Take a fresh look at your lifestyle.

علم العروض .. نشأته وأهميته

0 5٬251
            علم العروض، أحد علوم اللغة العربية، يبحث عن أحوال الأوزان الشعرية، وما يحدث فيها من تغيرات، وهو المعيار الذي تعرض عليه الأبيات الشعرية، للتأكد من صحة وزنها، مثلما النحو معيار الكلام.
             لقد اهتم العرب بالعروض، لحاجتهم إليه في معرفة صحة أوزان الشعر العربي، وتمييز الحسن من الرديء، وفرز ما استقام من الشعر عما اختل منه، فالعرب بأصيل طبعهم وفطرتهم اشتهروا منذ عصر ما قبل الإسلام بالفصاحة، والقدرة الإبداعية في نظم الشعر، والتمتع بالذوق الرفيع في معالجة الكلام من اختيار للألفاظ، وانتقاء للمعاني، والملاءمة بين اللفظ والمعنى.
             وجِد علم العروض على يدي الخليل ابن أحمد الفراهيدي (ت 175 هـ)، وهو أحد أئمة اللغة، والنحو، والأدب، وهو أول من وضع القواعد الأساسية لعلم العروض، وصاغ نظرياته، وحدد بحوره، وتفعيلات كل بحر منه.
            وذلك ليس غريبا على عقلية الخليل لأنه من العقول الراقية والنادرة حتى قيل فيه : إنَّ عقله كان أكثر من علمه.
           أما سبب تسميته بهذا الاسم، فقد تفاوتت الآراء، فهناك من يقول إنه سمي بذلك لاكتشاف الخليل إياه أثناء إقامته بمكة تبركاً بها، وأخر يقول إنَّ العروض سمي عروضاً نسبة إلى عمان، التي كان الخليل يقيم فيها، وكان يطلق عليها العروض، إلا أنَّ هناك من يقول سمي العروض لأن الشعر العربي يعرض عليه.
            ومهما يكن، لابد من ذكر الأسباب، والدوافع التي دفعت الخليل إلى وضع هذا العلم :
  1. قيل إنَّ الخليل دعا بمكة أن يرزقه الله علماً لم يسبقه إليه أحد فرجع من حجه، فَفُتِح عليه علم العروض.
  2. قيل إنَّ الخليل سمع شعراء عصره، ينظمون على غير ما ألفته العرب من أوزان فخشي أنْ تضيع أوزان العرب، أو تختلط بغيرها فوضع هذا العلم.
  3. قيل إنَّ الخليل مرَّ يوماً بسوق الصفارين فسمع دقَّ مطارقهم على الطسوت فأداه ذلك إلى تقطيع أبيات الشعر (صالح، 1986 ص21- 22) .
  4. ويرى (عودة، 1996)، أنَّ ما شهده القرن الثاني الهجري من التأليف، لم يكن مفاجئاً دون مقدمات، فقد كان لابد للحلقات العلمية التي شهدتها المساجد، منذ ظهور الإسلام، أنْ تتطور باتجاه التدريس، والتأليف،
             كما أنَّ رواية الشعر، والاهتمام بقضاياه منذ العصر السابق للإسلام، لابد أنْ تؤتي أُكلها مستفيدة من مجمل الحياة العقلية، التي طبعت تلك الفترة، ومن المنطق أنْ يكون علم العروض، ثمرة من الثمار التي أتاها النضوج على يد منظره، ومكتشف قوانينه الخليل بن أحمد الفراهيدي (عودة، 1996 ص2).
             ومهما قيل في الأسباب، والدوافع التي أدت إلى ظهور علم العروض في تلك الفترة المتوهجة علمياً، فإنَّ الباحث يرى، إنَّ علم العروض جاء نتيجة نبوغ العقل العربي في تلك الفترة، وتفتح الطاقات الذهنية، والإمكانيات العلمية التي أوقدها الإسلام في أفراد المجتمع الإسلامي، فضلاً عن ترابط المجتمع عقائدياً، وثقافياً، كل هذه الأمور أسهمت في الإبداع العقلي، والارتقاء المعرفي…
            وأدت إلى إتقان الموضوعات العلمية، وبالأخص اللغة العربية، وما فيها من علوم لأن هناك واجباً دينيا يدعو أبناء الإسلام إلى الاهتمام بلغتهم، باعتبارها لغة القرآن.

  أهمية علم العروض:

  1. إنَّ علم العروض، حفظ للشعر العربي أبرز مقوماته، ولولاه لظهرت بوادر الإنحلال في الشعر العربي منذ زمن بعيد.
  2. إنَّ الذين يعالجون الشعر ونظمه، ينبغي إنْ تكون حاجتهم إليه ماسة، لأنه العلم الذي به يعرفون صحيح الأوزان من فاسدها ، ولأنه العلم الذي يدلهم على ضروبها المختلفة، وما يدخل تلك الضروب من كمال، وتجزئة وبتر، كما إنه الذي يدلهم على آداب القافية، وما يصح فيها، وما لا يصح.
  3. إنَّ إتقان علم العروض يساعد الشاعر على معرفة أنواع البحور الشعرية المختلفة، والبالغ عددها ستة عشر بحراً، ونوع كل بحر من تام، ومجزوء، ومشطور، ومنهوك، وهذه المعرفة تساعده في النظم على أوزان شعرية متعددة، وعدم الاقتصار على وزن شعري واحد.
  4. إنَّ العروض، هو الأداة الفاعلة في فهم الشعر العربي، وطبيعته من خلال قراءة الأبيات الشعرية، قراءة صحيحة، وسليمة.
  5. يضع في يد المعلم، والطالب أداة نقدية علمية، وليست ذوقية.
  6. يسهم في بناء أذن موسيقية، وذوق سليم، عند المعلم، وبالتالي عند الطالب.
  7. يساعد المتعلم على الأداء النحوي الصحيح، باضطراره إلى قراءة الكلمات في القصائد، والأبيات محركة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صالح، عبد المنعم أحمد : قراءة عروضية في المعلقات العشر، ط1، مطبعة الرشاد، بغداد 1986م.
(2) عودة، عباس : ضروب البحور بين النظرية والتطبيق، دراسة عروضية في ديوان بشار وأبي نؤاس وأبي العتاهية، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب، جامعة البصرة 1996م.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.