Take a fresh look at your lifestyle.

استطلاع … مرقد السيد تاج الدين الآوي شاهد ضحايا الإرهاب والتعصب

0 4٬190
              للتعصب الديني حكاية مؤلمة في تاريخ البشرية، حكاية لعب فيها العنف الدموي دوراً هاماً في حبكة فصولها ونسج روايتها معتمداً على ثنائية القتل ـ التشريد ينطلق منها في أفكاره وأيدلوجياته، متبنياً نزعة إلغاء الفكر الآخر ولو تطلب الأمر إراقة الدماء وانتهاك الحرمات والأعظم من ذلك أنه يحدث في المجتمعات الإسلامية التي كان المفروض عليها أن تتفاعل فيما بينها وتلتزم بمبادئ الشريعة السمحاء التي أكدت على أصرة تآخي المسلمين وإن اختلفت الآراء والمشارب.
             من الطبيعي أن يخلف التعصب ضحايا يدفعون ضريبة لموقف خالد وقفوه أو كلمة حق نطقوا بها دفاعاً عن العقيدة والحقيقة، ومع تقادم الزمان أصبح هؤلاء يشكلون أرقاماً كبيرة لازالت تتزايد بصورة مضطردة، منهم السيد تاج الدين الآوي الذي سجل موقفاً مجده التاريخ وحجز له بين صفحاته مكانة متميزة لتنقل عنه صورة الصلابة في الدين والذب عنه حيث اشتدت النزاعات الدينية والطائفية فكان ضحية استهدفها اليهود في وضع خطة اغتياله وباشر بها النواصب للتخلص من حملة الفكر الإسلامي الأصيل .
              اتجهنا نحو مرقده الذي يقع في محافظة واسط وأملنا الوصول إليه لنقف على معالم تلك المنطقة التي شهدت اغتياله ونضع أيدينا على حقائق لم تشر إليها المصادر فكانت حصيلة رحلتنا استطلاعاً لمجلة (ينابيع).

 

   حياته العامة

               هو السيد أبو الفضل تاج الدين محمد بن مجد الدين الحسين بن علي بن زيد بن الداعي بن زيد بن علي بن الحسين بن الحسن التج بن أبي الحسن علي بن أبي محمد الحسن النقيب الرئيس بن علي بن محمد بن علي بن علي الحوري بن الحسن الأفطس بن علي الأصغر بن الإمام علي السجاد بن الإمام الحسين الشهيد بن الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام)(1).
             أما لقبه الآوي فقد لحق به من جده الأكبر أبو محمد الحسن بن علي الذي كان نقيباً بـ(آبة)، قرية من قرى قم تقع بين قزوين وساوة ثم صحفت كلمة (آبة) لتصبح (آوة) وبهذا الاسم اشتهرت عند العامة، كان الحسن بن علي رئيساً متقدماً يقال له (الحسن الأوفى) وله أولاد أجلة حازوا كل فضيلة(2)، وقد توارثت ذريته النقابة العامة للأشراف في تلك المنطقة وقد أشار ابن طباطبا إلى أن علي بن محمد الحوري أول من ورد آبة وسكن بها والظاهر أنه قدم من الكوفة لأن جده علي بن علي الحوري كان بالكوفة(3).
               لم يعرف أين ومتى ولد السيد تاج الدين؟ هل ولد في (آبة)، ثم هاجر الى منطقة الكفل أم أن أحد أجداده جاء إلى هذه المنطقة، فسكنها على أن الباحث عامر هادي الذرب ذكر:
              (ولد وترعرع في مدينة الكفل، وذلك في النصف الأول من القرن السابع الهجري، واستشهد في العام 711 هجرية)(4)، ولم يسعفنا الباحث بالمصدر الذي بموجبه حدد مكان الولادة على أن حصر زمان الولادة ممكن أن يكون صحيحاً إذا اعتمدنا أن السيد تاج الدين عند استشهاده كان عمره سبعين سنة أو أكثر من ذلك بقليل، كذلك إذا اعتمدنا النظرية القائلة بأن في كل قرن يكون هناك ثلاثة من الأبناء (الجد الأب والابن) حيث يمثل عدد الآباء بين السيد تاج الدين وجده الأعلى الإمام زين العابدين(عليه السلام) ستة عشر واسطة.
              تنقلنا المصادر التي كتبت عن حياة السيد تاج الدين إلى منطقة الكفل (بئر ملاحة) مباشرة حيث لم تركز على مكانه على أن السيد عبد الرزاق كمونة جعله من نقباء بغداد والظاهر أنه سكن بغداد بعدما أصبح نقيب نقباء الممالك الإسلامية.
              المتتبع لدراسة حياة السيد تاج الدين يجد أنه عاش بين الحلة والكفل وبغداد عاصر أواخر الدولة العباسية ثم سقوطها على يد هولاكو سنة (656هـ)، وكانت عاصمته (مراغة)، وشهد السيد تتابع ثمانية ملوك من الأسرة الإيلخانية أولهم (هولاكو) ثم (آباقاخان) ثم (أحمد تكودار) ثم (آرغون خان) ثم (كيخا توخان) ثم (بايدو خان) ثم (غازان خان) وأخيراً (أولجايتو محمد خدابنده).

      السلطان أولجايتو محمد

              إن أول من أسلم من الإيلخانيين كان أحمد تكودار ابن هولاكو، ثم تتابع إسلام اخوانه وأبنائهم، منهم السلطان غازان الذي سمي بعد دخوله الإسلام بـ(محمود) حيث أسلم سنة 694هـ، وتحول إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام) سنة 702هـ إلا أنه بقي متخفياً لا يصرح بمذهبه(5)، وبعد وفاته تقلد زمام الملك أخوه محمد أولجايتو، الذي ولد سنة 678هـ، عمدته أمه لدى ولادته مسيحياً باسم (نيقولا) ثم تحول إلى الإسلام شأنه شأن أهله(6)، ثم استبصر على يد العلامة الحلي على أثر قضية معروفة سنة 708هـ، فأعلن التشيع الدين الرسمي للدولة، توفي في 28 رمضان 716هـ وهو في السادسة والثلاثين من العمر ودفن في ضريح بناه لنفسه أطلق عليه اسم (سلطانية) أما لقبه (أولجايتو) يعني السلطان المبارك أما (خدابنده) فيعني عبد الله(7).

 

  تاج الدين الآوي وأولجايتو محمد

              كان أول ظهور للسيد تاج الدين في حياة السلطان الإيلخاني أولجايتو محمد كما جاء في مقدمة كتاب قواعد الأحكام: (ورد على السلطان السيد تاج الدين الآوي الإمامي مع جماعة من الشيعة فشرعوا في المناظرات مع القاضي (نظام الدين) في محضر السلطان في مجالس كثيرة وكانت مناظراتهم بمثابة المقدمة للمناظرة الكبيرة التي وقعت بين علماء السنة والعلامة الحلي بمحضر السلطان)(8).

     من النص السابق نستفيد ما يلي:

  أن تاج الدين كان معاصراً للعلامة الحلي وقد تكون بينه وبين العلامة صلات وثيقة خصوصاً إذا عرفنا قرب الكفل من الحلة.
  الظاهر أن تاج الدين كان شخصية علمية معروفة وإن ذكروا أن بداية أمره كان ـ وعاظاً ـ إلا أن النص السابق يبين أن السيد تاج الدين كان ضمن وفد عالي المستوى ذهب لمقابلة السلطان والشروع بالمناظرة مع نظام الدين الخواجة عبد الملك المراغي أفضل علماء الشافعية، بل أفضل علماء السنة مطلقاً.
  يشير النص إلى أن: (مناظرة الوفد مع المراغي كانت بمثابة المناظرة الكبيرة التي وقعت بين علماء السنة والعلامة الحلي) والظاهر نتيجة هذه المناظرة كانت الإعلان عن تشيع السلطان وإعلان المذهب الشيعي رسمياً في البلاد إلا أننا لا نعلم هل كان العلامة الحلي قد قدم إلى إيران لأجل المناظرة بغض النظر عن موضوعها أم أن المناظرة حدثت بصورة مفاجئة، فقد استعصى مشكل فقهي على السلطان، ولم يستطع الوصول إليه عن طريق الفقهاء الذين كانوا حوله عندما طلق زوجته ثلاثاً، وأراد الرجوع إليها فاحتار أرباب المذاهب السنية في الفتيا التي لم تجوز رجوع المطلقة ثلاثاً إلا بزواج آخر خلاف ما يذهب إليه علماء الشيعة في تضييق دائرة الطلاق فلا يقع الطلاق بالثلاث إلا واحدة(9).

             مهما يكن من أمر فقد نشأت بين السلطان أولجايتو محمد والسيد تاج الدين الآوي علاقة وطيدة أثمرت عن تعيينه من قبل السلطان نقيب نقباء الممالك الإسلامية في عموم الدولة الإيلخانية، وكان المنصب خطراً للغاية فهو يتكفل بأمر العلويين والدفاع عنهم وعن حقوقهم ويرتب النقباء على الأمصار والبلدان الإسلامية وقد أدت مناظرة السيد تاج الدين في مجلس السلطان عزم الأخير في السفر إلى بغداد ثم الذهاب إلى زيارة أمير المؤمنين(عليه السلام)(10).
             لم نعثر بالرغم من التتبع عن أساتذة السيد تاج الدين أو تلامذته ومن الطبيعي أن يكون رجلاً بهذا المستوى العلمي والمعرفي العالي قد تتلمذ على أيدي أساتذة أكفاء خصوصاً وأن الحلة كانت مثل منارة العلم وبلد العلماء وما يدعم القول بعلمه ما أورده الميرزا النوري بقوله: (كان صديق علي بن طاووس)(11).

   حادثة استشهاده

                 اجتمعت عدة أسباب كان رابطها الحقد الأعمى فأودت بحياة السيد تاج الدين الآوي وولديه وكان أبرزها كما ذكر التاريخ:
  1ـ حسد الوزير رشيد الدين الطبيب وزير السلطان أولجايتو محمد الذي كان يغتاظ من تقريب السلطان للسيد تاج الدين حيث تحايل عليه وأخذ يلفق قصصاً ضده مما أوجد حالة من التنافر بين السلطان والسيد تاج الدين.
  2ـ تعاون الوزير نفسه مع اليهود في القضاء على السيد تاج الدين، فقد كان السيد إماماً لمسجد (النخيلة الجامع) حيث مرقد ذي الكفل وكان يقيم الجمعة والجماعة في هذا المسجد باعتباره مقاماً للإمام علي(عليه السلام) حينما عسكر بالنخيلة في خروجه إلى حرب صفين حيث قام هذا السيد بتجديد بناء المسجد بأمر السلطان أولجايتو محمد سنة (703هـ)، وهناك روايتان:
  إحداهما: تشير إلى منع السيد تاج الدين اليهود من اجتياز المسجد للوصول إلى المرقد وأشار عليهم بضرورة استخدام الباب الغربي للمقام وهو المدخل الرئيس للمرقد(12).
  وثانيهما: أن السيد منع اليهود من الاقتراب إلى المرقد ونصب في صحنه منبراً مما أثار غضبهم واستيائهم فقرروا التخلص من السيد واستمالوا رشيد الدين الذي تشير بعض المصادر إلى يهوديته ليحقق غايتهم(13) .
  كان نقيب العراق السيد شمس الدين حسين بن السيد تاج الدين وقد عامل العلويين بنوع من الظلم والتجبر مما أدى إلى تذمرهم المستمر من أفعاله نتيجة لما يلاقوه منه(14).
               هيأت الأسباب الثلاثة فرصة سانحة للوزير رشيد الدين فتحرك على السلطان وأوجد جواً مناسباً للتخلص من السيد وأكد للسلطان أن العلويين أنفسهم يريدون التخلص منه وأن الحل الأمثل أن يتم تسليم السيد وولديه إليهم ليفعلوا بهم ما يرونه مناسباً.
                التقى رشيد الدين بادئ الأمر بجلال الدين ابن الفقيه وكان سفاكاً جرياً على هدر الدماء وحاول بشتى الطرق دفعه إلى قتل السيد تاج الدين وولديه، فواعده بأن يكون له حكم العراق نقابة وقضاءً وصدارة، فامتنع الثاني وقال: لا أقتل علوياً قط، ثم توجه من ليلته إلى الحلة، فأعاد المحاولة مع السيد ابن أبي الفائز الموسوي الحائري وأطمعه أيضا بنقابة العراق فامتنع أيضا وهرب إلى الحائر من ليلته،
                وأخيرا وجد رشيد الدين ضالته في أحد العلويين المدعو جلال الدين إبراهيم بن المختار، حيث استطاع بمكره أن يستميل الأخير فأطمعه بنقابة العراق فاستجاب لدعوته وخرج بالسيد تاج الدين وولديه شمس الدين حسين وشرف الدين علي إلى شاطئ دجلة فأمر أعوانه فقتلوهم وقدم قتل ابني السيد تاج الدين قبله عتواً وتمرداً وكان ذلك في ذي القعدة سنة 711هـ،
       
 
          (وفي بعض المصادر في ثالث ذي الحجة سنة 711هـ)(15) وأظهر عوام بغداد الحنابلة التشفي بالسيد تاج الدين وقطعوه قطعاً وأكلوا لحمه ونتفوا شعره وبيعت الطاقة من شعر لحيته بدينار، فغضب السلطان لذلك غضباً شديداً وأسف من قتل السيد وولديه فأوهمه رشيد الدين إن جميع سادات العراق اتفقوا على قتله، فأمر السلطان بقاضي الحنابلة أن يصلب ثم عفا عنه بشفاعة جماعة من أرباب الدولة فأمر أن يركب على حمار أعمى مقلوب ويطاف به في أسواق بغداد وشوارعها وتقدم بأن لا يكون من الحنابلة قاض(16).
              ولكن أين كان العلامة الحلي حينما قُتل السيد تاج الدين، وهو صاحبه من قبل وكليهما نالا الجاه عند السلطان محمد أولجايتو؟ هل كان تأثير رشيد الدين اليهودي على السلطان أكثر من تأثير العلامة الحلي الذي غيّر فكر المؤسسة الحاكمة بأسرها؟ لماذا لم يلتمس السلطان لمنع رشيد الدين من قتل السيد تاج الدين.
              وأخيراً لم يلبث رشيد الدين أن قُتل، حيث قتله السيد عز الدين طالب الدلقندي وذلك في سنة 718هـ(17)، أما السلطان محمد أولجايتو فقد مات سنة 716 ومن المؤرخين من يرى إن السيد تاج الدين قتل بعد وفاة السلطان أولجايتو محمد حيث ذكر الشيخ الأميني: (ولما صار محمد خدابنده شيعياً طلب هذا السيد إلى حضرته وجعله من مقربي مجلسه الخاص وظهرت من السيد آثار عظيمة فساء رجال الدولة، ولما مات السلطان اغتنموا الفرصة واتهموا السيد بمخالفته لتلك الدولة وموافقته مخالفيها وأشهدوه ثم قتلوه)(18).

 

   مرقد السيد بين الماضي والحاضر

              الظاهر إن مقتل السيد تم بحضور أعدائه المناوئين له والحاقدين عليه فعبارة المؤرخ: (…وأظهر عوام بغداد الحنابلة التشفي، تفيد ذلك وإن السيد مُثّل بجثمانه قبل أن يدفن).
               بقي المرقد غير ظاهر للعيان حتى عهود متأخرة ويبدو إن الشيخ محمد حرز الدين أول من أشار إليه، معيناً المكان بالضبط ولم يذكر كيف اهتدى إلى الموضع فعينه، حيث ذكر: (مرقده بالعراق قرب نهر دجلة في الموضع المعروف اليوم بـ(الحُفيرة) يبعد فرسخين عن حدود بغداد، وقرابة ثلاثة فراسخ عن قرية (العزيزية) للذاهب من بغداد إلى الكوت ماراً بها، وعلى قبره قبة قديمة تقصده الأعراب بالزيارة وتنذر له النذور)(19).
              وعندما حقق حفيد المؤلف الشيخ محمد حسين حرز الدين كتاب مراقد المعارف زار المرقد وأعطى صورة واضحة عن وضع المرقد قائلاً:
               (يقع بين مدينة العزيزية ومدينة الصويرة والقبر يبعد عنها حوالي الساعتين من الجهة اليسرى لنهر دجلة، ويبعد قبره اليوم عن مجرى نهر دجلة حدود العشرين دقيقة للماشي، كما يبعد عن الطريق العام بغداد-كوت مسيرة ربع ساعة للماشي أيضاً، وقد سلكته ماشياً لعدم وجود واسطة هناك ويشاهد قبره من الطريق العام المبلط جانب اليسار، فقد ذهبت إلى قبره ووقفت عليه ضحى يوم الخميس 8 رجب سنة 1387هـ/ 12 تشرين الأول 1967م، وكان قبره جديد البناء فخماً بسعي سادنه من قبيلة شمر طوقه،
              وكان على قبره شباك مصنوع من الخشب والصفر الأصفر بارتفاع 2,5م، وعرض 2م وطول 2,5م وعليه ستار أخضر في حرم مربع البناء بخمسة أمتار ونصف كل من طوله وعرضه، فوق قبره قبة شامخة البناء بارتفاع قرابة 12م وقد طليت بالصبغ الأخضر، ومرقده مجهز بالمصابيح الكهربائية، أمام قبره طارمة بخمسة اسطوانات إلى جنبه رواق هو مقر للزائرين، وعلى قبره لوح معلق كتب فيه:
               (السيد تاج الدين… بن زيد الداعي) وبباب حرمه لوحة أيضا مكتوب عليها زيارته ونسبه الوضاح، وخلف مرقده مقبرة يدفن المسلمون موتاهم فيها الذين لم ينقلوا إلى وادي السلام في النجف الأشرف.
                 ويقع مرقده في ارض زراعية، ولم يكن حول قبره بيوت غير بيت سادنه فقط)(20).

   زيارتنا للمرقد

              توجهنا يوم السبت 10 جمادى الآخرة سنة 1432هـ المصادف 14 أيار 2011م إلى المرقد من النجف الأشرف مروراً بالحلة فناحية النيل ثم ناحية جبلة ثم إلى ناحية الصويرة حيث يبعد المرقد عن الصويرة حوالي 15 كم في منطقة كانت تسمى (الحفرية) واليوم تنسب إلى السيد تاج الدين، ثم انعطفنا يساراً نحو شارع فرعي يدعى (نزلة التاج) حيث يؤدي هذا الشارع إلى المرقد المبارك.
             التقينا بالحاج أحمد الشمري الأمين الخاص لمزار السيد تاج الدين حيث بدأ بالحديث عن المرقد منذ ظهوره إلى اليوم قائلاً: (في سنة 1890 كان جدي المرحوم الحاج علي خان ساكناً في هذه المنطقة وبالصدفة بينما كان في أرضه يعمل مزارعاً وأثناء الحفر عثر على صخرة كبيرة حاول جاهداً فهم النص المكتوب عليها فلم يستطع، وعندما جاء من يثق بهم أطلعهم على الصخرة فقرؤوا النص وإذا به يشير إلى (مرقد السيد تاج الدين الآوي وولديه) وكان ذلك اليوم بمثابة الإعلان عن وجود هذا المرقد ومنه بدأت عملية الأعمار التي أخذت شكلا متسلسلاً تتقدم بتقدم الزمان وحسب ما يلي:
  1ـ سنة 1890م تم إبراز القبر بصورة بسيطة حيث تم وضع على عليه صخرة تشير إلى صاحبه.
  2ـ سنة 1930م بنيت على القبر غرفة صغيرة من الطين.
 سنة 1940م تم توسيع الغرفة بإضافة قطعة ارض لها لتسع الزائرين الذين بدءوا يتوافدون على المرقد بصورة متزايدة.
  سنة 1950م ذهب عبد التاج حمد ورهيف حمد (أحفاد علي خان الشمري) وهم القائمون على خدمة المزار حينها إلى مدينة النجف الأشرف للتحقق من صحة نسب صاحب القبر والتأكد من محل استشهاده ومقارنته بالمكان الموجود الآن وقد تبين صحة ذلك بشهادة المؤرخين والنسابين.
  سنة 1954 طغى الماء في نهر دجلة فحدث فيضان، مما أدى إلى وصول الماء إلى المرقد وكانت أمام المرقد مقبرة يدفن فيها الناس موتاهم، وعندما وصلها الماء، حولها الناس إلى الجهة الخلفية للمرقد حيث يكون منسوب الأرض الطبيعي أعلى من الجهة المقابلة للمرقد وفي نفس العام، بدأ العمل بهدم الغرفة القديمة والبناء بالطابوق والشيلمان وتم بناء قبة بارتفاع 4متر، فوق السطح.
  سنة 1959م أكتمل البناء وظهرت أول بناية منسقة للمرقد.
  سنة 1967م تم إيصال الكهرباء إلى المرقد عن طريق أعمدة خشبية توصل التيار من الخط الرئيسي إلى المرقد، كما بنيت باحة مقابل المرقد لإيواء الزائرين.
  سنة 1975م باشر سدنة المرقد بمساعي المتبرعين من المحسنين ببناء صحن كبير يحيط بالمرقد واستمر العمل فيه لغاية سنة 1980م حيث تم في هذا العام بناء سقيفة من الخرسانة تحيط بالصحن وتم وضع الأبواب الخارجية للصحن.
  سنة 1982م تم تغليف الواجهة الأمامية بالكاشي الكربلائي، كما زُيّنَ المرقد بالزخارف الإسلامية والآيات القرآنية، كما عُبّد الطريق المؤدي إلى المرقد بالحصى الخابط (السبيس) بعدما كان ترابياً.
  10ـ سنة 1987م تم تغليف القبة من الداخل بالمرايا المزججة.
  11ـ سنة 1990م تم استبدال الشباك الخشبي القديم بشباك مصنوع من الألمنيوم.
  12ـ سنة 1993 بنت قبة جديدة فوق القبة القديمة وقد غلفت بالكاشي الكربلائي، وتم إكمال تغليف واجهة الصحن الأمامية ووضعت لوحة تشير إلى السيد تاج الدين ونسبه المبارك فوق الباب الرئيسة.
  13ـ سنة 1997م بوشر بالتوسعة الأخيرة للحضرة الداخلية، وتضمن العمل إلى جانب التوسعة، تغليف الجدران بالمرمر وإكساء الأرضية بالبورسلين وغير ذلك من الأعمال الأخرى.
  14ـ سنة 2003 وبسبب سقوط النظام البائد وما ترتبت عليه من أوضاع انعدم فيها الأمن توقفت عملية التحديث والتطوير في المرقد، وفي سنة 2004 عادت عجلة الأعمار من جديد ولكن بصورة بسيطة.
  15ـ سنة 2008 دخل المرقد ضمن نطاق الأمانة العامة للمزارات الشيعية وأصبحت النذور تحول إلى حساب في المصرف باسم المرقد على أن تصرف على أعمال الصيانة وإعادة الأعمار،
              ولكن لحد الآن لم تباشر الأمانة بأي عمل على صعيد التحديث والتجديد وكل الأعمال التي ذكرتها سابقاً والتي نشرع ببعضها بين الحين والآخر هي من تبرعات المؤمنين، خذ على سبيل المثال الشباك الفضي الجديد الذي نُصب فوق الضريح يوم 16/نيسان/2011، فقد تبرع به المحسن الحاج هاشم الحاج علوي الشمري وغير ذلك من النذور والهبات.
              وهناك ارض تبلغ مساحتها 6 دونم تعد من أوقاف مرقد للسيد تاج الدين.

 

  وصف المرقد

             يتربع المرقد على مساحة تقدر بـ(2500متر مربع)، تمثل الصحن الذي يحيط بالمرقد، تتوسط الباب الرئيسة الواجهة القبلية للمرقد، تعلوها قطعة تعريفية تتضمن أسم صاحب المرقد ونسبه،
            فيما يبدو الصحن بحالة غير جيدة حيث الأرضية غير معبدة والجدران الخارجية تبدو عليها آثار القدم وان كانت مطلية بالصبغ، وتتقدم على المرقد باحة مسقفة تستند على ستة أعمدة مغلفة بالمرمر، كما تتوسط الباب المؤدية إلى داخل المرقد الواجهة الأمامية، منها يمكن الدخول إلى المرقد الذي تبلغ مساحته حوالي 440متر مربع،
           حيث يطالع الزائر رواق متصل يحيط بالحضرة الداخلية، وقد قُسم إلى جزئين أحدهما خاص بالرجال، والآخر للنساء، ينفذ الرواق المتصل إلى الحضرة عن طريق أربع فتحات كبيرة تتوسط الجهات الأربعة.
           أما الحضرة الداخلية فتعلوها قبة يبلغ ارتفاعها حوالي 5م وقطرها 5م أيضاً مزججة بالمرايا، ومن الخارج مغلفة بالكاشي الكربلائي الأخضر مكتوب حولها أسماء الأئمة المعصومين(عليهم السلام).
           أما الشباك الجديد فينتصب على القبر، يبلغ طوله حوالي 2,5م وعرضه2م وبداخله صندوق مغطى بالقماش الأخضر.
           ودعنا المرقد الطاهر وحكاية العنف التي كتب السيد تاج الدين بدمه احد فصولها تلامس مشاعرنا وإن كانت هذه الفصول مستمرة لهذا اليوم تتجدد فيها صورة تاج الدين نفسها بإطار مختلف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كمونة، موارد الإتحاف في معرفة الأشراف،1/113.
(2) المصدر السابق، ص29.
(3) منتقلة الطالبيين، ص34.
(4) العمري، المجدي في أنساب الطالبيين، 213.
(5) الإمام تاج الدين الآوي، مقالة في موقع شبكة البصرة.
(6) الحلي، إرشاد الأذهان، 1/129.
(7) الحلي، قواعد الأحكام، 1/114
(8) القزويني، المرجعية الدينية العليا، ص115.
(9) الحلي، إرشاد الأذهان، 1/129.
(10) النوري، خاتمة المستدرك، 2/266.
(11) الذرب، موقع شبكة البصرة، الإمام تاج الدين.
(12) حرز الدين، مراقد المعارف، 1/216.
(13) المصدر السابق.
(14) حرز الدين، معارف الرجال،1/218.
(15) شهداء الفضيلة، 167.
(16) كمونة، موارد الإتحاف في معرفة الأشراف،1/114.
(17) الخشاب، جامع التواريخ، ص55.
(18) الأميني، شهداء الفضيلة، ص168.
(19) مراقد المعارف، 1/211
(20) المصدر السابق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.