Take a fresh look at your lifestyle.

الزخرفة والتذهيب في المخطوطات

0 2٬050
            لم تشهد المخطوطات العربية الإسلامية الزخرفة والتذهيب وظلت هكذا في صدر الإسلام وكان الصحابة والتابعين وأعلام المسلمين والأدباء والمفكرين يتحرجون من إدخال أي إضافات على آيات القرآن الكريم وإن حركات الإعراب التي وضعها أبو الأسود الدؤلي المتوفى سنة 96هـ بعد أن بدأ التلحين يطرأ على اللسان العربي فوضع حركات الإعراب باللون الأحمر يوم كان المخطوط يكتب بالمداد (الحبر) الأسود أو البني الداكن فكان ذلك أول لون يظهر على المخطوط
          وقد انتقلت هذه الحركات من البصرة إلى المدينة والمغرب العربي والأندلس فاستعملوا اللون الأحمر للضمة والفتحة والكسرة والسكون واللون الأخضر للهمزة والأصفر للتشديد ولم يشهد القرآن الكريم سوى حركات الإعراب هذه الملونة.
           ثم بدأت تظهر الفواصل التي تفصل بين الآيات الكريمة حيث كانت على شكل دوائر ومربعات يحليها وريقات نباتية وزخارف ملونة وذهبت الفواصل بين السور إذ كتبت أسماء السور بالمداد الذهبي ثم بدأت أساليب الزخرفة للمصاحف وتذهيبها تبرز بصورة دقيقة ورائعة إضافة إلى الجمال الذي طرء عليها فأصبحت فواتح المصاحف تزخرف بأشكال هندسية ونباتية ملونة ومذهبة تحيط بالكتابة وتملأ جميع الفراغات الموجودة بين السطور وفي الحواشي كما زخرفت الوقفات والأحزاب والأجزاء وكتبت معظمها بالخط الكوفي على أرضية ملونة ومزخرفة.
            أما المخطوطات الأخرى فاستقرت أساليب الزخرفة والتذهيب فيها لتشمل الصفحات الأولى من المخطوط أو الأقسام العلوية من بداية المتن وأوائل الأبواب والفصول والمقالات وكذلك بالنسبة للمخطوطات الخزائنية فقد أصبحت لها صفحة كاملة لكتابة العنوان واسم من كتب المخطوط لخزانته واسم المؤلف وعادة ما تزين صفحات الإهداء بزخارف هندسية نباتية ملونة ومذهبة وبألوان مختلفة
          واستمرت أساليب الزخرفة والتذهيب على المخطوطات وحددت أغلب الزخارف بخطوط رفيعة للتأكد على الشكل والعنصر الزخرفي وشاع في القرن السابع للهجرة وما بعده تذهيب الكتب ذات الأبعاد الروحية والمخطوطات الفلكية وكتب الصلوات والأدعية والأذكار إضافة إلى مختلف العلوم الأخرى
           ومن أشهرها مخطوطة دلائل الخيرات وشوارق الأنوار للجزولي والكتب التي تذكر شمائل الرسول(صلى الله عليه وآله) فقد نالت هذه الكتب اهتمام المزخرف الفنان والمذهب حتى ملئت بزخارف مختلفة غاية في الإبداع والجمال.
             أما التصوير فقد شمل في أول الأمر توضيح الكتب العلمية بصور توضيحية في الطب ورسم أدوات الجراحة كما في كتاب التصريف لمن عجز عن التأليف في الطب للزهراوي وكتب الفلك والتنجيم التي رسمت فيها صور الكواكب ومساراتها وكتب الميكانيك كما في مؤلفات الجزري والبديع الاصطرلابي وغيرها.
           أما تصوير الأشخاص وتلوينهم والحيوانات والمناظر الطبيعية فجاءت متأخرة وتميزت مدارسها حسب المناطق في العالم الإسلامي منهم من استعمل الألوان الزاهية ورسومات الأزهار وتفرعاتها وكانت هذه الزخارف تزخرف بأساليب فنية عبرت بدقة وواقعية رغم بساطتها واعتمادها على الأوراد والأزهار والأوراق وسيقانها وتفرعاتها عن الأشياء المرسومة لأجلها وبعدها ظهر الربع الزخرفي الذي يمثل الزاوية الأعلى من جهة اليمين وهو مشابه للجزء الأعلى من جهة اليسار وينطبق على الجهتين في أسفل الصفحة.
            ثم تطور هذا الجزء الزخرفي ليصبح صفحة كاملة في غاية الروعة والإبداع فأخذت هذه الزخارف تزحف إلى أغلب المخطوطات وصار المؤلف يكمل المخطوط بعدها يأخذ المزخرف على عاتقه زخرفة الصفحات وتذهيبها وفي بعض الأحيان يكون المؤلف والمزخرف نفس الشخص والجهد الذي يبذله يعطي أهمية كبيرة لهذا المخطوط من الناحية الفنية والجمالية والإبداعية إضافة إلى المادة العلمية التي تحويها المخطوطات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هادي بلقيس محسن، تاريخ الفن العربي الإسلامي، 1990.
(2) زكي محمد حسن، فنون الإسلام.
(3) ابن النديم، الفهرست.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.