Take a fresh look at your lifestyle.

معايير جودة الأداء .. ضرورة حتمية لبناء الجامعات

0 716

  تعريف الجودة في اللغة :

             – جاد الشيء يجودُ جودةً ، أي صار جيداً، وأجاد الشيء فجاد وجوّده أيضاً تجويداً، (الرازي ، 2006 ، مادة جود ص 79).

              ويرى ابن منظور الأفريقي أن الجودة أصلها جوّد والجيّد نقيض الرديء وجاد الشيء جوده أي صار جيداً .. وأجاد أي أتى بالجيد من القول والفعل (ابن منظور، 1984 ص 72 مادة جود).

  تعريف الجودة في الاصطلاح :

              فالجودة (طبقاً لتعريف منظمة الإيزو العالمية):

   – أداء الشيء الصحيح بطريقة صحيحة منذ المرة الأولى مع إيجاد فرصة للتحسين كل مرة.

   – التطابق مع المعايير.

   – الخلو من العيوب.

   – الأنظمة والعمليات التي تتبعها هيئة ما للتأكد من أن المعايير الأكاديمية معروفة ويتم تحقيقها. (عودة وأحمد، 2010 ص5)
إنَّ من السمات التي تميز العصر الراهن الذي نعيش فيه، الثورة العلمية، والمعرفية، الناتجة عن التطورات التكنولوجية الهائلة، التي أحدثت تأثيرات غير متناهية الأبعاد في مختلف جوانب الحياة البشرية، الأمر الذي حتم علينا ضرورة الالتحاق بركب هذا التقدم العلمي.

            وإنَّ هذا التطور والتقدم، اللذان يحصلان بسرعة عالية أديا إلى عالم زاخر بالمعلومات التي تنمو، وتزداد في كل يوم. هذا الازدهار العلمي حفز العملية التعليمية والتربوية، وولد ضغوطات كبيرة عليها، فأصبح من واجب المؤسسات التربوية والتعليمية، أنْ تواكب التغيير الإيجابي الحاصل في النواحي الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية، والعلمية وأنْ تساير الإنجازات، والمعلومات، التي تتكاثر يومياً بشكل كبير، وبالتالي لا بد لهذه المؤسسات من إيجاد حلول مناسبة، وموضوعية، وتهيئة أساليب، ووسائل جديدة تلائم هذا التغيير في الحياة الإنسانية، ويتم ذلك عن طريق الاستعانة بالتربية الصحيحة، والناجحة، والمقصودة، النابعة عن الوعي، والتخطيط المستمر.

            وتعد الجامعة مصدراً علمياً وحيوياً داخل المجتمع، وهذا المصدر يجب أن يكون على مستوى من الجودة ومعتمداً على المعايير العالمية للأداء الجيد من أجل أن يكون ناتجه ذا فائدة وأهمية في رفع المستوى العلمي والثقافي والخدمي وإعداد كوادر جيدة تلائم عصر التقدم والرقي والتطور.

             وعليه ظهر لنا ما يسمى بمصطلح الجودة الشاملة في العملية التعليمية، والذي من أهدافه صناعة أشخاص ذوي مهارة وخبرة في مختلف جوانب الحياة، فضلاً عن تقبلهم لمبدأ التطور العلمي الحاصل وإقبالهم على التدريب أثناء الخدمة ضمن آلية التعليم المستمر.

              ولابد من الإشارة إلى أن بعض الجامعات تعمل جاهدة على ضرورة إبقاء خريجيها ضمن دائرة الاتصال المستمر والارتباط الدائم بها حتى بعد تخرجهم، وذلك لأنها زرعت في نفوسهم منذ بداية دراستهم أن ما تقدمه الجامعة في مجال اختصاص معين لا يعد كافياً مقارنة بالتطور والتغير العلمي الحاصل في العالم أو الذي سوف يحصل في المستقبل، ولذلك لا بد من أن يكون خريجوها ضمن حقل الإرشاد والتوجيه والرعاية المستمرة لغرض مواكبة التطور الحاصل ومتابعة المستجدات العلمية في ميادين تخصصاتهم.

             ومن الواضح والمسلم به أن دور الجامعة لا يقتصر فقط على إعداد المختصين لأجل العمل في المجتمع بل إنها تعمل على تثقيف المجتمع وتطويره باعتبارها نبراساً ومركزاً فكرياً يتضمن إعداد المختصين علاوة على توفير الخدمات الجامعية للمجتمع الذي توجد فيه.

              ويرى (حمادي، 2010) أن استجابة الجامعات للتحديات التي فرضها عليها عالم معرفي معلوماتي سريع التغيير، يتطلب منها أن تكون أكثر قدرة على التعليم والتعليم الدائم من المتغيرات التي تحدث داخل وخارج أسوارها، لأن ما نعتبره اليوم يتسم بالجودة قد يكون غداً تقليدياً بفعل سرعة تغيير المعرفة وتجدد متطلبات واحتياجات المستفيدين (الطلبة – التدريسيين – أولياء الأمور – المجتمع – أصحاب الأعمال… الخ)

            لذلك فرحلة الجامعة من التقليدية إلى الجودة هي رحلة مستمرة لأن الجودة في هذا السياق هدف تحركي لا يمكن تحقيقه بل يستلزم التحسين المستمر للوصول إليه (حمادي، 2010).

             كما أن قضية تطور التعليم الجامعي في المجتمع ليست قضية كم بقدر ما هي قضية جوهر التعليم ومضمونه ومحتواه وطرائقه وكفايتها في خلق القوى البشرية العلمية القادرة على الإسهام في بناء المجتمع العصري والنهوض به في المستقبل (العبادي والطائي، 2011 ص 25).

           ومن الواضح أن الجامعة ترمي إلى خدمة المجتمع وتبذل كل ما في وسعها من أجل تقديم خدماتها البحثية والعلمية والدراسية لغرض رقي المجتمع وتطوره وحل المشكلات والأزمات التي تحدث فيه، ولو صحت العبارة أن الجامعة هي ملاذ المجتمع حين تعصف به الأزمات والمشكلات عن طريق تقديم النصيحة والمشورة أو تدريب أفراده أو أفراد المؤسسات الأخرى القائمة في ظل هذا المجتمع أو ذاك.

            وتذكر العديد من البحوث والدراسات أن مصطلح الجودة أول ما استعمل في الجوانب الصناعية والاستهلاكية وذلك لضمان جودة المنتوج ومتانة صناعته، وكذلك تشير الدراسات إلى أن مصطلحات (التحسين والتطوير ورفع الكفاءة) هي التي كانت سائدة في النظام التربوي والتعليمي.

              إلا أنه بمرور الوقت أصبحت واحدة من المفاهيم التربوية أو على حد تعبير (علي براجل، 2005) بأنها أضيفت إلى قاموس التربية والتعليم، وذلك من أجل الحصول على نوعية تعليم أفضل، وتحسين القدرة على التعامل مع مستجدات العصر.

             وبذلك أصبحت واحدة من الأساليب التي اعتمدتها الجامعات لتحقيق ذاتها وبيان أهدافها ورسم معالمها داخل المجتمع المحلي أو المجتمع العالمي، ولاسيما أن مبدأ عراقة الجامعة لم يصبح محوراً رئيساً في دخول الجامعات التصانيف العالمية ضمن الجودة الشاملة، فكم من جامعات عريقة لم تحتل مركزاً مرموقاً وذلك لابتعادها عن معايير أداء ضمان الجودة الشاملة، وكم من جامعة فتية استطاعت أن تدخل التصانيف العالمية واحتلالها مراتب متقدمة وذلك لاعتمادها المعايير المرسومة ضمن إدارة الجودة الشاملة في كافة فعالياتها العلمية والإدارية.

              ولتحقيق الجودة في الجامعات العراقية، يجب مراعاة ما يأتي:-

   1. تحديد الأهداف العامة والواجبات التي يتوجب على الجامعة القيام بها، وتعتبر الأهداف المحور الرئيسي الذي تدور حوله كل الإمكانات البشرية والمادية على أن تكون هذه الأهداف نابعة من الواقع العملي والعلمي لمنتسبي الجامعة أو لاحتياجات المجتمع.

   2. ترجمة الأهداف المرسومة إلى واقع عملي وتطبيقي.

   3. العمل على رسم الخطط المستقبلية وإعداد الدورات التدريبية التي تتلاءم مع احتياجات المنتسبين داخل الجامعة أو في المجتمع.

   4. عدم ابتعاد الجامعة عن المجتمع، ونزولها بثقلها العلمي الكبير ومحاكاتها لجميع أبناء المجتمع عن طريق ما تقدمه من برامج ودورات تدريبية واعية مفيدة وثمرة يلمس الفرد نتائجها بصورة إيجابية.

   5. تعميق الصلة مع مؤسسات الدولة الأخرى والوقوف على احتياجاتها الضرورية والاطلاع على المشكلات التي تعاني منها بغية التهيؤ والاستعداد لإعطاء المشورة لمواجهتها أو لتدريب أبناء هذه المؤسسات على مواجهة هذه المشكلات وحلها.

   6. العمل على تبادل الخبرات العلمية والمعرفية ونشرها في ميادين المعرفة داخل المجتمع وتقديمها لمن يحتاج إليها ضمن الأطر العلمية الرسمية، وبذلك تكون الجامعة مفتوحة الأبواب أمام كل من يريد مشورة أو يطلب حلاً لمشكلة معينة أو يريد تدريباً مناسباً لتطوير إمكانياته وقابلياته.

   7. الاستفادة من الخبرات المتراكمة وتقبل الأفكار الجديدة والانفتاح على جميع المؤسسات ذات العلاقة بالمؤسسة التعليمية.

   8. اعتماد مبدأ التغذية الراجعة لمعرفة مدى الفائدة المتحققة من البرامج التعليمية التي تقدمها الجامعة.

   9. التأكيد على فتح المراكز العلمية المختلفة في الجامعات والمكاتب الاستشارية لتقديم الخدمات المختلفة للمجتمع .

   10. تكثيف الدورات التدريبية والتطويرية المنعقدة لمنتسبي الجامعة أو أفراد المجتمع وتقديم أفضل الخدمات عن طريقها.

—————————————————

المصادر:
(1) حمادي ، سعد فرج: معوقات تطبيق الجودة في الجامعات العراقية، ملخصات المؤتمر العلمي الثاني لجودة الأداء، جامعة الكوفة، 2011.
(2) العبادي، هاشم فوزي والطائي، يوسف حجيم: التعليم الجامعي من منظور إداري – قراءات وبحوث -، ط1، دار اليازوري، عمان 2011م.
(3) علي براجل: المواقف المعوقة في رفع مستوى الجودة في التعليم العالي (الجزائر أنموذجاً، المؤتمر التربوي الخامس، جودة التعليم العالي، المجلد الأول، جامعة البحرين 2005.
(4) عودة ،عبد الكريم صبار وداليا عبد الكريم أحمد: الإدارة الجامعية وضمان جودة التعليم، بحوث المؤتمر العلمي الثاني لأداء الجودة، جامعة الكوفة 2010م.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.