Take a fresh look at your lifestyle.

أزمـــة الاقتصاد الأمريكي

0 783
       
                                                                                                                                   علي الفضل

 

          تلفت أنظارنا بين الحين والآخر أحداث عالمية ومحلية يدوّّن لها التاريخ كتب ومجلدات أحيانا وتشغل العالم بأسره ابتداء من الصغير في أزقة الحي ونهاية بالشيخ الكبير على طاولة المقهى وهو يحتسي الشاي مع رفقاء العمر، فتارة حرب باردة وتارة حرب ساخنة، وعولمة وخصخصة، ونظام عالمي جديد سبب سقوط برجين توأمين مما دفع إلى فتح مدرسة جديدة علق على بابها لافتة (معتقل غوانتنامو)، أحداث كبيرة مسحت بلدان ذات أقدم حضارة من خارطة العالم، وولدت بلدان ليس لها حضارة وثبتتها بالقوة على خارطة العالم، ونحن نترقب تلك الأحداث ونتابعها وأحيانا نناقشها وأحيانا نخاف حتى من التفكير بها، اليوم قادة العالم في السياسة والقوة العسكرية والاقتصادية في مشكلة !، فالحكمة السياسة وقوتهم العسكرية ودهائهم الاقتصادي خانهم هذه المرة بأزمة عارمة لم يحسب لها ولعلاجها !
فالصدفة كما يروجون كانت ورائها، واغلبنا نحن المساكين نصدق كل شيء بسبب قلة في العلم وتأخرنا، وعدم امتلاكنا الدهاء كدهائهم، واكتفينا بدهاء الصراعات الداخلية والتفكك وبحفر حفرة لأخيك حتى يقع فيها !
تفجرت الأزمة الاقتصادية في أيلول (الشهر المبارك للأمريكيين) كأزمة أمريكية جارة ورائها اقتصاد العالم، سببت نقص حاد في السيولة لدى أشهر البنوك والمؤسسات المالية الأمريكية، تراجعت على أثرها أسواق الأسهم وأسواق المال في العالم مما كبد خسائر كبيرة لكثير من دول العالم والمستثمرين نتيجة انخفاض قيمة الأسهم في الأسواق وتلاشي واختفاء الكثير من المؤسسات المالية نتيجة الإفلاس، الأمر الذي حول الأزمة من أمريكية إلى أزمة عالمية كبرى.

                                                     

                                                

السبب الرئيس للازمـة

 

         تنشط في الولايات المتحدة الأمريكية ظاهرة بيع العقارات بالتقسيط والملفت للانتباه ان مشتري العقار لا يهمه سعر العقار الذي تصل أسعاره إلى مئات الآلاف من الدولارات وأحيانا الملايين، بل يهمه مقدار القسط الشهري الذي يجب ان يدفعه (والذي يجب ان يكون متناسب مع دخله الشهري) ومقدار المقدم الذي يدفعه لشراء العقار، دفعت هذه الحالة محدودي الدخل والميسورين إلى العدول عن إيجار العقارات إلى شراء العقارات بالتقسيط مقابل أقساط مقاربة للإيجار الذي كان يدفعه الفرد مع تحمل فوائد أضافية يجب ان يدفعها للبنك الذي اشترى له البيت أو المحل أو الأرض من مكتب بيع العقارات.

 

      الشيء الذي لم يكن في حسبان طالبي شراء العقارات بالتقسيط ان فوائد البنك السنوية تبدأ من مستوى متدني وترتفع قيمتها تدريجيا لتصل إلى فوائد شهرية عالية جدا (فوائد متحركة) على القرض الذي منحه البنك للفرد وفق شرط تم وضعه في عقد البيع ووافق عليه مشتري العقار مما جعله يتحمل القسط الشهري وفوائد شهرية عالية تقوده في النهاية إلى العجز عن السداد والتلكؤ في الدفع، وهنا ستنطبق فقرة أضافية في عقد الشراء على الفرد وهي (في حالة عدم دفع مشتري العقار للقسط الشهري مع الفوائد ستضاعف الفائدة على القرض إلى ثلاث أضعاف)، في هذه الحالة ومع تأكد البنك بعدم قدرة الفرد من دفع الأقساط الشهرية مع الفوائد (أو الشك في تحصيلها) شرع ببيع القرض على شكل سندات للمستثمرين لتحويلها إلى نقد والتخلص من الديون المعدومة والديون المشكوك في تحصيلها وبهذا تحولت المخاطرة من البنك إلى المستثمرين.

 

 

       والطامة الكبرى أن هؤلاء المستثمرين قاموا برهن هذه السندات لدى بنوك أخرى (داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية) على اعتبار ان هذه السندات هي أصول، مقابل الحصول على قروض جديدة لهم (أي بمعنى استخدموا ديونا للحصول على مزيد من الديون) وهنا تهاونت البنوك المقرضة للمستثمرين كثيرا خارقة القواعد والاتفاقيات الدولية (الموضوع الذي أثار استهجان وسخط المجموعة الأوربية ودول شرق آسيا على الولايات المتحدة الأمريكية بسبب غض النظر عن هذا الموضوع) من خلال منح قروض لهم تصل إلى ( 90% وأحيانا 120% ) من قيمة العقار.
والشيء المضحك في المسألة كلها ان قيمة السندات السوقية وعوائدها تعتمد على شركات خاصة لتقييم السندات، تعتمد في عملية التقييم هذه على قدرة المدينون في الوفاء بالتزاماته، وبما انه ليس كل من اشترى العقارات له القدرة نفسها على الوفاء، فإنه ليست كل السندات سواسية، فالسندات التي تم التأكد من قدرة الوفاء بها ستكون مصنفة من الدرجة الأولى، وستكون هناك سندات لا قيمة لها بسبب العجز عن الوفاء بها، ولتلافي هذه المشكلة قامت البنوك تعزيز مراكز السندات عن طريق اختراع طريقة جديدة للتامين بحيث بقوم حامل السند بدفع رسوم شهرية كي تضمن له شركة التامين سداد قيمة السند إذا أفلس البنك أو صاحب العقار، الأمر الذي شجع المستثمرين في كافة أنحاء العالم على اقتناء المزيد من هذه السندات.

 

      وفي النهاية توقف الكثير من مشتري العقارات بالتقسيط عن دفع الأقساط الشهرية والفوائد المتراكمة والمتزايدة للبنوك عن الدفع، وبدأ يجر وحدا تلو الآخر مما جعل السندات تفقد قيمتها في السوق وأفلست كبرى البنوك الاستثمارية وصناديق الاستثمار المختلفة أمثال ((Lehman Brothers) رابع اكبر بنك في الولايات المتحدة الأمريكية)، أما المستثمرين الذين اشتروا السندات فقد حصلوا التأمين على سنداتهم كاملة، فنتج عن ذلك تلاشي واختفاء كبرى شركات التأمين (IAG)، ونتيجة لذلك كله شحت السيولة لدى البنوك وشركات التأمين ذات العلاقة مما اثر على كل من له علاقة بهم من بنوك دولية ومحلية والشركات التي تتعامل معهم في عمليات الإيداع والحوالات والمقاصة وخطابات الضمان والحسابات الجارية الأمر الذي سبب مشكلة كبيرة للكل وبدأت بوادر الكساد الكبير بالظهور فاختفى وتلاشت البنوك واحدا تلو الآخر وبدأ الهلع وتراجعت أسواق المال داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها.

 

 

علاج الأزمة وصراع النظريات

 

 

           وبعد ما أصبحت الأزمة الاقتصادية حقيقة لابد من الكل ان يتقبلها بدأت الحكومة الأمريكية في التفكير بحلها من خلال ضخ مبلغ (700) مليار دولار لتلك البنوك والمؤسسات المالية لمعالجة نقص السيولة الحاد عن طريق وزارة المالية و مجلس الاحتياطي الفيدرالي وهو تدخل واضح وصريح في القطاع الخاص من قبل الدولة التي هي رمز الرأسمالية غير المقيّدة (المنفلتة) التي تلتزم حرفياً بمبدأ الحرية الاقتصادية المطلقة لآدم سميث (Adam Smith) (دعه يعمل دعه يمر)، تاركة (لليد الخفية) أي قوى السوق تصحيح نفسها بنفسها، إذا بها تنقلب على معتقداتها الاقتصادية وتنتهج أسلوب جديد وهو أسلوب التأميم احد أساليب النظرية الاشتراكية لإنقاذ وحدات الاقتصاد من الانهيار، وقد أثار هذا الموضوع رفض واستهجان نصف أعضاء الكونكرس الأمريكي تقريبا حيث أيد خطة حل الأزمة (228) عضوا وعارضها (205) عضوا في أول تصويت على خطة الإنقاذ، بسبب إيمانهم المطلق بنظريتهم وأيضا كي لا يتبعوا الدول الأوروبية وبالذات الكبيرة منها كفرنسا وألمانيا وبريطانيا التي غيرت من قواعد وتطبيقات النظرية الرأسمالية إلى ما يسمى تطبيقات النظرية الاشتراكية الحديثة القائمة على ما يسمى بالاقتصاد الواقعي الذي يدعم وبشكل كبير التوجهات الاجتماعية للاقتصاد، بمعنى أن الدولة تتدخل في الاقتصاد الكلي لمصلحة الاقتصاد الجزئي أي اقتصاد الفرد ورفاهيته.

 

       وبعد إقرار خطة الإنقاذ قد يسال البعض من أين حصلت الحكومة الأمريكية على مبلغ (700) مليار دولار؟ وهي تعاني من عجز في الميزانية وارتفاع حجم الدين الخارجي خصوصا للصين (450) مليار دولار، ان المصدر الرئيسي للأموال التي تم ضخها في تلك المؤسسات المالية هي أموال المواطنين، دافعي الضرائب وبذلك ارتكبت الحكومة الأمريكية خطأين مزدوجين جراء السياسة التي انتهجتها لمعالجة تلك الأزمة. الأولى حينما قامت بالتستر على الجريمة التي ارتكبتها تلك الشركات في حق اقتصاد العالم ككل وفي حق مساهميها بإهدار أموالهم بدلا من أن تقدم مسؤوليها للقضاء لينالوا عقابهم العادل، و الثانية حينما قامت بتوظيف أموال المواطنين، دافعي الضرائب، لمساعدة تلك الشركات للخروج من أزماتها.

 

      وأخيرا وليس آخراً يرى بعض المتتبعين لهذه الأزمة ان مكمن الخلل ليس في النظرية الرأسمالية بل في تطبيقها، فقد تحول الاقتصاد الأمريكي خصوصاً مع اتساع نطاق عولمة الأسواق المالية العالمية إلى اقتصاد تغذيه المضاربات ذات العمليات المعقدة التي من صورها ما تسمى بالمشتقات المالية والتظهير المتوالي للمديونيات على نمط تظهير الكمبيالات في الممارسات التجارية التقليدية، فكأنما أصبحت الرأسمالية الأمريكية رأسمالية مقامرة.

 

  أزمـة مفتـعلة

 

       موضوع الأحداث والأزمات العفوية والغير متنبأ بها قد يكون مقنعا في دول العالم الثالث والدول ذات الاقتصاد غير النامي بالشكل الذي عليه الولايات المتحدة الأمريكية، لكن موضوع ان أمريكا لم تكن تحسب لهذا الحدث حساب أو كانت تحسب له حساب ووقع دون إرادتها يبدو شيء بعيد عن المنطق وإدراك العقل، فقد قال أستاذ الاقتصاد الأميركي الفائز بجائزة نوبل 2001 ان (ما هو محزن تماما في الأزمة الحالية هو أن التنبؤ بها كان قائما، وبالتالـــي كان ممكـنا تفاديــها)، وعلى كل حال كل شيء اليوم يحسب بالمنافع والمضار، لو حسبنا مقدار المنفعة التي حققها الاقتصاد الأمريكي من هذه الأزمة سنجد إجابات واضحة على تساؤلاتنا ومصداق لتكهناتنا.

 

    لقد  شهد النظام الرأسمالي مرات عديدة سلسلة أزمات دورية كان يخرج منها دوماً ليس فقط سالماً، بل أقوى؟ أليست الأزمات هي تعبير عن السر الكبير الذي يمنح النظام الرأسمالي طاقته الهائلة على التجدد والانبعاث (كما مع مصاصي الدماء الذين يقومون دائماً من الموت)، وعلى حد تعبير ماركس هو(التدمير الخلاق)، فبعد كل من أزمات (1876،1929،1971 1997-1998،2001 ) كان النظام الرأسمالي يثبّت أقدامه بعدها بشكل أفضل، كما ثمة من يضيف أن الأزمة الحالية قد تكون مفيدة وضرورية لإعادة بناء النظام المالي العالمي على أسس جديدة متوافقة مع طابعه الدولي الجديد ومع متطلبات العولمة. وبالتالي، فلننتظر مرور عاصفة (التدمير الخلاق) الراهنة لنرى ما الذي سيأتي بعدها.

 

    فهشاشة الوضع المالي الأمريكي المستندة إلى الاختلال في الهيكل الاقتصادي والمتجسدة في عجز الحساب الجاري والموازنة وتغذية النمو من خلال الشره الاستهلاكي المستفحل على حساب الادخار الوطني، وتزايد معدلات التضخم وارتفاع الدين الخارجي وعجز مستمر في الميزانية، كلها أسباب كافية للتدمير الخلاق.

 

واليوم نتحدث عن أزمة حدثت في بلد لا نقول عنه لديه رغبة استعمارية أو حب للهيمنة فقد تكون هذه العبارات قاسية ولكن عبارة (البلد الطموح) أكثر تحضر !

هذا الطموح يدفعهم أحيانا للتدخل عسكريا (متبرعين) لحل النزاعات وفرض النظام تحت غطاء الأمم المتحدة وأحيانا يصّّدر ثقافته وفكره ويجعلها الثقافة الأولى في العالم، من الطبيعي ان نجد لديه الرغبة والطموح في ربط اقتصاد العالم باقتصاده، فالأزمة عندما حصلت انهارت أسواق العالم من الصديق وغير الصديق، ففي روسيا انخفض مؤشر سوق الأوراق المالية بنسبة 8% اثر الأزمة فكيف بالمجموعة الأوربية ودول شرق آسيا؟
وهناك سؤال يطرح نفسه وهو ان الأزمة لو كان مصدرها المجموعة الأوربية هل يتأثر الاقتصاد الأمريكي بنفس القوة والتأثر التي تحدثها الآن الأزمة الأمريكية في المجموعة الأوربية؟

 

لقد قال احد الخبراء الاقتصاديين إن الاقتصاد الأمريكي يعتبر الاقتصاد الرئيسي الذي تعتمد عليه اقتصاديات العالم، وأن أي خلل في هذا الاقتصاد سينعكس سلبا على اقتصاديات الدول التي تعتمد على الدولار الأمريكي كعملة ربط لعملتها المحلية
وأن استمرار هذه الأزمة قد يقود إلى تدهور الاقتصاد العالمي في حالة ركود الطلب، وعملية الركود هذه قد تؤدي إلى تراجع في معدلات أسعار النفط وتراجع أسعار العملات أمام الدولار حال استمرارية هذه الأزمة وهذا ما حصل بالفعل.

 

النظرية الاقتصادية الإسلامية والأزمة العالمية

 

 

        البعض يتساءل (ما هو رأي الاقتصاد الإسلامي في هذه الأزمة؟)، على الرغم من ان النظرية الإسلامية لم تطبق لحد الآن في أي دولة إسلامية.
في تقديرنا ان النظرية الإسلامية لو كانت مطبقة بشكل صحيح و حرفي في الولايات المتحدة الأمريكية (نظرية سليمة وتطبيق سليم)، لما حصلت هذه الأزمة أو غيرها من الأزمات، لان ديننا الإسلامي يحث على السعي نحو الخير والمساهمة في حل مشكلات البشرية، والإسلام ينفرد بسياسة اقتصادية متزنة متميزة لا ترتكز أساسا على الفرد ولا على المجتمع، وإنما قوامها التوفيق والمواءمة والموازنة بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع،
فضلا عن ان حرية الإنتاج مكفولة في الإسلام، غير أنها ليست حرية مطلقة، بل مقيدة بما أحلّ الشرع وحرّم، والنشاط الاقتصادي تحكمه أساسا الرقابة الذاتية النابعة من الضمير الإنساني الحي الناشئ عن القيم الروحية والأخلاقية، ولكنه يحتاج إلى حماية وصيانة يتعاون في تحقيقها الأفراد والجماعة التي تمثلها الدولة ولكن على أسس معينة، وتدخل الدولة يكون قائما على العدل وليس تسلطا أو استبدادا، ولا يعني التدخل إلغاء الحريات واحتكار النشاط الاقتصادي، ولا تتدخل الدولة إلا لدفع ظلم وقع أو إقامة عدل مهدد أو تقديم عون لازم أو جلب مصلحة عامة أو دفع ضرر، وبذلك فإن تدخل الدولة يضيق ويتسع تبعا لمستوى السلوك الخلقي والتزام تعاليم الإسلام (القوانين والتشريعات)، ويلزم تدخل الدولة في مجال العمل والإنتاج لمنع بيع الضرر بجميع أشكاله، واستغلال النفوذ والغش والاحتكار، كما يلزم الدولة مساءلة المقصرين.

 

       إذا هي فرصة أن يدرك المسلمون أهمية الاقتصاد الإسلامي في المشاركة في تأسيس اقتصاد عالمي متوازن، وكما يقول المستشرق الفرنسي (Raymond Sharill) (إن الإسلام رسم طريقا متميزا للتقدم، فهو في مجال الإنتاج يمجد العمل ويحرم مختلف صور الاستغلال، وفي مجال التوزيع يقرر قاعدتين (ولكل تبعا لحاجته) كحق إلهي مقدس، تكفله الدولة لكل فرد (ولكل تبعا لعمله) مع عدم السماح بالتفاوت الشديد في الثروات والدخول)، وسمى (Jack Astry) الاقتصاد الإسلامي )بالمذهب الاقتصادي الإسلامي، وأن هذا المذهب سيسود العالم لأنه أسلوب كامل للحياة)، وان هذا ما سيسود فعلا إنشاء الله وفق عقيدتنا الإسلامية كشيعة لأهل البيت عليهم السلام.

 

 

الأزمة والعراق

 

      العراق حاله حال أي دولة في العالم تأثر بالأزمة الاقتصادية لكنه تأثر جزئي من خلال هبوط أسعار النفط العالمية وهو هبوط كبير قياسا بالأسعار التي كانت سائدة ما قبل الأزمة وبالتالي انخفاض وارداته النفطية، لكن الملفت للانتباه هو عدم تأثر سعر صرف الدولار بالدينار العراقي وعدم تأثر المصارف، لكن الأكثر لفتا للأنظار هو ارتفاع مؤشر سوق العراق للأوراق المالية بنسبة 39% حيث لم يشهد السوق ارتفاعا بهذا الحجم من قبل، وهذا قد يبدوا غريبا للوهلة الأولى لكن نحن نعوله لعدة أسباب، الأول هو عدم تأثر العراق بالعولمة بصورة مباشرة في الاقتصاد فلا توجد شركات متعددة الجنسية ولا ترتبط مصارفنا مع مصارف الغرب بتعاملات مصرفية أو استثمارية، والسبب الثاني هو عزوف الكثير من المستثمرين العراقيين خلال هذه الفترة من الاستثمار في الخارج ونقل استثماراتهم للعراق من خلال إقبالهم على سوق العراق للأوراق المالية وهذه توجهات ورغبات اغلب المستثمرين المغتربين ليس فقط العراقيين بل حتى العرب بدؤوا بالعدول والاستثمار في بلدانهم ودليل على كلامنا هذا ما صرح به الأمير الوليد بن طلال رقم (19) في قائمة أغنياء العالم حيث ركز على انه سينقل اغلب استثماراته للمملكة العربية السعودية بعد هذه الأزمة.

 

      لقد سار العراق على سياسة مالية ومصرفية معتدلة رغم الهزات التي تعرض لها فحافظ على سياسته المصرفية بما يتلائم والاتفاقيات الدولية خصوصا في أسعار الفائدة ونسبة القروض إلى الأصول، حيث كل المصارف اليوم تلتزم بنسبة 50% كحد أعلى في منح القروض نسبة للرهن العقاري المقدم لها من قبل المقترض، ولم تتجاوز نسبة الفائدة 20%، وحرصت المصارف العراقية على التأكد من كفاءة المقترض من الإيفاء بالتزاماته قبل منح القرض >

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.