند اختلاطها بالهواء لحين وصوله إلى الأرض حيث تكون اقل خطورة على الإنسان تعتمد على:

1ـ الجو إذا كان جاف أو رطب أو ذو درجة حرارة عالية.
2ـ اتجاه الرياح وسرعتها نحو المدينة أو المنطقة السكنية.
3ـ هل أن الأرض مستوية، جبلية، منخفضة؟.
4ـ وجود مصادر منقطعة ومصادر مستمرة للتلوث.
5ـ تسريب غازات من شقوق المداخن أو الأنابيب.

ويصنف علماء البيئة الجزيئات الموجودة في الهواء إلى نوعين النوع الأول وحجمها يكون أصغر من 2،5 مايكرومتر وهي ناتجة من عمليات احتراق الوقود لسيارات الديزل والمولودات الكهربائية وبعض المعامل والنوع الثاني من الجزيئات الملوثة للهواء يكون حجمها اكبر من 2،5 مايكرومتر وهي ناتجة من برادة الحديد في معامل قطع الحديد والمعادن وكذلك معامل تكسير الصخور والأحجار وسير السيارات في الطرق غير المبلطة أو ذرات العجاج المتطاير من تنظيف النوافذ والسيارات والأماكن الأخرى باستعمال الهواء الجاف. وتكون الجزيئات الصغيرة أكثر خطورة على الإنسان لأنها دائماً ما تستقر في الرئتين وتقاوم الوسائل الدفاعية في الجسم. وهنالك الكثير من المعامل والمصانع التي تلقي بكميات كبيرة من هذه الغازات والمركبات السامة وتعتمد على نوع المعمل:

1ـ معامل الازبست.
2ـ معامل القطن.
3ـ معامل الفحم الحجري.
4ـ معامل التبغ وصنع السكائر.
5ـ معامل الخشب وصنع الأثاث.
6ـ معامل صناعة الورق.
7ـ معامل الزجاج.
8ـ معامل البطاريات وشحنها.
9ـ معامل النسيج.

2ـ المصدر الثاني الرئيس لتلوث الهواء هو عوادم السيارات وهي الغازات السامة المنبعثة مع دخان السيارات المزدحمة وبالأخص سيارات الديزل. وكذلك احتراق البنزين المخلوط بالرصاص لسيارات البنزين. ويضاف الرصاص للبنزين لتقليل الفرقعة أثناء احتراق البنزين المخلوط بالرصاص لسيارات البنزين. ويضاف الرصاص للبنزين لتقليل الفرقعة أثناء احتراق الوقود إلا أن دخان السيارات يطرح كميات كبيرة من الرصاص السام. وكذلك احتراق الكازولين وما يبعثه من غازات مخدشة لأغشية الجهاز التنفسي.

كذلك الغازات السامة المنبعثة مع دخان المولدات الكهربائية ومحطات توليد الطاقة الكهربائية عنصراً مهماً في تلوث الهواء. وفي احد بحوث البيئي في مدينة الرياض في السعودية إن زيادة نسبة التلوث البيئي في محطات توليد الطاقة الكهربائية كان بسبب استخدام الغاز الطبيعي بدلاً من استخدام النفط الخام أو الديزل (الشكل 1).

وهناك بعض الدراسات حول تأثير إضافة الرصاص إلى البنزين في السيارات حيث أشارت نتائج هذه البحوث إلى زيادة نسبة الرصاص في الأماكن المزدحمة بالسيارات حيث كانت آثاره على الجهاز القصبي وعلى وظائف الكليتين. وكانت هذه البحوث في مدينة بابل عام 2000، ومدينة النجف عام 1999، ومدينة بغداد عام 1990، وفي الولايات المتحدة في مدينة نيويورك عام 1980.

وفي بحث آخر في أماكن السيارات المزدحمة وجد أن هنالك زيادة في تراكم حامض البوليك في المفاصل والكلى حيث انه يحل محل الكالسيوم في أنسجة العظام. كذلك انه يؤثر على هيموغلوبين الدم.

3ـ مخلفات حرق الوقود لغرض التدفئة وطهي الطعام يعتمد نصف العالم على الروث والحطب أو نفايات المحاصيل أو الفحم لتلبية احتياجاتهم من الطاقة الأساسية لهم ويؤدي حرق ذلك الوقود الصلب في نار مكشوفة أو في مواقد بدون مداخن لإغراض الطهي أو التدفئة إلى إحداث تلوث الهواء داخل البيوت ويحتوي الدخان المنبعث على طائفة من الملوثات المضرة بالصحة مثل السخام والغبار والتي يمكنها التوغل عميقاً في الرئتين وتكون أكثر تأثيراً في الأماكن التي لا توجد فيها تهوية صحية عما لو كان الحرق في الهواء الطلق. ودائماً ما يتأثر بذلك النساء والأطفال لا نهم قريبين من هذا التلوث لذا تشكل نسبة عالية من الوفيات لديهم بسبب الإصابة بالأمراض الصدرية أو بالتسمم بغاز اوكسيد الكربون.

4ـ حرق النفايات أو دفنها ومخلفات الصرف الصحي للمياه الثقيلة. هنالك غازات سامة تنبعث من موقع حرق النفايات الضارة أو من موقع دفنها. كذلك هنالك غازات سامة تنبعث بسبب معاملة مياه الصرف الثقيلة ببعض المواد الكيميائية أو تسريب بعض المواد السامة من الأنابيب أو الخزانات. كذلك وجود بعض الجراثيم والبكتريا الناتجة من تحليل النباتات أو تفسخ الحيوانات الميتة أو النفايات الآدمية.

5ـ التلوث بواسطة الإشعاعات الذرية الطبيعية والصناعية وأتربة مبيدات الحشرات وكذلك بسبب الانفجارات وما تحويه من مواد سامة وبعض المركبات الكيمياوية كأبخرة الأمينات العضوية المتطايرة في الهواء بسبب الانفجارات.
إن تلوث الهواء بهذه الغازات السامة المنبعثة من مداخن المعامل تؤثر تأثيراً مباشراً على صحة الإنسان.

1ـ تأثير الهواء الملوث على العاملين في المعامل والمصانع.
2ـ تأثير الهواء الملوث على المناطق السكنية المحيطة بالمعامل والبعيدة عنه ولمسافة 35كيلو متر.

1ـ تأثير الهواء الملوث على العاملين في معامل الطابوق والسمنت والصناعات المطاطية.

تستعمل فحوصات كفاءة الرئتين لمعرفة مدى تأثير هذه المكونات على وظائف الرئتين ويستعمل لهذا الغرض جهازين:

1ـ السبايروميتر: لقياس كفاءة الرئتين ويشمل السعة الحيوية القسرية FVC الحجم الزفيري القسري في ثانية واحدة FEV

.
2ـ جهاز الفلوميتر: قياس السرعة القصوى لهواء الزفير القسري أثبتت النتائج وجود انخفاض معنوي في كفاءة الرئتين عند العاملين في هذه المعامل عند مقارنتها بكفاءة الرئتين عند الأصحاء. كذلك أن الانخفاض المعنوي يكون أكثر كلما اقتربنا من المصدر الرئيس لتلوث الهواء أي الموقع الرئيسي لحرق وفخار الطابوق أو مقلع الاسمنت أو الصناعات المطاطية. وهنالك بحث في مدينة البصرة حول معمل صناعة الورق حيث كانت النتائج مشابه لهذا البحث.

كما هو في (الشكل 2) حيث يبين حالة التعرض القليل والوسط والشديد وهو في احد معامل الطابوق.
و(الشكل 3) هو في معمل السمنت. وقد لوحظ إن تأثير الهواء الملوث بذرات الاسمنت في هذا المعمل يكون أكثر عند العاملين في هذا المعمل ولفترة طويلة من 10ـ 15 سنة ويكون تأثيره أكثر عند الكبار في الصحة وكذلك أكثر عند المدخنين عما هو عليه في الصغار في العمر وغير المدخنين.

أيضاً هنالك دراسة أخرى في بغداد في معمل صنع وشحن البطاريات حيث يوجد انخفاض معنوي في كفاءة الرئتين عند العاملين في هذا المعمل.
إضافة إلى زيادة نسبة الرصاص مع الدم وبعض التغيرات في محتويات الدم.

2ـ تأثير تلوث الهواء من مداخن المعامل على المناطق المحيطة بالمعمل ولحد مسافة 35كم.
إن المداخن العالية لمعامل الطابوق والسمنت تسهل في عملية انتشار الغازات والمواد المنبعثة منها مع الهواء حيث أنها ستخفف كثيراً عند اختلاطها مع الهواء لحين وصولها إلى الأرض حيث تكون اقل خطورة على الإنسان.

وقد وجد أن الهواء الملوث المنبعث من المداخن العالية ينقل إلى مسافات بعيدة قد تصل إلى 35 كم أو أكثر من موقع المعمل وعندما يكون تعرض المناطق السكنية لعدة سنوات وبصورة مستمرة قد يؤدي إلى حالات حدوث الإصابة بسرطان الرئة بسبب ترسب هذه الجزيئات الملوثة في الرئتين ولفترة طويلة.

ويبين (الشكل 4) في احد البحوث انخفاضاً معنوياً في قياس كفاءة الرئتين عند الناس الساكنين بالقرب من المعامل (معامل الكفل) كذلك هناك بحوث أخرى تشير انخفاض معنوي في كفاءة الرئتين في المناطق التي تبعد على مسافة أكثر من 35 كم.

ويبين (الشكل 5) لأحد البحوث في الولايات المتحدة حدة التلوث البيئي في منطقة المعمل والمناطق التي تكون باتجاه الرياح بينما التأثير يكون اقل في المناطق الموجودة بعكس اتجاه الرياح أي إن المناطق القريبة تكون معرضة عشرة مرات أكثر من الحد الاعتيادي بينما تكون المناطق البعيدة معرضة بنسبة مرتين أكثر من الحد الاعتيادي.

كذلك يبين (الشكل 5) لأحد البحوث في الولايات المتحدة أيضاً نسبة حدوث حالات السرطان الرئوي حسب قربها من مصدر التلوث وحسب المناطق الجغرافية حول المعمل وحتى المناطق البعيدة عن المعمل أي أن التعرض المستمر وحتى على بعد 30ـ40كم يسبب الإصابة بالسرطان أما التعرض القليل المنقطع فتكون الإصابة قليلة وبالأخص عند الأطفال والمسنين.

وللكشف عن نسبة التعرض لتلوث الهواء في المناطق المحيطة بالمعمل وبالإضافة إلى الفحوصات الطبية والأجهزة الطبية التي تكشف تأثير الهواء الملوث على كفاءة الرئتين وكذلك تأثيرها على مكونات الدم مع الإنسان.

هنالك طرق أخرى تستعمل للكشف عن كمية تلوث الهواء بالمواد السامة:
1ـ الأجهزة المراقبة للتلوث:
ودائماً ما توضع في مداخن المعامل وفي الأماكن المعينة القريبة من المداخن لغرض تسجيل كمية المواد المنبعثة من مصدر التلوث إلى الهواء مثلاً انبعاث 10 ملم من مادة سامة في الساعة الواحدة من مصدر التلوث بذلك فان مجموع هذه المادة السامة خلال يوم واحد تساوي 240 ملغم في تلك المنطقة.

2ـ استعمال المعادلات الرياضية والكومبيوتر:
تستعمل بعض المعادلات لحساب نسبة تركيز المادة الملوثة التي يتعرض لها الأشخاص في مناطق مختلفة ومسافات بعيدة عن مصدر التلوث. وذلك بحساب معدل التعرض للملوثات عن طريق تحديد المواد الكيمياوية كما في المعادلة:
Q
C =
LDW
C: تركيز المادة التي يتعرض لها الإنسان.
Q: كمية المادة السامة المنبعثة
L: المسافة عن مصدر التلوث
D: سرعة انتشار المادة الملوثة في الهواء ـ وتعتمد على ارتفاع المدخنة والعوامل الحيوية الأخرى.
W: سرعة الرياح.
وبهذا ممكن معرفة نسبة الناس المتعرضين لتلوث الهواء في المناطق القريبة والمناطق البعيدة عن المعامل.

تأثير الهواء الملوث على صحة الإنسان
إن الطرق الرئيسية لدخول الهواء الملوث إلى جسم الإنسان هي:ـ
1ـ عن طريق الجهاز التنفسي ـ أثناء عملية التنفس وهي الطريقة الرئيسية (الشكل 6).
2ـ عن طريق الجهاز الهضمي ـ عند طريق تناول بعض الأطعمة الملوثة.
3ـ عن طريق الجلد ـ عن طريق الامتصاص خلال الجلد.

عندما يدخل الهواء الملوث أو الغازات السامة المنبعثة من مداخن المعامل والسيارات إلى جسم الإنسان فانه أما أن يستقر في الرئتين مثل ذرات الازبست أو ذرات الاسمنت حيث أنها بالتالي قد تسبب تليف الرئتين عند التعرض لفترة طويلة.

أو أنها تنتقل عن طريق الدم إلى سائر أنحاء الجسم وذلك عن طريق الامتصاص من الجهاز التنفسي أو الهضمي أو الجلد وتحدث بعض التغيرات الكيمياوية على الغازات السامة في الدم وبالأخص عندما تصل إلى الكبد حيث أنها تصبح أكثر سمية وقد تسبب بعض الالتهابات في الكبد.

إن بعض الغازات السامة تحتوي على مواد سرطانية والتي تسبب تغيير في وظائف جسم الإنسان وتحدث تفاعلات كيمياوية داخل خلايا جسم الإنسان تؤدي إلى قتل الخلايا أو شل عملها وفعاليتها وقد تتحول إلى خلايا سرطانية حيث تنمو بشكل غير مسيطر عليه وبالتالي تحدث حالة الإصابة بالسرطان.

وقد أثبتت التجارب على الحيوانات إن التعرض للهواء الملوث يسبب تشوهات في حمض DN(عليه السلام) في نواة الخلية بسبب التعرض لاحتراق مخلفات الوقود وبذلك فانه يسبب ضرر جيني بالوراثة. وعند استعمال فلاتر لتنقية الهواء لبعض الحيوانات ظهر إن نسبة التشوهات في DN(عليه السلام) انخفضت بنسبة 52% عن الحيوانات التي بدون فلاتر.

تأثير الهواء الملوث على الجهاز التنفسي
يسبب الهواء الملوث ما يلي:

1ـ تهييج مع تخدش لأغشية الجهاز التنفسي مصحوباً بالسعال.
2ـ التهاب القصبات المزمن أو التهاب الرئة أو أمراض صدرية أخرى.
3ـ الربو القصبي أو حساسية مزمنة للقصبات.
4ـ سرطان الرئة أو السل الرئوي.
5ـ سرطان البلعوم أو سرطان الحنجرة.
وأخيراً الموت المبكر.
تأثير الهواء الملوث على القلب والأوعية الدموية

1ـ الهواء الملوث يسبب الجلطة الدماغية بسبب زيادة نسبة غاز ثاني أوكسيد النتروجين وتكون سبب الجلطة الدماغية هو انفجار شريان المخ أكثر مما هو بسبب الخثرة الدموية في الشريان وتزداد نسبة الجلطة الدماغية مع زيادة درجة حرارة الجو مع الهواء الملوث لذا يفضل الابتعاد عن الأجواء الحارة والمغبرة والملوثة.

2ـ زيادة لزوجة الدم بسبب تلوث الهواء حيث يجهد القلب أكثر في ضخ الدم إلى أنحاء الجسم قد يؤدي إلى الجلطة القلبية أو الدماغية.
3ـ التسمم بالغازات السامة الموجودة في الهواء الملوث:

أـ التسمم بغاز أول اوكسيد الكربون بسبب ألفته إلى الهيموغلوبين أكثر من الأوكسجين لذا فانه يحل محل الأوكسجين في كريات الدم الحمراء ويتحد مع هيموغلوبين الدم ويشكل مركب سام يسمى كريوكسي هيموغلوبين وبذلك يقلل نسبة الأوكسجين في الجسم وتحدث حالة الاختناق كما يحدث مع المحروقات مثل المدافئ النفطية أو الغازية بسبب الاحتراق غير الكامل للوقود. ويصيب الجهاز العصبي أيضاً.

ب ـ التسمم بغاز كبريتيد الهيدروجين المنبعث من مياه الصرف الصحي وهو غاز سام يتحد مع هيموغلوبين الدم ويحل محل الأوكسجين وبذلك يقلل نسبة الأوكسجين في الدم.

ج ـ التسمم بغاز ثاني اوكسيد الكبريت بسبب تقلص الحويصلات الهوائية وبالأخص عند الأطفال والعجزة. ويساهم في تكوين الجسيمات العالقة وزيادة نسبة الأمطار الحمضية التي تؤثر على الثروة الزراعية والثروة الحيوانية وهذا يؤثر على الحالة الاقتصادية والاجتماعية.

د ـ التسمم بغاز ثاني اوكسيد النتروجين ـ وهو يتكون من عوادم السيارات ومخلفات المعامل يهيج الأغشية التنفسية ويقلل مناعة الجسم للأمراض التنفسية.

هـ ـ الرصاص ـ يصيب الجهاز العصبي مصحوباً بالصراع والغثيان والتعب الذهني والدوار والنسيان. كذلك يصيب الكليتين ويسبب انسداد في الشرايين حيث يسبب النوبات القلبية.
كذلك يسبب الهواء الملوث تهيج العين والأنف والحنجرة والأسنان.

كذلك التعرض وبصورة مستمرة للغازات السامة المنبعثة من الصناعات المطاطية أو مداخن السيارات المزدحمة أو استنشاق البنزين المتطاير في محطات الوقود يسبب مرض سرطان الدم (اللوكيميا).

وهنالك بعض البحوث تشير إلى أن التعرض المستمر إلى الغازات السامة المنبعثة من المعامل يؤدي إلى اختلال عمل الجهاز التناسلي. وكذلك عند تعرض الحوامل لهذه الغازات السامة قد يؤدي إلى إنجاب أطفال مشوهين مع تخلف عقلي وقليلي الوزن وتحدث أحياناً حالات الإجهاض مع زيادة في عدد وفيات الأطفال حديثي الولادة. كذلك تلوث حليب الأم يسبب إصابة الأطفال عند الرضاعة مع تلف الاستجابة المناعية عند الأطفال.

كذلك هنالك تأثيرات على الجهاز العصبي حيث يحدث الصداع المستمر مع دوار وغثيان وتقيؤ.
وتصاب العين بالاحتقان والالتهاب وجريان بعض السوائل منها.

ويتم طرح بعض هذه الملوثات من جسم الإنسان أو عن طريق زفير الهواء أثناء التنفس أو أن يتم طرحه عن طريق الإدرار أو الخروج أو عن طريق التعرق. بينما يخزن قسم منه في العظام والشعر والأنسجة الدهنية.

إن سبب الإصابة بهذه الأمراض أو التأثيرات الصحية واضحة لان هذه الغازات السامة تتخطى الوسائل الدفاعية الموجودة في جسم الإنسان وبالأخص في الجهاز التنفسي فمن المعروف عند استنشاق الهواء إن معظم الجزيئات الكبيرة فيه ذرات الغبار يتم تصفيتها في الأنف (يعمل كفلتر بواسطة رطوبته ووجود الشعيرات فيه) أما الجزيئات الأصغر حجماً فإنها تتجاوز الأنف وتصل إلى القصبات الهوائية وفي القصيبات الهوائية توجد الأهداب الشعرية والإفرازات المخاطية التي تفرز من خلايا كوبلت الموجودة في جدران القصبات الهوائية حيث تدفع هذه الجزيئات والأجسام الغريبة إلى منطقة البلعوم أما أن تخرج مع السعال أو أن يتم بلعها وهضمها مع المعدة.

إلا أن بعض الجزيئات والأجسام الغريبة الصغيرة جداً تتجاوز الوسائل الدفاعية في القصبات وتصل إلى الحويصلات الهوائية (عددها 300 مليون في كل رئة) حيث تتصدى لها كريات الدم البيضاء لغرض التهامها والقضاء عليها.

كل هذه الوسائل الدفاعية قد تفشل وبالتالي تدخل هذه المواد السامة من هواء المداخن للمعامل أو السيارات إلى جسم الإنسان وتسبب الحالات المرضية التي مر ذكرها. علماً أن مقاومة المسنين والأطفال اقل بكثير مما هي عليه عند البالغين الأصحاء.

فإنها ضعيفة عند المسنين بسبب قلة مقاومة الجهاز المناعي كما أنها ضعيفة عند الأطفال لأنها في دور النمو والتطور.
لذلك فان نسبة الوفيات تكون أكثر عند المسنين والأطفال في المناطق التي تتعرض لتلوث الهواء بصورة مستمرة بسبب المعامل وغيرها.

التوصيات
1ـ إدخال التحسينات والتعديلات في تصميم السيارات وتطوير تقنيتها لتقليل عوادم السيارات وتقليل تلوث الهواء وذلك باستخدام بدائل عن البنزين مثل استعمال مصادر جديدة للطاقة التي تعتمد على الهيدروجين أو طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية أو طاقة الأرض الحرارية كذلك استبعاد التالف والقديم منها. وفي حالة استعمال البنزين يجب أن يكون خالي من الرصاص.
2ـ البحث عن مصادر بديلة للطاقة لا يستخدم فيها الوقود الحاوي على كميات كبيرة من الرصاص والكبريت وربما يعتبر الغاز الطبيعي اقل مصادر الطاقة الحرارية.

3ـ الاستمرار في برنامج التشجير الواسع النطاق حول المدن الكبرى.
4ـ ترحيل محطات تعبئة البنزين خارج الأحياء السكنية.
5ـ ترحيل الأحياء الصناعية خارج مركز المدينة.
6ـ إبعاد معارض السيارات خارج الأحياء السكنية.
7ـ إبعاد معامل المطابع الأهلية خارج مركز المدينة.
8ـ لابد من غسل الأرصفة والشوارع وأرضية المحلات يومياً للتخلص من تراكم عنصر الرصاص.
9ـ إيجاد طرق إنتاج محكمة الغلق دون تسريب.
10ـ التقليل من الغازات والجسيمات الصادرة من المدافئ والمصانع ومولدات الطاقة وذلك بمعاملة الغازات السامة المنبعثة من المداخن بالمواد الكيمياوية والفلزات لتقليل نسب تلوث الهواء وكذلك استعمال المرسبات الكيمياوية والمرشحات والفلزات ومعدات الاحتراق الحديثة.
إنشاء أجهزة لتنقية الهواء من الغازات والجسيمات واستعمال الكمامات للعاملين في المعامل والمصانع لخفض نسبة استنشاق الهواء الملوث.
11ـ التوعية الصحية وتوجيه الناس بعدم السكن في المناطق القريبة من المعامل.

نشرت في العدد 21

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.