Take a fresh look at your lifestyle.

تداعيات الترسيم المعرفي للشخصية التاريخية.. الإمام علي بن الحسين(عليه السلام) أنموذجاً

0 572

          من اليسير أن تحدد معالم شخصية تاريخية في عالم الذهن والخيال على أساس الموروث التاريخي الذي يتحكم في تحديد الملامح العامة للحدث وشخوصه ومشخصاته..

           لكن من العسير جداً أن نقف بتصوراتنا على واقعية تلك الشخصية وملامحها ما لم تنتزع من أذهاننا غبار الموروث بكل مخلفاته وأن نقف على المعطيات التاريخية التي تشارك في تحديد القضية ومشخصاتها.

           كثيرٌة هي تحديات البحث وأكثر منها النتائج الموضوعية إذا ما ساهمت آليات التحقيق من استنطاق الواقع واستجلاء ظروفه.. ومحنة التاريخ أن يخضع للعملية التلقينية بعد تساهم في تحديد شخصيةٍ ما، ويتبعها في محنته تلك المتلقي الذي ينصاع لما تمليه المفردة التاريخية بغض النظر عن حيثياتها ودواعيها.

          الشخصية التاريخية إذن هي إحدى أهم تلك الأمور التي تنصاع تحت المؤثرات التقليدية للموروث المعلوماتي القادم من دواعٍ شتى.. أي أن تكوين الشخصية التاريخية بملامحها الحقيقية تخضع لدواعٍ موروثة تدخل في ترسيم ملامحها، وأهم تلك الدواعي والمؤثرات:

أولاً: المؤثرات السياسية.

ثانياً: المؤثرات الثقافية للعقل الجمعي. (بما يتصوره الناس حينما يفقد الإنسان والده وأخوته قتلاً وتقتيلاً).

ثالثاً: المؤثرات الثقافية الفردية المتعلقة بالفرد نفسه. ولقراءة هذه المؤثرات نقف عندها يسيراً.

 

  أولاً: المؤثرات السياسية:

          تشارك المؤثرات السياسية في ترسيم صورة الشخصية التاريخية وترسيم ملامحها على أساس تعاطيها مع الواقع السياسي للحاكم الذي يفرض رؤيته الخاصة، فإذا كانت تلك الشخصية التاريخية تتلاءم وتوجهات الرؤية السياسية للحاكم، حاول النظام أن يحدد ملامح الشخصية التي لابد للمؤرخ أن يرتسمها في مخيلته التاريخية، أو ضمن مفرداته التي تحدد مشروعه التاريخي،

          فالشخصية المعارضة للنظام أو المنافسة للحاكم تتعرض إلى حالة الإسقاط النفسي الذي يستعمله الحاكم مع المؤرخ ليصدّر من خلال رؤيته الخاصة في ترسيم ملامحها، كما أن مخيلة المؤرخ تسعى إلى إيجاد صيغة توافقية تنسجم وتطلعات الحاكم والظرف الذي يعيشه المتلقي وقتئذٍ.

 

  ثانياً: المؤثرات الثقافية للعقل الجمعي:

           كثيراً ما يساهم العقل الجمعي عند قراءته للحدث التاريخي في ترسيم الشخصية وملامحها، فربما هناك معطيات معينة تعمل بمشاركة العرف السائد على ترسيم الشخصية التاريخية، أي أن مؤثرات عامة تعمل على تكوين عقل جمعي يستخلص ملامح تلك الشخصية،

          فالعزلة التي تتغلب على الشخصية التاريخية أو الزهد أو الانكفاء عن الرئاسة الدنيوية، تعطي مؤشراً لخلق عقل جمعي يساهم في تحديد ملامح السكوت الدائم، الانكسار، التذلل، الافتقار.. إلى آخره من هذه المفردات. والمعارضة المسلحة للحاكم تعطي للمخيلة بمعناها العام. وهكذا استخلص العقل الجمعي بقراءته مفردات معينة ساهمت في ترسيم ملامح معينة.

 

  ثالثاً: المفردات الفردية:

           وهذه تساهم بشكل استقلالي للمخيلة الفردية في ترسيم شخصيةٍ ما، فالثقافة الفردية ربما تتحرر من سيطرة المخيلة الجمعية التي تفرض عليها مفردة معينة إلى رحابٍ أوسع في ترسيم هذه المفردات إلى صالح الواقع التاريخي تبعاً لثقافة الفرد واستقلاليته التحقيقية.

        هذه هي نوازع الترسيم المعرفي للشخصية التاريخية، وهي ذاتها ستساهم في تحديد ملامح شخصية الأئمة(عليهم السلام)، ولعل في نموذج شخصية الإمام زين العابدين(عليه السلام) ما يمكن أن نقف عند هذه التداعيات التاريخية التي يخلقها المؤرخ بمخيلته.

شخصية الإمام زين العابدين(عليه السلام):

           حينما يستذكر الإنسان شخصية الإمام علي بن الحسين(عليهم السلام) تنحسر مخيلته في مرامي التصور السحيق الذي لا يعطي إلا صورة الرجل العليل والمريض والمنعزل عن الحياة العامة، لتشكل في الذهن ملامح الصورة القاتمة عن الإمام(عليه السلام).

           ففي بعدها التاريخي يساهم الموروث التقليدي في ترسيم المَعْلَم العام لهذه الشخصية ليعطيها صبغة العزلة والانكسار، أو المرض والافتقار بشكل يساهم في ترسيخ فكرةٍ غير واقعية عن هذه الشخصية.

         ولا أدري مدى الظرف السياسي الحاكم في إعطاء هذا الأبعاد من شخصية الإمام(عليه السلام) ومحاولة صياغتها، ولعل المنافسة الزبيرية هي الأخرى تحالفت مع الرؤية الأموية في تعزيز هذه الصبغة (الانكسارية) للإمام(عليه السلام)، وأقول إنها (انكسارية) ستساهم في تعمية المجهود الإصلاحي الذي قاده الإمام(عليه السلام) من أجل إنقاذ الأمة فمثلاً:

        روى الأصفهاني في أغانيه: أن علي بن الحسين أخاها حملها إليه والضمير يعود على السيدة آمنة بنت الحسين الملقبة بسكينة فأعطاه أربعين ألف دينار(1).

          وإذا ساهمت هذه الرواية الزبيرية في ترسيم معالم شخصية علي بن الحسين (عليهما السلام) فإن كثيراً من الروايات ساهمت في تحقيق هذا الغرض.

 

  حقيقة الأمر:

           إن تداعيات الرؤية السياسية التي ساهمت في تصوير الإمام علي بن الحسين(عليهما السلام) على أنه كان معزولاً عن الناس لابد أن تأخذ أبعادها من التحقيق التاريخي ضرورة أن يستبين الحق والرشد.

         إن المؤرخين شاركوا في تعزيز رؤية العزلة التي عرفت عن الإمام علي بن الحسين(عليهما السلام)، إذ صوروا الإجراء الذي اتخذه الإمام(عليه السلام) بالابتعاد عن الحياة العامة إبان وصوله إلى المدينة، باتخاذه بيتاً من الشعر خارج المدينة كما في رواية ابن أبي قرة بسنده عن الإمام الباقر(عليه السلام) قال:

         ( كان أبي علي بن الحسين(عليهما السلام) قد اتخذ منزله من بعد مقتل أبيه الحسين بن علي(عليهما السلام) بيتاً من شعر، وأقام بالبادية فلبث بها عدة سنين كراهيةً لمخالطة الناس وملاقاتهم. وكان يصير من البادية بمقامه إلى العراق زائراً لأبيه وجده(عليهما السلام) ولا يشعر بذلك من فعله)(2).

           ولعل هذا الحادثة ستعطي تصوراً يشير إلى عزلته(عليه السلام)، إلا أننا نرى أن الأمر لا يتعدى عن حالة استنكار على كل أولئك المتخاذلين الذين أضحوا منفذين لمشاريع السلطة الغاشمة في التبسيط لمشاريع الإصلاح التي قادها أهل البيت(عليهم السلام)،

           فقول الإمام الباقر(عليه السلام) إنَّ أباه الإمام السجاد(عليه السلام) ما فعل ذلك إلا (كراهيةً لمخالطة الناس وملاقاتهم) ومصطلح الناس يشير إلى أولئك المخالفين لأهل البيت(عليهم السلام)، وليس ببعيد أن يكون هؤلاء أداة الحاكم المتسلط الذي يحاول أن يطيح بأهل البيت(عليهم السلام) وبرسالاتهم العظيمة.

           فالنظام بعد واقعة الطف يتعامل مع الإمام زين العابدين (عليه السلام) على أنه المعارضة الصامتة الموتورة، والتي لابد كما في حساباتها أن يكون الإمام زين العابدين(عليه السلام) يتحرك على أساس الثأر والانتقام لذا فقد كان إجراؤه(عليه السلام) سديداً في الانعزال عن الحياة العامة إبان رجوعه من مرافقة الطف، كما أن الإجراء الحذر الذي اتخذه الإمام في تعامله حتى مع من أراد نصرته قال: هيهات.. ومسألتي أن لا تكونوا لنا ولا علينا(3).

حركته الجهادية:

           واستعراضاً لحركة الإمام السجاد(عليه السلام) في جهاده منذ كربلاء وما بعدها، يكشف أن شخصيته الجهادية تحبط مدعيات النظرة السلبية التي حاولت أن تحيط بالإمام(عليه السلام).

           إن انعزاله(عليه السلام) عن الناس لم يدم طويلاً فقد كسر هذا الانعزال بدخوله المدينة قبيل وقعة الحرة وحاول(عليه السلام) أن يواسي المنكوبين ويضمد جراحاتهم، ومعلوم أن الفترة الزمنية بين رجوعه من كربلاء وبين وقعة الحرة لم تتجاوز بضعة أشهر، مما يعني أن عزلته لم تدم طويلاً حتى راح يمارس دوره القيادي الجهادي كذلك.

 

ففي كربلاء:

           حيث تشير بعض المصادر إلى أن الإمام زين العابدين(عليه السلام) كان مقاتلاً في واقعة الطف. ففي ذكره لمن قتل مع الحسين(عليه السلام) ذكر الفضيل بن الزبير الأسدي الرسّان، وكان من أصحاب الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام)، حيث قال: وكان علي بن الحسين(عليهما السلام) عليلاً وارتثَّ يومئذٍ، وقد حضر بعض القتال فدفع الله عنه وأخذ النساء(4).

          والنص الآخر: ما ذكره ابن شهرآشوب في مقتل علي بن الحسين(عليهما السلام): قطعته مرة بن منقذ العبدي على ظهره غدراً فضربوه بالسيف فقال الحسين(عليه السلام) على الدنيا بعدك العفا وضمه إلى صدره وآتى به إلى باب الفسطاط. فصارت أمه شهربانو ولهى تنظر إليه ولا تتكلم(5).. ومن المعلوم أن شهربانو هي أم الإمام علي بن الحسين(عليهما السلام) باتفاق المؤرخين.

         والنص الثالث: قال أحمد بن حنبل: كان سبب مرض زين العابدين(عليه السلام) في كربلاء أنه كان ألبس درعاً ففضل عنه فأخذ الفضلة بيده ومزقه(6).

            وعلى أي حال فإن الإمام(عليه السلام) كان قد شارك في القتال على أساس النصوص التي بين أيدينا، إلا أن الله تعالى شاء أن يدفع عنه القتل بما ابتلاه من العلة، مما دعا الأمويين أن يتركوه عليلاً بعد أن كان قرارهم تصفية أهل البيت(عليهم السلام).

 

  وفي الأسر:

           إن مفهوم الأسر هو التبادر إلى ذهن الإنسان كل ما تحمله الكلمة من الانكسار والذل والخوف والخضوع إلى آخره، إلا أن أسر الإمام السجاد(عليه السلام) اختلف عن ذلك بكل تفاصيله.

          فالإمام(عليه السلام) لم يكن أسيراً بقدر ما كان أميراً، ولم يكن منكسراً بقدر ما كان منتصراً، فإن الأسر لم يغير من عزيمة الإمام(عليه السلام) شيئًا حيث كانت خطبته في الأسر تشير إلى حيوية الثائر المقاتل بكل فصوله البطولية، فمن خطبه:

         (أيها الناس! إن كل صمت ليسفيه فكر فهو عي، وكل كلام ليس فيه ذكر فهو هباء . ألا، وإن الله تعالى أكرم أقوامًا بآبائهم، فحفظ الأبناء بالآباء، لقوله تعالى: (وكان أبوهما صالحًا)(الكهف:82) فأكرمهما، ونحن – والله – عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأكرمونا لأجل رسول الله، لأن جدي رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان يقول في منبره: (احفظوني في عترتي وأهل بيتي، فمن حفظني حفظه الله، ومن آذاني فعليه لعنة الله، ألا، فلعنة الله على من آذاني فيهم ) حتى قالها ثلاث مرات . ونحن – والله – أهل بيت أذهب الله عناالفواحش ما ظهر منها وما بطن…)(7).

          وفي خطبة له في مجلس يزيد قال(عليه السلام):

      (أيها الناس أعطينا ستًّا وفضلنا بسبع: أعطينا العلم، والحلم، والسماحة، والفصاحة، والشجاعة، والمحبة في قلوب المؤمنين، وفضلنا بأن منا النبي المختار محمدًا، ومنا الصديق، ومنا الطيار، ومنا أسد الله وأسد رسوله، ومنا سبطا هذه الأمة. من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي..)(8).

 

      كيف كان الإمام (عليه السلام) يفسر القرآن؟:

           لم يترك الإمام السجاد مناسبة دون أن يعلن فيها أحقية أهل البيت في خلافة النبي(صلى الله عليه وآله) خلاف ما يدعيه الأمويون وأن النجاة في اتباعهم والهلاك في مخالفتهم، فمثلاً حينما يُسأل الإمام السجاد(عليه السلام) عن تفسير قوله تعالى (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ..)(البقرة:197) قال: (لكم في القصاص حياة) الآية ولكم يا أمة محمد (صلى الله عليه وآله) في القصاص حياة لأن من هَمَّ بالقتل فعرف أنه يقتص منه فكف لذلك عن القتل، كان حياة للذي هَمَّ بقتله، وحياة لهذا الجاني الذي أراد أن يقتل، وحياة لغيرهما من الناس، إذا علموا أن القصاص واجب لا يجسرون على القتل مخافة القصاص، يا أولي الألباب: أولي العقول لعلكم تتقون.

           ثم قال(عليه السلام): عباد الله هذا قصاص قتلكم لمن تقتلونه في الدنيا، وتفنون روحه، أفلا أنبئكم بأعظم من هذا القتل، وما يوحيه الله على قاتله مما هو أعظم من هذا القصاص؟

قالوا: بلى يا بن رسول الله.

قال(عليه السلام): أعظم من هذا القتل أن يقتله قتلًا لا يجبر ولا يحيى بعده أبدًا . قالوا: ما هو؟ قال: أن يضله عن نبوة محمد، وعن ولاية علي بن أبي طالب، ويسلك به غير سبيل الله، ويغير به باتباع طريق أعداء علي والقول بإمامتهم، ودفع علي عن حقه، وجحد فضله، وألا يبالي بإعطائه واجب تعظيمه، فهذا هو القتل الذي هو تخليد المقتول في نار جهنم خالدًا مخلدًا أبدًا، فجزاء هذا القتل مثل ذلك الخلود في نار جهنم) (9).

 

    في مجال الدعاء:

           لم يزل الحديث النبوي محظوراً عليه من قبل الأمويين، فهم مازالوا يتوجسون من رواته ويحذرون من روايته، فكيف بالإمام زين العابدين(عليه السلام) وهو المعارض في نظر السلطة والمنافس والموتور بأهله وأبيه؟! ماذا سيكون تصور السلطة عندما يلقي الإمام(عليه السلام) أحاديثه وهي تندد بالسطة الظالمة؟ لابد إذن أن يكون دعاؤه محظوراً ومحسوباً له حساب المعارض..

          إلا أن الإمام (عليه السلام) أسس برنامجه الروائي على أساس الدعاء الذي كان يلقيه في كل مناسبة، وكانت الصحيفة السجادية تشع بما أودعه الإمام(عليه السلام) من معارف وأحكام ورؤى وسياسات تصلح أن تكون دستوراً لحياة إنسانية يعمها الخير والسلام.

         لقد كان دعاؤه(عليه السلام) يتفجر بكلماته ثورة تستعرض في صميم الأحداث، وكانت تحفز الأمة إلى مراجعة ذاتها لتقرأ الواقع من جديد.. إنه واقع ممسوخ تعيشه الأمة في خضم الزيف الأموي الذي ما فتئ يصور للأمة أحقيته في الخلافة والإمامة، إلا أن دعاء الإمام كان صرخة مدوية في أرجاء الدهر.. ونماذج من أدعيته في الصحيفة السجادية توقفنا على هذه الحقائق.

 

في دعائه يوم عرفة:

           (اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَيَّدْتَ دِينَكَ فِي كُلِّ أَوَانٍ بِإِمَامٍ أَقَمْتَه عَلَماً لِعِبَادِكَ، ومَنَاراً فِي بِلَادِكَ بَعْدَ أَنْ وَصَلْتَ حَبْلَه بِحَبْلِكَ، وجَعَلْتَه الذَّرِيعَةَ إِلَى رِضْوَانِكَ، وافْتَرَضْتَ طَاعَتَه، وحَذَّرْتَ مَعْصِيَتَه، وأَمَرْتَ بِامْتِثَالِ أَوَامِرِه، والِانْتِهَاءِ عِنْدَ نَهْيِه، وأَلَّا يَتَقَدَّمَه مُتَقَدِّمٌ، ولَا يَتَأَخَّرَ عَنْه مُتَأَخِّرٌ فَهُوَ عِصْمَةُ اللَّائِذِينَ، وكَهْفُ الْمُؤْمِنِينَ وعُرْوَةُ الْمُتَمَسِّكِينَ، وبَهَاءُ الْعَالَمِينَ . اللَّهُمَّ فَأَوْزِعْ لِوَلِيِّكَ شُكْرَ مَا أَنْعَمْتَ بِه عَلَيْه، وأَوْزِعْنَا مِثْلَه فِيه، وآتِه (مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً)، وافْتَحْ لَه فَتْحاً يَسِيراً، وأَعِنْه بِرُكْنِكَ الأَعَزِّ، واشْدُدْ أَزْرَه، وقَوِّ عَضُدَه، ورَاعِه بِعَيْنِكَ، واحْمِه بِحِفْظِكَ وانْصُرْه بِمَلَائِكَتِكَ، وامْدُدْه بِجُنْدِكَ الأَغْلَبِ . وأَقِمْ بِه كِتَابَكَ وحُدُودَكَ وشَرَائِعَكَ وسُنَنَ رَسُولِكَ (صَلَوَاتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيْه وآلِه)، وأَحْيِ بِه مَا أَمَاتَه الظَّالِمُونَ مِنْ مَعَالِمِ دِينِكَ، واجْلُ بِه صَدَاءَ الْجَوْرِ عَنْ طَرِيقَتِكَ، وأَبِنْ بِه الضَّرَّاءَ مِنْ سَبِيلِكَ، وأَزِلْ بِه النَّاكِبِينَ عَنْ صِرَاطِكَ، وامْحَقْ بِه بُغَاةَ قَصْدِكَ عِوَجاً وأَلِنْ جَانِبَه لأَوْلِيَائِكَ، وابْسُطْ يَدَه عَلَى أَعْدَائِكَ).

وكان(عليه السلام) يقول في دعائه ليوم الجمعة والأضحى:

         (اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا الْمَقَامَ لِخُلَفَائِكَ وأَصْفِيَائِكَ ومَوَاضِعَ أُمَنَائِكَ فِي الدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ الَّتِي اخْتَصَصْتَهُمْ بِهَا قَدِ ابْتَزُّوهَا، وأَنْتَ الْمُقَدِّرُ لِذَلِكَ، لَا يُغَالَبُ أَمْرُكَ، ولَا يُجَاوَزُ الْمَحْتُومُ مِنْ تَدْبِيرِكَ كَيْفَ شِئْتَ وأَنَّى شِئْتَ، ولِمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِه غَيْرُ مُتَّهَمٍ عَلَى خَلْقِكَ ولَا لإِرَادَتِكَ حَتَّى عَادَ صِفْوَتُكَ وخُلَفَاؤُكَ مَغْلُوبِينَ مَقْهُورِينَ مُبْتَزِّينَ، يَرَوْنَ حُكْمَكَ مُبَدَّلًا، وكِتَابَكَ مَنْبُوذاً، وفَرَائِضَكَ مُحَرَّفَةً عَنْ جِهَاتِ أَشْرَاعِكَ، وسُنَنَ نَبِيِّكَ مَتْرُوكَةً . اللَّهُمَّ الْعَنْ أَعْدَاءَهُمْ مِنَ الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ، ومَنْ رَضِيَ بِفِعَالِهِمْ وأَشْيَاعَهُمْ وأَتْبَاعَهُمْ).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.