من الشخصيات المهمة والمؤمنين بخط الإيمان والولاية عابس الشاكري الذي استشهد مع الإمام الحسين(عليه السلام) في كربلاء في العاشر من المحرم سنة (61هـ).
نتعرض في هذا الموجز إلى شذرات من حياة وتاريخ الشهيد الشاكري وينبغي الإشارة إلى إن المعلومات غير متوفرة كما يجب عن مسار حياة عابس الشاكري، ولعله تتوفر فرصة أخرى لبحث ذلك بشكل أكثر تفصيلاً.
الاسم والنسب:
هو عابس بن أبي شبيب بن شاكر بن ربيعة بن مالك بن صعب بن معاوية بن كثير بن مالك بن جشم بن حاشد الهمداني الشاكري.
أسرة بني شاكر:
نشأ في أسرة عرفت بالشجاعة والبطولة والإقدام، فأسرة بني شاكر أسرة عريقة في الشرف والنبل وهم بطن من همدان القبيلة المعروفة والتي ينتمي إليها حارث الهمداني، تميزت بالإيمان والشجاعة والتضحية في سبيل الدين الحنيف والإخلاص للحق.
فقد كانوا من شجعان العرب وحماتهم، وكانوا يلقبون بـ(فتيان الصباح) وفيهم يقول: أمير المؤمنين(عليه السلام) يوم صفين: لو تمت عدتهم ألفاً لعُبِدَ الله حق عبادته(1).
قال السمعاني في أنسابه: (الشاكري بفتح الشين المعجمة والكاف المضمومة بعد الألف هكذا رأيت بضم الكاف في كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم مقيدا مضبوطا ثم… بطن من همدان)(2).
وقال ابن الأثير: (الصحيح كسر الكاف من شاكر، ومن ضمه فقد أخطأ)(3).
كان عابس من رجال الشيعة رئيساً شجاعا خطيبا ناسكا متهجدا(4) وكان من الذين بايعوا مسلم بن عقيل في الكوفة، وأرسله مسلم برسالة إلى الإمام
الحسين(عليه السلام) بعد ما بايعه أهل الكوفة، فوافاه في مكة، والتحق بركب الإمام الحسين(عليه السلام) وبقي ملازماً له من مكّة حتّى كربلاء(5).
ورد السلام عليه في زيارة الناحية المنسوبة إلى الإمام الحجة(عليه السلام) السلام على عابس بن شبيب (أبي شبيب) الشاكري(6)، وكذلك الزيارة الرجبية.
السيرة العطرة:
كان من أهل المعرفة والبصيرة والإيمان، ومن دعاة الحركة الحسينية بالكوفة، ومن أوائل المؤمنين بها، فعندما قدم مسلم بن عقيل(عليه السلام) إلى الكوفة وأسرع أهلها لبيعته، تقدم عابس الشاكري، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال لمسلم:
(أما بعد فإني لا أخبرك عن الناس ولا أعلم ما في أنفسهم وما أغرك منهم، والله أحدثك عما أنا موطّن نفسي عليه، والله لأجيبنكم إذا دعوتم، ولأقاتلن معكم عدوكم، ولأضربن بسيفي دونكم، حتى ألقى الله، لا أريد بذلك إلا ما عند الله)(7).
وهو الذي حمل رسالة مسلم للحسين بعد ان بايعه الكثير من أهل الكوفة، فكتب للإمام يستحثه فيها على القدوم إليهم، وهذا نصها: (أما بعد: فان الرائد لا يكذب أهله(8)، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفا فعجل حين يأتيك كتابي، فان الناس كلهم معك ليس لهم في آل معاوية رأي ولا هوى)(9).
أقوال في الشهيد عابس:
إن أصحاب الحسين الذين عبر عنهم أبو الأباة (لا اعلم أصحاباً خير من أصحابي) في غنى عن التعريف فهم خير الناس وهم الذين دافعوا عن الرسالة وعن المولى وعن الإسلام وقدموا كل ما يملكون فهم الأبطال وهم المؤمنون وهم الذين ملؤوا التاريخ بالفخر والشهامة وستظل الأجيال تنظر إليهم باعتزاز وفخر.
ولعابس الشاكري المواقف المشرفة في الدفاع عن حياض الحق وقد ورد السلام عليه من الناحية: المقدسة: (السلام على عابس بن أبي شبيب الشاكري)(10).
وسنذكر بعض الأقوال عنه ليطلع القارئ الكريم على هذه الشخصية الجليلة:
ـ قال الشيخ محمد السماوي:
كان عابس من رجال الشيعة رئيساً شجاعاً خطيباً ناسكاً متهجداً، وكان بنو شاكر من المخلصين بولاء أمير
المؤمنين(عليه السلام)(11).
ـ قال الشيخ ذبيح الله المحلاتي:
من الشجعان المعروفين، ورئيس الفرسان المتحمسين، وكان شخصاً عابداً، متهجداً، يحيي الليل، ومن الطراز الأول في محبة أمير المؤمنين(عليه السلام)(12).
ـ قال أبو القاسم النراقي:
عابس بن شبيب الشاكري من حواري أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) قتل معه(13).
ـ قال الكاتب المصري المعروف عباس محمود العقاد:
فلما برز عابس بن أبي شبيب الشاكري بعد ذلك وتحداهم للمبارزة تحاموه لشجاعته، ووقفوا بعيداً منه، فقال لهم عمر: ارموه بالحجارة فرموه من كل جانب، فاستمات وألقى بدرعه ومغفره وحمل على من يليه فهزمهم، وثبت لجموعهم حتى مات(14).
ـ قال الشيخ عبد الواحد المظفري:
فهو عريق في الشجاعة من حيث رهطه ومن حيث قبيلته، وهو أمر محقق عند العرب(15).
ـ قال الشيخ باقر شريف القرشي:
وعابس الشاكري كان من أسرة عريقة في الشرف والنبل، عرفت بالشجاعة والإخلاص للحق… وكان عابس في طليعة أسرته ومن أفذاذهم(16).
ـ قال الشيخ علي النمازي الشاهرودي: عابس بن أبي شبيب الشاكري: من خلص رجال الشيعة، رئيساً شجاعاً خطيباً ناسكاً متهجداً ناصراً أمير المؤمنين(عليه السلام) يوم صفين(17).
شهــادته:
وبعد شهادة مجموعة من أصحاب الإمام الحسين أقبل عابس على الحسين(عليه السلام)
وهو يقول: يا أبا عبد الله أما والله ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعز عليّ ولا أحب إليّ منك، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعز عليّ من نفسي ودمي لفعلته. السلام عليك يا أبا عبد الله، أشهد الله إني على هديك وهدي أبيك.
ثم مشى بالسيف مصلتاً نحوهم، وبه ضربة على جبينه.