Take a fresh look at your lifestyle.

باب حطة بين المفهومين المجازي والمكاني

0 1٬579

ح. ش

            تشرفت في الأول من شهر رجب بزيارة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) فكما هو معلوم في هذا اليوم زيارة مخصوصة للإمام(عليه السلام) وكذلك تُزار ليلة النصف من شعبان.

          استوقفتني عبارة (باب حطة) في فقرة: (السَّلَامُ عَلَيْكَ يا بَابَ حِطَّة الذي مَنْ دَخَلهُ كَانَ منَ الآمنين) كما سألني عنها بعض الأصدقاء مما جعلني أنقب هنا وهناك باحثاً عنها، وهل باب حطة تعبير مجازي أم مكاني؟ بدا لي في الوهلة الأولى أنه مفهوم مجازي ولكن بعد البحث وجدته مفهوماً مكانياً إضافة للمفهوم المجازي.

 

  أولاً: المفهوم المجازي:

          قبل أن نتحدث عن المفهوم المجازي لنبين معنى كلمة حطة (على وزن فِعلة) فهي مأخوذة من الفعل حطط وحطّ الشيء يحطه إذا أنزله وألقاه. كما وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم في الآية (.. وَقُولُواْ حِطَّةٌ..)(1) أي اللهم حط عنا أوزارنا وهي موجهة لبني إسرائيل ولو قالوها لحطت أوزارهم.

          ينصرف المفهوم المجازي وحسب الروايات إلى أهل البيت(عليه السلام) حيث قال النبي(صلى الله عليه وآله) في جملة ما قاله لأبي ذر(رضي الله عنه): (جعل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن رغب عنها غرق ومثل باب حطة في بني إسرائيل من دخلها كان آمناً)(2) كما روى عنه (صلى الله عليه وآله) عبد الله بن عباس قوله:

        (من دان بديني وسلك منهاجي واتبع سنتي فليدن بتفضيل الأئمة من أهل بيتي على جميع أمتي فإن مثلهم في هذه الأمة مثل باب حطة في بني إسرائيل)(3) فكلا الحديثين يشيران إلى أن منزلة أهل البيت(عليهم السلام) في المسلمين بمنزلة باب حطة في بني إسرائيل.

 

  المفهوم المكاني:

           يرى المؤرخون حقيقة وجود باب حطة فيقول أحدهم : (باب كان في بني إسرائيل من دخله كان آمناً وغفر خطاياه)(4)

         ويحدد آخر المكان فيقول مجاهد: (قيل هو الباب الثامن من بيت المقدس)(5) وقال آخر: (قيل باب حطة باب القبة التي كان يصلي إليها موسى وبنو إسرائيل)(6) وقال قوم: (هو باب القرية التي أمروا بدخولها)(7) وقد فند هذا القول الجبائي حيث قال (والآية على باب القبة أدل لأنهم لم يدخلوا القرية في حياة موسى)(8).

          وفي المفهوم المكاني فإن باب حطة يعد من أقدم أبواب المسجد الأقصى المبارك حيث يقع على سوره الشمالي بين بابي الأسباط وفيصل، جدد في الفترة الأيوبية زمن السلطان شرف الدين عيسى عام 617هـ/1220م، ولا يعرف أول من بناه، وإن كان بعض العلماء قد قال إنه كان موجودًا قبل دخول بني إسرائيل إلى الأرض المقدسة، للآية الكريمة (.. وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ..)، غير أنه لا يوجد دليل على أنه الباب المذكور في الآية.

           وهذا الباب بسيط البناء، محكم الصنعة، مدخله مستطيل، وتعلوه مجموعة من العلاقات الحجرية، كانت فيما مضى تستخدم لتعليق القناديل.

          يفتح باب حطة إلى حارة عربية إسلامية في القدس هي (حارة السعدية)، وهو أحد ثلاثة أبواب فقط للمسجد الأقصى المبارك يسمح المحتلون بفتحها لصلوات المغرب والعشاء والفجر، بعكس باقي الأبواب التي يتم إغلاقها خلال هذه الصلوات. غير أنه، وكغيره من أبواب الأقصى، يتعرض لاعتداءات دائمة على يد المحتلين، أبرزها منع المصلين من المرور منه، خاصة عندما تعلن قوات الاحتلال منع دخول من تقل أعمارهم عن 40 عاماً إلى الأقصى.

          فلكونه الباب الوحيد المفتوح خلال صلاة الفجر من الجهة الشمالية، وحيث إن سريان مثل هذا المنع يبدأ من وقت صلاة الفجر، فإن أعدادا غفيرة من جنود الاحتلال يتمركزون عنده لتنفيذ أمر المنع، فتقع الكثير من المصادمات مع عشرات المصلين الشباب الممنوعين من دخول الأقصى(9).

———————————————————–

المصادر:
(1) سورة البقرة/58.
(2)الطوسي، الأمالي، ص526.
(3)المجلسي، بحار الأنوار، 23/119.
(4)القاضي المغربي، شرح الأخبار، 3/473.
(5)العيني، عمدة القاري، 15/300.
(6)الطوسي، التبيان، 1/263.
(7)المصدر السابق.
(8)المصدر السابق
(9) ينظر الموقع: www.foraqsa.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.