Take a fresh look at your lifestyle.

تدريس التطور العضوي.. مرفوض إسلامياً وعلمياً

0 748
                      مبدأ التطور العضوي ظهر منذ القرن الثامن عشر وانتشر وشاع وكثر مؤيدوه بعدما نشر تشارلز دارون كتابه (أصل الأنواع) خلال بدايات النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حيث اعتمد مجموعة من شواهد عالم الأحياء مستدلاً منها أدلة لإثبات نظريته ومنها ما يتعلق بمراحل تطور الجنين والفرد في الكائنات الحية والتشريح المقارن لأعضاء الجسم المتماثلة من الأحياء المختلفة، والتوزيع الجغرافي للأحياء وتجارب عالم الوراثة، وعد علم المتحجرات ركيزة أساسية معتبراً إياها الدليل القاطع لإثبات نظرية التطور العضوي.
ومن الغريب أن يتجاهل أنصار التطور العضوي أدلة أنصار الخلق المستقل الذين نشروا أدلتهم في مختلف المطبوعات، مهملين آراء الآخرين، ومن أمثلة ذلك ما جاء في كتاب علم الأحياء المقرر في الصفوف السادسة العلمية بان التفسير الوحيد لتشابه المراحل الجنينية لأنواع الحيوان، وبخاصة أفراد شعبة واحدة، هو أن للأنواع التي تظهر أجنتها سببها فيما بينها انحداراً مشتركاً.
فهذا القول يتعمد إهمال الآراء (التفاسير الأخرى) التي تؤكد أن تشابه المراحل الجنينية (والتشريح المقارن لأعضاء الجسم المتماثلة) دليل وهو كالتصميم فوحدة المصمم والخالق المبدع الذي أبدع في صنع كل ما في الكون من المجرات حتى أصغر الكائنات الحية، فأنصار التطور العضوي يحاولون خداع الآخرين بذلك.
نبدأ مع الإمام علي(عليه السلام) باب مدينة علم الرسول(صلى الله عليه وآله) ووارث علمه، ففي (نهج البلاغة) وصف الإمام علي(عليه السلام) بعض الحيوانات والنباتات مؤكداً قدرة الله عز وجل التي لا تحدها حدود في خلق الكائنات الحية بأنواعها، ففي الخطبة (155) وصف(عليه السلام) خلقة الخفاش قائلاً: (ومن لطائف صنعته وعجائب خلقه ما أرانا من غوامض الحكمة في هذه الخفافيش التي يقبضها الضياء الباسط لكل شيء، ويبسطها الظلام القابض لكل حي…. إلى أن قال(عليه السلام): فسبحان من جعل الليل لها نهاراً ومعاشاً، وجعل النهار كأنها شظايا الاذان، وغير ذوات ريش وقصب…الخ).
وقال الإمام الصادق(عليه السلام) ضمن إملائه على المفضل بن عمر الجعفي: (خلق الخفاش خلقة عجيبة بين خلقة الطير وذوات الأربع، هو إلى ذوات الأربع أقرب، وذلك إنه ذو أذنين ناشزتين وأسنان ووبر، وهو يلد ولادة ويرضع ويبول، ويمشي إذا مشى على أربع، وكل هذا خلاف صفة الطير، ثم هو أيضاً مما يخرج بالليل….. الخ.
فالخفاش رغم طيرانه، إلا إنه اتصف بصفات اللبائن ولا يشترك مع الطيور إلا بالطيران، لذا صنفه علما الأحياء ضمن اللبائن، كما أكد ذلك النصان أعلاه. لذا عجز أنصار التطور العضوي عن تفسير آلية امتلاك الخفاش لجناحين من لحم، وليس من ريش، دون بقية اللبائن.
كما امتاز الخفاش عن كل الكائنات الأخرى بأنه ضعيف البصر ولكن الله تعالى عوضه عن ذلك بأن جعله يحس بارتداد صوته، فيسمع صداه فاهتدى به، فهو يخرج أصواتاً ذات ذبذبات عالية لا تسمعها الآذان البشرية، فتتمدد أمامه ثم تنعكس على ما يعيقه وترتد أصداء تحسها أذنه فتهديه إلى الطريق أو تكشف له موضع الطعام. وعن ذلك قال الدكتور أحمد زكي ضمن العدد (103) من مجلة (العربي) بأن في ذلك: رداً قاطعاً على من زعم أن الخلق نشأ هكذا طبعاً، فما عرفنا أن الطبع يدخل في الأشياء كل هذا العمق بكل هذا العلم، بكل هذا الفن وبكل هذا التعقد والتركب.
وقد كتب في ذلك إلى عضو الهيئة الاستشارية لمجلة (علوم) الصادرة في بغداد ضمن اعتراضات تسعة، ولكن في رده ضمن العدد (102) لسنة 1999م أهمل الإجابة عن عدة تساؤلات واعتراضات من ضمنها ما ذكر أعلاه.
ضمن الخطبة (165) في نهج البلاغة وصف الإمام علي(عليه السلام) الطاووس قائلاً: ومن أعجبها خلقاً الطاووس الذي أقامه في احكم تعديل ونضد ألوانه في أحسن تنضيد بجناح أشرج قصبة وذنب أطال مسحبة، وبعد وصف دقيق لألوانه وصفاته وحركاته قال(عليه السلام): فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق الفطن أو تبلغه
قرائح العقول أو هي تستنظم وصفة أقوال الواصفين؟!!! وأقل أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه، والألسنه أن تصفه أفسبحان من أدمج قوائم الذرة والهمجة إلى ما فوقها من خلق الحيتان والأفيلة…الخ.
وفي السياق نفسه رد الإمام الصادق(عليه السلام) على مزاعم القائلين أن اختلاف ألوان وأشكال الطيور إنما ثم بالإهمال قائلاً للمفضل بن عمر: (هذا الوشي الذي تراه من الطواويس والدراج والتدارج على استواء ومقابلة، كنحو ما يخط بالأقلام، كيف يأتي به الامتزاج المهمل على شكل واحد لا يختلف، ولو كان بالإهمال لعدم الاستواء ولكان مختلفاً. تأمل ريش الطير كيف هو…؟ فإنك تراه منسوجاً كنسيج الثوب من سلوك دقائق، قد ألف بعضه على بعض كتأليف الخيط إلى الخيط والشعرة إلى الشعرة. ثم ترى ذلك النسيج إذا مددته يتضح قليلاً ولا ينشق لتداخله الريح، فيقل الطائر إذا طار، وترى في وسط الريشة عموداً غليظاً متيناً قد نسج عليه الذي هو مثل الشعر ليمسكه بصلابته… الخ.
فأنصار التطور لم يجيبوا عن ذلك فيما إذا كانت الطيور قد امتلكت علماً وخبرة وقدرة وتقنية كالإنسان عندما تمكن من صناعة الطائرات.
يقول عالم الوراثة الدكتور (جون وليام كلوتس): إن هذا العالم الذي نعيش فيه قد بلغ من الإتقان والتعقيد درجة تجعل من المحال عقلاً أن يكون قد نشأ بمحض المصادفة. إنه مليء بالروائع والأمور المعقدة التي تحتاج إلى مدبر.
وقال الإمام علي(عليه السلام) ضمن الخطبة (185): (ولو فكروا في عظيم القدرة وجسيم النعمة، لرجعوا إلى الطريق وخافوا عذاب الحريق، ولكن القلوب عليلة والأبصار مدخولةً! ألا تنظرون إلى صغير خلق الله، كيف أحكم خلقه وأتقن تركيبه وفلق له السمع والبصر وسوى له العظم والبشرا، ثم وصف(عليه السلام) النملة وختم ذلك بالطلب بالتفكير في ذلك وقال: لقضيت من خلقها عجباً ولقيت من وصفها تعباً، وبعد ذلك حث على التفكير والإمعان قائلاً: ولو ضربت في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته، ما دلتك الدلالة إلا على أن فاطر النملة هو فاطر النخلة، لدقيق تفصيل كل شيء وغامض اختلاف كل حي، ومال الجليل واللطيف والثقيل والخفيف والقوي والضعيف في خلقه إلا سواء.
وبعد الاستشهاد بظواهر الكون والحياة قال(عليه السلام): فالويل لمن بعد المقدر وأنكر المدبر، زعموا أنهم كالنبات ما لهم زارع، ولا لاختلاف صورهم صانع، ولم يلجأوا إلى حجة فيما ادعوا ولا تحقيق لما أوعوا، وهل يكون بناء من غير بان أو جناية من غير جان؟!!
ثم وصف(عليه السلام) الجرادة وقال في آخره بأن الزراع لا يستطيعون دبها، ولو أجلبوا بجمعهم حتى ترد الحرث في نزواتها وتقضي منه شهواتها وخلقها كله لا يكون إصبعاً مستدقة.
فإذا كان الإنسان قد تطور عن الأدنى منه، فينبغي أن يجمع خلقته وصفاته ما لدى الأدنى من قدرات فيتفوق عليها، لا أن تأكل الجرادة زرعه، وتأكل الجراثيم نسيج جسمه وهو عاجز عن حماية زرعه وحماية نفسه.
وصف الإمام الصادق(عليه السلام) في إملائه على المفضل بن عمر، الزرافة مؤكداً بالدليل على أنها: خلق عجيب من خلق الله للدلالة على قدرته التي لا يعجزها شيء، وليعلم إنه خالق أصناف الحيوان كلها…. الخ.
وقد وصف(عليه السلام) الخلق في بداية المجلس الثاني ضمن إملائه على المفضل بن عمر بأنهم: حيارى عامهون سكارى في طغيانهم يترددون، وبشياطينهم وطواغيتهم يقتدون، بصراء عمي لا يبصرون، نطقاء بُكْم لا يعقلون، سمعاء صم لا يسمعون، رضوا بالدون وحسبوا أنهم مهتدون، حادوا عن مدرجة الاكياس….. الخ.
ضمن كتاب (محيط العلوم) لنخبة من العلماء العرب، رد الدكتور محمد طلعت على أنصار التطور العضوي ضمن بحثه (الإنسان في الصحة والوعي) قائلاً بأن الشيطان الرجيم لابد أن يستغل اكتشاف الفيروس ليوسوس: بأفئدة نفر من العلماء، استغفر الله، بل نفر من أدعياء العلم، فإنما (يخشى الله من عباده العلماء) وسوس لهم أن ظهور الحياة لا يحتم وجود الخالق، إنما نشأت نتيجة لتفاعل عناصر الكون وتطورها إلى جزيئات من شتى أنواع البروتين، وأما ما صلح منها قد تطور إلى كائنات حية.
ثم أكد بأن العلماء قد كذبوا هذه الفرية، ثم ختم ذلك بأنه لو تم ذلك صدفة لأستغرق زمناً: يزيد عن عمر الأرض ملايين السنين. ثم أكد إن المصادفة في التخليق التلقائي للبروتينات ضرب من ضروب الخيال.
استعرض الإمام الصادق(عليه السلام) كما في (توحيد المفضل) بعض الصفات والغرائز (التي سماها بالفطن) التي انفردت بها بعض الحيوانات دون الأخرى ليستدل منها على ضرورة وجود الخالق العليم الخبير من أجل أن يوفر لكل كائن ما يستوفي به بلوغ حاجته، فالفيل عدم العنق لأن رأسه ثقيل فيحتاج إلى عنق عظيم، فجعل رأسه ملصقاً بجسمه، وخلق له الخرطوم ليتناول به غذاءه والماء.
جعل الله تعالى البهائم خلق عجيبة، فإنها تواري أنفسها إذا ماتت، كما يواري الناس موتاهم. وقال(عليه السلام) بأن الأيل تأكل الحيات فتعطش عطشاً شديداً فيمتنع عن شرب الماء خوفاً من أن يدب السم في جسمه فيقتله ويقف على الغدير وهو مجهود عطشاناً فيصبح عجيبا عالياً ولا يشرب منه. والثعلب إذا أعوزه الطعام تماوت ونفخ بطنه، حتى يحسبه الطير ميتاً، فإذا وقعت عليه لتنهشه وثب عليها فأخذها. والنمل يقطع الحب، فإذا أصابه ندى أخرجوه فنشروه حتى يجف، والعنكبوت ينسج ذلك النسيج فيتخذه شركاً ومصيدة للذباب.
إن كل طائر طويل الساقين نجده طويل العنق ليتمكن من تناول طعامه من الأرض. كما انفرد النحل في صنع العسل وتهيئة البيوت المسدسة، فذلك من دقائق الفطنة. والسمك بصره ضعيف فأعين بفضل حس في الشم فصار يشم الطعام من البعد البعيد فينتجوه ويتبعه، ونسله كثير فالبيض في جوفه لا يحصى كثرة لأن أكثر أصناف الحيوان تتغذى على السمك وبعض السباع كذلك، وكذلك الإنسان، فكان التدبير أن يكون على ما هو عليه من الكثرة.
فمثل هذه الصفات والغرائز تعجز كل آليات التطور العضوي عن وضع تفسير مقبولاً لوجودها في مفردات من الحيوانات دون جميع الأنواع ضمن الصنف الواحد.
استعرض الأستاذ ورخان محمد علي في (تهافت نظرية دارون في التطور أمام العلم الحديث) الأدلة المستمدة من المتحجرات وعالم الأحياء على دحض كل الأدلة التي قدمها أنصار التطور العضوي ومنها المذكورة في منهج علم الأحياء للصفوف السادسة العلمية، وقال في ختام كتابه بأنه على استعداد كامل لمناقشة ذلك في وسائل الإعلام المختلفة وفي الكتب من أجل تهديم نظرية التطور العضوي ودحضها بكل بساطة والتأكيد بأن أدلتها غير علمية مطلقاً.
دحض الدكتور (ايرفنج وليام نوبلوتش) أمكانية حدوث الطفرات العشوائية والتجمعات والهجائن وقال بأن هذه النظرية لا تقوم على أساس المنطق والإقناع.
وقال عالم الوراثة الدكتور (وولتر ادوارد لاميرتس): إن علم الوراثة لم يقدم لنا دليلاً على صحة الفرضين الأساسيين اللذين أقام عليهما دارون نظريته من نشأة الأنواع، ثم أكد بأن هناك أمثلة عديدة لإثبات إن نظريته التطور العضوي لا تستطيع تفسير الاختلافات العديدة التي نراها في عالم الأحياء.
وأكد الأستاذ الطبيعي (ميلين ادوارد) بأن القول بالصدفة في تكوين هذه العجائب الكونية من الفروض الباطلة والأضاليل العلمية التي يسترونها باسم العلم الحسي وقد دحضها العلم الصحيح دحضاًًً، وأكد العالم الذري الأستاذ (اوبريان) بأنه لا يوجد دليل واحد من ألف على إن الإنسان من سلالة القرد.
ومن حقائق عالم الأحياء إن بعض الحيوانات تولد ضوءاً بارداً لا يحمل أية طاقة حرارية، وتنتمي لمجاميع مختلفة تعيش على اليابسة وفي البحار، بدءاً من بعض أنواع البكتريا وبعض الحيوانات البدائية وحيدة الخلية من الشعاعيات والسوطيات وبعض الإسفنجيات والمرجان وجوفية المعي والديدان البحرية وحاملات الأمشاط والمحار والقواقع والمفصليات والحشرات والحبار والأسماك. إن ظاهرة الإضاءة الحيوية شائعة في البعض دون الآخر، وإن أسس آلية (ميكانيكية) توليد الضوء في جميعها واحدة ولكن أهدافها أو فوائدها مختلفة. فكيف اتفقت الصدفة في توحيد آلية توليد الضوء في جميع الحيوانات المولدة للضوء؟ هل هناك اتصال بين هذه الحيوانات فاتفقت على ذلك؟ هل اجتمعت فيما بينها ودرست الموضوع فوضعت خطة موحدة لها؟
هناك شواهد كثيرة جداً، وهناك أدلة كثيرة جداً قدمها علماء الطبيعة ومنهم علماء مختصون في الأحياء والوراثة، وهناك حقائق كثيرة جداً… كلها تؤكد فشل ودحض التطور العضوي ومبدأ النشوء والارتقاء، لكن أنصار التطور العضوي امتلكوا كل الإمكانات الإعلامية فخدعوا الآخرين ولم يسمحوا بنشر الآراء الأخرى وتعميمها فإلى الله المشتكى من مناهج علم الأحياء في مدارسنا وجامعاتنا، فالدولة إسلامية والمناهج إلحادية، فهل يتعظ واضعوا علم الأحياء أم يجبرهم الموحدون على ذلك؟!
نشرت في العدد 9

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.