Take a fresh look at your lifestyle.

مجتمع الشبك.. روابط دينية وعلاقة أخوية

0 677
     

 

 

 

                                                                                                                                      حسين طاهر الحيدري

 

           كثيرا ما تناولت وسائل الإعلام موضوع الطوائف الدينية في العراق، الأمر الذي سلط الضوء على جماعات كانت لا تكاد تعرف ديانتها أيام النظام البائد إضافة لذلك التهميش الذي لحقها تارة والإبادة والتشريد تارة أخرى، ومن بين تلك الجماعات، الشبك، الذين تعرضوا لحملة قاسية من التشويه والتشكيك بأصلهم وديانتهم الإسلامية، من هنا أحببنا أن نسلط الضوء على هذه المجموعة المحبة لأهل البيت عليهم السلام بشقيها الشيعي والسني.
الشبك إحدى الأقليات التي تسكن القوس المحيط بمدينة الموصل من جهتي الشمال والشرق، فعندما تخرج من مدينة الموصل باتجاه مدينة أربيل أو دهوك سوف تشاهد قرى الشبك الممتدة على جهتي الطريق الخارجي والمسماة بسهل نينوى.
ويجاور الشبك في هذا السهل المبارك أبناء الطوائف والقوميات الأخرى ويعتبر سهل نينوى نموذج للعراق الموحد، أشبه بفسيفساء جميلة عملت ألوان الطيف على دمجها ضمن لوحة واحدة ، حيث يتعايش معاً كل من :الشبك (سنة وشيعة) مع المسيحيين والآيزيدين والعرب والأكراد وتشكل هذه المجاميع رمزاً للوحدة، بل حتى أنه يعيش فيها المتناقضين كما عبر ذلك سماحة المرجع الديني الكبير السيد محمد سعيد الحكيم (دام ظله).
ويتمركز قرى الشبك حول النواحي والأقضية التالية: برطلة، بعشيقة، تلكيف، الحمدانية، النمرود… وأبان الخمسينات والستينات نزح الكثير من الشبك من القرى إلى داخل مدينة الموصل وصارت بعض الأحياء ذا غالبية شبكية من حيث السكان كحي التأميم، والجزائر، والماء، ونينوى الشمالية ونينوى الشرقية.

 

 

                            أصول الشبك(1):

 

      اختلف الباحثون في أصول الشبك وشرقوا وغربوا وابتعد بعضهم عن الموضوعية واتبع هواه وبعضهم حركته الميول السياسية والأمزجة القبلية.
فبعضهم أرجع أصولهم إلى الأكراد والبعض الآخر إلى الأتراك والبعض الآخر إلى الفرس حيث قالوا بأن الشبك هم بقايا جيش نادر شاهد الذي حاصر الموصل ـ وسمعت من أحد الأخوة الشبك بأن الشبك هم بقايا جيش إبراهيم بن مالك الأشتر الذي قتل عبيد الله بن زياد (لعنه الله) على نهر الخوصر في الموصل. إلا إن الباحث محمد الشبكي يذكر في بحثه الموسع يقول فيه (الشبك من الأقوام الآرية التي قدمت من بلاد آذربايجان التي كانت ضمن أراضي الأمبراطورية الفارسية، واستوطنت في منطقة سهل الموصل، واختلطت وتصاهرت مع بعض العشائر العربية والكردية والتركمانية وتشابكت مع بعضها البعض وكونت مجموعة سكانية متميزة)

 

 

 

                         إيثمولوجية (الأصل اللغوي)

 

 

                 اللغة الشبكية أقرب إلى الفارسية، وبعض اللهجات الكردية، ونتيجة مجاورة الشبك للعرب والأكراد والتركمان والفرس والترك دخلت الكثير من كلماتهم إلى لغتهم.
ويمكن اعتبارها لغة خاصة بالشبك، فهي تنتمي إلى مجموعة اللغات الآرية الهندوأوربية، وهي لغة بحد ذاتها وليست لهجة من مجموعة لهجات أخرى وتتميز بمفرداتها الخاصة وإسلوب لفظها على الرغم من أحتوائها على كلمات دخيلة من اللغات الأخرى بسبب التداخل الجغرافي مع الأثنيات . أما اللهجات الشبكية فهي الشبكية العامة وهي لهجة الأكثرية وتليها لهجة الباجلان (البيجوان)، وهناك لهجة السادة التي يتكلم بها أهل قرية السادة فقط ولهجة زنكنة واللهجتين الأخيرتين قريبة من الفارسية.

 

 

                             ديانة الشبك

 

                الدين الرسمي للشبك هو الإسلام الحنيف أما المذهب الغالب والشائع فيهم هو المذهب الجعفري فحوالي 57% من الشبك هم شيعة إمامية والبقية من أخواننا السنة وعلى المذهبين الحنفي والشافعي، وللسادة من ذرية رسول الله(صلى الله عليه وآله) الذين سكنوا مع الشبك وصاروا منهم وتكلموا بلغتهم الدور الكبير في الإرشاد الديني والروحي فسبحان الله.. القرية التي سكن فيها السيد صارت بفضل هذا السيد من أتباع أهل البيت(عليهم السلام) والقرية التي لم يسكنها سيد صاروا من أخواننا السنة تأثراً بأهل السنة القريبين منهم في مدينة الموصل، ولما كانت مناطق الشبك كسائر مناطق العراق تحت سيطرة الدولة العثمانية تمسك كثير من الشبك بالطريقة الصوفية المعروفة بالبكتاشية نسبة إلى الحاج بكتاش ولي المدفون في تركيا وكانت لهذه الطريقة الصوفية وللسادة المرشدين المعروفين بالبيرات الدور الكبير في المحافظة على التشيع في المنطقة ذا الغالبية السنية بسبب تركيز أتباع هذه الطريقة على إحياء شعائر الإمام الحسين(عليه السلام) في محرم الحرام حيث إنهم يوجبون صوم محرم الحرام ويعلنون الحداد في العشر الأوائل من شهر محرم الحرام ويلبسون السواد ويلطمون على الصدور ويقرؤون القصائد والمدائح لأهل البيت(عليهم السلام).

 

                 أما في يوم عاشوراء فتنطلق المواكب من قرى الشبك نحو المقامات الثلاث المشهورة وهي:
     1ـ مقام الإمام زين العابدين(عليه السلام) في قرية (علي رش) ويحصل فيها أكبر تجمع للشبك وكذلك للتركمان.

 

    2ـ مقام الإمام علي الرضا(عليه السلام) في قرية (تيس خراب) القريبة من ناحية بعشيقة.

 

    3ـ مقام العباس(عليه السلام) في قرية (العباسية) التابعة لناحية تلكيف.
      وللشبك أكلة خاصة تسمى (الشيلان) وهي أشبه بالهريسة، يتنافس الناس على طبخها لتقديمها لزوار المقامات الثلاثة بالذات، وقسم منهم يطبخونها في قراهم ويقدمونها للمعزين بعد الرجوع من المقامات الثلاثة إلى منازلهم يوم عاشوراء.
يوجد في قرى الشبك كثير من التكايا، التي يتجمعون فيها للعبادة والذكر. واليوم فقد بنيت في كل قرية مسجد أو جامع أو حسينية، خاصة بعد سقوط النظام البائد.
            أما أقدم المساجد فيها فهو جامع الإمام علي(عليه السلام) في قرية منارة شبك كتب عليها اسم (سماحة المرجع الأعلى السيد محسن الحكيم(قدس سره)) الذي كان يولي الشبك عناية خاصة، بل كان يعتني ويهتم جداً بطلبة العلم القادمين منهم الى النجف الأشرف.
ويمكن لزائر الشبك أن يلاحظ اهتمامهم باقتناء كتب الأدعية والزيارات ككتاب مفاتيح الجنان وضياء الصالحين وغيرها.
وأود أن أقول أنه قد ذكر خطيب من الخطباء في تأبينه لرحيل الإمام الخوئي(قدس سره) أنه كان قد تحير بين الذهاب إلى الموصل، أو إلى إحدى المدن الجنوبية فاستشار السيد الخوئي(قدس سره)، فأمره السيد الخوئي(قدس سره)
بالذهاب إلى الموصل وقال له بالحرف: (إن هؤلاء أي شيعة الموصل أيتام محمد(صلى الله عليه وآله).
وبعد سقوط النظام البائد انخرط كثير من أبناء الشبك بالحوزة العلمية،كما أصبح عندهم معتمد من مرجعية النجف الكبرى المتمثل بالشيخ محمد الشبكي، وهو من قرية بازركرتان.

 

 

                           معاناة الشبك

       ألخص معاناة الشبك في النقاط التالية:

 

1ـ عدم الاعتراف بهم وبخس حقوقهم ومسخ هويتهم من قبل ومن بعد.

 

2ـ التهجير القسري من قبل النظام البائد ومن قبل الإرهابيين التكفيريين.

 

3ـ تكريد التعليم وهي أكبر جريمة بحق الدين والثقافة فمصادر الدين والتعليم كلها بالعربية فماذا يفعل الشبك باللغة الكردية هل يوجد قرآن باللغة الكردية أم مفاتيح الجنان أم رسالة علمية.

 

4ـ البطالة، حيث انحصر الشبك بين الموصل الذي يستطيعون الذهاب إليها بسبب الإرهاب وبين الأكراد الذين لا يسمحون للشبك بالدخول إلا بعد الانتماء للأحزاب الكردية.

 

أقول لقد استبشر الشبك خيراً بسقوط الصنم إلا أن فرحتهم لم تدم طويلاً بسبب سيطرة الإرهاب على الموصل وأمام مرأى الأكراد أصحاب القوة والنفوذ وصار الشبك الضحية الوحيدة للإرهاب بسبب انتمائهم المذهبي.
حيث استشهد حوالي (1000) شبكي بتهمة أنه رافضي وهجر الآلاف إلى قراهم السابقة وحتى يومنا هذا لم يحصل هؤلاء الشهداء والمهجرين على أبسط حقوقهم. بل أنه بعض الشبك السنة أيضاً قتلوا سهواً لأن التكفيريين يعتقدون بأن الشبك كلهم شيعة حتى أنه استشهد بعض العرب والأكراد مع الشبك في التفجير الإرهابي الكبير الذي طال جامع الشهيدين الصدرين، سنة 2004م والذي استشهد فيها (57) شهيداً منهم (27) سيد من السادة الأعرجية وعلى رأسهم الشهيد السعيد العميد الركن علي هادي محمد الأعرجي الذي كان قد هرب من النظام الصدامي إلى ألمانيا وبعد سقوط النظام رجع واستشهد على يد هؤلاء التكفيريين الكفرة.

 

وبنى الشبك المهجرون لهم مجمعات سكنية بالقرب من قراهم وأكبر هذه المجمعات هو مجمع طيبة ومجمع
الزهراءJ وسكن في هذا المجمع الدكتور حنين القدو ممثل الشبك في البرلمان عن تجمع الشبك الديمقراطي المنظم إلى قائمة الائتلاف العراقي الموحد، حيث أن هذا الدكتور جزاه الله خيراً كان ولا يزال يعمل على المطالبة بحقوق الشبك المهتضمة من قبل ومن بعد، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

 

 

 

 

 

                       دعوة الشبك ومطالبهم

 

          دعوة الشبك هي دعوة الأخوة والمحبة والألفة مع بقية المكونات الأخرى وهذه الدعوة مقتبسة من القرآن ومن الآية المباركة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) صدق الله العلي العظيم.
وكذلك قول النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله): (لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى) أما مطالب الشبك فتتلخص بما يلي:
     1ـ عدم تطبيق ثقافة الإلغاء التي كان يمارسها النظام البائد ضد مكونات الشعب العراقي فالنظام البائد ألغى القوميات الأخرى والأقليات وحاول طمس هويتها من خلال عدم الاعتراف بهم وبخس أبسط حقوقهم وللأسف ونحن في زمن الحرية والديمقراطية تحاول بعض القوى إلغاء القومية الشبكية وعدم الاعتراف بهم ببقية الأقليات بل تحاول التوسع على حسابهم.

 

     2ـ مساعدة آلاف المهجرين وعوائل شهداء الإرهاب التكفيريين ورعاية الأيتام والأرامل وإيصال أبسط المساعدات لهم وتوفير أبسط الحقوق لهم.

 

     3ـ علاج البطالة السائدة وذلك بتوفير فرص العمل والوظيفة وخاصة في السلكين المدني والعسكري.

 

     4ـ توفير الأمن لهم من خلال فتح مراكز الشرطة يعمل فيها الشبك لحماية أنفسهم.

 

     5ـ الحرية الثقافية وخاصة في التعليم وعدم تطبيق تكريد التعليم بالقوة.

 

     6ـ إيصال وتوفير الماء الصالح للشرب لقرى الشبك التي تعتمد على الآبار.

 

 

                     إنجازات الشبك بعد السقوط

 

           شارك الشبك في انتخابات عام 2005م وكان لهم الشرف الكبير في إنجاح الدستور وكان ذلك تلبية لنداء المرجعية المباركة، وباعتراف السيد رئيس الجمهورية مام جلال الطالباني الذي قال إن في الموصل الأكراد والشبك وغيرهم من الأقليات الأخرى وليس بإمكان أعداء العراق الجديد من إضافة محافظة نينوى إلى محافظتي الأنبار وديالى وتكوين الثلاثي الساقط للدستور ولقد انتخب أكثر الشبك قائمة الائتلاف الموحد حيث اثبتوا أن ولائهم للدين والمذهب فوق الولاءات الأخرى وذلك عملاً بالفقرة الأولى من أول دستور وضعها النبي(صلى الله عليه وآله) والتي تنص على (أن يكون الولاء للإسلام فوق الولاء للقبيلة).

 

 

                     الدور الاقتصادي للشبك

 

يعمل الشبك في الزراعة وتربية المواشي والأبقار فلذا فهم يزودون مدينة الموصل باللحوم والألبان والبيض وغيرها وأشهر ما يزرعه الشبك هو الحنطة والشعير كما أن الكثير من الشبك وخاصة قريتي بازاويا وكوكجلي يعملون في ناقلات النفط حيث يملكون أكبر أسطول من التريلات لنقل النفط كما أن الكثير منهم يعملون وسطاء تجاريون وهناك طبقة مثقفة كبيرة من الشبك فهناك الأطباء والمهندسين والمدرسين والجامعيين والأدباء والكتاب ورجال دين سنة وشيعة.

 

 

                        شهداء الشبك

 

 

        قدم الشبك الكثير من الشهداء وأوائل الشهداء الشبك شهداء جامع الصدرينوتوالت قوافل الشهداء وآخرهم الشهيد عارف أبو محمد عضو مجلس محافظة نينوى وحميد زينل وغيرهم كثير من شهداء أهل البيت(عليهم السلام) حيث وصل عددهم إلى حوالي ألف شهيد.

 

 

                     الذين كتبوا عن الشبك

 

    1ـ أحمد حامد الصراف ألف كتاباً أسماه الشبك إلا أنه ينقل واقع الشبك في الثلاثينات والأربعينات واليوم اختلف واقع الشبك من جميع النواحي العلمية والثقافية والدينية حيث ازداد الوعي الديني بصورة خاصة فبعد أن كانوا لا يعرفون أبسط المعلومات عن الدين الصحيح أبان تلك الفترة حيث الأمية والجهل المطبق أصبح لدينا اليوم العشرات من رجال الدين وأساتذة الجامعة والمثقفين والأطباء والمهندسين وغير ذلك. 

 

  2ـ عبد الحسين العامري في كتابه (موسوعة العشائر العراقية).

 

  3ـ عبد المنعم الغلامي (بقايا فرق الباطنية في الموصل).

 

  4ـ د. عمر الطالب.

 

  5ـ صاحب كتاب (اللقالق).

 

  6ـ المؤرخ محمد أمين زكي (في كتاب خلاصة تاريخ كردستان).

 

  7ـ المؤرخ شاكر صاحب ولي (التركمان في العراق).

 

 

                          قرى الشبك

 

    هناك عشرات القرى للشبك ولكن لا يسع المجال لذكرها ولكن أذكر البعض على سبيل المثال لا المفاضلة.
كوكجلي، بازوايا، شهرزاد، منارة شبكن طوبزاوة، طهراوة، قرة تبة، خزنة، بازركرتان، خرابة سلطان، كبرلي، الفاضلية، النوران، خورسباد، تليارة، السماقية، العباسية، أور تخراب، بايبوخ، كور غريبان، قرقشة، علي رش، لك، بدنة، زهرة خاتون، السادة، بعويزة، تويلة، الدراويش، باريما، عمر قابجي، تيس خراب صغير، وغيرها من القرى التي لا تحضرني أسماؤها الآن في هذه العجالة.

 

 

                       أكبر مراكز تجمع الشبك

 

            تعتبر ناحية برطلة من أكبر مراكز تجمع الشبك فاليوم أصبح العدد السكاني للشبك أكثر من العدد السكاني للمسيحيين حيث أن حي العسكري في برطلة كلهم شبك، ومن المراكز السياسية والدينية للشبك التي تقع في ناحية برطلة نذكر على سبيل المثال.
1ـ مقر المجلس الأعلى الإسلامي، فرع الموصل.
2ـ مؤسسة شهيد المحراب، دار التبليغ.
3ـ مكتب الشهيد الصدر.
4ـ تجمع الشبك الديمقراطي التي يرأسها الدكتور حنين القدو ممثل الشكل في البرلمان العراقي.
5ـ دائرة الوقف الشيعي.
ويعيش الشبك المسلمين مع أخوانهم المسيحيين بألفة وسلام ومحبة وتعاون رافعين شعار حب الوطن من الإيمان، فالولاء للوطن أسمى من كل شيء >

———————————————————————————————————-

(1) يمكن الإطلاع على تاريخ الشبك المفصل وأنماط حياتهم العامة على الموقع:
www.alshabak.net

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.