1 ـ نداء القدر
في بضع سنين.. هناك في المدينة
حيث بيوت الطين تنعم بالهدوء مع السكينة
ومنزل صغير باحته حزينة
تضج بالأنين..
حيث رمال الأرض تحضن بصمة خلفها ظل لعائلة الحسين
مجتمعين حوله أخوته.. نساؤه.. مع البنين
والشمس في الأفق البعيد
تشرق للحسين بابتسامة..
داعب فيها طفله الوليد.. تريد أن تنسج بيتاً في السماء
حتى تطيل فترة البقاء
كي تستطيع رؤية الصغار أطول وقت ممكن من النهار
وطفلة صغيرة تلعب في الجوار
راحت تنفض ثوبها من الغبار
تمشي علىاستحياء في سكون تجلس قرب الباب
راحت تلملم حول ساقيها الثياب
تسمع ما يقال؟
عن رحلة طريقها طويل
ووالد يشيد بالعزم على الرحيل
كيف هو الخلاص؟
لابد من سبيل
لِمَ الرحيل والدي لِمَ الرحيل؟ لِمَ لم يزل لمكوثنا سوى القليل
لابد من حل بديل
ينصح بالبقاء، فلا نكابد المسير والعناء
فإذا بكف دافئة تمر فوق رأسها الصغير
لا بأس يا صغيرتي لابد أن نتجرع الأمر المرير
ففي السماء طير
لا يرجع الأمر إليه في القضا
لعطل المسير
يدعونه القطا، رحالة صغير
يقود سرباً من قطيع
يملك أمراً بالتوجه لا الرجوع ولأنه يطيع أمراً يكون نافذاً على الجميع
وكذلك نحن بنيتي نطيع، لابد أن نطيع
أما ترين الشمس تخب في الأصيل
لقد أتاها أمر بالنزول
والشمس تكره الرحيل
وهناك عند التل رغم أنفها
تلبس ثوبها الجديد
عليها أن تغادر المكان. بأصابع تنوي التشبث في سكون بطرف عود
لكنها تهوي بعيدة كأنما تسحب في قيود
تريد أن تصارع المصير
فلم تمل بعد من رؤية وجهك الصغير
فالشمس تعشق الصغار
ولأجلهم تجلس ساعات هناك من النهار
ولا تمل الانتظار
لكنها تطيع أمراً يكون نافذاً على الجميع
وكذاك نحن بنيتي نطيع أمراً
وقد صدر
أرسله لجدك القدر
لكن أتعلمين…
هناك خلف وحشة البيدا ربيع، وجنة تنبض بالربوع
خضراء باتت ظلها ظليل، لا تعرف الوداع والرحيل لا تشرق الشمس هناك ولا يكون هناك ليل
لا قمر يبزع أو يزول، ولا زهور تعرف الذبول
بل أنه أحلى من الربيع
يشرق في سطوع
لو يعلم الجميع ما يكون
فلن يكون لهم سوى الخضوع
تجيبه الصغيرة
ونحن يا أبي كذا نطيع
أمراً يكون نافذاً على الجميع
2 ـ السفير
وبات آل هاشم يرتقبون أمراً
إلى أين يكون سيدي المسير
لأرض مكة المضي فتهتك الحُرم
أم أرض كوفان التي كان بها والدك الأمير
لابد من قرار، يتخذ قبل أن يلحق بالإسلام عار
مسلم يا ابن العم عجل بالانطلاق
إلى بلاد اسمها العراق
وامض بعين الله وانظر ما يكون
لعل في العراق جمعاً من عبيد يقارعون بيعة أعلنها يزيد
وتبدأ الرحلة قد كتبت بأقلام السماء
بعد وداع ساده العناق والبكاء
نحو العراق مسيرة لابد منها والطريق طويل
وكل حي سالك سبيل
هناك في الكوفة جمع من أنام، يعتنقون الدين بالكلام
قد بايعوا وتصافحت أيديهم هناك في أحد المساجد
في ليلة خطت بها رسالة يا سيدي الكل يعاهد
نبايع الحسين بالولاء وابن عقيل شاهد
بعد يوم تنقض العهود
والصمت في الطرقات والمدى يسود
ومسلم مطارد بين الأزقة ينشد الأمان
كانت تطارده القيود
أتوا به حياً ليشهد الجميع
ضمآن يعلن الركوع. للحاكمين هناك أبناء العبيد
كي يعلن الطاعة للطاغي يزيد
ومسلم لن يعلن الخضوع
وللحسين تذرف الدموع
يا سيدي عذراً عليك الرجوع
فالوعد قد أخلفه الجميع
ويجيبه الحسين من بعيد
بعبرة تقبع في الضلوع
يا صاحبي لابد أن نتجرع الأمر المروع
فهناك بعد الليل فجر يرتقب الطلوع