أحمد سلمان آل طعمة
كلية الهندسة/ جامعة كربلاء
تحتل القضية الحسينية حيزاً كبيراً في قضايا المجتمعات الإنسانية لما لها من أهمية كبرى في تغيير نفوس الأحرار في العالم عبر تاريخ المجتمعات الحامل بالمتغيرات الفكرية التي قد تطرأ عليه بين الحين والآخر.
ولقد انصبت جهود عدد ليس بالقليل من كتاب ومفكري العالم وبمختلف طوائفهم ونحلهم ولغاتهم أن يضعوا بين أيدي الناس كل ما جنوه من أفكار ورؤى يحاولون انتزاعها من قضية الإمام الحسين(عليه السلام)
ليضعوها في مصنفاتهم التي أصبحت اليوم لا يمكن أن تعد خاصته بعد الثورة المعلوماتية التي هيأت للشرفاء في هذا العالم مناخا خصباً لينهلوا منها ما يريدون بشأن هذه القضية والواقعة الأليمة.
ومن بين من سخر يراعه في عرض القضية الحسينية من منظار اجتماعي وشعبي السيد إبراهيم الحيدري في كتابه (تراجيديا كربلاء) الذي عرض فيه كل ما يتعلق بهذه القضية وتأثيراتها على المجتمع وتأثرها فيه بأسلوب اجتماعي تحليلي للقضايا والمؤثرات التي أصبحت عاملاً مساعداً على بلورة الفكرة الحسينية في المنظور الاجتماعي.
ونحن في هذه العجالة نستعرض فصول الكتاب وما طرحه كاتبه منه في محاولة لعرض النتاج الفكري والاجتماعي وغيرها بأسلوب يتميز للقارئ البحث فيهما مجدداً مبينين بعض النقاط الهامة في الكتاب وكاتبه وموضوعه.
فموضوع الكتاب هو (مأساة كربلاء) التي تصور لنا واقعة الطف الأليمة التي أدت إلى استشهاد سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين بن علي(عليهما السلام) وأهل بيته الكرام على يد الجيش الأموي بقيادة عبيد الله بن زياد وبإمرة يزيد بن معاوية وبمشاركة ذوي النفوس الضعيفة وأصحاب المصالح والمأجورين من أتباع السلطة الأموية.
وقد وصف لنا مؤلف الكتاب هذه الواقعة وأثرها في نفوس الشعوب الإسلامية عموماً. والشعب العراقي على وجه الخصوص بأسلوب التحليل والنقد الاجتماعي لأي ظاهرة تمس الشعب من خلال الجولة الميدانية التي قام بها مؤلف الكتاب في المناطق المقدسة خاصة بكربلاء، إضافة إلى مدينتي النجف والكاظمية المقدستين.
إن من أهم الموروثات الشعبية في العراق هي مراسيم العزاء الحسيني التي تلعب دوراً مهماً وفعالاً في المعتقدات الروحية في الإسلام، حيث تخلق أجواءاً دينية وثقافية يمكن توظيفها اجتماعياً وسياسياً.
هذه الموروثات الشعبية والشعائر الحسينية وما يرتبط بها من مبادئ وأفكار وقيم وسلوك قد شكلت موضوع هذه الدراسة التي دونت فيما بعد بكتاب مستقل.
يقول مؤلف الكتاب (هذه الشعائر والطقوس وما يرتبط فيها من مبادئ وأفكار وقيم وسلوك تشكل موضوع هذه الدراسة وإطارها التي تخضعها إلى تحليل سوسيو ـ
انثروبلوجي لتوضيح أهميتها الاجتماعية السياسية وعلاقتها بعاشوراء، تلك المأساة التاريخية الدامية التي شكلت في الحقيقة أول تراجيديا في الإسلام، ومن أجل فهم واستيعاب العلاقة الجدلية بينها وبين تطبيقاتها العملية في الواقع الاجتماعي وما أفرزته وتفرزه من مبادئ وقيم وسلوك، وما يرتبط بها من إشكالات معرفية. هذه الشعائر والطقوس التي كونت منبعثاً فياضاً من الحزن الذي لا ينضب، وإرثاً فكرياً وثورياً لا يهدأ). ص7ـ8.
ومن ينظر في هيكلة الكتاب يرى أن كاتبه قد قسمه على مقدمة وسبعة فصول وخاتمة بأسلوب متوازن وفقاً لمناهج البحث الأكاديمي.
تناول في مقدمته الغرض الذي جرَّه إلى كتابة هذا الموضوع وهو ظاهرة الشعائر الحسينية من وجهة النظر الاجتماعي وعلاقتها بالمجتمع وتأثيرها فيه وتأثرها به، وأوضح أنه استقى مادته العلمية من خلال جمعه لمعلومات ميدانية ومطالعة الكتب المخصصة لذلك، وقد أوضح هدفه لهذه الدراسة قائلاً: