Take a fresh look at your lifestyle.

من فكر شهيد المحراب قبسات من الملحمة الحسنية الحلقة الأولى

0 603
     
                                                                      مؤسسة تراث الشهيد الحكيم قسم الثقافة والاعلام 
      إن لشخصية الإمام الحسن (سلام الله عليه) أبعادا عديدة للدراسة والبحث، ولكل واحد من هذه الأبعاد أهمية خاصة وفيه الكثير من الأهداف والنتائج، وسوف نتطرق إلى بعدين من هذه الأبعاد:

 

 

                      الأول:

 

 يتعلق بموضوع أهل البيت (سلام الله عليهم) باعتبارهم يمثلون الذرية الصالحة لرسول الله(صلى الله عليه وآله)، حيث تفضل الله سبحانه وتعالى عليه بإعطائه الكوثر-والإمام الحسن أول مدلول لهذا الكوثر- وباعتبارهم يمثلون اطروحة إلهية بالنسبة للرسالة الخاتمة وللأمة الإسلامية.

 

                    والثاني:

 

   يتعلق بموضوع صلح الإمام مع معاوية، وهو البعد البارز عادةً في البحث في حياة الإمام الحسن(عليه السلام).

 

 

                   دور أهل البيت في الأمة

 

             إن الإمام الحسن يمثل بداية مشروع وجود أهل البيت(عليهم السلام) ودورهم في الحياة الإسلامية، ويبدو من خلال مجمل الآيات والروايات التي وردت في موضوع أهل البيت (صلوات الله وسلامه عليهم) من ناحية، ومجمل مواقف النبي(صلى الله عليه وآله) تجاههم من ناحية أخرى، أن لهم ثلاثة أدوار أساسية ورئيسية في الأمة:

 

                                    الدور الأول:

 

                المرجعية العامة للمسلمين(1)، فقد أريد لهم أن يكونوا خلفاء رسول الله بالأدلة التي وردت عنه(صلى الله عليه وآله)، كالنصوص التي تذكر بان الأئمة من بعده اثنا عشر، أو النصوص على أن الإمام علي(عليه السلام) هو الخليفة من بعده، أو النصوص التي تسمّي هؤلاء الخلفاء حتى مهدي أهل البيت (عجل الله فرجه).
ومضافا إلى ذلك، فهم مراجع في القضايا الدينية، حيث ورد بشكل متواتر عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) انه قال: (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تظلوا بعدي أبدا)(2) وهذا الحديث الشريف دليل واضح على أن التمسك بهم يؤدي إلى هداية لا يمكن أن يعتريها شيء من الظلال، لأنهم لا يفترقون عن القران الكريم.

 

                                    الدور الثاني:

 

 

الدفاع عن الكيان السياسي للإسلام وعن أصل وجود الأمة الإسلامية وحفظها من الانحراف والتفكك، ودفاعهم عن العقيدة الإسلامية على طول التاريخ.
فمن خلال السنوات الأربع أو الخمس التي تصدى فيها الإمام علي(عليه السلام) للخلافة، كان الإمام يجاهد ويكافح من اجل إرجاع الخط الأصيل للإسلام في الأوضاع الاجتماعية القائمة، أكثر مما كان يجاهد للاحتفاظ بالحكم والبقاء في السلطة، وهكذا فعل الأئمة من بعد الحسين(عليه السلام)، على الرغم من أنهم لم يكونوا يتوقعون الوصول إلى الحكم فعلا، وهذا لا يعني بان الوصول إلى الحكم شيء غير صحيح وإنهم لا يسعون إلى ذلك، فسعي الإنسان إلى شيء كوظيفة شرعية مسألة، وتوقعه لحصول ذلك الشيء مسألة أخرى.

 

                                    الدور الثالث:

 

              بناء الجماعة الصالحة، حيث توجد عناية خاصة وجهد خاص بذله أهل البيت من اجل أن يوجدوا تيارا قويا متماسكا له مواصفات معينه ويتحمل مسؤوليات معينة وله أهداف مشخصة، وقد حددوا وشخصوا كل القضايا المرتبطة ببناء هذا التيار.
وهذا التيار ليس مجرد أن تكون هناك جماعة تنتمي لأهل البيت، أو أن يهتدي بعض الناس إلى الحق-وان كان هذا شيء عظيم في نفسه-، وإنما هناك أهداف أخرى وراء بناء هذا التيار.
والإمام الحسن (صلوات الله وسلامه عليه) قام بهذه الأدوار الثلاثة، وأهم نشاط قام به كان في مجال الدورين الثاني والثالث.

 

 

                              صلح الإمام الحسن(ع)(3)

 

        إن هذا الموضوع يعتبر من ابرز الموضوعات التي تدرس عادةً في شخصية الإمام الحسن (سلام الله عليه)، لأنه الموضوع الوحيد الذي يتميز به عن بقية أئمة أهل البيت (سلام الله عليهم)، فلم يواجه أي احد منهم ظروفا تضطره لان يتنازل عن السلطة إلى شخص آخر بعد أن كانت بيده.
إن قرار الصلح لم يكن قرار الإمام الحسن بمقدار ما كان قرار الأمة نفسها، ذلك أن الأمة أرادت هذا الصلح كيف ما كان، وسارت على عجلة من أمرها نحوه، بل كانت تريد الاستسلام والخروج مما تعانيه من مشاكل وآلام ولو بالذل والعار والمصير الأسود.
وقد كان قرار الإمام الحسن تحويل إرادة الاستسلام والذل إلى إرادة هادفة تنفع الأمة في وجودها وحركتها وطموحها ومستقبلها.

 

 

                            ظروف واجهها الامام(ع)

 

     نحن نحتاج إلى دراسة شخصية الامام الحسن(عليه السلام) دراسة كاملة من اجل ان نتبين مميزات الحركة السياسية التي اختص بها عن باقي اهل البيت، وهنا اشير الى نقطة رئيسية واساسية ترتبط بهذه الامتيازات، وهي ان الامام الحسن(عليه السلام)
أمتحن بامتحانات لم يمتحن بها احد من الأئمة(عليهم السلام)، فقد كان يواجه ظروفا صعبة بدأ الاسلام ينتكس فيها من خلال وجود الحاكم الطاغية المتمثل بمعاوية بن ابي سفيان الذي يجرؤ أن يقول للمسلمين على منبر الكوفة: (اني والله لم اقاتلكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا انكم لتفعلون ذلك وانما قاتلتكم لأتأمر عليكم وقد اعطاني الله ذلك وانتم كارهون)(4).

 

فقد يقاتل الكثير من الناس من اجل ان يتأمّروا ويهيمنوا على الناس، ولكن لا تصل الوقاحة بهم الى ان يقفوا على رؤوس الاشهاد ويصرحوا بذلك، خاصة في الصدر الاول من الاسلام، حيث لا يزال الدين الاسلامي في زخمه القوي وقربه من عهد رسول الله(5)..
ومن ناحية اخرى واجه الامام

 

لحسن(عليه السلام) ذلك الخذلان الواسع في وسط النخبة من الناس، فقد كان اهل الكوفة يمثلون في ذلك العهد(كحالة عامة) العالم الاسلامي في وعيهم وفهمهم للاحداث-فلديهم وعي سياسي واسع قياسا بغيرهم- لكن هذا الوعي لم يكن مقرونا بالطاعة والتسليم للامامين علي والحسنH وللصفوة من الناس، وقد وصل وضع هذه النخبة الى حالة التخاذل هذه بعد طول التضحيات وتحمل الآلام والجهاد والمواقف الصلبة التي وقفوها في نصرة الامام علي(عليه السلام) وخطه.

 

لكن الإمام الحسن(عليه السلام) لم يستسلم لمثل هذه العوامل، وقام بإعلان الموقف الشرعي في جهاد معاوية، ثم كان أول من يبادر في الخروج إلى معسكره بالنخيلة، وفي الرواية انه قال في خطبته للحث على قتال معاوية: (أما بعد، فان الله كتب الجهاد على خلقه وسماه كرها(6) ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين اصبروا إن الله مع الصابرين، فلستم أيها الناس نائلين ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون، انه بلغني أن معاوية بلغه انا كنا أزمعنا على المسير إليه فتحرك لذلك، فاخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم بالنخيلة حتى ننظر وتنظرون ونرى وترون)(7) فسكتوا فما تكلم منهم احد ولا أجابه بحرف، فلما رأى ذلك عدي بن حاتم قام فقال: (أنا ابن حاتم، سبحان الله ما أقبح هذا المقام، ألا تجيبون إمامكم وابن بنت نبيكم؟ أين خطباء مصر الذين ألسنتهم كالمخاريق في الدعة فإذا جد الجد فروّاغون كالثعالب، أما تخافون مقت الله ولاعنتها وعارها)(8).

 

هناك مجموعة من القرائن التاريخية تدل على أن الجماعة التي يتحرك فيها الإمام الحسن(عليه السلام) ويعبّئها للقتال كانت مستعدة لخذلانه في اللحظات الحاسمة، سواء على مستوى الجماهير أم على مستوى القيادات، ولقد وصل الأمر إلى أن رؤساء القبيلة المكلفة بحماية الإمام الحسن في الانبار قد راسلوا معاوية، وكانوا على استعداد لان يسلموا الإمام تسليم اليد له على أن يقبضوا أموالا مقابل ذلك ويحصلوا على وعود بالمناصب، وقد سمع الإمام الحسن(عليه السلام) بذلك، فقام وخطب في الناس وحاول أن يجربهم، فكانت النتيجة قاسية، فبعد خطابه وبلا فاصل هجم الناس عليه وسحبوا من تحته البساط وسلبوا رداءه، واعتدوا عليه بالسب والشتم ورموه بالحجارة وحاولوا أن يسلبوه سلاحه، حتى تداعى له نفر من همدان وربيعة فأحاطوا به ومنعوا الغوغاء عنه، وبعد ذلك نصبوا له كمينا في طريقه، فضربه احدهم بمعول في فخذه، وحُمل الإمام(عليه السلام) جريحا نتيجة لذلك(9).

 

ولعل ابرز شاهد يمثل لنا صورة الانتكاسة ويعطينا أبعادها، موقف عبيد الله بن عباس قائد جيش الإمام
الحسن(عليه السلام)، فبالرغم من انه كان ابن عم أمير المؤمنين وواليه على اليمن، وهو الذي قد ذبح ولداه بيد بُسر بن ارطأة-احد قادة معاوية-، ولكنه مع ذلك انتقل إلى جانب معاوية بعد أن قبض منه أموالا، فإذا كان مثل هذا الشخص على استعداد لمثل هذا العمل، يمكن أن نفهم عندئذ حقيقة أن هناك قطاعا واسعا جداً من الناس-على مختلف المستويات- كانوا على استعداد لخذلان الإمام الحسن(عليه السلام)، وتكون النتيجة قتله أو اشد من ذلك، فمعاوية لم يكن يريد قتل الإمام، وإنما كان يريد أسره ثم يقول له: (اذهب وأنت طليق كما صنع جدكم بأجدادنا في مكة)، وهذا الشيء الذي كان يضعه الإمام الحسن (صلوات الله وسلامه عليه) نصب عينيه.

 

 

 

 

 

 

 

              علاقة الصلح بقضية الحكمين

 

                 يمكن أن نقول: إن بداية صلح الإمام الحسن(عليه السلام) كانت منذ قبول التحكيم الذي جرى بين الإمام علي(عليه السلام) ومعاوية، حيث إن القبول بالتحكيم كان يعني القبول النسبي بالوضع السياسي لمعاوية(10)، وبالتالي أصبح للوضع السياسي الذي يتولاه معاوية حالة شبه رسمية وان كانت غير شرعية وغير حقيقية، وأصبح لهذا الوضع وجود واقعي متحرك من الناحية الاجتماعية والأحداث السياسية العامة، ثم كانت لهذا التحكيم آثار حادة على الأوضاع السياسية في منطقة الكوفة وفي الوسط الذي يقوده الإمام علي(عليه السلام)،
ومن جملة هذه الآثار موضوع الخوارج الذي أدى بعد ذلك إلى معركة النهروان، والمقتلة الواسعة التي حصلت فيها، والنتائج السياسية المترتبة على هذه المعركة، فهذا الموضوع كانت له آثار عميقة على حركة الإمام الحسن(عليه السلام)
والأوضاع السياسية التي واجهها بعد استشهاد الإمام علي(عليه السلام).

 

 

               خلفيات صلح الإمام الحسن(ع)

 

 

          ويمكن أن ألخص الأوضاع التي كان يعيشها العالم الإسلامي آنذاك بخمسة عناصر تمثل خلفيات هدنة الإمام الحسن(عليه السلام) مع معاوية:

                     أولا: الاختلاف في الأمة

 

     الأمة التي يقودها الإمام الحسن(عليه السلام) امة مختلفة ومتنازعة، ولا اعني بذلك الاختلاف بين الإمام ومعاوية، فهذا الاختلاف يمثل اختلافاً عقائديا قائما على أسس مبدئية، كما انه حقيقة من الحقائق الثابتة في سيرة التاريخ، وإنما هو الاختلاف بين أفراد القاعدة التي كانت توالي الإمام الحسن، وترفع الشعارات التي كان يرفعها أمير المؤمنين(عليه السلام)-شعارات إقامة حكومة العدل والإصلاح والدفاع عن المظلومين- فهذه القاعدة أصبحت لا تجتمع على رأي واحد وعلى موقف واحد، وهذا الاختلاف كان يصل أحيانا إلى حد الاقتتال، وهذه قضية مهمة جداً في أي عملية سياسية أو جهادية أو إصلاحية، وتعتبر قضية مركزية ومهمة واجهها الإمام الحسن(عليه السلام) بشكل حاد.

 

                      ثانيا: التعب الروحي للأمة

 

     بالرغم من أن أهل الكوفة كانوا أقرب إلى الله وأكثر تقوى من أهل الشام، ولكنهم مع ذلك شعروا بالتعب النفسي، لان أهل الكوفة كانوا يقاتلون من أجل المبادئ والقيم والمثل التي هي بعيدة المنال ولا يمكن رؤيتها كل يوم، بينما كان أهل الشام يقاتلون من أجل المصالح المادية التي يجدونها بأيديهم كل يوم، لذلك لم يكونوا يشعرون بذلك التعب.
         هذه القضية هي احد الفوارق الأساسية في الصراع بين الحق والباطل، وهي قضية لابد أن يفهمها الإنسان المؤمن في حياته وفي مسيرته بشكل واضح، فقد تصاب جماعة الحق بالتعب لكونها تقاتل من أجل الأمور الغيبية المعنوية الروحية التي لا يجد الإنسان فيها مكاسب يومية في حياته، أما أهل الباطل فهم يقاتلون لأجل مكاسب ذات طابع مادي واضح، وعندما تقع هذه المكاسب في أيديهم تجعلهم على استعداد للاستمرار في المواجهة، ومن هنا كان عمق الإيمان وتجذره في شخصية المؤمن يمثل العامل الأساسي في نصرته، فما لم يكن هناك إيمان كامل بالقيم والمثل والعدل الإلهي لدى الإنسان، فقد ينسحب وينهار في وسط الطريق، وأهل الكوفة أصيبوا بهذا المرض الخبيث.

 

                           ثالثاً: مواقف التشكيك

 

لقد واجه الإمام الحسن(عليه السلام) مشكلة من المشاكل العويصة في مختلف حياته الاجتماعية، وهي مشكلة الشك والظن من قبل جماعة المسلمين في طبيعة الصراع الموجود في العالم الإسلامي، فهل إن هذا الصراع هو من اجل إقامة الحق، أم انه صراع بين الهاشميين والأمويين على السلطة؟ وقد دخل هذا الشك من خلال أساليب الإعلام وشراء الضمائر ووسائل أخرى كثيرة
جداً.
لقد كانت هناك مواقف من قبل بعض رجالات المسلمين من الصحابة تجاه المعركة التي خاضها أمير المؤمنين(عليه السلام) مع معاوية تعتبر من أسوأ المواقف وأخبثها وأشدها في التأثير السلبي، فقد وقفوا يتفرجون على المعركة أو يشككون في خلفيتها ويظهرون بمظهر المقدس الذي يريد أن يحفظ الإسلام ويلتزم بأحكامه ويحتاط لنفسه ولدينه-هذا الموقف التي يقفه أحيانا علماء السوء أو المتخاذلون الذين يحبون الراحة والدعة- أمثال عمرو بن العاص الذي كان يعتبر في ذلك الوقت فاتح مصر ووالي فلسطين وأحد قادة الجيوش الإسلامية البارزين(11)، أو سعد بن أبي وقاص قائد معركة القادسية وفاتح العراق(12)، أو عبد الله بن عمر ابن الخليفة الثاني الذي كان له موقع عظيم جداً لدى المسلمين، وموقف هذه الشخصيات كان له تأثير كبير جدا على عامة المسلمين.

 

                          رابعا: الركون إلى الدنيا

 

ومن الأسباب التي أثرت في الأمة، الفتوحات الإسلامية وذلك القدر الكبير من الأموال التي دخلت على المسلمين وقادتهم بسببها، مما أدى إلى وجود حالة من الاختلاف الطبقي في المجتمع، فظهرت شريحة عريضة جداً من الناس تعيش حالة من الفقر المدقع، وظهرت مجموعة أخرى تمثل الشريحة العُليا في القدم وتمتلك أموالا وإمكانيات هائلة من معالم الدنيا التي ذكرها القرآن الكريم: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ)(13) وهذه الأشياء بدأت تؤثر في المجتمع الإسلامي إلى حد كبير، حتى أصبح هؤلاء يقدمون دينارهم على دينهم، وقد استغل معاوية ذلك استغلالا كبيرا.

 

                      خامسا: الانفصال بين القيادة والأمة

 

 

في ظاهرة الانفصال بين القيادة والقاعدة في تاريخنا(14) تكون القاعدة غير قادرة على أن تتفاعل مع قيادتها، وتكون القيادة غير قادرة على قيادة القاعدة والتأثير فيها، وعندئذ تصبح عملية المواجهة مع الباطل عملية فاشلة لا يمكن أن تؤدي إلى نتائجها المطلوبة.

 

وهذه العناصر الخمسة لخصها الإمام الحسن (صلوات الله وسلامه عليه) في خطبته التي خطبها قبيل صلحه مع معاوية بأيام، والإمام الحسن خير من يتحدث عن مبررات الصلح وخلفياته، فقد روي انه(عليه السلام) قام وخطب بالناس فحمد الله واثنى عليه ثم قال:(أما والله ما ثنانا عن قتال اهل الشام ذلة ولا قلة، ولكن كنا نقاتلهم بالسلامة والصبر، فشِيبتْ السلامة بالعداوة والصبر بالجزع(15)، وكنتم تتواجهون معنا ودينكم أمام دنياكم، وقد أصبحتم الآن ودنياكم أمام دينكم، وكنا لكم وكنتم لنا وقد صرتم اليوم علينا، ثم أصبحتم تعدون قتيلين، قتيلاً بصفين تبكون عليهم، وقتيلاً بالنهروان تطلبون بثأرهم، فأما الباكي فخاذل، وأما الطالب فثائر، وإن معاوية قد دعى إلى أمر ليس فيه عز ولا نصفه(16)، فان أردتم الحياة قبلناه منه وأغضضنا على القذى، وان أردتم الموت بذلناه في ذات الله وحاكمناه إلى الله)، فنادى القوم باجمعهم: بل البقية والحياة(17) >

 

————————————————————————————————————

(1) سواء في الحكم أم في الثقافة الإسلامية
( 2) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي
(3) إن بعض العلماء السابقين في القرن الثاني للهجرة ممن كانوا يعاصرون الأئمة-ويبدو أنهم اخذوا معالم هذه القضايا منهم- يعبرون عن الصلح بين الإمام الحسن(عليه السلام) ومعاوية بالهدنة، أي انه كان يمثل أدنى درجات التسالم على أمر بين شخصين، فلم تكن بيعة ولم تكن صلحاً.
(4) مقاتل الطالبيين لأبي فرج الأصفهاني
(5) حيث لم يمضِ على وفاة رسول لله في ذلك الوقت الا ثلاثون عاماً او اكثر بقليل
(6) هذه الالفاظ التي استخدمها الإمام تدل على الحالة النفسية التي كانت تعيشها الأمة
(7) قال الراوي:وانه في كلامه يتخوف خذلان الناس له
(8) بحار الانوار للمجلسي- ج44
(9) بحار الانوار للمجلسي –ج44
(10) لقد رفض الإمام علي(عليه السلام) التحكيم الذي دعى إليه معاوية في البداية، ثم وافق عليه مكرها بسبب الضغط الذي مارسته بعض العناصر التي تمكنت من أن توجد رأيا عاما في أوساط جيش الإمام علي(عليه السلام) يضغط من أجل القبول بالتحكيم .
(11) نحن نعرف حقيقة عمرو بن العاص الذي كشف التاريخ سؤته
(12) حيث كانت هذه الرقعة محكومة للدولة الفارسية
(13) ال عمران -14
(14) عندما أقول في تاريخنا، لا اقصد بذلك تاريخنا الإسلامي بالمعنى الأخص، وإنما تاريخنا الإسلامي بالمعنى الأعم، وهو تاريخ الأنبياء كلهم .
(15) يعني كنا نقاتلهم ونحن متحدون، يحب بعضنا بعضا ويرى بعضنا موقف البعض الآخر سليما، وكان عندنا شعور بالصبر والتحمل والثبات، أما الآن فقد أصبحنا مختلفين متعادين فيما بيننا، والصبر شِببَ بالجزع فصارت هنالك حالة من الشعور بالتعب وعدم القدرة على الاستمرار.
(16) لاحظوا تقييم الإمام(عليه السلام) لدعوة الهدنة، فهو يقول أن ليس في هذه الهدنة عز لكم بل فيها ذل، وليس فيها عدل بل فيها جور.
(17) صحيفة الإمام الحسن(عليه السلام)- جمع الشيخ جواد القيومي.
التتمة في العدد القادم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.